الوزير وصل ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مصطفى بونيف
    قلم رصاص
    • 27-11-2007
    • 3982

    الوزير وصل ..

    كتب مصطفى بونيف



    عمي الصالح عبد الله ...معلم بلغ سن الستين ، قضى أكثر من نصف عمره في التربية والتعليم في مدرسة ابتدائية . يحب تلاميذه الاطفال كما لو أنهم أولاده فعلا ..ويناديهم بفلذات كبدي ، ولا يدخل إليهم في الفصل إلا وفي جيوبه قطع الحلوى والسكر ، ويتسابق التلاميذ إلى وضع ايديهم في جيوبه وهو يضحك بكل براءة " كفاية يا فلذات كبدي ، كل سيأخذ سكرة ، لقد حسبتهم جيدا ، ستون سكرة ..." ، بينما ترتمي " لينا" إلى أحضانه وهي تقول ...عمو صالح ...أحبك ..
    كل أولياء التلاميذ في المدينة ، لا يريدون لأولادهم معلما سوى "عمو صالح " ، وذلك لمهارته في تربية الأطفال . مما سبب حرجا لإدارة المدرسة في توزيع الفصول على المعلمين ..حتى المعلمين يعتبرونه والدهم ...ويعشقون مرحه وحبه للنكته وطيبة قلبه .
    شعره أبيض ..ووجهه مشرب بالحمرة ..وعيناه زرقاوتان زادتا في جماله ووقاره ..صوته الهادئ ...وميله إلى النكتة زادت من حكمته وعلمه ...وقوة إقناعه .

    جلس عمي صالح على مكتبه ، وطلب من تلاميذه أن يضعوا كشاكشيلهم على الطاولات .. ثم قال لهم " من يعرف ملك الغابة ؟"
    قام التلاميذ من أماكنهم في شكل يشبه المظاهرة ..وكلهم يقولون " أنا أجيبك يا عمو "
    ثم أعطى الإذن لتلميذته "لينا" أن تجيب ...فقالت " ملك الغابة يا عمو ..هو الأسد " ، أثنى عمو صالح على إجابة "لينا" ..ثم باغتهم بسؤال آخر ..." ولماذا الأسد بالذات هو ملك الغابة ؟" ...أعطى الإذن لأحمد بالإجابة ..فقال أحمد بكل طفولة " لأن عضلاته قوية ، ولأن أسنانه حادة .."
    وقف عمو صالح ..من مكتبه وقال لهم "هل تعرفون من زارني بالأمس في البيت؟" .نظر إليه تلاميذه بدهشة ، كأنهم يستمعون إلى حدوتة...خفض صوته إلى درجة الهمس وقال لهم .."لكن الأمر يبقى سر بيننا ...لا يجب أن يعرف أي شخص هذا السر الخطير. ، هل ستعدونني بكتمان السر ؟" ....وبالطبع وعده التلاميذ بكتمان السر.
    استعد في وقفته وراح يحكي لهم " بينما كنت بالأمس في البيت ، اجهز لكم الحلوى والسكر ، دق جرس الباب ، قلت من ؟ ، وعندما لم أستمع إلى الرد ، ذهبت وفتحت ...، تخيلوا ماذا وجدت ؟؟...لقد وجدت ملك الغابة ...ودون أن يستأذن ، اقتحم علي البيت ...ثم دخل إلى الصالون ، وجلس على الاريكة مثل الملوك الكبار ..ووضع رجل على رجل ، وقال بكل كبرياء..أعطيني كل الحلوى والسكر التي عندك ، التي تجهزها لفلذات كبدك ..طبعا أنا بدأت أترجاه ، وابكي ..حتى لا يأخذ الحلوى ..وبعد ساعة من الرجاء ...هل تعرفون ماذا طلب مني ؟ "
    كان الأطفال يستمعون إلى عمو صالح باهتمام و الخوف يبدو على وجوههم ..
    واصل عمو صالح كلامه قائلا "...قال لي بأنه يحتاج إلى وزير ، ليساعده في أعماله في الغابة ، وهو في حيرة من أمره ، وقال لي لديك مهلة يوم واحد ، لأقترح عليه وزيرا من الحيوانات ...وإلا سيأخذ كل الحلوى والسكر ...من أجل ذلك يجب علينا جميعا أن نكتب إلى الاسد رسائل نقترح عليه فيها وزيرا يناسبه ليساعده في أعماله بالغابة "
    وفجأة هم التلاميذ إلى كشاكيلهم لكتابة موضوع إنشاء ..رسالة إلى ملك الغابة .

    رن الهاتف المحمول في جيب عمو صالح ..فقال لتلاميذه " هل تعرفون من الذي اتصل ؟ إنه ملك الغابة ..سيسألني هل بدأتم بكتابة الرسائل ...سوف أقول له بأنكم تعكفون على كتابتها ..."
    ثم خرج من حجرة التدريس إلى الرواق ليرد على الهاتف ..إنها زوجته ، الخالة كريمة ..تطلب منه أن لا ينسى وهو في طريقه إلى البيت شراء كيلو سمك ..لأن ابنته سميرة سـتفطر عندهم ..وهي تحب السمك .

    عندما دق جرس الخروج ..أخذ عمو صالح الكشاكيل من طلابه ..
    وفي الغد...
    عاد عمو صالح إلى طلابه ..وفي يده الكشاكيل ...ابتسم في هدوء ..وقال لطلابه " ملك الغابة راض عنكم جميعا ..وارسل لكم شكولاطة ...ويشكركم جميعا على المساعدة ..
    ثم توجه بالسؤال إلى حمادة ..ما هو الحيوان الذي رشحته للوزارة يا حمادة ؟

    أجاب حمادة .." لقد رشحت الفيل ...لأنه ضخم وأكيد كل الحيوانات ستخاف منه .."
    فرد عليه أحد زملائه .." ولكن إذا دخل أحد اللصوص إلى القصر ..لا يستطيع الفيل أن يطارده لأنه سمين .." ..انفجر الجميع بالضحك ...
    ثم توجه المعلم إلى لينا بالسؤال : "ما هو الحيوان الذي رشحته يا لينا للوزارة ؟"
    فأجابت لينا " أنا رشحت الغزالة...لأنها حلوة وجميلة ..وليس هنالك أجمل من الغزالة عندما تجلس قرب الملك "
    فرد عليها أحد الطلاب ساخرا .." ولكن الأسد إذا جاع سوف يأكلها .." لتنفجر القاعة مرة أخرى بالضحك .
    نظر عمو صالح إلى كريم ..وقال له " لماذا لا تقل لزملائك عن الحيوان الذي اختره للوزارة ؟"
    وقف كريم من مكانه خجلا وقال " أنا اخترت أن يكون كيلو سمك ...وزيرا للأسد ؟"
    وتحت ضحكات بقية الزملاء ...برر كريم إجابته قائلا " لقد استمعت إلى مكالمتك مع الأسد وكنتما تحدثان عن كيلو سمك .."
    ضحك عمو صالح ....لبراءة كريم ..ثم واصل سؤاله ..إلى سامية ..وقال لها " ما هو الحيوان الأصلح للوزارة ؟ " ..فأجابت " أسد آخر ..لماذا لا يختار ملك الغابة أسدا آخر ليصبح وزيرا معه ..."
    علق أحد التلاميذ قائلا .." ستنشب الحرب بين الاسدين ، ويدخلان في حرب أهلية طلبا لحكم الغابة .."
    تعجب عمو صالح من السلوك الديمقراطي لتلاميذه وقال .."إذن ما هو الحل ، من هو الحيوان الذي سيمسك الوزارة ..؟ "
    وفجأة اقتحم البواب حجرة الدراسة ..وقال بصوت عال : " معالي الوزير وصل في زيارة مفاجئة للمدرسة .."


    مصطفى بونيف
    [

    للتواصل :
    [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
    أكتب للذين سوف يولدون
  • مصطفى بونيف
    قلم رصاص
    • 27-11-2007
    • 3982

    #2
    كل سنة وأنتم طيبون ....

    أتمنى أن تعجبكم الحكاية ...
    [

    للتواصل :
    [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
    أكتب للذين سوف يولدون

    تعليق

    • ثروت الخرباوي
      أديب وقانوني
      • 16-05-2007
      • 865

      #3
      راااائعة يامصطفى إستمتعت بها جدا جدا

      قدرة غير عادية على السرد وخفة ظل وتشويق جميل وحكمة تتخفى خلف السطور تقبل إعجابي

      تعليق

      • عبلة محمد زقزوق
        أديب وكاتب
        • 16-05-2007
        • 1819

        #4
        وأنت في صحة وعافية أخينا المفضال
        مصطفى بونيف
        لقد أمتعت العين والقلب بشيق الطرح...
        شكرا لعذب اللحن بالسرد... مع قيم الفكرة بالنص.
        مع وافر التقدير والامتنان

        تعليق

        • مصطفى بونيف
          قلم رصاص
          • 27-11-2007
          • 3982

          #5
          الاستاذ الفاضل والقدير ثروت الخرباوي
          شرف عظيم لي أن تعجبك قصة كتبتها .
          وهذا يشجعني على كتابة المزيد

          كم أنا سعيد بشهادتك ...هي وسام على صدري .


          مصطفى بونيف
          [

          للتواصل :
          [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
          أكتب للذين سوف يولدون

          تعليق

          • مصطفى بونيف
            قلم رصاص
            • 27-11-2007
            • 3982

            #6
            الأخت السيدة الفاضلة عبلة

            "العم صالح " ...وأنا ....نشكرك على هذا المرور الطيب والكريم.
            وهذا يشجعني على الكتابة أكثر وأكثر لقضايا مجتمعاتنا .


            أخوك مصطفى بونيف
            [

            للتواصل :
            [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
            أكتب للذين سوف يولدون

            تعليق

            • عثمان علوشي
              أديب وكاتب
              • 04-06-2007
              • 1604

              #7
              [align=center]أخي مصطفى بونيف،
              نعم الإبداع ما خطت يداك أيها الأديب الساخر
              استمتعت كثيرا بالفكرة والقصة والسرد...
              تستحق أن تكون صاحب كليلة ودمنة هذا الزمن
              تقبل تحياتي..ولا تبخل علينا بالمزيد
              أخوك عثمان[/align]
              عثمان علوشي
              مترجم مستقل​

              تعليق

              • مصطفى بونيف
                قلم رصاص
                • 27-11-2007
                • 3982

                #8
                أخي العزيز عثمان العلوشي ....بكل حب وفرحة احتضنت كلماتك وتشجيعاتك المستمرة لما أكتبه .
                والله أسأل أن يوفقنا جميعا لنكتب ما يفيد أمتنا ويصلح من شأنها .

                أخوك مصطفى بونيف
                [

                للتواصل :
                [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                أكتب للذين سوف يولدون

                تعليق

                • د.مصطفى عطية جمعة
                  عضو الملتقى
                  • 19-05-2007
                  • 301

                  #9
                  الأستاذ العزيز / مصطفى أبو نيف
                  تحياتي إليك
                  قصة معبرة عن حياة شخصية ، نصادفها في حياتنا ، ونعجب بها ، ونمكث طويلا معها ، ولا تجد من يتحدث عنها وعن عطائها ، إنها شخصية المعلم الطيب ذو الرسالة ، الذي يحمل هم التلميذ والمجتمع على عاتقه ، ويربأ بنفسه عن الصراعات والمناصب .
                  صيغت القصة بعبق طفولي ، ورؤية شديدة الحميمية ، تشعرنا أنها كانت حاضرة في الفصل مع الشخصية ، وتحضرنا معها إلى عالمها ، رغم وجود درجات من وعي السارد في القصة ( مثلما ذكرت : باسلوب ديمقراطي ، وبما تثيره من قضايا حول وصول الوزير ودلالاتها السياسية ) ولكن تظل القصة مصاغة بعين الطفل التلميذ الذي يرقب المعلم النموذج .
                  تحياتي إليك

                  تعليق

                  • مصطفى بونيف
                    قلم رصاص
                    • 27-11-2007
                    • 3982

                    #10
                    الأخ الدكتور والاستاذ الفاضل مصطفى عطية جمعة

                    سعيد بمرورك المفيد على قصتي ، وأعتقد أن كليلة ودمنة كتبت للسياسة ، ولكن أصبحت قصصا للأطفال . لما فيها من حكمة بالغة .

                    أحببت مرورك كثيرا.

                    مصطفى بونيف
                    [

                    للتواصل :
                    [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                    أكتب للذين سوف يولدون

                    تعليق

                    • سميرة ابراهيم
                      عضو الملتقى
                      • 02-12-2007
                      • 861

                      #11
                      كعادتك تحمل بين طيات قصصك شكلا مختلفا من واقع ممزوج بأسلوب حكائي مميز

                      وهنا صورة المعلم المحبوب من الجميع تذكرنا بأساتذة كنا نعتبر جملة كاد المعلم أن يوكن رسولا فصلت على مقاسهم
                      وكان لهم دور كبير في بدايات دراستنا وتعلمنا منهم الكثير على المستويين الشخصي والمعرفي
                      ولازلنا نكن لهم كل الاحترام

                      أسجل إعجابي بالنهاية الغير متوقعة وأعتبر تلك النقلة من جماليات القصة

                      أعتذر عن التأخير في الرد

                      لكن السبب هو صعوبة في التعامل مع المنتدى في مثل هذه الساعة واحيانا أكتب الرد ولا أنجح في إرساله

                      دمت بخير
                      [bor=009959]
                      _((ما هموني غير الرجال إلَى ضَاعـُو لْحْيُوط إلى رَابُو كُلّها يَبْنِي دَار))_


                      /// كنت هنا ولم أعد...///

                      [/bor]

                      تعليق

                      • مصطفى بونيف
                        قلم رصاص
                        • 27-11-2007
                        • 3982

                        #12
                        ودمت بألف خير يا أيتها الكاتبة الرقيقة ....الأخت سميرة .
                        أفكر في تطوير فكرة المدرس الصالح إلى سيناريو مسلسل تلفزيوني ، وأرحب بكل اقتراحات يقدمها الإخوة لوضع هاته الشخصية .

                        أشكرك على المرور العطر ....

                        مصطفى بونيف
                        [

                        للتواصل :
                        [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                        أكتب للذين سوف يولدون

                        تعليق

                        يعمل...
                        X