قربة الماء
........... جالسًافي قاعةِ الأمراض
ِمُلتفًّا على الروحِ القليلةِ أرقبُ الدنيا من الفتحاتِ في ثوبِ النهارِ المرتخي فوق الهزال:
قطعانُ أعمارٍ مكسّرةٍ على إسفلتِ أيّامٍ مرقّعةٍ بخيطِ الصبرِ
أمْ بشرٌ يدعُّون الحياة على ظهورِ دوابِّ قنطرة ِالمعيشة،
جالسًا في الريح ِأصغي
من سيأتي من رواقِ الموتِ منْ يأتي من البابِ الذي...
أملٌ سيفتحُه سمين ُالوجهِ،
يلبس مئزرًا متلطّخًا بدموع إجهاضٍ فصيح،
من نوافذِ نفسهِ الأخرى يرى صـّفَ النساءِ الذاهباتِ إلى استلام ِرواتب الشيخوخةِ الثكلى على مرأى من الأعراب خلف زجاج سياراتِ أحزابٍ مغطّاةٍ بأضلاع الشجيراتِ القليلةِ في أزقّةِ بلدةٍ شعثاءَ تنتظرُ انقشاعَ غبارِ أسطولٍ من الخطباءِ ظهرًا كي تمرَّ إلى مشاغلِ عيشها الحافي…
أَمـَا
من سنتمرٍ واحدٍ في هذه الأرضِ الكثيرةِ لم تمسَّ ترابَه قدمُ ُالهباءْ
سنتمرٍ واحدٍ لتدير فيه الروحُ قفل البابِ في روحٍ و تشتمَّ الهواءْ
رئةُ المعاني حين تندهشُ المعاني.....
جالسًا....
في حِجْرِ لحظة ِشيخِ وقتٍ مثخنٍ بالزهدِ في دنيا..
تمرّ الآن حافيةً على أبواب سكّان الكآبـة،
مثلما جسدٌ يعبّ غثاءَ ترسّبِ الأيّام من فنجانِ مقهى..
مثل دينارٍ أخيرٍ سوف يصرفُه قمارُ اليأسِ في سوقٍ مقابلَ حبّةٍ من خردلِ النسيان،
شيءٌ ما مريضُ العودِ ينبتُ في قوارير الضجرْ
كالوشمِ في لحمِ الكلام إذا ارتخى الإيمانُ..
شيءٌ ما ينغّصُ بعضَ موسيقى تُحاولها مساءاتُ انفلاتْ
ما تبقّى في خزانةِ مفرداتِ العمرِ لا يكفي لكي تجد اللغةْ
لغةً تمـدّ العمرَ في عمق التعرّي من عباءات النصيحة..
علبةُ الإيمانِ فارغةٌ سوى من خمرة الشكِّ الذي يرمي
بأحجارِ الطفولةِ في اتجاهِ زجاجِ أبراجِ اليقين،
حوافرُ الخذلانِ تضربُ في بقاعِ الوقتْ،
جـثّةُ وردةٍ في قاعِ ذكرى ،
أمْ دمٌ ينسلّ من أنبوبِ مستشفى ليسكن بعدها قارورة الأرشيف،
يارجلاً
أراه الآن ممتطيا حمارَ التيهِ، متّجهًا إلى اللــهِ انتظرنــي:
إنّ من يختار عمر فراشة ليطير نحو سراجه في ذاتهِ قعدتْ
بمرصادٍ لهُ الحرسُ السحالي _قال لي:
فأرُ المخازنِ سوف يثقب سرة الجدوى
وأكياس "السميد" ومعطف البوابِ والمغزى و برنوس النشيد،
وأينما..
ولّى الصفاءُ ثمارَهُ
أكلتْه غربانُ العبورِ السهلِ في بستانِ قلب ٍصامتٍ
ما ثَـمَّ من جبلِ اعتصام ٍغير حيْراتِ الخروجِ إلى هواه
ولكلّ لحمٍ دودُه، فاكتبْ على عظم الحقيقة :
حصّتي من خمرة المعنى تجـفّ أمام قحط فصاحتي
والوقت مـرّ ولم أعـبّئ قربتي من ماء تجربة المتاه
مـرّت جنازة نسوة، خرساء، تابوت السكينة فوقها جبل يشوف
مـرّت تماسيح الخطابة ليلة العيد الذي يرُشى
بفاتحةٍ وضحكاتٍ لها كفّانِ من إسمَنْت،
مـرّ الوقتُ،لم يرجعْ من السردابِ غيرُ الثُكْلِ والمرضى
وأحذيةٍ ملمّعةٍ بدُهْنِ الموتِ،
مـرّ الوقت، لم ينهضْ منَ النسيانِ غيُر هُويّةِ الصُـبّارِ
غيُر نَبَالةِ الحيَوانِ معطوبَ الفـؤادِ،
وكرمةُ الدارِ الصغيرةِ إذ تسيلُ دمُوعُها لبنًا
على شَفَتَـيِّ قبٍر ساكتٍ كالطفلِ في حوشِ الكلام.
قـد مـرَّ جيشٌ من فضائحَ وانكسارٍ
فوق كُمَّثرى الطفولة ،سيّدي،يا شيخ، من أين العبورْ
كُـلاّبُ يأسٍ عَضَّني ،
وتعثَّرت في زحمةِ الألغازِ عُـكّـازُ القراءة
ليس لي زاد ٌسوى جسدي ، انْتظرني
قبل أن يلتفَّ حبْلٌ من رداءة
حول عُنْق الجوْهرِ الباقي،إذن كُنْ خيبةً تحتارُ،
سرًّا يفضحُ المبنى إذا اكتـظّ الغباءُ
كن كائن اللغة المريض
كن صفقة مع كارثه.
تعليق