الرحلة السادسة ( سندباد فى قلعة التنين 5 ، 6 ) ربيع عقب الباب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    الرحلة السادسة ( سندباد فى قلعة التنين 5 ، 6 ) ربيع عقب الباب

    سندباد فى قلعة التنين !

    الحلقة الخامسة
    صراع الجبابرة !

    تدمدم الأصوات كموج هادر، تعلن عن رفضها لما دفعت به المرأة: ((لا.. يا كاذبة.. لقد صعد إلى السماء لاستكمال الرسالة، ‏وسوف يأتي!!)).

    ‏كان الشيطان يبث أكاذيبه الرهيبة بين الجنود: ، ويوغر صدورهم فيصيحون:((لا. . إنها كاذبة .. لقد صعد إلى السحاب!!)).

    يهوم الشيطان حول رأس المرأة، ويقرر إخماد أنفاسها ، لتضيع الحقيقة، إنها تقضي على كل مزاعمه، على مملكته، وسلطانه، ولابد من القضاء عليها ، لقد أوقفت عليه حيله، كان يدبر لنزوله من السحاب، وقد هيأ رجلأ آخر لتتمة المهزلة، ولن يتعرف عليه أحد ، وقد اتخذ هذا القرار بعد تعثر محمود ، وحصاره في القلعة، وعلى الفور يروح يبذر الشقاق بين الصفوف، ويثير القلا قل حتى يتمكن من الوصول إلى المرأة، لكن سندباد يقطع عليه الطريق، وفورأ ‏تدور معركة رهيبة لم يشهد الناس مثيلا لها إلا في حكايات ألف ليلة وليلة، أورحلات ابن بطوطة أو سير الفرسان وتاريخ بلاد بخارى!! ‏

    يقول أحد شهود العيان في مذكراته عن هذه المعركة، التي عدها المؤرخون وثيقة هامة : تحول الساحر الشرير الى أسد ، ثم هجم عليه، فأخذ سندباد شعرة من رأس المرأة بيده، وهمهم بشفتيه فصارت الشعرة سيفا ماضيا ، وضرب ذلك الأسد بقوة، فشقه نصفين، وصار رأسه عقربا ، وانقلب سندباد حية ضخمة، وهجم ‏على اللعين وهو في صفة عقرب،، ثم انقلب العقرب عقابا، فانقلب سندباد نسرا، وحلق خلف العقاب، واستمر ساعة أخرى، ثم انقلب العقاب قطأ أسود، فانقلب سندباد ذئبأ متوحشأ، فتشاحنا، حتى دخلا القلعة، وظلا ساعة أخرى، تقاتلا قتالآ رهيبأ، فرأى اللعين نفسه مغلوبا، فانقلب وصار رمانة حمراء كبيرة، وقعت على بلاط الساحة، فانكسرت، وانتثرت حبا، كل حبة وحدها، وامتلأت أرض ‏الساحة حبا، فانقلب الذئب ديكا يلتقط ذلك الحب حتى لايترك منه حبة، وللأسف اختفت حبة في جانب أحد الأبراج، فسار الديك يصيح، ويرفرف بجناحيه، ويشير بمنقاره، فصرخت المرأة، ويبدو أنها كانت تعمل بالسحر: ((هنا .. هنا أيها الديك.. هنا)).
    ‏يسرع الديك لالتقاط الحبة، فجأة ظهرت بركة ماء كبيرة، ونزلت الحبة فيها ، فانقلب الديك حوتا كبيرا ، وهنا زاغت عيناي، وغشي علي ولم أفق إلا وقد خلت القلعة تماما!)).

    ‏ كما سجلت المرأة التي أكدت أنها زوجة من زوجات محمود الكذاب ما تم حيث قالت: ((ما أن انقلب الديك حوتا كبيرا حتى اندفع خلف الحبة، وغاب ساعة في البركة الكبيرة، واذا بنا نسمع صراخأ عاليا ، فارتعبت وارتعب الجميع، وفر الجنود من الميدان، وانتشر الرعب والذعر في المكان، وخرج الشيطان وهو شعلة من نار، فألقى من فمه نارأ، ومن عينيه ومنخريه نارا ودخانأ كثيفا ، فانقلب سندباد لكرة من نار، ومن فرط خوفي اندفعت، وألقيت بنفسي في الماء، وغطست، وخلفي معظم الحضور، فقد امتدت النار، وكادت تلتهم كل شيء، فما شعرت إلا والشيطان يصرخ من تحت النيران، وصار قريبأ منا ، ونفخ في وجوهنا بالنار، فلحقه سندباد، ونفخ في وجهه بالنار أيضا، فأصابنا الشرر من الاثنين، فأما شرر سندباد فلم يؤذنا ، وأما شرره فلحق بمن معي، وطارت شرارة في عيني فأتلفتها ، وأصابت شرارة أحد الحاضرين، فأحرقت نصفه التحتاني، وذقنه وحنكه، وأتلفت أسنانه التحتانية، وأصيب أحد الرجال في صدره، واحترق من ساعته، وأيقنا بالهلاك، وقطعنا رجاءنا من الحياة، واذا بصوت يعلو: ((الله أكبر.. الله أكبر قد فتح ربي.. ونصر.. وخذل من كفر بدين محمد سيد البشر))

    كان صوت سندباد، ورأينا الشيطان قد صار كومة رماد ، ثم جاء سندباد بزجاجة، ولمّ كل الرماد ، وحبسه في الزجاجة! .
    ‏كنت أتهالك، وأقاوم الموت حتى أكشف ماغاب عن هؤلاء الناس، نعم شهدت بنفسي كل شيء، رأيت نهاية محمود بائع الغرابيل والمناخل الذي ضحك وسخر من جميع الناس، فكانت الأمهات يلقين ببناتهن تحت قدميه ليتخذهن إماء وزوجات وهتفت بأقصى ماسمحت به قواي المتهالكة: ((لما ضاق الأمر بمحمود وهو في القلعة لايجد مهربأ ، دس السم في الشراب، لقد رأيته من خلال هذه التميمة المباركة التي ورثتها عن جدتي! ! رأيته لكنني خفت أن أكشفه فيقتلني، ‏وقدم الشراب لزوجاته، وأنا معهن، أتصنع الشرب، حتى أفرغته في ثيابي!! كن كثيرات، فشربن كلهن واحدة بعد أخرى، وانتشر السم في الأبدان، وسقطت الزوجة تلو الأخرى، وسقطت متظاهرة بالموت، واطمأن الى موتنا جميعأ، فاستدعى شيطانه، وأتاه على الفور بشعأ رهيبأ، ثم حاصره، وأمره بالقاء نفسه في التنور، فلم يتردد الأبله، صدع لما أمر، والشيطان يقول: أن هذا ولدي حقأ)).
    ثم اختفى، وقمت من موتي المصطنع، فاذا محمود قطعة من الفحم لا أثر فيها لوجه أو إصبع.. أو أنف.. نعم لم يطر للسحاب كما قرر الشيطان، بل مات! أذيعوا على الناس ماقلت حتى تنهار أسطورة الكذاب، ويرجع ‏الناس من ضلالهم، وليغفر لنا الله.. ليغفر لنا الله! !

    نرجع لسندباد بعد النصر العظيم الذي حققه لنعرف بقية الحكاية.
    ‏يصعق سندباد من غرابة ماتذيعه المرأة، فيدنو منها ، ويضعها برفق على الأرض، ثم يستدعي طبيبأ ، وبنفسه يشرف على اسعافها ، وحين يستدير عائدأ كان الجيش ينسحب، لتخلو تلك القلعة التي شهدت معركة ستظل في ذاكرة الذين شاهدوها عن قرب، ولم يبق سوى نشر الخبر بين الناس ليقفوا على حقيقة محمود ، وموته الأكثر مأسوية، ويتحول سندباد إلى صورة صقر ‏يحمل زجاجة بمخالبه الفتاكة، يخترق الأجواء، ثم يحط في الساحة الكبرى.. هناك حيث دارت معركته قديما مع الشيطان، فيتخلى عن الصقر، ويعود بشحمه ولحمه سندباد الانسان، ثم يرفع عقيرته: ‏((ياأهل المملكة.. ياأهل المملكة.. لتعلموا أني سندباد.. سندباد ابن سليلكم البطاش.. وحفيد الضرغام. ‏

    ينقلب البعض منصرفين وهم يشوحون: كاذب آخر.. كاذب ‏آخر..
    أما الباقون فقد كان الحنق والغضب يتشكل على وجوههم.. ويهمون للفتك به، لولا أن صوتا يغزو الساحة ويردد نعم هو.. ولدي.. ابن سليلكم البطاش. كان صوت الملكة ضوء المكان، وكانت تندفع بمساعدة الرجال الى حيث يقف، ووجهها يتفجرثورة وغضبأ، وحين تتمكن من ملاصقته كان الجميع يهللون بحماس وبشر .
    ‏تشرئب الوجوه، وتتسع الأفواه دهشة، وتتعالى صيحات ‏الجموع، بينما صوت الملكة يرن في أعطافهم: ليس لدينا وقت نضيعه فيما لايجدي فعلى مشارف المملكة جيوش قوية لدول بذر المحتال العداوة بيننا وبينهم.. ولابد من الاستعداد لملاقاتهم اذا ‏اقتضى الأمر.

    ‏يطيرسندباد الى حضن أمه، وهويكاد لايصدق نفسه، أمه وهنا ‏في الميدان الكبير. انها قوية غير تلك السيدة التي كانت في السجن بالكاد تتنفس: ((أمي.. كيف وصلت إلى هنا))؟
    ‏تشد على وجهه.. تداعبه، وهي تهمس: ((سوف أحكي لك حين ‏تسمح الظروف بذلك.. أين ولدك و زوجتك؟
    ‏أجاب: ((سوف ترينهما.. ولكن بعد الانتهاء من المهام العظمى)).
    ‏من فوره يأخذ على عاتقه الأمر بتجييش الجيوش، والاستعداد لمعركة رهيبة اذا ما اقتضت الظروف، ثم يمتطي صهوة جواد قوي، ويرمح صوب معسكر الأعداء، ويطلب مقابلة القادة، يروح يكشف لهم حقيقة الأمر، وأنهم لايزمعون الدخول معهم في حرب.. ولاقتال، انهم قوم مسالمون، وماحدث لم يكن سوى فعل من أفاعيل الشيطان، وصنيعته محمود أما اذا كان لكم مطمع في بلادنا فاعلموا أنكم لن تبلفوه إلآ على جثث الملايين من المحاربين ‏الشجعان!!
    ‏بعد التشاور، وتقليب الأمر، تتراجع الجيوش عن المملكة، ‏وترفرف راية السلام والأمن، ترفرف في سماء المملكة. . على كل بيت. . فيتحرك المحراث واليد البناءة.. والمعول والترس، كما يعلن سندباد كملك متوج على عرش البلاد!!
    ‏حين يستبان له استتباب الأمر، وانهيار أسطورة المحتال، يخرج للبحث عن ضحى وضرغام. . فلم يعثر لهما على أثر. . يبحث في كل مكان ولاشيء. . الجبال. . الكهوف.. الشقوق. . الوديان..
    ‏البحر ولاشي!!
    ‏يغتم سندباد كثيرأ، ويصيبه الهم، لكنه رغم ذلك كان يفكر ، ويتذكر كيف تعلم السحر، ولماذا أصرعليه، هل ليكون ندأ للشيطان؟ أم ليكون شيطانا آخر، ويفزع حين يصل بتفكيره إلى ‏هذه المنطقة وبسرعة يدخل في صلاة، ويقرر بعدها التخلص من هذه اللعبة الخطرة والكريهة، أيضأ، فيقسم ألأ يستخدم هذا السحر إلأ فى وجوه الخير.. وصالح العباد!!





    سندباد فى قلعة التنين !

    الحلقة السادسة والأخيرة
    ألآعيب عفريت !

    كانت رحلة البحث عن ‏ضحى وضرغام شاقة، وغير مثمرة، بل مخيبة للآمال، عاد منها سندباد صفر اليدين، ينعى حظه التعس، ويأمل في مشوار عمره الطويل، كأنه يبحث عن بارقة أمل، فالرجال من نوع سندباد لايرتضون الفشل، بل يعتبرونه إهانة غير محترمة لذكائهم، ولذا يتوجب عليهم شحذ الذهن جيدا ، واعادة تقييم الأمور، وهذا ماكان يفعله سندباد بالضبط، يستعرض المرة الأخيرة التي شهد فيها ضحى، وأين تركها ، وعلى أية حالة، فيتوصل إلى أن الشيطان قد حملها هي وضرغام إلى مكان ما ، واستبعد نهائيا الوساوس التي كانت تشاكله، والتي كانت توسوس له بأن الشيطان قد فتك بهما معا ، ويعود يرتب الأمور: ما العمل ياسندباد . . هل شخت وشاخ عقلك، فلم تعد تفكر جيدأ ، هيه، غزوت الدار التي تركتها فيها أكثر من مرة علك تجد حتى قصاصة.. شريطا من الدانتيلا . . قصبة من غاب، فما وجدت ‏شيئا يذكر..

    أخيرأ تواتيه فكرة، لم لايسافر الى الموضع الذي دفن فيه المصباح؟ ويحمل العفريت على إحضارهما .. لكنه يتوقف: قد يقدم شرطا أو شروطا أعجز عن الوفاء بها مثلما فعل من قبل؟ سوف أختبره قبل أن أطلقه من حبسه!!.

    ‏يستعد سندباد لخوض رحلة جديدة فيودع أمه، بعد أن يطمئن الى حسن سريان الأمور، ثم يركب سفينة عملاقة، يقودها قبطان، ويتحكم في دفعها بحارة أقويا، ومع ذلك يتمنى سندباد لو يصير صقرا ، فالرحلة بالسفينة قد تستغرق شهورا طويلة في الذهاب والعودة، وربما يفوت الوقت، ويحدث ما لا تحمد عقباه!!
    ‏في التو يكون صقرا أسود ، يحوم على صاري السفينة، ثم يحلق عاليا ، ويندفع كسهم مقذوف، يخترق الأجواء، ويلطم الريح بجناحيه القويين، فترتعد منه الفرائص، وتخف عن طريقه، حتى يشرف على الجزيرة. كان يعرف طريقه جيدأ، هناك تحت شجرة الدوم.

    يحط تحت الشجرة، ويتخلص من الصقر الذي كانه، ثم يحفر.. يحفر.. يحفر فلايجد شيئأ، يتوقف ليحدد ثانية، فيتجه إلى نفس الموضع ويحفر فلايجد شيئا.. هل نسي المكان؟ لا.. لم ينس.. يحار، ويقع أرضا: ياربي هذه آثار أصابعي على التراب!!.
    ‏يتحرك من يأسه، حتى لايتغلغل داخله، ربما كانت شجرة أخرى، ربما. واذا بصوت يناديه بغتة: ساعدني يا ولدي.. ساعد العجوز العاجز)).
    ‏يصاب بذهول، بل ويتراجع الى الخلف من قسوة المباغتة، ‏ويتماسك.. يحدق تجاه الصوت: أن هذا عجوز يقول عاجز.. وما أتى به هنا؟. معقول هذا! كان أمامه يفترش الأرض منهكأ ضعيفأ، فيسرع اليه، ضاربأ بأفكاره عرض الحائط ، ‏ويرفعه عن الأرض، فيبش الشيخ في وجهه، ثم يرجوه أن يحمله على كتفه ليقطف ثمرة من ثمار الفاكهة المتدلية، فيرفعه وهو يتعجب، فجأة وما أكثر المفاجآت يلف الشيخ ساقيه حول رقبة سندباد، ويضغط.. يضغط بقوة، ويثب الرجل، يكاد يختنق.. يموت من قسوة الضغط، فيهتف سندباد: عمي.. انك ‏تكاد تقتلني.. انك..

    ‏الشيخ لايسمع أو يستجيب ولا يتراجع.. يضغط أكثر، ويتمايل مستجلبا كل قوته، ويقهقه: لست عمك يا بن الأ بالسة.. لست عمك)).
    ‏آه ياسندباد ماعهدتك بهذا الغباء.. كيف وقعت في براثن اللعين؟ يجب أن تتصرف بحكمة.. تحاول القاءه أرضا.. لن تفلت!! لقد تشبث بك كأنه وأنت واحد.. تحاول طرحه مرة أخرى.. لا يتزحزح.. بل يضغط.. يضغط.. وأنت تشهق لحد الموت، تتحول إلى قرد.. ثم إلى ضفدع.. إلى طائر، كل هذا غير مجد، يتشكل اللعين مثلما تتشكل، تتمرغ على الأرض، تهرول صوب البحر، تجره إلى الأعماق، ربما.. مايزال يضغط، والضغط يكاد يسحقك.. ينقلب إلى حوت.. قرش.. ولا فائدة.. يقهقه.. هاهو يقهقه ويسخر من محاولاتك الطائشة.. لا تحاول.. ادخر قوتك فلن تفلت من ريحي.. فجأة استطاع سندباد أن يفلت منه.
    ‏يضغط على رقبته، يكتم أنفاسه بقوة السحر التي يحملها، وهو يصيح به: من أخرجك من المصباح.. قل من؟!

    ‏يتباكى وهو بين قبضة سندباد: نبش المكان رجل، وحطم المصباح، وتحكم في، ولو كان ذكيأ ماأفلتني، بمجرد أن لبيت له مطلبأ اختفى، وتركني طليقا. يصرخ سندباد وهو يضغط على رقبته: خرجت لتظلم عباد الله.. هيه؟.
    ‏يتحشرج صوته، وتتهدج أنفأسه، يقول: أرجوك.... أنا لا أظلم أحدا. بقوة عجيبة كان سندباد يعمل على اعادته الى المصباح، فيبكي هذه المرة حقيقة، ويترجاه: كفاني حبسأ يا أخي.. أنا خادمك.. لا أفعل إلآ ما تأمربه)).
    ‏تسنح الفرصة، ويعود سندباد إلى العنف: بدون شروط.. هيه.. بدون شرط.
    ‏يجيب العفريت: ((بدون شروط.. ألم أعلمك السحر.. علمتك ‏فخنتني!!)).
    ‏يحس سندباد بتلاعبه، فيجدد الضغط والاصرار على سجنه: لأنك أردت تدميري وتسخيري لمشيئتك)).

    ‏يلطم العفريت، يعفر وجهه، ويندب: أبدآ . . أبدأ أنا خادمك.. خادمك الأمين.. أعرف ماتبحث عنه. . انها وابنك هناك في بلاد الصين.. أعرف مكانهما ، وأستطيع احضارهما فورا .. هيه هل صدقت حسن نواياي؟! ! .
    يختلج صدر سندباد ، وتفتر قسوته: واذا حنثت بوعدك. . أعطني شيئأ أضمن به حسن سلوكك؟)).
    ‏يقول العفريت صادقأ: اذا حنثت بوعدي، وهذا لن يحدث، ماعليك سوى القاء هذا الخاتم في زيت يغلي ومعه بعض الزعفران.

    يرفع خاتمأ عن اصبعه، ويقدمه لسندباد، وقبل أن يطلقه يقول العفريت: اغمض عينيك.. ثم افتحهما.. عندئذ يغمض سندباد عينيه.
    ‏ويترقب، ثم تنتابه الوساوس، هل يراهما أمامه فعلا؟ أم أن العفريت يسخر منه، ويتمنى من كل قلبه لو صدق الوعد، ويفتح عينيه بعد طول تردد، يالها من دهشة أكثر اثارة، اذ أنه يرى أمامه ضحى بشحمها ولحمها وضرغام الى جانبها، الذي أصبح شابا، يخضر شاربه أسفل أنفه الأشم. ياه.. لم يصدق سندبا.. كأنه يحلم. ولده أمامه رجلا يقف. يتوه عقله.. كيف مرت السنون دون أن يشعر بها، وتتداخل في ذهنه الأمور، لم يعد يتذكرشيئا.. كيف أتى إلى هنا؟ فجأة ينزاح عن عقله عبء ثقيل، ولأول مرة يدرك أنه بالفعل لم يتحول إلى صورة غير صورته، وأنه كان يحلم.. كان يحلم عندما تدلهم الخطوب، وتحط المحن.. يحلم لو تحؤل. لكنه الآن يعرف.. لم يتحول لصقر.. إلى يمامة.. قط جميل يهبط سلم القصر الملكي.. إلى حوت. انه كان يصارع بقوة الحيلة والنزال، وأخيرا بالحلم .. يظل يدور في رحى هذه الدوامة حتى يخرجه العفريت منها: اعطني خاتمي.. لقد وفيت بوعدي.
    ‏يتمتم: قل لي أولا.. هل علمتني السحر؟ هيه.
    ‏يقهقه العفريت ساخرا: أعلمك ماذا؟ إن عقلك يغلب أي سحر .
    ‏يرتبك سندباد وتضيء عيناه: اذن قل لي بم أتحكم فيك؟
    ‏يهتز العفريت من الخيبة: يسألني: أتسمعان.. إنه يخرف.
    ‏يتهالك على الأرض من هول المفاجأة: وأنت ياضحى ألم أحملك وأنا في صورة رخ كبير؟! !
    ‏تهتف ضحى متعجبة: سندباد . . ماذا تقول. . أي رخ؟
    ‏كنت تحلم.. إنك اعتمدت دائمأ على قوتك وحيلتك.. رخ كيا دلأ ‏يصيب العفريت مغص ضار من شدة الخوف ويتمتم: ((اعطني خاتمي.. خاتمي.. لقد وفيت بوعدي فأوف ‏بوعد.! ! ))
    ‏كأنه يخرج من غيبوبة: ((خاتمك !! وأتركك تفعل بالناس مثلما فعلت بي؟ أبدأ .. لن أفعل!!)).
    ‏يبكي العفريت مرددآ : ((لن تفعل! ! أتحنث بوعدك؟)). يقهقه سندباد : ((لم أعدك بشيء.. لكنني لن أعطيك إياه حتى تتوب. . وتؤمن بالله.. ساعتها فقط أعطيك الخاتم !!)) يشد سندباد على ساعد ولده ضرغام، ويعانقه فيهتف :((قابلت البطل شيجار ياأبي وهو يرسل لك تحياته. . وقد يأتي لزيارتنا قريبأ)).
    يتقدمون من الساحل، ويا للحظ الجميل اذ يجدون سفينة راسية، وحين يقتربون منها ، يقول سندباد : ((هذه سفينتي.. جهرتها بنفسي.. نعم لم أتحول.. لم أكن إلا سندباد . لكنها لم تكن له، كانت سفينة عليها الكثير من الركاب والمسافرين، ليست سفينة ملكية، ويدخل سندباد في حيص يبص، لكنه لم يستمر وتخوف على سلامة عقله، وعن عمد يلفظ الموضوع بعيدا بعيدأ ، ويسأل عن وجهة السفينة، فيجاب، ويقهر كل الهواجس ويركبون، وتتحرك السفينة بينما العفريت الساخر يهتف بشكل ضاحك: لقد وعدت.. وعدا!!
    ‏يفتر ثغر سندباد عن ابتسامة صافية ويلوح له قائلآ: ((نعم وعدت، حين تصدق توبتك سيكون الخاتم لك.. لاتتلاعب وإلأ لن تجد الخاتم!!)).


    إلى اللقاء فى بلاد دم .. دم

    محبتي
    sigpic
  • ريمه الخاني
    مستشار أدبي
    • 16-05-2007
    • 4807

    #2
    السلام عليكم
    انقلاب الابطال لمخلوقات اخرى لهو الخيال الحقيقي الذي يسعد الطفل ويرضى فضوله وطموحه ويسقي جرأته.
    كل تقديري وشكري
    متابعين.
    ( ماسر الصورة الرمزية هنا؟استاذنا)
    التعديل الأخير تم بواسطة ريمه الخاني; الساعة 07-08-2010, 03:16.

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ريمه الخاني مشاهدة المشاركة
      السلام عليكم
      انقلاب الابطال لمخلوقات اخرى لهو الخيال الحقيقي الذي يسعد الطفل ويرضى فضوله وطموحه ويسقي جرأته.
      كل تقديري وشكري
      متابعين.
      ( ماسر الصورة الرمزية هنا؟استاذنا)

      كانت محاولات قيض لها مدير تحرير رائع
      أخذ بيدها إلى الطفل
      كانت بين حد الواقع و الخيال بالطبع
      محاولة فى سبيل ارساء القضايا الكبري فى عقله و ذهنه
      ببعض الخيال
      مثل ازمات العرب الكبري
      و تاريخهم !!


      أشكرك أستاذة ريمه على جميل لطفك و ثنائك

      احترامي
      sigpic

      تعليق

      يعمل...
      X