عصيــر الألـم
* وضعت الأم بأطراف أصابعها بعضاً من البخور
في المبخرة .. الدخان يتصاعد ـ يملأ الحجرة .. ويملأ
رئتي الابنة المريضة.. الأم تردد بعض الآيات القرآنية
وبعض التعويذات.. تسعل ( فردوس ) كما لم تسعل
من قبل والعرق يتصبب من وجنتيها بغزارة..
تخرج الكلمات واهنة من بين شفتين
جافتين : كفي يا أمي كفي ـ أكاد أختنق ..
لا تبالي الأم بشكوي ابنتها التي لا تعرف
أن هذا الدخان هو الذي سيشفيها ،
لاعتقادها أنها ( محسودة)..!!
· تقص الأم عروسة من الورق ـ وتمسك بالإبرة ـ
وتغرزها في العروس الورقية وهي
تردد : ( من عين أمك .. من عين أبوكِ ـ
ومن عين أختك ومن عين أخوكِ .. ومن
عين خالتك أم حامد.. ومن عين خالتك الشيخة صالحة ـ
ومن عين أم نبيل أم عيون مدورة ومقورة..
ومن عين أم حميدة أم عين صفرة.. ومن عين
كل اللي شافوكِ وما صلوش على النبي..
ومن شر حاسدٍ إذا حسد..!!
وتحرق الأم العروس التي قد امتلأت بالثقوب..! ) !!
يزداد السعال ـ وتزداد السخونة.. ويتبخر العرق..!
* يصرخ الأب : لا بد من إحضار الطبيب ..
تشيح الأم بيدها وهي تقول له : الشر برَّه وبعيد ـ
البنت لا يلزمها طبيب ـ البنت محسودة ..!
يدنو الأب من ابنته الممددة على السرير ..
يمسك بيدها التي تضعها فوق صدرها المريض..
تلتفت الابنة ببطء شديد ـ وتنظر إلى والدها بعينين
غائرتين حائرتين ـ بهما من السكينة والهدوء
ما يكفي لألآف الأعين..!!
لم يتحمل الأب تلك النظرة الساكنة من عيني
ابنته الجميلة ذات الستة عشر ربيعاً..
يهرول خارجاً من البيت ، لم يأبه بنداء زوجته ،
ولا بنداء الشيخة صالحة..
يجري مسرعا ً وهو يكاد يتعثر
في ذيل جلبابه الواسع الطويل..!!
* يصل إلى الوحدة الصحية التي تقع على
طرف القرية.. لم يجد الطبيب الوحيد بها
الذي نادراَ ما يتواجد.. لم يجد أمامه سوى التمرجي
الذي لم تتحرك فيه شعرة واحدة رغم
توسلات الأب ودموعه ..!
يعلم الأب أن ذلك التمرجي لا يتحرك من مكانه سوى بجنيهين
كاملين .. آاهـ ..ومن أين له بهذين الجنيهين..
والجنيه الأخير في جيبه أخذته منه زوجته
كي تعطيه للشيخة صالحة التي استدعتها لرقية ابنتها ..!!
*****
* في طريق عودته يمر بالأرض التي يعمل
بها أجيرا ً.. وبالكاد يجد ليمونة صغيرة خضراء ..
يمسكها بكلتا يديه ـ وهو ينظر إليها بابتسامة
أمل ..! ويتحدث إلى نفسه بصوت
مسموع : سأعصرها وأعمل منها كوبا ً
من الليمونادة لابنتي الحبيبة ..!!
ويجري بسرعة وابتسامة الأمل تملأ وجهه ـ
وكأنه يحمل لابنته البلسم الشافي !!
كلما اقترب من البيت كلما اتسعت
ابتسامته واتسعت خطواته..!
اتسعت حتى صارت أوسع من ذيل جلبابه ..
و .. يتعثر .. يقع على الأرض.. تتدحرج الليمونة ..
يزحف بسرعة كي يلحق بها قبل أن يدهسها ذلك
الحمار أو يأكلها.. لكن العربة التي يجرها الحمار
كانت أسرع من الحمار ومنه ـ دهست الليمونة ..
إعتصرتها بقسوة..! ينقبض قلب الأب ..
وهو ينظر إلى بقايا الليمونة بحسرة.. وقد ضاعت
ابتسامته ـ كما ضاع أمله في كوب
الليمون لابنته .. يتحامل على نفسه ـ
وينهض عن الأرض ـ وقد تهالكت قواه تماما ً..
سار يجرجر قدميه ـ وقد اسودت الدنيا في وجهه..
* ويقترب من البيت.. وفجأة تلتقط أذنيه
أصواتا ً تمنى أن يصم كي لا يسمعها..
وتصل إليه رائحة
البخور .. يرفع عينيه فلم ير أمامه باب بيته.!
بل رأى سيدات يتشحن بالسواد ..!!!
تـــــــــمت
* الذي بين الأقواس وبلون مختلف ..
معتقدات كانت سائدة .. وأعتقد أنها ما زال
يعمل بها حتي الآن في ريف مصرنا الجميلة ..
* وضعت الأم بأطراف أصابعها بعضاً من البخور
في المبخرة .. الدخان يتصاعد ـ يملأ الحجرة .. ويملأ
رئتي الابنة المريضة.. الأم تردد بعض الآيات القرآنية
وبعض التعويذات.. تسعل ( فردوس ) كما لم تسعل
من قبل والعرق يتصبب من وجنتيها بغزارة..
تخرج الكلمات واهنة من بين شفتين
جافتين : كفي يا أمي كفي ـ أكاد أختنق ..
لا تبالي الأم بشكوي ابنتها التي لا تعرف
أن هذا الدخان هو الذي سيشفيها ،
لاعتقادها أنها ( محسودة)..!!
· تقص الأم عروسة من الورق ـ وتمسك بالإبرة ـ
وتغرزها في العروس الورقية وهي
تردد : ( من عين أمك .. من عين أبوكِ ـ
ومن عين أختك ومن عين أخوكِ .. ومن
عين خالتك أم حامد.. ومن عين خالتك الشيخة صالحة ـ
ومن عين أم نبيل أم عيون مدورة ومقورة..
ومن عين أم حميدة أم عين صفرة.. ومن عين
كل اللي شافوكِ وما صلوش على النبي..
ومن شر حاسدٍ إذا حسد..!!
وتحرق الأم العروس التي قد امتلأت بالثقوب..! ) !!
يزداد السعال ـ وتزداد السخونة.. ويتبخر العرق..!
* يصرخ الأب : لا بد من إحضار الطبيب ..
تشيح الأم بيدها وهي تقول له : الشر برَّه وبعيد ـ
البنت لا يلزمها طبيب ـ البنت محسودة ..!
يدنو الأب من ابنته الممددة على السرير ..
يمسك بيدها التي تضعها فوق صدرها المريض..
تلتفت الابنة ببطء شديد ـ وتنظر إلى والدها بعينين
غائرتين حائرتين ـ بهما من السكينة والهدوء
ما يكفي لألآف الأعين..!!
لم يتحمل الأب تلك النظرة الساكنة من عيني
ابنته الجميلة ذات الستة عشر ربيعاً..
يهرول خارجاً من البيت ، لم يأبه بنداء زوجته ،
ولا بنداء الشيخة صالحة..
يجري مسرعا ً وهو يكاد يتعثر
في ذيل جلبابه الواسع الطويل..!!
* يصل إلى الوحدة الصحية التي تقع على
طرف القرية.. لم يجد الطبيب الوحيد بها
الذي نادراَ ما يتواجد.. لم يجد أمامه سوى التمرجي
الذي لم تتحرك فيه شعرة واحدة رغم
توسلات الأب ودموعه ..!
يعلم الأب أن ذلك التمرجي لا يتحرك من مكانه سوى بجنيهين
كاملين .. آاهـ ..ومن أين له بهذين الجنيهين..
والجنيه الأخير في جيبه أخذته منه زوجته
كي تعطيه للشيخة صالحة التي استدعتها لرقية ابنتها ..!!
*****
* في طريق عودته يمر بالأرض التي يعمل
بها أجيرا ً.. وبالكاد يجد ليمونة صغيرة خضراء ..
يمسكها بكلتا يديه ـ وهو ينظر إليها بابتسامة
أمل ..! ويتحدث إلى نفسه بصوت
مسموع : سأعصرها وأعمل منها كوبا ً
من الليمونادة لابنتي الحبيبة ..!!
ويجري بسرعة وابتسامة الأمل تملأ وجهه ـ
وكأنه يحمل لابنته البلسم الشافي !!
كلما اقترب من البيت كلما اتسعت
ابتسامته واتسعت خطواته..!
اتسعت حتى صارت أوسع من ذيل جلبابه ..
و .. يتعثر .. يقع على الأرض.. تتدحرج الليمونة ..
يزحف بسرعة كي يلحق بها قبل أن يدهسها ذلك
الحمار أو يأكلها.. لكن العربة التي يجرها الحمار
كانت أسرع من الحمار ومنه ـ دهست الليمونة ..
إعتصرتها بقسوة..! ينقبض قلب الأب ..
وهو ينظر إلى بقايا الليمونة بحسرة.. وقد ضاعت
ابتسامته ـ كما ضاع أمله في كوب
الليمون لابنته .. يتحامل على نفسه ـ
وينهض عن الأرض ـ وقد تهالكت قواه تماما ً..
سار يجرجر قدميه ـ وقد اسودت الدنيا في وجهه..
* ويقترب من البيت.. وفجأة تلتقط أذنيه
أصواتا ً تمنى أن يصم كي لا يسمعها..
وتصل إليه رائحة
البخور .. يرفع عينيه فلم ير أمامه باب بيته.!
بل رأى سيدات يتشحن بالسواد ..!!!
تـــــــــمت
* الذي بين الأقواس وبلون مختلف ..
معتقدات كانت سائدة .. وأعتقد أنها ما زال
يعمل بها حتي الآن في ريف مصرنا الجميلة ..
فاطمة أحمـد
تعليق