تصطف الذكريات على الطاولة والأوراق المبعثرة تحيك قصصا لزمن قادم , و ربما لزمن انقضى. المطر يتساقط بغزارة والليل ليل- ليس كأي ليل- يحمل معه الوعود وربما المزيد من الأحزان . لاشئ يجعلها تشعر بالمكان والزمان سوى صوت المطر ووهج النار في ذلك الموقد , ويأتي صوت الساعة ودقاتها كأنه نبض قلب أعيد لتوه للحياة بعد أن أتعبته المواد الحافظة وقوانين المخابر. تبقى تطالع الأوراق ولاشئ يحمل سوى الطلاسم ومجازر أحلام انقضت . ويبقى صوت رقاص الساعة الجدارية يعلن أنه هنا وأن الوقت كالمطرقة يقف على حدود عتباتنا ونهرب منه. الزائر القادم لا يعرف ماذا حضرنا له لاشئ في جعبتنا سوى الوعود ." أتراه طفلا لن نقدر ان نوفر له الأمان في أرضنا اليتيمة ؟ " لاجواب يشفي تساؤلاتها . تخرج الأوراق التي لطالما احتفظت بها تلقيها بالنار , اللهب يزداد ورائحة الذكريات مؤلمة . وتبقى النار مشتعلة ولا تنطفئ ربما لأن في داخل تلك الأوراق أرواح ومدن وبلاد وصدى صرخات . يتهوج المنزل الفقير وتبقى النار مشتعلة وهي باردة برودة المشردين في خيام الحزن, " سأركض للشارع وسأفتش عن بائعة الكبريت لأخبرها أنني مثلها باردة رغم أن منزلي يحترق" تبقى تركض والزمن واللهيب يتسارع ولاشئ يوفقها . صوت واحد يوقظ هذيانها إنه صوت ولادة العام الجديد...
ناهد تاج هاشم
ناهد تاج هاشم
تعليق