سحر باللون الأزرق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الزاكي
    عضو الملتقى
    • 08-08-2010
    • 14

    سحر باللون الأزرق

    [BIMG]http://www.neila-benayed.ca/Syrine.jpg[/BIMG]قصة قصيرة


    سحر باللون الأزرق


    كان يستشعر وقوفها أمام باب بيته المقفل ، فتختفي بسرعة عن نظره كلما فتحه ، فتضفي على مكان وجودها لمسة أنوثتها الفاتنة ، لا يكاد يراها سوى لحظات قصيرة كومضة برق ، فتنفلت عن مشاهدته لها وقد رمته ببسمتها الشبحية .

    يعلم بأنه لن يستطيع مجاراة لعبتها الأنثوية ، فهي ساحرة بجمالها ، جاذبة بكل تفاصيل مظهرها الأنثوي ، بارعة بسحر تمسك خيوط لونه السماوية ، لأنها تعلم انجذابه بهذا اللون ، فتتدثر به .
    تلمحه من بعيد بنظر ثاقب مثل زرقاء اليمامة ، فتنتظر كيف تصير ردود أفعاله كلما توارت عنه . هي مستعدة للعزف على أوتار قلبه مهما عاند أو تصلب .. ينظر اليها في لحظة ظهورها الخاطفة فتختفي عنه ، وتنظر اليه بعمق فلا يختفي مثلها .. يحاول معرفة القليل عنها ، ولكن هي تقرأ قسمات وجهه ، فيصير وجهه مرآت قلبه يفصح لها عنه الكثير .
    في داخل بيته ، يوصد بابه الأزرق ، فيحسبه يخزن أسراره ويحفظها ، فاذا مرت صارت تضحك باحساس من عثر على مفتاح ألوانه .. يسمع وهو بداخل بيته ضحكاتها الحلوة ، وعندما يخرج لكي يراها ، لا يجد سوى أريج عطرها ، فيتتبع أثر قدميها ، فلا يهتدي الى شيئ .
    في الصباح لا يزال عطرها يعانق عتبة الباب ، فيدرك بأنها مرت ليلا لترسم له لوحة بارعة في التحدي بسحرها ، فيسأ ل نفسه : من ألهمها أن تسحرني بهذا اللون ؟ من أخبرها أسراره ؟
    نظر ساعتها الى السماء ، فأ لفاها زرقاء صافية تحلق فيها النوارس ، وقد اشتد صياح صوتها ، كأنها هي الأخرى تمارس سحرها في هذا الفضاء الأزرق أو تقدم شيئا من الاجابة عن أسئلته .. كأنها تقول له : انك تحب السماء في صفاء زرقتها ، وأنت مسحور بالبحر ، وفي خضمه تتلاطم الزرقة تارة ، وتهدأ تارة أخرى ، فالزرقة بيضتك التي منها خرجت ، وفي عش حضانتها درجت واطلعت على أسرار جمالها .

    ويأتي المساء ، فيسود السواد ، لكنه يظل يرى الأزرق بشكله وروحه ، وتظل هي الأخرى متدثرة بالأزرق .. يحس وقوفها غير بعيدة عن باب بيته، فيدب اليأس في أوصاله لكي يخرج ويفتح الباب لينعش روحه برؤيتها ومخاطبتها ، فلا يكتفي سوى باستنشاق عطرها المخترق لأرجاء بيته .
    كان عطرها يرسم له ظلالا زرقاء في أركان بيته ، وينبت له حدائق يتربع فيها حسنها الشبحي عرش مملكة هذه الحدائق على اختلاف وروردها وأزهارها ، وعلى نبرات صوت ضحكها تذعن له البلابل ، وهكذا يفعل سحرها فعله به وبالنبات والطير حين يفعل سحره .
    في هذا الليل الفريد عرف وقت ولادتها ، فهل هذا منتهى انتصاره على تواريها وسحرها ؟
    كتب في هذا الليل رسالة اهداء بمناسبة عيد مولدها ، كان يعرف بأنها ستختفي بمجرد فتحه له .. دفع الورقة من تحت الباب نحوها ، فأحس بأنها أمسكتها بسرعة ، وبدون شك ، فانها شرعت في قراءة الرسالة في مكانها الخفي .. بدأ يسمع قراءتها للاهداء ، وعندما أراد الذهاب الى فراشه صار يسمع من يقرع باب بيته .. اخترق أنفه عطرا طيبا آسرا ، فعلم بواسطته أنها القارعة للباب .. أخذته مشاعر اختلط فيها الفرح باليأس .. هل تكون غيرمختفية في هذه المرة ؟ ..
    فتح الباب بسرعة ، فوجدها أمامه كاملة الظهور بعطرها وجمالها ، وبالأزرق الذي تتدثربه .. لم يصدق عينيه .. أخرس لسانه عن النطق ، فبادرته قائلة :
    - من أنبأك بزمن ولادتي ؟
    بقي مذهولا أمام فتنة جمالها ، فصارت تردد :
    - من أنبأك ؟... من أنبأك ؟ ...

    أفاق من شدة المفاجأة وقوة الذهول ، فقال بلسان فصيح
    - حين يتم الزهرتفتحه ، وينتشر عطره ، فان الرداء الذي يغطيه يفصح عن زمن ولادته...
    ابتسمت فتوهجت أستار الليل التي تلفها ، فسألها :
    - من ألهمك أن تسحريني بهذا اللون ؟
    ضحكت مثلما كانت تضحك من قبل ، فأخبرته بأنها اهتدت الى ذلك عندما شاهدته أول مرة يعزف على " السنتير"، تصافحه آفاق البحر الرحبة الزرقاء وهو ينظر اليها بعمق ، ثم انه اختار أن يجاوره وفوقه السماء ازدان صفاؤها ، فاختارت أن تشاكس مشاعره بهذا اللون ، وكل انسان عندها يشاكس بما يجذبه .
    قدمت له ورودا أتت من زمن أسطوري يعبق بأسرار الألوان ... فأهداها قارورة عطر ، هي تقطير طبيعي لكل الأزهار الزرقاء ... فقال لها :
    - متى أراك مرة أخرى ؟ وهل ستختفي عني ؟
    أجابت بعذوبة :
    - لن أختفي ..

    استأذنته بانصرافها ، فتلاشت بين تلك الظلال الوارفة ، فبقي سحر تلك الورود وأسرارها عنده .


    ابداع : محمد الزاكي

    الصويرة – خريف 2005
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد الزاكي; الساعة 11-08-2010, 19:55. سبب آخر: إرفاق صورة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    قصّة زرقاء السّحر أستاذ محمد الزّاكي
    يسعدني وجودك بيننا في بيتك الأزرق.مرحبا بك ،و كلّ عام و أنت بخير.
    لي عودة للنصّ لو سمحت.أهلا بك مرّة أخرى أخي الكريم.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • محمد الزاكي
      عضو الملتقى
      • 08-08-2010
      • 14

      #3
      شكر وتقدير

      أخي العزيز محمد فطومي ، أشكرك على عباراتك الكريمة ، وعلى أول تصفح
      لأول نص لي بهذا المنتدى الرفيع والمفيد .
      تحيتي وتقديري .. ورمضان مبارك سعيد على الأمة الإسلامية والعربية .

      تعليق

      يعمل...
      X