حتى المـــوت ..!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالعزيز التميمي
    أديب وكاتب
    • 06-08-2008
    • 186

    حتى المـــوت ..!

    بما أن الموت لا يعرف هذا المخبأ ..فسأبقى هنا متسلحًا بيقيني بأنه لا ينسى لكنه فقط مشغول، وكلما سمعت من مذياعي عن كارثة .. خرجتُ مسرعًا أتزود لأنه بالتأكيد منهك وبعيد .. فالمهم أن أحيا حتى لو لم أكن أعيش ..!
    وما السعادة غير أن أحيا ..! في كل لحظة تسمع فيها دقات قلبك وتتنفس ملء رئتيك وتكون قادرًا على الانتشار كغيمة مع أنك تختبئ كحلزون .. تغمض عينيك وأنت تستطيع فتحها في أي لحظة و لا قيود للموت عليك. في الخارج هم يعيشون وقلق الانتظار يسيطر عليهم ويسلبهم طمأنينة الحياة التي أنعم بها . لم أعد مهتمًا بالراحة فجسدي تعود على التكور والأشياء في داخلي سأعاود ترتيبها وما هو مألوف قد يتحول إلى الأشد غرابة.! فالقدرة على التحمل تعتمد على نوع الأسئلة التي نواجه بها الرغبات .. لأن الرغبة إجابة جاهزة بلا سؤال تنبعث من العفن الموجود في قلب الروح .. تماماً كالديدان التي تخرج من الجثة لتكمل عملية الموت ثم تتلاشى . سأعتمد على التبريد بالأسئلة فالجثة الباردة لا يأكلها الدود.
    في أول سنة كنت أقاتل الكثير من الرغبات بأسئلة لم أكن أتوقع أني أعرفها .. أتذكر هذا السؤال: لماذا يتكلم الناس ..؟ ولما لم أجد ولا إجابة مقنعة ماتت رغبة الكلام في داخلي وأكلها الدود. وفي يوم كانت عيني تنظر للسماء من ثقب صغير وتخيلت أن السماء هي الأسفل وأنا الأعلى. من قال للناس أن السماء فوق وهم تحت ..؟ ومن قال لهم أن البحر ليس الطريق ..؟ لماذا لا نذهب إلى البحر وندع الأسماك تعيش هنا ..؟ فالبحر أرحب . الغريب أن الرغبات رضخت لإرادتي وتحولت إلى النقيض كغصن الشجرة المليء بالأوراق الصاعد إلى الأعلى عندما تثنية إلى الأرض وتدفن رأسه فيها يتحول إلى جذر ويواصل نموه إلى الأسفل. ثنيتُ رغباتي وحولتها إلى أسئلة بعد أن كانت إجابات ولم يبقى إلا الفراغ الذي لا يمكن أن يتلاشى أو يموت ثم يأكله الدود ..! فكلما حاولت تبديده خلقت منه أكثر .. الفراغ لا يموت إلا بالحركة لأن الحركة يمكن أن تقبض عليها وتقتلها لتعيد بعث السكون. ومع بزوغ الشمس كنت قد صممت على قتل الحركة ونثرت فتات خبز في مدخل المخبأ استدعي به أي حركة لأقتلها .. لم انتظر طويلا ًحتى سمعت صوت عصفور جذبه الفتات .. اسمع صوت منقاره وهو يحرك الحصى الصغير.. كان شعوري غريبًا ومختلطًا بين فرحة قتل تنتظرني وحزن قد يصيبني إذا فشلت. كنت أراه من قاع المخبأ انتظره حتى يقترب أكثر فلا مجال للمقامرة في القتل لأن الموت هو الوحيد الذي مرة واحدة فيه تحسب . انتظرت حتى كفت يدي عن الارتعاش وسيطرت على حركتها فيجب أن تكون موزونة ومصوبة جيداً فهي أداة القتل .. كان نظري يسير باستقامة واحدة مع يدي وكفي مقبوضة نصف قبضة وانتظر فقط أن يدير العصفور ظهره حتى لا يعلم بعدها كيف أتاه الموت، فأشد أنواع الموت أسفًا ذلك الذي يأتيك وأنت تدير ظهرك. وفي لحظة استدارت العصفور أحسست بكل حواسي تنطلق لتقبض عليه حتى روحي أحسستها تشارك بالقتل، كان في يدي لا يتحرك مات بسرعة و الدم يسيل بين أصابعي مع بعض الزغب الصغير، نفضته سريعًا خارج المخبأ فلم أتحمل أن يبقى الموت طويلاً في يدي . لكن وأنا أسحب يدي من الخارج كأني سحبت معها شيئًا له رائحة لم أعرفها وليست جميلة ..! كانت تنتشر قي أشيائي وتملأ المخبأ ثم رأسي فكل جسدي، رائحة يغمرك إحساس وأنت تنتشيها بأنك لا شيء ..! استدعيت كل الأسئلة التي أعرفها لعلها تطرد هذه الرائحة من جسدي لكن لا جدوى .. حاولت تبديد الفراغ بممارسة القتل لكن لم أستطع .. خطرَ لي أن أثني كل رغباتي وأخرج لأقف تحت السماء وأعيد لعبة الأسئلة التي تقتل الإجابات لكن لا قوة تساعدني على الثني.
    فيما بقي لي من وقت بعد أن أيقنت أني أنا من استدعى الموت إلى هنا كتبت هذه الورقة وسأحول إخراج طرفها مع الثقب علها تطير بعيداً عن القبور التي لا يزورها أحد حتى الموت.
    عبدالعزيز التميمي
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    فكرة حفلت بالكثير من الاعتلاجات
    و الفلسفة
    و أيضا صدرت بعض حزن
    و ربما رهبة ما !!
    أكان الموت هو الذى الذى يستوطن الكهف
    و لكن الموت يسعي كالهواء و الريح
    فما الأمر ؟!
    الأمر أنك بعد غيبة طالت كثيرا ، و قاربت السنة
    عدت ربما من كهف الأسئلة و الإجابات التى لا تجد لها رحيقا


    تحتاج إلى قراءات لا قراءة واحدة
    كما تحتاج إلى مراجعة فلا يصح أن يخدش الجمال بعض أعواد الحطب !!

    دمت بكل الخير و السعادة
    sigpic

    تعليق

    • عبدالعزيز التميمي
      أديب وكاتب
      • 06-08-2008
      • 186

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
      فكرة حفلت بالكثير من الاعتلاجات
      و الفلسفة
      و أيضا صدرت بعض حزن
      و ربما رهبة ما !!
      أكان الموت هو الذى الذى يستوطن الكهف
      و لكن الموت يسعي كالهواء و الريح
      فما الأمر ؟!
      الأمر أنك بعد غيبة طالت كثيرا ، و قاربت السنة
      عدت ربما من كهف الأسئلة و الإجابات التى لا تجد لها رحيقا


      تحتاج إلى قراءات لا قراءة واحدة
      كما تحتاج إلى مراجعة فلا يصح أن يخدش الجمال بعض أعواد الحطب !!

      دمت بكل الخير و السعادة

      أستاذي العزيز الكبير ربيع عقب الباب
      لازلت أجرب وأتعلم واكتب واشطب واسأل فتصدمني الإجابات ..!
      هناك اشياء صغيرة كلما اقتربت منها وفرحت بها هربت مني حتى لا أضنها تعود.

      اعرف أن هذا الطريق هو الأصعب .. لكن الا تظن انه يستحق ..؟
      سنتقاطع دائمًا أنا وأنت مع الحرف والحب
      فكن قريب أستاذنا.
      عبدالعزيز التميمي

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        لا يجب أن ننظر إلى السماء من ثقب صغير , لأننا سوف نراها ضيقة .
        أعشق النصوص التي تزيّنها الفلسفة ..فهي الغموض الوحيد المحبّب عندي.
        أعجبني هذا النص..توقفت عنده طويلا.
        تحيّتي لك.
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          وتحتاج إلى وقفة عزيزي
          مع هذه الأجواء
          وذاك القص
          الذى اختلف كلية عن طروحاتك السابقة
          التى أدهشتني بالفعل عملا بعد آخر !!


          تثبت حتى تجد ما تستحق من رؤى ، وكشف ما تحمل !

          محبتي
          sigpic

          تعليق

          • عبدالعزيز التميمي
            أديب وكاتب
            • 06-08-2008
            • 186

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
            لا يجب أن ننظر إلى السماء من ثقب صغير , لأننا سوف نراها ضيقة .
            أعشق النصوص التي تزيّنها الفلسفة ..فهي الغموض الوحيد المحبّب عندي.
            أعجبني هذا النص..توقفت عنده طويلا.
            تحيّتي لك.

            أنت قلتيها أستاذة آسيا
            النص الذي تزينه الفلسفة .. وليست الفلسفة التي يزينها النص ..!
            اعتقد أني أضعت القص وانشغلت بالاسئلة التي جرتني إلى كلام كثير ليس له علاقة بفن القصة .. فالتمادي مع فتنة الاسئلة يقودني دائما إلى الطريق الاكثر وعورة .. والذي بالتأكيد السير فيه سيكون محفوف بالمخاطر والوصول لن يكون سهلاً .

            أهلا وسهلا بك ،،
            التعديل الأخير تم بواسطة عبدالعزيز التميمي; الساعة 06-09-2010, 00:20.
            عبدالعزيز التميمي

            تعليق

            يعمل...
            X