الديك ملكا ( حكاية ) / ربيع عقب الباب

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    الديك ملكا ( حكاية ) / ربيع عقب الباب

    الديك ملكا
    بعد الفشل الذى منى به الديك " ساطع " في حربه الطويلة أمام البط والأوز والدجاج والديوك الرومية ، لفرض سيطرته عليها ، قرر أخيرا أن يمتنع عن الأذان اليومي عند الفجر، ولم يصل به الأمر عند هذا الحد ، فقد أكد لجميع الطيور ، أنه سوف يجعلها تعيش تعيسة في ليل دائم ، إذ أن أذانه هو الذي يخرج الدنيا من ظلمات الليل إلى نور النهار!!
    ساد الحزن أرجاء الحظيرة الممتدة فوق السطح العالي ، وبكت الطيور جميعها ، وفى آخر الأمر استقر رأيها على مفاوضة الديك " ساطع " ، خاصة وأنه الديك الوحيد في جماعتها ، بعد اختفاء الديك " حلم " في الصيف الماضي 0
    تأسفت الطيور عما بدر منها في حقه ، وراحت الدجاجات تربت على عرفه الزاهي الجميل ، وريش جناحيه الرائعين ، وترجوه ألا يقابل غفلتها وجهلها بكل هذا الغضب والعنف ، فمعنى ألا يكون فى حظيرتها نهار ، أن تضعف ، وتكون نهايتها ، وكما فعلت الدجاجات فعلت الأوز والبط والديوك الرومية ، وطلبت منه أن يعطيها فرصة أخيرة ، لتدلل على صدق وعدها ، وحسن نواياها ، وساطع لا يتراجع عما انتوى ، فقد آلمه كثيرا أنها لم تكن له الاحترام اللائق به ، فتقدم له الشراب والطعام ، منتظرة حتى ينتهي ، ثم يأتي دورها ، فيكون نصيبها فتات ماتبقى من وجبته ، إنه الوحيد الذي يحمل فوق رأسه تاجا ، خلق ليكون ملكا متوجا ، لا أن يكون مثل بقية الطيور، تزاحمه وتنقض عليه إذا ضايقها، ولم يلتزم بحصته مثلها !!
    : يا ساطع 00 إننا نحبك !
    : هانت عليك عشرتنا ؟
    : أتعرف معنى ألا تؤذن للفجر ؟
    : ما عليك سوى الانتظار ، وسوف ترى منا ما يشرح صدرك ، ويبهج قلبك ، فقط ما نرجوه أن تؤذن حتى يسمع النور أذانك فيصحو من نومه !!
    هكذا كانت الطيور تردد ، وهى تحوم من حوله ، وتطلب رضاه ، وترجو مغفرته 0
    وأمام إصراره وعناده تراجعت حزينة باكية ، وهو يطاردها بصوت عال :" كنت أنتظر أن تفهمي وحدك ما يجب عليك فعله ، لكن أحدا لم يكن يفكر أو يهتم ، أنا الملك الوحيد في هذه الحظيرة يا رعاع !! "0
    حين هدأ واختفى صوته ، كانت الطيور ماتزال متيقظة ، وقد فارقها النعاس ، ولازمها القلق والخوف من أن ينفذ ساطع تهديده ، وكلما أوغل الليل وطال حبله ، اشتد خوفها وجزعها ، وبكاؤها أيضا ، بينما ساطع يحس بالنصر ، ويتذوق حلاوته ، فيتسلق الجدران ، وينط عبر الأسطح المتلاصقة ، وهو يغنى ، وهناك بعيدا كان الديك البنى نائما ، فأيقظه ساطع ، وحكى له ماتم وماكان ، فتعجب غاية العجب من غفلة الطيور ، وتسلط ساطع وجهله ، وابتسم بمكر ، وهمهم قائلا :" هل تنتوى تنفيذ وعيدك ؟ "0
    هتف الديك ساطع متشددا :" وهل عندك شك فى ذلك ؟"0
    اقترب الديك البنى من أذن ساطع ، وهمس قائلا :"ياصديقى 00أنت مغفل كبير "0
    تعجب الديك ساطع من لهجة صاحبه ، وانتظر حتى يفض ماعنده 0
    عاد الديك البنى يهمس :ط ألا تعلم أن النهار قادم ، أذنت أم لم تؤذن ؟ "0
    هتف ساطع :" كيف عرفت ؟ "0
    حكى الديك البنى لصاحبه عن ليلة أصابه فيها المرض ، فعجز عن الأذان فى الفجر ، ومع ذلك ملأ النور الكون ، وطلع النهار 0
    طوح الديك ساطع رأسه ، وقال بتبجح :" لكنك لم تقرر مثلما قررت ؟"0
    تنحنح الديك البنى ، وبش فى وجه صاحبه ، وعاد يقول :" عليك أن تتراجع عن قرارك بسرعة قبل أن يحل وقت الأذان ، ويطلع الصبح ، فتخسركل شىء ، هيا تحرك حتى تظل الطيور تعتقد أن أذانك هو الذى يخرج النهار من الظلمة ، هيا هيا ياصاحبى "0
    بعد تردد تفهم الديك ساطع الأمر ، وأسرع بالعودة إلى حظيرته ، وهناك كانت الطيور تنتظر عودته ، حتى تقدم له اعتذارا جديدا ، وربما غسلت الأرض تحت قدميه بدموعها ودماها ؛ ليعود يؤذن من جديد ، ويتخلى عن تهديده ، ولكنه فاجأها بقوله :" حرصا على صداقتنا ، وأخوتنا قررت بصفتي ملك هذه الحظيرة عدم التخلي عن مسئووليتى الخطيرة ، لأجل صالح الجميع ، وإرجاءه لوقت لاحق ، وذلك في حالة عودتكم لسابق عهدكم !!"0
    كانت سابقة فريدة من نوعها ، حين أجمعت الطيور على تنصيب الديك ساطع ملكا على الحظيرة ، صنعت له كرسيا مزركشا ، مطعما بكل نفيس ، وقدمت له عصا ليؤدب بها العصاة ، ثم مع مرور الأيام أصبح له جيش رادع ، إلا أن صاحب الحظيرة عندما زارها عصر يوم من الأيام ، أمسك بالديك ساطع ، وتحسسه ، وهو يردد :" لقد كبرت ياصاحبى ، وأخشى عليك من الشيخوخة ، آن الأوان أن تترك الفرصة لديك من أولادك 00 واختفى الديك ساطع ، وعند الفجر كان أذان الصغير يرتفع ، وبعد ذلك يشق نور الصبح ثوب الليل الأسود ، ويملأ الدنيا ، لتتنفس الطيور فرحة سعيدة باقتراب الصبح دون أن تتعب نفسها فى البحث عن سر أذان الديكة عند الفجر ، وطلوع النهار !!
    sigpic
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    #2
    هي العلاقة ذاتها بين الحاكم والمحكوم
    بين الرّاعي والرعيّة....
    بين تسلّط الإنسان على أخيه الإنسان لكونه الأقوى
    عندما لانعرف للحياة إلاّ اللّون الواحد
    المكان ذاته...الحدود ذاتها
    واعتياد أوامر لا نملك حيالها إلاّ الطّاعة والرضوخ
    وإحناء الرأس والتبجيل..
    دون أن نكلّف النفس البحث عمّا وراء الجدران..
    ولانجهدها في تتبّع الحقيقة وسطوعها..
    نرَ هذا السّاطع يسدّ المنافذ الفكريّة والروحيّة والمعيشيّة..
    نصّ قويّ ...أستاذي ربيع
    يرمز إلى أفكار عميقة البعد..ويُسقط مفاهيمَ شوّهتْ الإنسانيّة..
    نتعلّم منك ..من رموز حروفك..
    أعان الله طيور الساطع ..من قبل..ومن بعد..
    دُمتَ بخيرٍ وسعادةٍ..

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

    تعليق

    • آسيا رحاحليه
      أديب وكاتب
      • 08-09-2009
      • 7182

      #3
      كنت أقرأ و أضحك..
      قلت في نفسي لو كنت دجاجة لحرّضت باقي الدجاجات على الثورة ضد هذا الديك ' المنفوخ '..و النهار على كل حال يطلع سواء أذّن الديك أم لم .
      تحيتي لك أيها المبدع الكبير.
      يظن الناس بي خيرا و إنّي
      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

      تعليق

      • يوسف الديك
        شاعر وأديب
        مؤسس ملتقى نخبة الإبداع
        • 22-07-2008
        • 894

        #4
        السلام عليكم ورحمة الله
        [align=justify]
        نص جميل ومعبّر عن حالة التسلّط التي يمارسها البعض ..وقد يكون هذا البعض " ساطع " ديكاً مزيّفاً لا يفقه كنه عالم الدّيكة ولا مكنوناته ..أو ربما هو في الحقيقة دجاجة عرجاء .. تدّعي أنّها ديك ، سيثبت في المختبر الشرعي ..عكس ادّعاءاتها .


        بعض الأخطاء والهنات البسيطة جداً
        فقط وددت التنويه إليها تعميماً للفائدة ..

        الآذان ..تكتب بالألف الممدودة ..وليس بهمزة القطع ...كما وردت عدّة مرات في النص " الأذان " والصحيح ..الآذان .
        الدّيك لا يقيم في حظيرة كما أورد الأستاذ ربيع في النصّ ...فهو أكثر طهراً ونقاءً من هذا كونه أول من يرفع آذان الفجر في الملأ محاطاً بملائكة أطهار .. ..أمّا الحظيرة فهي كما نعلم مأوى الحيوانات من الخنازير والحمير والجمال والبقر ...وعليه فالديك والدجاج وبقية الطيور تقيم في ما يسمى لغة " القن " أو ما يعرف باللهجة الشعبية في بلاد الشام بـ " الخم " وبالمصري " عشّة الفراخ " ...والصحيح ..بما أن النص باللّغة العربيّة الفصحى كان يجب أن يُستخدم " القن " .
        ما تبقّى بنظري جميل جداً ..ويدخل في باب الأدب اللاذع الهادف ومحاولة التفرّد في الوصاية على البقية .

        ومن خلال خبرتي المتواضعة بهذا المجال " عالم الدّيكة " يجب أن أنوّه إلى أن أهم ما يميّز الديك عن سواه من الطيور أنّه يقف على الأسوار وسطوح البيوت العالية ويصيح بأعلى صوته ..ميزته أنّه لا يخاف ..ولا يقيم وزناً لكلّ القوارض الزاحفة على بطونها ...وهو بهذا يستحق العنوان الذي أتّفق معه ..." لأنه كان ملكاً ...وسيبقى "

        شكراً للأستاذ ربيع ..

        تحياتي
        [/align]
        التعديل الأخير تم بواسطة يوسف الديك; الساعة 25-08-2010, 16:32.
        عَلَى الذينَ تهمُّهم المدائحُ ويزعِجُهمْ النَّقدْ ..
        أن يَبحثوا لذواتِهم الضَيّقة عنْ منطقةٍ خارجَ طُهرِ الكَلمة.. ونقاءِ الأدبْ ...
        وسُبُلِ الإبْدَاعْ .المُجَامَلة...فجورٌ لمنْ لا يستحقّونْ .
        يوسف الديك​

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
          هي العلاقة ذاتها بين الحاكم والمحكوم
          بين الرّاعي والرعيّة....
          بين تسلّط الإنسان على أخيه الإنسان لكونه الأقوى
          عندما لانعرف للحياة إلاّ اللّون الواحد
          المكان ذاته...الحدود ذاتها
          واعتياد أوامر لا نملك حيالها إلاّ الطّاعة والرضوخ
          وإحناء الرأس والتبجيل..
          دون أن نكلّف النفس البحث عمّا وراء الجدران..
          ولانجهدها في تتبّع الحقيقة وسطوعها..
          نرَ هذا السّاطع يسدّ المنافذ الفكريّة والروحيّة والمعيشيّة..
          نصّ قويّ ...أستاذي ربيع
          يرمز إلى أفكار عميقة البعد..ويُسقط مفاهيمَ شوّهتْ الإنسانيّة..
          نتعلّم منك ..من رموز حروفك..
          أعان الله طيور الساطع ..من قبل..ومن بعد..
          دُمتَ بخيرٍ وسعادةٍ..
          كانت مناورات النجم الساطع
          تلك المشاريع بين ما يسمي بالقوات المسلحة المصرية
          و القوات الأمريكية
          فكتبت هذه ، و قدمتها للطفل ، و نشرت فى مجلة ماجد الإماراتية فى عام 95

          شكرا لك أستاذة على حديثك الذى دل على معايشة كاملة للنص

          تقبلي خالص احترامي و محبتي
          sigpic

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
            كنت أقرأ و أضحك..
            قلت في نفسي لو كنت دجاجة لحرّضت باقي الدجاجات على الثورة ضد هذا الديك ' المنفوخ '..و النهار على كل حال يطلع سواء أذّن الديك أم لم .
            تحيتي لك أيها المبدع الكبير.
            جميل أن أكتب ما يضحك
            وهى مرات معدودة كأنها مسروقة من الوقت
            كان للمسرح الحظ الأوفر منها تلك اللحظات
            و مع معايشة النصوص الموجهة للطفل الكبير ، عشتها بين شبت
            و بين ساطع .. و كم كشفا لي الكثير من غوامض الكتابة
            كيف فى لحظة الألم و الانكسار تخرج ضحكة كما كان مع الديك ساطع

            الألم كنز .. يقولون
            و اللب يغدو أكثر نضرة إذا سلخت عنه القشرة !!

            تقديري و احترامي
            sigpic

            تعليق

            • بيان محمد خير الدرع
              أديب وكاتب
              • 01-03-2010
              • 851

              #7
              أستاذي الفاضل
              يا لها من حكاية ممتعة .. فيها الحكمة والعبرة وخفة الظل ..
              أحيانا كثيرة نشعر أننا أطفالا و بحاجة لحكاية قبل النوم ..
              جميلة عميقة بعيدة المدى وفيها نكهة الطفولة
              أحترامي و مودتي دائما
              بيان محمدخيرالدرع

              تعليق

              • وفاء الدوسري
                عضو الملتقى
                • 04-09-2008
                • 6136

                #8
                الأستاذ/ربيع عقب الباب
                ماذا يمكن أن نقول عن جمال وعمق قلمك
                عن بحر حبرك الدري الذي يشعل
                بقلب الحرف شموعا تعكس ألق أناقة
                الضوء على وجه الكلمات
                من أجمل الكلمات انحت حروف الشكر
                هنا للإبداع الذي
                تزهو وتفخر به الصفحات
                احترامي وتقديري
                التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 25-08-2010, 19:53.

                تعليق

                • وفاء الدوسري
                  عضو الملتقى
                  • 04-09-2008
                  • 6136

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة يوسف الديك مشاهدة المشاركة
                  السلام عليكم ورحمة الله
                  [align=justify]
                  نص جميل ومعبّر عن حالة التسلّط التي يمارسها البعض ..وقد يكون هذا البعض " ساطع " ديكاً مزيّفاً لا يفقه كنه عالم الدّيكة ولا مكنوناته ..أو ربما هو في الحقيقة دجاجة عرجاء .. تدّعي أنّها ديك ، سيثبت في المختبر الشرعي ..عكس ادّعاءاتها .


                  بعض الأخطاء والهنات البسيطة جداً
                  فقط وددت التنويه إليها تعميماً للفائدة ..

                  الآذان ..تكتب بالألف الممدودة ..وليس بهمزة القطع ...كما وردت عدّة مرات في النص " الأذان " والصحيح ..الآذان .
                  الدّيك لا يقيم في حظيرة كما أورد الأستاذ ربيع في النصّ ...فهو أكثر طهراً ونقاءً من هذا كونه أول من يرفع آذان الفجر في الملأ محاطاً بملائكة أطهار .. ..أمّا الحظيرة فهي كما نعلم مأوى الحيوانات من الخنازير والحمير والجمال والبقر ...وعليه فالديك والدجاج وبقية الطيور تقيم في ما يسمى لغة " القن " أو ما يعرف باللهجة الشعبية في بلاد الشام بـ " الخم " وبالمصري " عشّة الفراخ " ...والصحيح ..بما أن النص باللّغة العربيّة الفصحى كان يجب أن يُستخدم " القن " .
                  ما تبقّى بنظري جميل جداً ..ويدخل في باب الأدب اللاذع الهادف ومحاولة التفرّد في الوصاية على البقية .

                  ومن خلال خبرتي المتواضعة بهذا المجال " عالم الدّيكة " يجب أن أنوّه إلى أن أهم ما يميّز الديك عن سواه من الطيور أنّه يقف على الأسوار وسطوح البيوت العالية ويصيح بأعلى صوته ..ميزته أنّه لا يخاف ..ولا يقيم وزناً لكلّ القوارض الزاحفة على بطونها ...وهو بهذا يستحق العنوان الذي أتّفق معه ..." لأنه كان ملكاً ...وسيبقى "

                  شكراً للأستاذ ربيع ..

                  تحياتي
                  [/align]
                  مساء الخير.. الأستاذ القدير/يوسف الديك
                  بقدر ما اعجبني تعقيبك هنا بقدر ما احزنني قولك : (ملك الطيور لا يقيم في حظيرة) تذكرت تقرير يقول : (عشة يسكنها 25 ألفاً انسان!.. عشش تتحول إلى جمرة من النار في فصل الصيف، وفي الشتاء تكون بٍركة من الطين، أسقفها من الأقمشة القديمة والصفيح، وجدرانها من الأخشاب المتهالكة المليئة بالثقوب، والعشة الواحدة يقيم بها أكثر من 5 أفراد على الأقل، في حين أن مساحتها لا تزيد عن ثلاثة أمتار مربعة، مع انتشار الفئران والثعابين، والتي تُقاسم السكن بالعشش، وتتكاثر بشكل بشع في الحشائش، وتهاجم ليلاً لتنهش الأجساد، هذا مع اتنتشار الأوبئة، فلا يخلو جسد أحد من الأهالي من عضة فأر أو لدغة ثعبان!".
                  تقول سيدة: ( "أعيش أنا وأسرتي المكونة من 6 أفراد داخل عشة صفيح، كل مكوناتها سرير مُتهالك، وقطعة قماش على أرضها، ولا تصلها الكهرباء أو المياه النظيفة، ونعتمد على "اللمبة الجاز" وشراء مياه الشرب أو الحصول عليها من المناطق المجاورة، أما "دورة المياه" فعبارة عن صندوق من الصفيح ملاصق للعشة، ومتصل بالشارع ليلقي الصرف به، ولذلك فالشوارع تحولت إلى ما يشبه دورة مياه كبيرة، فكل الصرف الصحي الخاص بالسكان يُلقى بها".
                  "المنطقة أصبحت مأوى للبعوض والحشرات السامة، التي أصابتنا بالأمراض الجلدية، وحساسية العين، ودمرت صحة أطفالنا، حيث يلهون في مياهها ويسبحون في قاذوراتها، وكثيراً ما تشتعل الحرائق بالعشش، دون أن تُسعفنا سيارات الإطفاء؛ لأنها لا تستطيع الدخول إلى حواري المنطقة الضيقة".
                  ويقول ".....": "أُصيبت ابنتي الصغرى بمرض الطاعون، بعد أن تحوّل ذراعاها إلى وجبة للفئران، أما زوجتى فأصيبت بالعمى، نتيجة انتشار مياه الصرف الصحي داخل وخارج العشة التي نقيم بها، وأضطر للسهر طوال الليل بجوار أُسرتي؛ لحمايتهم من هجوم الفئران، وأشار إلى تخلي المسئولين بعدم توفير مساكن آدمية أو حتى تطهير المنطقة، التي تحوّلت إلى مقلب لقمامة سكان المناطق المجاورة" الحواري مليئة بروث الحيوانات وجُثث النافق منها، الكارثة الأكبر، أن إسطبلات الخيول والمواشي هي نفسها مساكن لأهالي المنطقة.
                  التقيت برجل مُسنّ قال: "المنطقة عمرها أكثر من مائة عام، حيث كانت مقراً لإسطبلات خيول الأجانب الذين كانوا يقيمون بها، ولكن مع خروج الأجانب، استمرت الإسطبلات في أيدي العاملين بها، لعدم توفر مساكن، فأقاموا بها وتوارثوها وحوّلوها إلى حظائر. وقد تحوّلت شوارع المنطقة -التي يوجد بها أكثر من 1000 حظيرة وعشة- إلى مقالب للقمامة، حيث يعمل بعض السكان في جمعها وفرزها. الحياة بالمنطقة لا تُحتمل؛ فسكانها مصابون بالأمراض الصدرية والجلدية وغيرها، بسبب العيش مع الحيوانات.
                  وأوضحت "....": "أقيم مع أسرتي داخل الحظيرة، حيث نقتسمها مع المواشي، ونتحمل كل ألوان العذاب؛ لأنه ليس لنا مأوى غير ذلك، وقد توفّي ابني الأصغر منذ عامين بعدما دهسته الأبقار وهو نائم بالحظيرة، وأخاف أن يتكرر ذلك مع بقية أبنائي").


                  تحيتي
                  التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 26-08-2010, 13:40.

                  تعليق

                  • ربيع عقب الباب
                    مستشار أدبي
                    طائر النورس
                    • 29-07-2008
                    • 25792

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة يوسف الديك مشاهدة المشاركة
                    السلام عليكم ورحمة الله
                    [align=justify]
                    نص جميل ومعبّر عن حالة التسلّط التي يمارسها البعض ..وقد يكون هذا البعض " ساطع " ديكاً مزيّفاً لا يفقه كنه عالم الدّيكة ولا مكنوناته ..أو ربما هو في الحقيقة دجاجة عرجاء .. تدّعي أنّها ديك ، سيثبت في المختبر الشرعي ..عكس ادّعاءاتها .


                    بعض الأخطاء والهنات البسيطة جداً
                    فقط وددت التنويه إليها تعميماً للفائدة ..

                    الآذان ..تكتب بالألف الممدودة ..وليس بهمزة القطع ...كما وردت عدّة مرات في النص " الأذان " والصحيح ..الآذان .
                    الدّيك لا يقيم في حظيرة كما أورد الأستاذ ربيع في النصّ ...فهو أكثر طهراً ونقاءً من هذا كونه أول من يرفع آذان الفجر في الملأ محاطاً بملائكة أطهار .. ..أمّا الحظيرة فهي كما نعلم مأوى الحيوانات من الخنازير والحمير والجمال والبقر ...وعليه فالديك والدجاج وبقية الطيور تقيم في ما يسمى لغة " القن " أو ما يعرف باللهجة الشعبية في بلاد الشام بـ " الخم " وبالمصري " عشّة الفراخ " ...والصحيح ..بما أن النص باللّغة العربيّة الفصحى كان يجب أن يُستخدم " القن " .
                    ما تبقّى بنظري جميل جداً ..ويدخل في باب الأدب اللاذع الهادف ومحاولة التفرّد في الوصاية على البقية .

                    ومن خلال خبرتي المتواضعة بهذا المجال " عالم الدّيكة " يجب أن أنوّه إلى أن أهم ما يميّز الديك عن سواه من الطيور أنّه يقف على الأسوار وسطوح البيوت العالية ويصيح بأعلى صوته ..ميزته أنّه لا يخاف ..ولا يقيم وزناً لكلّ القوارض الزاحفة على بطونها ...وهو بهذا يستحق العنوان الذي أتّفق معه ..." لأنه كان ملكاً ...وسيبقى "

                    شكراً للأستاذ ربيع ..

                    تحياتي
                    [/align]

                    دائما ما تأتي مداخلتك شهية و كريمة فى عطائها
                    و إفادتها .. لا تأتي مجانية بأية حال
                    و أحمد لله على ذلك
                    و أشكرلك هذا النور الذى انبثق من بين حروف الأحمر !!

                    خالص تحياتي و احترامي
                    sigpic

                    تعليق

                    • محمد محضار
                      أديب وكاتب
                      • 19-01-2010
                      • 1270

                      #11
                      نص ماتع بأسلوب سلس ومرن..حمولة رمزية قوية تحيل على باب التأويلات وتجعلنا نضع جملة من التساؤلات المفعمة بالرغبة في مدى إمكانيةالقيام بإسقاط مضمون القصة على حياة الإنسان..وبالتالي نبحث عن شخصية ساطع داخل ذوات الكثير منا..ساطع حقيقة كائنة وموجودة..لكنها منتهية لا محالة بتوالي الأيام وكل صاعد الى القمة لابد له من نزول قد يكون تدريجيا أو مفاجئا ..والديك الفاهم المدرك العارف من يتوسل بالحيلة من أجل تحقيق مبتغاه دون خسائر تذكر أو عداوات تسيء الى مكانته بين الصحب والأهل...............مودتي
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد محضار; الساعة 26-08-2010, 14:13.
                      sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

                      تعليق

                      • رنا خطيب
                        أديب وكاتب
                        • 03-11-2008
                        • 4025

                        #12
                        أستاذنا الفاضل ربيع

                        في مثل انكليزي بما معناه يقول " كل ديك على مزبلته صياح "

                        فلذلك أقولها إن غادر الديك مزبلته و هو سلطانا عليها سيفقد سطوته و هيبته في مزابل أخرى؟
                        لذلك ما أجمل أن يكون الإنسان ايجابيا في التعامل مع الخصائص التي وهبها الله لها بتواضع دون عجرفة و لا غرور و لا تكبر ..

                        فالغرور أول عبادة النفس و من عبد نفسه سقط في الهاوية و كان عند الرحمن مفلسا ..

                        لك مني كل التحيات
                        رنا خطيب

                        تعليق

                        • مصطفى الصالح
                          لمسة شفق
                          • 08-12-2009
                          • 6443

                          #13
                          نص جميل عميق

                          دائما ما تاتينا بالمفيد والجميل ومافيه العبرة

                          سلم هذا النبض وصاحبه

                          كل عام وأنت بخير

                          المشاركة الأصلية بواسطة يوسف الديك مشاهدة المشاركة
                          السلام عليكم ورحمة الله
                          [align=justify]
                          نص جميل ومعبّر عن حالة التسلّط التي يمارسها البعض ..وقد يكون هذا البعض " ساطع " ديكاً مزيّفاً لا يفقه كنه عالم الدّيكة ولا مكنوناته ..أو ربما هو في الحقيقة دجاجة عرجاء .. تدّعي أنّها ديك ، سيثبت في المختبر الشرعي ..عكس ادّعاءاتها .


                          بعض الأخطاء والهنات البسيطة جداً
                          فقط وددت التنويه إليها تعميماً للفائدة ..

                          الآذان ..تكتب بالألف الممدودة ..وليس بهمزة القطع ...كما وردت عدّة مرات في النص " الأذان " والصحيح ..الآذان .
                          الدّيك لا يقيم في حظيرة كما أورد الأستاذ ربيع في النصّ ...فهو أكثر طهراً ونقاءً من هذا كونه أول من يرفع آذان الفجر في الملأ محاطاً بملائكة أطهار .. ..أمّا الحظيرة فهي كما نعلم مأوى الحيوانات من الخنازير والحمير والجمال والبقر ...وعليه فالديك والدجاج وبقية الطيور تقيم في ما يسمى لغة " القن " أو ما يعرف باللهجة الشعبية في بلاد الشام بـ " الخم " وبالمصري " عشّة الفراخ " ...والصحيح ..بما أن النص باللّغة العربيّة الفصحى كان يجب أن يُستخدم " القن " .
                          ما تبقّى بنظري جميل جداً ..ويدخل في باب الأدب اللاذع الهادف ومحاولة التفرّد في الوصاية على البقية .

                          ومن خلال خبرتي المتواضعة بهذا المجال " عالم الدّيكة " يجب أن أنوّه إلى أن أهم ما يميّز الديك عن سواه من الطيور أنّه يقف على الأسوار وسطوح البيوت العالية ويصيح بأعلى صوته ..ميزته أنّه لا يخاف ..ولا يقيم وزناً لكلّ القوارض الزاحفة على بطونها ...وهو بهذا يستحق العنوان الذي أتّفق معه ..." لأنه كان ملكاً ...وسيبقى "

                          شكراً للأستاذ ربيع ..

                          تحياتي
                          [/align]

                          صراحة

                          استغربت من هذه المداخلة العجيبة

                          وخآصة من شاعر متمرس متمكن

                          الآذان هي جمع أذن

                          الأذان هو الأذان بالهمزة وليس بالألف الممدودة

                          ومن قال أن الديك لا يقيم في الحظيرة؟ هذه مغالطة

                          أين يقيم إذن ؟ في العراء تحت الشتاء

                          عادة ما يقيم الديك في القن أو خم الدجاج.. هذا إذا كان لا يوجد حظيرة!

                          لكن الأغنياء - حسب ما رأينا في الأفلام - تكون عندهم حظيرة فيها كل الحيوانات

                          من الخيل إلى الأرانب مرورا بكل أنواع الطيور

                          تحياتي
                          [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                          ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                          لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                          رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                          حديث الشمس
                          مصطفى الصالح[/align]

                          تعليق

                          • محمد فطومي
                            رئيس ملتقى فرعي
                            • 05-06-2010
                            • 2433

                            #14
                            نصّ يحيل على مسائل وجوديّة عدّة ،الرّمز فيه ملك دون منازع ،و إن كنتَ ربّما تعتقد و أنت تتابع السّطر تلو الآخر بأنّك إزاء معالجة قصصيّة على طريقة ابن المقفّع أو لافونتان،و ستتساءل حتما ما إذا كان الكاتب سيجتاز هذا الاختبار الصّعب؛اختبار مرونة التّمرير مع الرّمز مع ضرورة التّجديد في الطّرح أو على الأقلّ تناوله من زاوية فنّيّة تحمل الجديد و المتعة في آن.إنّه رهان أرى الأستاذ ربيع قد رفعه باقتدار و جرأة و خاضه فأفلح.أشهد بهذا لأنّي صراحة كتبت نصّا وظّفت فيه الحيوان في قضيّة ما ،و لساعة النّاس هذه و أنا أمتحنه حرصا و مهابة استباحة غير مدروسة لهذا الضّرب الآسر،المخادع من الأدب و لا أرى سوى أنّي لا أزال بعد بعيدا.
                            في الأخير أستاذي ربيع الغالي إنّا معشر الدّيـ..،عفوا معشر البشرنكره كل خليفة..نحبّ خليفة..لا بدّ علينا من خليفة..لا بدّ لنا من خليفة..
                            تسلم،دمت بصحّة و عافية.
                            مدوّنة

                            فلكُ القصّة القصيرة

                            تعليق

                            • بسمة الصيادي
                              مشرفة ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3185

                              #15

                              فكرة زكية ومدهشة وهذا ليس جديدا عليك أستاذي ..
                              نص رمزي بامتياز...
                              فعلا نحن مع الأسف نعيش في مجتمع يشبه تلك الحظيرة..
                              أأسف على هذا التشبيه، لكن ما نعيشه من فساد جعل الصور تتقارب في ذهني ...
                              الدجاجات والإوزات ..والديوك الرومية ..يمثلون الشعب الجاهل، والغبي وأصحاب الأفق الضيقة...التي يستغلها أمثال ذلك الديك، والذي يرمز إلى الحاكم المستبد الذي يتبع سياسة التعتيم ليبقى شعبه غارق في ظلام الجهل ..
                              وتحلي الديك البني بنفص الصفات يدل على أنها خطة تنفذها السلالة الحاكمة ..(بشكل عام)
                              وفي الأخير اختفى ساطع كسابقه، وانتقل الحكم إلى الديك الصغير .. وظلال الجهل لا زالت تتوغل في تلك الحظيرة ....
                              استمتعت كثيرا هنا ...
                              ما أجمله من قلم هادف وطريف ...
                              باقات من الزهر لروحك
                              تحياتي
                              في انتظار ..هدية من السماء!!

                              تعليق

                              يعمل...
                              X