يذهب إلى قطعة أرض له بين الفينة والأخرى، كان يمر عبر طرق وأراض وعرة، كثيرة الحجارة والشوك، قليلة الشجر، نادرة الورد، يتلمس طريقه بصعوبة وحذر شديدين. السماء ملساء تزحلقت عنها كل الأمنيات ولم تبق له أي حظ إلا قرصا ملتهبا ينفث غضبه بقسوة لا يقيل ولا يستقيل، تناثرت هنا وهناك بعض الورود الباهتة تسلقتها بعض نباتات الشوك المتطاولة على الطريق الضيق لتدمي أقدام كل من يحاول المرور
أراد أن يستريح بعيدا عن ظلم الأشواك، تحت الشجيرة الوحيدة على تلة في أرضه، غذ السير إليها رغم الجروح والقروح التي بقدميه، جلس في ظلها، التقط أنفاسه وهو يحاول تنظيف جراحه ومداواتها
كانت المنطقة تعبق برائحة شذية تنعش الأرواح، ويداعب نسيم لطيف وجهه.. يجمع قطرات العرق عنه ويلقيها بعيدا
بحث عن سبب العطر الشذي المسكي، نظر خلفه في نفس ظل الشجرة فوجد وردة سئمت الحياة تنازع للبقاء بين جحافل الأشواك المحيطة بها
استغرب..
وردة يجرحها الشوك فتفيض عليه من روح عطرها!.. كم تمنيت الجلوس بقرب وردة كهذه! أشتم عبقها صبح مساء، أتعهدها بالحفظ والرعاية..
بدأ بإزالة الأشواك الشرسة من حولها، وكلما لمس واحدة بقصد إبعادها نفثت سمها في وجهه وأدمت يديه وقدميه، لكنه عندما لمح السرور والرضا باديان على محياها ، وعطرها كان يزداد قوة ونفاذية ، قرر تخليصها من كافة المتسلقين والمنتفعين من جمالها وروحها الطيبة.
في تلك اللحظات كان طيف راوده منذ سنين، حلما رآه على مدى الأيام، يتجلى أمامه حقيقة: نعم.. الحمد لله.. هي هي.. إنها هي.. تلك التي عاهدت نفسي- منذ سني البراعم- ألا أشتم غيرها؛ فهي التي تليق بي.. هي فقط..
جلس بقربها.. نظف كل القاذورات من حولها.. صار يزورها كل يوم، يستريح.. يلفظ تعبه بروعة جمالها وعطرها.. يحادثها فتستجيب وتهز رأسها، وتغدق عليه من روائع شذاها ما جعل روحه تداوي جروحها.. تنتعش من جديد كأنما شربت إكسير الحياة بعد أفول شمسها
مع الأيام اكتشف سحرها وعذوبتها، خاصة بعد انبلاج نبع صاف رقراق ماؤه كالزلال، من تحت نفس الشجرة التي ترعرت وأينعت، وفرشت أغصانها تظلل الوردة.. وراعيها
صار لا يطيق صبرا على فراقها؛ فكان ينهي عمله ويحضر لمجالستها ومحادثتها، وهي أيضا امتنعت عن بث عطورها إلا في حضرته، فكان الوجوم يظلهها حتى تراه قادما فيتهلل وجهها فرحا وتنشر عطرها، تهمس للنسيم اللطيف بأن يستقبله بالهبوب الجميل الذي يمسح عنه بقايا الحزن القديم والتعب اليومي
ذات يوم، أثناء ذهابه إلى وردته، اعترضه أحد تجار الزهور البرية، بدا عليه الصلاح والوقار، تعارفا تعارفا عاديا مجاملاتيا..
التاجر صار يظهر كل يوم في نفس الطريق، لكن.. إلى الأرض أقرب، دعاه للجلوس والمحادثة في ظل الشجرة، فوافق.. كان يتحدث ويكثر النظر إلى الوردة ويسأل أسئلة كثيرة حولها..
لم يدر بخلده إلا أن هذا الرجل فاضل وتاجر معروف، ولا يمكن أن تمتد يده إلى وردته، فالجبال والوديان التي يملكها مليئة بمختلف أنواع الزهور، وقص عليه بطيبة حكايته معها ومع الشجرة والنبع.
كان كل يوم يمر يراه إلى أرضه ووردته أقرب: لا بأس.. ليرى جمالها وليشتم عطرها فهو صديق فاضل، فقد أفادني بمعلومات مهمة عن العناية بالأرض وكيفية السير في وعورتها دون التعرض لجروح..
مع الأيام صار يراه جالسا تحت ظل الشجرة يحادث الوردة وهي خجلى منه كونه صديق راعيها.. صار يحادثها وهي صامتة.. وها هي تشيح بوجهها عنه.. يبدو أنه قال لها شيئا مخجلا، أو طلب منها أمرا لا يمكنها تنفيذه.. يمسك بها من ساقها، يحاول انتزاعها من أرضها وهي متماسكة متمسكة بجذورها
هيه! أنت أيها الصديق! ماذا تفعل؟ أهذا جزائي أني وثقت بك؟
أنا لا أفعل شيئا.. هي رجتني أن آخذها من هذا المكان السيء الذي لا يليق بها، إلى عوالم أكثر إشراقا ونقاء
لو أرادت الذهاب معك لسارت إليك..
دعها وإلا؟!..
أراد أن يستريح بعيدا عن ظلم الأشواك، تحت الشجيرة الوحيدة على تلة في أرضه، غذ السير إليها رغم الجروح والقروح التي بقدميه، جلس في ظلها، التقط أنفاسه وهو يحاول تنظيف جراحه ومداواتها
كانت المنطقة تعبق برائحة شذية تنعش الأرواح، ويداعب نسيم لطيف وجهه.. يجمع قطرات العرق عنه ويلقيها بعيدا
بحث عن سبب العطر الشذي المسكي، نظر خلفه في نفس ظل الشجرة فوجد وردة سئمت الحياة تنازع للبقاء بين جحافل الأشواك المحيطة بها
استغرب..
وردة يجرحها الشوك فتفيض عليه من روح عطرها!.. كم تمنيت الجلوس بقرب وردة كهذه! أشتم عبقها صبح مساء، أتعهدها بالحفظ والرعاية..
بدأ بإزالة الأشواك الشرسة من حولها، وكلما لمس واحدة بقصد إبعادها نفثت سمها في وجهه وأدمت يديه وقدميه، لكنه عندما لمح السرور والرضا باديان على محياها ، وعطرها كان يزداد قوة ونفاذية ، قرر تخليصها من كافة المتسلقين والمنتفعين من جمالها وروحها الطيبة.
في تلك اللحظات كان طيف راوده منذ سنين، حلما رآه على مدى الأيام، يتجلى أمامه حقيقة: نعم.. الحمد لله.. هي هي.. إنها هي.. تلك التي عاهدت نفسي- منذ سني البراعم- ألا أشتم غيرها؛ فهي التي تليق بي.. هي فقط..
جلس بقربها.. نظف كل القاذورات من حولها.. صار يزورها كل يوم، يستريح.. يلفظ تعبه بروعة جمالها وعطرها.. يحادثها فتستجيب وتهز رأسها، وتغدق عليه من روائع شذاها ما جعل روحه تداوي جروحها.. تنتعش من جديد كأنما شربت إكسير الحياة بعد أفول شمسها
مع الأيام اكتشف سحرها وعذوبتها، خاصة بعد انبلاج نبع صاف رقراق ماؤه كالزلال، من تحت نفس الشجرة التي ترعرت وأينعت، وفرشت أغصانها تظلل الوردة.. وراعيها
صار لا يطيق صبرا على فراقها؛ فكان ينهي عمله ويحضر لمجالستها ومحادثتها، وهي أيضا امتنعت عن بث عطورها إلا في حضرته، فكان الوجوم يظلهها حتى تراه قادما فيتهلل وجهها فرحا وتنشر عطرها، تهمس للنسيم اللطيف بأن يستقبله بالهبوب الجميل الذي يمسح عنه بقايا الحزن القديم والتعب اليومي
ذات يوم، أثناء ذهابه إلى وردته، اعترضه أحد تجار الزهور البرية، بدا عليه الصلاح والوقار، تعارفا تعارفا عاديا مجاملاتيا..
التاجر صار يظهر كل يوم في نفس الطريق، لكن.. إلى الأرض أقرب، دعاه للجلوس والمحادثة في ظل الشجرة، فوافق.. كان يتحدث ويكثر النظر إلى الوردة ويسأل أسئلة كثيرة حولها..
لم يدر بخلده إلا أن هذا الرجل فاضل وتاجر معروف، ولا يمكن أن تمتد يده إلى وردته، فالجبال والوديان التي يملكها مليئة بمختلف أنواع الزهور، وقص عليه بطيبة حكايته معها ومع الشجرة والنبع.
كان كل يوم يمر يراه إلى أرضه ووردته أقرب: لا بأس.. ليرى جمالها وليشتم عطرها فهو صديق فاضل، فقد أفادني بمعلومات مهمة عن العناية بالأرض وكيفية السير في وعورتها دون التعرض لجروح..
مع الأيام صار يراه جالسا تحت ظل الشجرة يحادث الوردة وهي خجلى منه كونه صديق راعيها.. صار يحادثها وهي صامتة.. وها هي تشيح بوجهها عنه.. يبدو أنه قال لها شيئا مخجلا، أو طلب منها أمرا لا يمكنها تنفيذه.. يمسك بها من ساقها، يحاول انتزاعها من أرضها وهي متماسكة متمسكة بجذورها
هيه! أنت أيها الصديق! ماذا تفعل؟ أهذا جزائي أني وثقت بك؟
أنا لا أفعل شيئا.. هي رجتني أن آخذها من هذا المكان السيء الذي لا يليق بها، إلى عوالم أكثر إشراقا ونقاء
لو أرادت الذهاب معك لسارت إليك..
دعها وإلا؟!..
تعليق