مسابقة قراءة في كتاب عن شهر أيول (سبتمبر) 2010

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    مسابقة قراءة في كتاب عن شهر أيول (سبتمبر) 2010

    [frame="1 10"]
    مسابقة " قراءة في كتاب الشهريّة "

    إعلان لمن يهمّه الأمر

    مع استمرار النجاح الذي حققته المسابقة في شهري تموز(يوليو) وآب (أوغسطس)
    وفوز كل من الأستاذ محمد يوب والأستاذة نجية يوسف بوسام القراءة والمطالعة
    يعلن ملتقى "القراءة والمشاهدة" عن مسابقته الشهرية لأفضل قراءة في كتاب
    لشهر سبتمبر (أيلول) 2010
    يقوم المشترك باختيار كتاب أعجبه من مكتبته
    يلخّص لنا ما قرأ.. ويسجّل لنا انطباعه الشخصي ورأيه..
    دون أن يغفل تقديم نبذة تُعرّف بالكاتب..

    تبدأ المسابقة وتقديم القراءات ابتداءً من اليوم وينتهي التقديم في اليوم العشرين من الشهر الجاري.. لنفتح باب التصويت الذي يستمر إلى آخر الشّهر..

    يحصل الفائز الأوّل على وسام ملتقى "القراءة والمطالعة"



    شروط المسابقة:

    1- أن تكون القراءة خاصّة المتسابق ومكتوبة بلغة عربية سليمة
    2- أن لا تكون منقولة
    3- أن تكون غير منشورة من قبل في أيٍّ من وسائل النّشر وأن تقدّم خصّيصًا لملتقى الأدباء والمبدعين العرب.. وأن لا يتم نشرها في أي وسيلة إعلاميّة أخرى إلاّ بعد مرور أسبوع من نشرها في الملتقى
    4- تقدّم القراءات هنا في هذا المتصفّح.. ننقلها بعد ذلك عند التّصويت لمتصفّحٍ خاص

    هدا والله وليّ التوفيق
    رئيس ملتقى القراءة والمطالعة
    ركاد أبو الحسن
    [/frame]

  • ركاد حسن خليل
    أديب وكاتب
    • 18-05-2008
    • 5145

    #2
    [frame="1 70"]
    كل عام وأنتم بخير
    في انتظار مشاركاتكم
    تقديري ومحبتي
    ركاد أبو الحسن
    [/frame]

    تعليق

    • ركاد حسن خليل
      أديب وكاتب
      • 18-05-2008
      • 5145

      #3
      [frame="1 70"]
      كل عام وأنتم بخير
      في انتظار مشاركاتكم
      تقديري ومحبتي
      ركاد أبو الحسن
      [/frame]

      تعليق

      • نجيةيوسف
        أديب وكاتب
        • 27-10-2008
        • 2682

        #4
        [align=center]

        السلام عليكم ورحمةالله وبركاته

        أستاذي ركاد

        أولا وآخرا وقبل كل شيء لك كل آيات الشكر على متابعة الجهد والمثابرة .

        جعل الله تعبك هذا في ميزان أعمالك .

        وأما ثانيا فيا حبذا لو تابعت التنويه والإعلان بين الفينة والأخرى على شريط الإهداءات عن هذه المسابقة ، فبرغم شبه معرفة الجميع بها إلا أن التذكير كما تعلم له في النفس ماله من شحذ الهمم وإيقاظ السبات .

        ومن هنا أجدني محملة بجميل عليّ رده لك حين كانت مسابقتك هذه سببا في عودة روح حب القراءة إلى نفسي ، كما هو جميل أعتز به وأراه فخرا لي حين حظيت بتصويت كل من منحوني اصواتهم الكريمة . وإن كنت أعمم شكري للجميع لكنني أجد حقا عليّ التنويه بأستاذي الكريم الموقر محمد فهمي يوسف الذي أعتز برأيه وصوته الذي منحنيه في كلا المسابقتين السابقتين .

        وإنني إن شاء الله أنوي قراءة كتاب ثالث وإن لم يكن بغرض فوز أو مجرد المشاركة ، لكنها رغبة مني في أن أواصل معكم المسيرة وأقضي وقتا بين دفتي حبيب لا أمله ولا يملني ، وأدعو الله أن يكون من خلال قراءتي له وعرضي له ما يفيد غيري إن قرأ .

        أدعو الله أن ييسر لي القدرة على المشاركة هذه المرة ومنحي الوقت والعافية للمتابعة .

        لك كل الشكر وكل آيات التقدير والامتنان .

        ودم بخير أبدا

        [/align]


        sigpic


        كلماتنا أرواحنا تهمي على السطر

        تعليق

        • عبد المجيد العابد
          عضو الملتقى
          • 12-07-2010
          • 40

          #5
          السلام عليكم
          يشرفني أن أشارك بموضوع"التحليل السيميائي لرواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ"
          الموجود على الرابط الآتي:
          http://www.elaphblog.com/laabid أصبح من الشائع اعتبار السيميائيات(Sémiotique)عند المهتمين بهذا الحقل المعرفي علما موضوعه دراسة العلامات، والعلامة، كما حددها بورس( CH.S.Peirce)، كل شيء يحل محل شيء آخر ويدل عليه، سواء كانت علامة لفظية أم علامة غير لفظية، طبيعية أم اصطناعية؛ هذا بالرغم من أن أمبرطو إيكو(U.Eco)ذهب إلى أن موضوع

          التحليل السيميائي لرواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ



          [align=justify]

          أصبح من الشائع اعتبار السيميائيات(Sémiotique)عند المهتمين بهذا الحقل المعرفي علما موضوعه دراسة العلامات، والعلامة، كما حددها بورس( CH.S.Peirceكل شيء يحل محل شيء آخر ويدل عليه، سواء كانت علامة لفظية أم علامة غير لفظية، طبيعية أم اصطناعية؛ هذا بالرغم من أن أمبرطو إيكو(U.Eco)ذهب إلى أن موضوع السيميائيات ليس العلامة، وإنما الوظيفة السيميائية، وهو في ذلك يستند إلى يلمسليف (Hjelmslev)في هذا التوجه.
          ارتبطت السيميائيات ابتداء بالعالم الأمريكي تشارلز سندرس بورس من خلال كتابه "كتابات حول العلامة"، وهو عبارة عن محاضرات لبورس جمعت بعد وفاته؛ فقد أرسى قواعدها منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، جعلها مناط دراسة التجربة الإنسانية عامة، منطلقا بالأساس من اعتبارها محرك باقي العلوم الأخرى، سواء كانت علوما إنسانية أم غير ذلك، وبورس إذ يراها كذلك، ينطلق من إبدالات نظرية أملتها التخصصات المتعددة التي أقام عليها نموذجه النظري السيميائي(الرياضيات والمنطق والفيزياء...). وفي الوقت نفسه الذي كان يبني بورس فيه هذا النموذج النظري، افترض اللساني السويسري فرديناند دوسوسور(F.De Saussure) وجود علم جديد سماه السيميولوجيا(Sémiologie)، سيكون جزءا من علم النفس العام، وسيدرس كل العلامات الدالة التي لا تدرس اللسانيات إلا اللفظية منها، حيث تعنى أساسا باللسان، وستكون اللسانيات بذلك ضمن علم أشمل هو السيميولوجيا.
          وقد أدى الاختلاف في الإبدالات النظرية التي يستند إليها كلاهما إلى اختلافهما في البناء التصوري لهذا العلم الجديد استقبالا، لأن كل واحد منهما ينطلق من أسس إبستيمولوجية مختلفة، فبورس منطقي رياضي فيزيائي، أما دوسوسور فلساني، كان اهتمامه الرئيس بلورة علم للغة متأثرا بعلم الاجتماع خصوصا، وهذا ما يبرر اختلافهما في العلامة الموضوع نفسها، فهي ثلاثية عند بورس(مأثول يحيل إلى موضوع عبر مؤول) ثنائية عند دوسوسور(دال أو صورة سمعية، ومدلول أو صورة ذهنية). فلا ضير إذا في نعت هذا العلم بالسيميولوجياوفقا للتصور السوسوري، باعتباره منتجا فرنسيا، أو وسمه بالسيميائيات استنادا إلى بورس؛ لكن يبقى هذا الاختلاف في التسمية اليوم شكليا.
          تعددت اتجاهات النظرية السيميائية، واختلفت نماذجها، وأطرها المرجعية بحسب التحاقل المعرفي الذي شهده هذا العلم خصوصا في أواسط القرن الماضي، بموازاة تطور مجموعة من العلوم التي تفاعلت معها السيميائيات تأثيرا وتأثرا، إذ يمكن الحديث عن سيميائيات التواصل(بويسنس Buyssens وبرييطو PrietoومونانMounin وسيميولوجيا الدلالة (رولان بارت Roland Barthes)، التي أخذت على عاتقها دراسة الأنساق الدالة غير اللفظية من خلال الاستثمار المتميز للمصطلحات اللسانية (الدال، والمدلول، والتقرير، والإيحاء، والشكل، والمحتوى...)، وسيميائيات الثقافة مع الإيطالي أمبرطو إيكو (U.Eco)وغيره، ثم السيميائيات البصرية، وسيميولوجيا الأشكال الرمزية، ومدرسة باريس السيميائية (السيميائيات السردية) مع رائدها اللتواني الأصل ألجرداس جوليان غريماص (A.J.Greimas) وأتباعه: جوزيف كورتيس (J.Courtés) وجون ماري فلوش(J.M.Floch)وجاك فانطاني (J.Fantanille) وغيرهم.
          تبلورت نظرية السيميائيات السردية(Sémiotique narrative) منذ كتاب مؤسسها الأول غريماص"الدلالة البنيوية"(1966)، حيث أرسى أولى قواعدها، لكن توالت النماذج السميائية بعد ذلك بدءا من: "في المعنى"(1970) وفي المعنى II(1982)، ثم المعجمين السميائيين اللذين أنجزهما بالاشتراك مع تلميذه جوزيف كورتيس وغيرها.
          عرف هذا الاتجاه المعرفي بالمدرسة الفرنسية (مدرسة باريس السميائية)، أسست نموذجها النظري ابتداء على الخرافة والحكاية الشعبية، مستثمرة العمل الهام لفلاديمير بروب(V.Propp)في"مورفولوجية الخرافة"، ثم استدراكات ليفي ستروس (C.Levistraus) وغيرهما، لتنفتح المدرسة بعد ذلك على حقول معرفية أخرى، مثل سميائيات الأهواء مع جاك فونتاني، ونظرية الكوارث مع روني طوم (R.Thome) وجون بيتيتو كوكوردا،(J.P.Cocorda) ومفهوم التناظر(Isotopie) مع فرانسوا راسيتي(F.Rastier) وغيرهم؛ وقد أغنت هذه الإبدالات النظرية السيميائية السردية، وجعلت منها إطارا حاضنا لنصوص ذات أبعاد مختلفة اجتماعية وسياسية ودينية.
          وهذا التوجه الأخير هو الذي نتبناه في تحليل رواية "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ، لكن هذا لا يعفي من الاستفادة من توجهات سيميائية أخرى في التحليل،وسنحاول استنادا إلى ذلك استثمار مقتضيات وإجراءات السيميائيات الغريماصية، التي تضع في صلب اهتمامها الرئيس دراسة شكل الدلالة في كل الخطابات السردية بحثا عن المعنى، علما أن مؤسسها يرى أن السردية تحضر في كل الأفعال والخطابات الإنسانية بكامل تمفصلاتها، سواء تعلق الأمر بالرواية أم بالقصة أم بالصورة، وهلم جرا. وبناء على ذلك سيتخذ تحليلنا السلمية الإجرائية الآتية:
          1- في عتبات النص
          ينظر إلى الغلاف في النظرية السيميائية، خصوصا مع أعمال فانتاني الأخيرة، بوصفه لوحة (Tableau) ضمن معمار النص، تشتغل باعتبارها صفحة تتميز عن الصفحات المشكلة للنص المتن بطابعها الدلالي الأيقوني، وبتنظيم العلامات البصرية بكيفية تجعلها ترسخ(Ancrage) المتن النصي بأكمله، وتبرز كيف يأتي المعنى إليه.
          يخضع معمار النص (Architecture de texte) من حيث تحديده، وطريقته في التدليل والاشتغال، إلى الجهاز النظري الذي يروم دراسة النص، أي مختلف المفاهيم الإجرائية التي تحدد المنهج الذي تتبناه النظرية بوصفها جهازا واصفا، له كفاياته المخصوصة، وطريقته في الاستدلال عموما؛ ويختلف المعمار من هذا المنظور باختلاف الإطار النظري الذي يستند إليه في التحديد، ومن تم فهو، منظورا إليه من وجهة سيميائية سردية، يحدد باعتباره تركيبا للنص، أي بوصفه لوحة تنتظم فيها المعطيات البصرية، والمعطيات اللسانية، بشكل يجعل من اندماج النسقين اللفظي والبصري أمرا واردا ومهما في بناء النسق الدلالي العام.
          إن التساؤل حول المعنى، عن طبيعته، وعن شروط إنتاجه في علاقته بالنص، هو تساؤل عن طبيعة التدليل نفسه، أي الكيفية التي يأتي بها المعنى، مادام النص يشتغل بوصفه تدلالا(Sémiosis)، ويقصد به السيرورة التي يحيل من خلالها المأثول على الموضوع عبر مؤول بحسب الطرح البورسي(نسبة إلى تشارلز سندرس بورس).
          تنتظم الغلاف مجموعة من العلامات البصرية الأيقونية(Iconiques) والتشكيلية(Plastiques)، والعلامات اللسانية(Linguistiques). يقع في أعلى اللوحة اسم كاتب الرواية نجيب محفوظ، وفي وسطها يدان ممدودتان؛ في اليد اليمنى منهما مسدس مصوب، وأمام هذه العلامات كلبان بلون أسود، لكنهما يوجدان في خلفية الصورة أو عمقها(Fond)، وفي أسفل الصورة على اليمين امرأة تلبس لباسا شفافا يكشف عن أسارير جسدها، وتضع في فمها أحمر الشفاه، كما أنها تحمل علبة تحيل إلى الهدية، ويوجد في أسفل الغلاف على اليسار عنوان النص "اللص والكلاب" كتب بلون أبيض، وبخط منحرف تماما، توجد اليدان في الأعلى، وكأنهما فوق عمارة، بينما ترزح المرأة بحركتها الملتوية تحت هاتين اليدين.
          هذا كل ما يقوله المؤول المباشر لهذه العلامات البصرية واللسانية، وهذا ما لا يرتضيه الذهن السيميائي المحلل، إننا وقفنا فقط عند حدود ما تقوله هذه العلامات في صورتها التقريرية(Dénotatif)، لكنه لا يسعف في استكناه دلالات الغلاف إلا باستدعاء مؤول دينامي، ننتقل بوساطته من المعاني المباشرة إلى المعاني الإيحائية(Connotatives)، إذ نستدعي تجربة جانبية سابقة في الوجود والاشتغال عن ما هو متحقق نصيا، وهي الكفيلة بتناسل المعنى وطرحه لمتاهات التأويل.
          فلا يمكن سبر أغوار دلالات الغلاف المائعة والدفع بمعانيها نحو ساحة التداول إلا باستدعاء هذا المؤول، بحسب المفهوم البورسي للتأويل، هو بمثابة مؤول ثان غير مباشر كفيل بالانطلاق في متاهات التأويل إلى حدود الرسوخ عند مؤول نهائي باعتباره نهائيا داخل التدلال.
          يرى رولان بارت(Roland Barthes) في هذا الصدد أن الصورة تقرأ على شكل z، وهي في ذلك تتبع سيرورة العلامات اللسانية، وبارت في ذلك يقصد اللغة الفرنسية التي تتجه في كتابتها من اليسار إلى اليمين، لكن نحن في اللغة العربية نقرأها إذا بالعكس على شكل s.
          يوجد في الأعلى اسم الكاتب نجيب محفوظ، لماذا كتب بلون غير بارز، ومن دون أي حلية مثل "الدكتور"؟ إن الأمر يتعلق بنمط نموذجي(Prototype)، بتعبير روش(Rosch)، فمحفوظ أكبر من أن يحلى أو يكتب بلون بارز، إذ هو أشهر من تضاف إليه اللغة الكرافية(Graphique)، لذلك كتب بخط غير بارز مادام اسمه سابق لنصه.
          وتمتد في وسط اللوحة يدان، في اليمنى منهما مسدس مصوب، فلماذا اختفى صاحب المسدس؟ ولماذا المسدس مصوب نحو الفراغ؟ وما علاقة الكلبين الموجودين خلف الصورة بتصويب المسدس؟
          تلك أسئلة تنقدح انقداحا على الذات السيميائية القارئة للصورة، وتجعل القارئ يربط الظاهر بالباطن والكائن بالممكن والمحال، إن غياب صاحب المسدس غياب للتبئير(Focalisation)، وغياب للتحديد أيضا، لأن الأمر مرتبط بشيء مشين ابتداء، فاللص يتخفى عن الأنظار لأنه يعي بما يفعل، وكان بإمكانه استبدال القناع بالتخفي، فغيابه رهين بغياب أهلية العامل الذات/اللص، غياب للتنظيم، وكأن هذا اللص لا يدري هدفه أو موضوع القيمة(Objet de valeur)بالنسبة إليه بوصفه عامل ذات(Sujet) ، يطلق رصاصه نحو الفراغ، كما أن الرصاصة لن تصل إلى الكلبين الموجودين أمام المسدس، بقرينة أن المسدس مصوب إلى العدم.
          لماذا يحضر الكلب باللون الأسود؟ ولماذا هما اثنان وليس أكثر؟ إن الأسود في الثقافة المصرية مرتبط بالحداد والخيانة والتشاؤم، وفي ذلك نستحضر أن دلالات الألوان تخضع للمعيار الأنتروبولوجي أكثر من غيره، كما وضحت ذلك دراسات سيميائية مهمة، كدراسات كاندنسكي(Kandinsky) وإيتن(Itten) وكوكيلا(Coucula) ومجموعة مو(Groupeµ) البلجيكية.
          إن الكلب، استنادا إلى هذه المعطيات، سينصرف عن مدلولاته الحيوانية المتعلقة بالألفة والوداعة والوفاء، ليفيد الكون القيمي المرتبط بالكلب الإنساني، الذي من سماته المميزة(Traits distinctives)، بالتعبير الياكوبسوني(Jakobson)، العربدة والخيانة والمكر والخديعة، فمن يكون هذان الكلبان الإنسانيان إذن؟
          إذا كان اللص الذي يرمي بالمسدس نحو الفراغ هو "سعيد مهران" العامل الذات بلا شك، فالكون القيمي للكلب الإنساني لا ينطبق إلا على شخصيتين اثنتين/عاملين اثنين في الرواية، هما "رؤف علوان"، و"عليش سدرة"، لأنهما خانا معا "سعيد مهران" مع زوجه "نبوية"، إنه إذن يصوب نحوهما لقتلهما انتقاما لشرفه، واعتدادا بكرامته، وإكبارا لمروءته؛ فغيابه عن الأنظار مرتبط إذا بعدم تحقيق الرغبة، مما يحيل تلقائيا إلى فشل البرنامج السردي(Programme narratif)، وعدم حصول العامل الذات على موضوع القيمة نهاية: القتل.
          تدل صورة المرأة الموجودة أسفل الغلاف من خلال شكلها الخارجي (شفاه حمراء، قد ممشوق، لباس كاشف كلبسة المتفضل...)، وكذلك الشيء الذي تحمله، والزمان الليلي، تدل كل هذه البديهيات المزيفة، حسب بارت، على كون نسائي مخصوص مرتبط ببائعات الهوى، تمثله في النص "نور" خليلة "سعيد مهران"، وهي وإن كانت تمثل الرذيلة، فقد وجد فيها البطل المأساوي سعيد ملاذه. فكيف يتغير مجتمع تختفي فيه المروءة حتى تغدو فيه المومسات حاضنات، وكريمات، وصانعات للخير؟
          إن هذه التناقضات التي حبلت بها نتائج ثورة يوليوز1952 في أم الدنيا، الثورة التي كانت أقوالها أقوى لها وأفعالها أفعى لها، تختزلها الرواية في البناء الرمزي للنص، سواء من خلال التداعيات أم من خلال علاقات العوامل(Actants) فيما بينها.
          فشل صاحب المسدس في درء الخيانة واسترجاع ابنته، ومن ثم أصبح بطلا مأساويا بامتياز، لأنه اختار الحل الفردي في ذلك، وأصبح ينظر إلى الناس جميعهم بوصفهم خونة إلا ابنته "سناء"، وهذه سبيل غير مجدية في مجتمع متناقض.
          يرزح في أسفل الغلاف على يسار اللوحة" اللص والكلاب" عنوان الرواية، والمشة التي تقدم للقارئ حتى يزدرد النص، هي علامة بصرية تشكل النسق اللساني الذي يحد من تعدد دلالات (Polysémie) الصورة، وهذه العلامة اللغوية هي بمثابة ترسيخ(Encrage) للنص بأكمله.
          إن الأمر يتعلق إذا بلص "سعيد مهران"، وكلاب تدل أحيانا على الكون القيمي الإنساني فتحيل إلى الكلاب الإنسانية التي تحبل بها الرواية (رؤوف علوان، عليش سدرة، المخبر، بياظة....)، وأحيانا تدل على الكلب الحيواني، فتتعلق بكلاب البوليس التي طاردت سعيد مهران بعد خروجه من السجن، وقتله لشخصين بالخطأ عندما أراد في الأولى قتل "عليش" وفي الثانية قتل "رؤوف".

          2- تقطيع النص الروائي
          يعد تقطيع النص عملية إجرائية مهمة بحسب مقتضيات المنهج السيميائي السردي، فالتقطيع هو السبيل الوحيدة في فهم النص والأخذ بتلابيب تشكل دلالاته، وكل مقطع سردي قادر أن يكون لوحده حكاية مستقلة بذاتها، كما يمكنه أن يدخل ضمن حكاية أوسع؛ يرتبط تقطيع النص، حسب غريماص، بمعايير أهمها: الفضاءات النصية، والثيمات المتتالية في تناسل خطاب النص، والمكونات الخطابية المختلفة مثل: التزمين، والتفضيء، وبنية الممثلين، وكل ما من شأنه أن يضيء دلالة الخطاب، ويخلق آثار معنى يسهم متضافرا في بناء دلالة النص.
          نشير من خلال المحددات السالفة للمقطع إلى وجود ثلاثة مقاطع رئيسة في النص مناط التحليل، يمكن تقسيمها وفق ما يلي:
          - المقطع الاستهلالي: يرتبط بخروج "سعيد مهران" من السجن عفوا بمناسبة عيد الثورة الرابع إلى رجوعه من البيت ذي الأدوار الثلاثة بـ"عطفة الصيرفي"، حيث كان يريد استرجاع ابنته "سناء" وكتبه والانتقام من غريمه "عليش سدرة" وزوجه "نبوية" اللذين خاناه بعد دخوله إلى السجن. وهو مقطع يتضمن برنامجا سرديا فاشلا، حيث لم يسترجع مهران ابنته التي نفرت منه، ونكرته وأوجست منه خيفة؛ وقد حاول سعيد تبديد فشله باستعادة كتبه رغم تفاهتها لكي يبين للحاضرين بأنه ليس، كما يحسبونه، لصا؛ إن هذا المقطع الاستهلالي يشكل بداية لإخفاقات سعيد مهران المتتالية.
          - المقطع الوسطي: تتخلل هذا المقطع مجموعة من تداعيات "سعيد مهران" كسرت الترتيب المنطقي للأحداث، كتذكره، وهو في مقام الشيخ "علي الجنيدي"، لطفولته وللطريقة التي مات بها والداه، وتذكره للأيام الخوالي مع "نبوية"، وتقديره السابق لـ"رؤوف علوان" الذي كان بمثابة أستاذ له"علي أن أبدأ الحياة يا أستاذ علوان" ص27.
          تعرف "سعيد" من خلال جريدة الزهرة أن "علوان" صحافي بها، لكن بعدما نكره أيضا أصبح يفكر في سرقته ثم قتله، مادام تخلى عن أستاذيته، وكل المبادئ التي كان يؤمن بها، ويشبعها سعيد مهران، فقد أصبح من المستفيدين من ثورة الضباط الأحرار" قمة النجاح أن يقتلا معا، نبوية وعليش. وما فوق ذلك يصفى الحساب مع رؤوف علوان، ثم الهرب، الهرب إلى الخارج إن أمكن" ص59.
          وبعد ذلك أصبح سعيد مهران متسللا في بيت "نور" المومس التي حضتنه، وأخفته، لا يخرج إلا ليلا لابسا بذلة بوليسية، كانت قد أخاطتها له بنفسها قناعا، وأصبح رهين مطاردة البوليس وكلابهم، بعدما فشل في قتل عليش سدرة وعلوان، ففي المرة الأولى أصاب "شعبان" (بالمسدس الذي اقتناه من "المهرب" بمقهى طرزان) الذي سكن بيت عليش بعدما غادره خوفا من اقتفاء سعيد مهران له، وفي المرة الثانية قتل حارسين لرؤوف.
          - المقطع النهائي: يرتبط باختفاء سعيد مهران في بيت "نور"، فبعد أن خرج يوما إلى مقهى "المعلم طرزان"، رجع لتوه ولم يجد نورا، جاءت صاحبة البيت تطلب تسديد الإيجار، فاضطر سعيد إلى مغادرة البيت في منتصف الليل خائفا يترقب، قاصدا الشيخ "علي الجنيدي"، ليتبين له أنه نسي البذلة في بيت نور، فكر راجعا إليها، وإذا به يجد صاحب البيت، ثم رجع هاربا إلى مقام "الشيخ علي الجنيدي، لا يعقب ولا يلوي على شيء، كانت الليلة ليلة ذكر، وفجرا سمع بخبر حصار الحي، ليخرج هاربا نحو المقابر، فتمت مطاردته، حاول المقاومة، لكنه انتهى إلى الاستسلام.

          3- المسار التوليدي للنص
          إن ضبط المسار التوليدي لكل نص بغية البحث في تشييد دلالاته، والكيفية التي يأتي بها المعنى إلى النص استنادا إلى البناء النظري السيميائي الغريماصي يخضع ضرورة لتتبع المسار التوليدي السيميائيات السردية، بدءا بالبنية الخطابية التي تعد، كما يراها غريماص وأتباعه من المدرسة الفرنسية، بنية متجلية متمظهرة، وهي بذلك البنية الأخيرة في سلمية المسار التوليدي عينه. ثم ننتقل إلى تحليل الرواية استنادا إلى البنية البينية بين المحايثة والتجلي، يتعلق الأمر بالبنية العاملية، وهي أساسا تحليل للحالات والتحولات في المسار السردي عموما؛ وأخيرا البنية الموغلة في التجريد المرتبطة ابتداء بالمربع السيميائي الذي يعد بنية منطقية أولية للدلالة.
          إن هذه السلمية المنتقاة في التحليل إجرائية، تفرضها طبيعة النص، فنحن لا ننتقل إلى ما هو موغل في التجريد إلا قبل المرور أولا عبر ما هو متجل متمظهر مؤنسن(Anthropomorphe)، وثانيا إلى ما هو بين التمظهر من جهة، والتجريد من جهة ثانية وفق المسار الآتي:
          3-1- البنية الخطابية
          تقوم البنية الخطابية على مكونين اثنين: المكون التركيبي والمكون الدلالي، إذ تعد هذه البنية بالأساس تجل للبنية السيميائية السردية وتحويلها إلى بنية خطابية بوساطة عملية التخطيب (Discursivation)؛ إن الخطاب نتيجة تحويل للأشكال المجردة. وتستند عملية التخطيب، في الانتقال من المجرد إلى المحسوس، إلى ثلاثة مستويات: مستوى صوغ الممثلين، ومستوى التفضيء، ومستوى التزمين.
          3-1-1- بنية الممثلين
          إذا كان العامل يتميز ببنيته التركيبية، فإن الممثل يتميز ببنيته الدلالية بالأساس، بوصفه وحدةمعجمية منتمية إلى الخطاب، وهو قادر أن يقوم بدور أومجموعة أدوار من خلال موقعه. إن الممثل على المستوى الخطابي هو بؤرة التحليل، لأن في برنامجه الخطابي2 (الذي يزين البرنامج السردي) يؤثر في انتقاء الأفضية (السجن، والبيت ذو الأدوار الثلاث، وعطفة الصيرفي، ومقهى المعلم طرزان، وقصر رؤوف علوان، ومقام الشيخ علي الجنيدي، وبيت نور، والمستشفى، والقرافة...) والأزمنة (فترة الطفولة، والشباب، وثورة الضباط الأحرار في يوليوز1952 وما بعدها، وأربع سنوات في السجن، والخروج من السجن...). وعموما يقوم الممثلون، (سعيد مهران، ونبوية، وعليش، ورؤوف علوان، ونور، وسناء، والكتب، وعلي الجنيدي، والمخبر، وطرزان، والمهرب، والكلاب، والبوليس، والبذلة، والمسدس...) بدورين هامين على المستوى الخطابي:
          - دور ثيماتي (Thématique)
          - دور تصويري (Figuratif)
          وللتمييز يرى جوزيف كورتيس (J.Courtés)3 أن البعد التصويري يعود إلى الحواس، أي إلى كل ما يدرك مباشرة من خلال المدركات الخمس، وهو بذلك قابل للمعاينة في العالم الخارجي؛ ويتحدد البعد الثيمي بوصفه كونا مجردا، أي: بصفته مضمونا لا رابط بينه والعالم الخارجي، وبعبارة أخرى لا وجود للشيء إلا من خلال النسخ المتولدة عنه. وينظر إلى البعد الثيمي بوصفه وجودا معايشا لقيم تولد ثيمات، لتتحول هذه الثيمات إلى سلوك، أي إلى معطى تصويري.
          أ- الدور التصويري: يقوم التصويري على سلمية محددة في التحليل
          - الصورة Figure) : تعد الصورة وحدة قارة تعرف من قبل نواتها الدائمة، والتي من خلالها تحقق الإمكانات بطرق مختلفة بصدد السياقات عبر مسارات سيمية (Parcours sémique). والصورة هي المعنى الذي يقدمه المدخل المعجمي(4. نجد بين أيدينا في النص صورا متعددة يمكن أن نجملها في كل العناصر التي لعبت أدوارا عاملية مخصوصة (سنشير إليها لاحقا)، ويمكن النظر إلى الصورة من خلال الذخيرة المتعلقة بحدود الإمكان، أي بمختلف الدلالات الممكنة لأي صورة قبل استعمالها، ثم من حيث الاستعمال، الذي يتعلق بتحقق هذه العوالم، أو بجزء منها؛ وعند تداخل هذه الكلمات، وارتباطها بعلاقات داخل تتابع الجمل، أمكننا دمجها في حقول:
          الحقل المعجمي: هو المجموع المكون من خلال الكلمات (اللكسيمات)، تصنفها لغة معينة من أجل تعيين التمظهرات المختلفة لفكرة أو موضوع أو تقنية ما: يمكن للحقل أن يتطابق مع اختبار التمظهر المحتمل للصور؛ إن الحقل المهيمن هنا هو الانتقام والمطاردة.
          - الحقل الدلالي: وهو مجموع استعمال كلمة في نص معطى، يقدم لهذه الكلمة حمولة دلالية: يمكن للحقل الدلالي أن يتعلق باختبار المسارات السيمية لصورة أو لتمظهر محقق لصورة، مثل الانتقام الذي قد يفيد في حدود الإمكان كل المعاني الواردة الدالة عليه، وعلى المطاردة سواء كانت حقيقية أم متخيلة، وذلك ما تبرره الصورة (الكلاب) إذ تفيد حينا الكلاب الحيوانية البوليسية، وتفيد حينا آخر الكلاب الإنسانية وغير ذلك.
          نلاحظ إذا أن اختبار الصور في ذاتها ولذاتها يظل قاصرا في التحليل السيميائي، لأن أي نص لا يتضمن صورا منعزلة، بل يشمل تعالقا بينها، يسمح بالانتقال من المعجم إلى التركيب، أي من الصور بوصفها وحدات معجمية إلى المسارات التصويرية (Parcours figuratifs) باعتبارها علاقات تركيبية جامعة بين هذه الصور، ومن تم الانتقال من البسيط إلى المركب من خلال البعد التحليلي للمستوى التصويري.
          - المسار التصويري:إن ترابط هذه الصور فيما بينها بشكل منسجم، وديناميتها بصفة متناظرة5 يولد مسارات تصويرية متجلية في المقاطع السردية التي أشرنا إليها سالفا. إننا هنا أمام برنامج منتظم ومنسجم، مما يخول لنا القول إن المسارات التصويرية تلبس وتزين البرامج السردية على المستوى السطحي، وتبين كيف تتجلى البرامج السردية على مستوى الخطاب6.
          رأينا سالفا أن المسارات السيمية تولد الصور، والصور في تعالقها المتناظر تولد مسارات تصويرية، ومنه توجد عناصر ربط واضحة داخل النص بين هذه المسارات، تبدأ بخروج سعيد مهران من السجن وتتوسط بالجرائم والمطاردة وتنتهي بالاستسلام.
          - التشكلات الخطابية: نجد بين هذه المسارات الواردة في النص نقط التقاء مشتركة، يمكن أن نجمعها في تشكلات خطابية، حيث تظهر التشكلات الخطابية(Configurations discursives) بوصفها مجموع دلالات محتملة قابلة لأن تكون محققة عبر مسارات تصويرية متمثلة في الانتقام والمطاردة والاستسلام . نجمل إذا ما قلناه عن البعد التصويري في ما يلي:


          مستوى خطابي
          مستوى لكسيمي

          جهة الإمكان
          تشكلات خطابية واردة من قبل قاموس الخطاب
          صور لكسيمية واردة من قبل قاموس جملي
          جهة التحقق
          مسارات تصورية محققة في الخطاب
          مسارات سيمية محققة في جمل
          يمكن من خلال الجدول تقسيم البعد التصويري إلى مستويين اثنين: مستوى لكسيمي يقوم على الوحدات المعجمية التي تتكفل بها الحقول الدلالية والحقول المعجمية، نميز فيها بين جهة للإمكان، أي ما يمكن أن يتحقق، وجهة للتحقق، أي ما ندركه متحققا فعلا عبر المسارات السيمية، والصور والمسارات التصويرية؛ ثم مستوى خطابي يتعلق بجماع المسارات التصويرية الناظمة للتشكلات الخطابية، من خلال الإمكان أولا، ثم من خلال التحقق ثانيا.
          ب- الدور الثيماتي
          يقوم تحليل جماع ما هو محقق نصيا من خلال المسارات التصويرية إلى أنواع من الأدوار الخطابية يمكن تسميتها بالأدوار الثيماتية، فإذا كنا نرى أن الأدوار العاملية التي يقوم بها عامل في المستوى السردي السطحي، تختزل إلى دور عاملي محدد، فإن المسارات التصويرية التي يتفاعل معها الممثل يمكن أن تختزل وتستثمر دلاليا في أدوار ثيماتية. والثيمات الثلاث المهيمنة، كما أشير إلى ذلك، هي الانتقام والمطاردة والاستسلام المرتبطة بالخيانة، والنكران، والحرية المسترجعة، وتطبيق القانون الزجري.
          نلاحظ أنه إلى حد الآن نتحدث عن مسارات غير محددة بتخوم، مما يفرض علينا إجرائيا الحديث عن التفضية والتزمين المرتبطين إلى جانب الممثل بالتركيب الخطابي.
          3-1-2- التفضية والتزمين في النص
          يرتبط التزمين التفضيء(Spatialisation et temporalisation) في النص من خلال إجراءين أساسين هما: الاندماج واللااندماج(Débrayage/Embrayage)
          يمكن النظر إلى اللاندماج بوصفه عملية تسند انطلاقا من انحلال محفل التلفظ، الذي يحدد في "الأنا والهنا والآن". 7 والاندماج هو العملية التي تعود بنا إلى محفل التلفظ. ومنه نتحدث عن لاندماج ممثلي (أنا، لا أنا)ويمكن أن نلاحظه عبر إشاريات حضور السارد أو غيابه عند تداعيات "سعيد مهران"، حيث ينحل محفل التلفظ، فنكون أمام لااندماج ممثلي، حيث يتكفل السارد بالحديث عن الشخصية، وهذا النوع هو المهيمن في النص، فالسارد ذو معرفة كلية، يسرد بضمير الغائب، مطلع على كل شيء، بما في ذلك بواطن الشخصيات مثل البطل المأساوي "سعيد مهران".
          أ- اللاندماج الفضائي - الزماني
          يبعد هذا اللاندماج الفضاء والزمان خارج محفل التلفظ، ونعبر عنه بـ(هنا، لا هنا) حيث يتوارى، ويحل محله الزمان - الفضاء الآخر. ومفاد ذلك أن الذات المتلفظة، تتحين داخل فضاء وزمان مخصوصين، وتتحدث عن وقائع خارج محفل التلفظ، تمثل هذا الانحلال في محفل التلفظ تداعيات سعيد، حيث إن زمن الحكاية يبدأ مع خروجه من السجن، لكن السارد يستبطن الشخصية الرئيسة لسرد أحداث وقعت قبل السجن عن طريق الاسترجاع والتداعي، باعتماد الفعل الدال على المضي "وعقب شهرمن الحادث ماتت الأم في قصر العيني. وطيلة احتضارها ظلت قابضة على يدك وتأبى أن تحول عنك عينيها. غير أنك في غضون شهر المرض سرقت..."ص90
          وداخل الفضاءات والأزمنة نتحدث عن المحلاتية(localisation)والتضمين (Emboîtement)، كما هو الحال في إدخال فضاءات جزئية في أخرى كلية.
          ب- توزيع الفضاءات والأزمنة
          إن المسار الذي يعتري تسلسل الأحداث التي يقوم بها الممثل، والتي تحدد دينامية الخطاب عبر مسارات، توازيه سلمية في تحديد الفضاءات والأزمنة، حيث يبتدئ بالزمان-الفضاء المنبع (Espacetemps source الذي يعد نقطة انطلاق البحث عن موضوع القيمة، وهو هنا السجن في السنة الرابعة من ذكرى عيد الثورة في مصر، ثم الزمان-الفضاء الهدف (Espace- temps cible)، أي الزمان- الفضاء الذي يحصل فيه البطل على موضوع القيمة، أو لا يحصل عليها، وهو هنا في الرواية "القرافة" التي استسلم فيها "سعيد مهران" في مقابرها، فلم يحصل على موضوع القيمة نهاية.
          غير أن الانتقال من الأول إلى الثاني لا يتم إلا عبر فضاء-زمان وسيط (Espace tempsmédiateurوهو فضاء-زمان الفعل الإنجازي (بين السجن والقرافة 1956). ويشمل فضاءات وأزمنة مساعدة، فالفضاءات والأزمنة المساعدة كانت هي: بيت نور، ومقام الشيخ علي الجنيدي، والبيت ذو الأدوار الثلاثة، ومقهى المعلم طرزان، والليل... ثم فضاءات وأزمنة معاكسة كفضاء السجن، والقرافة، والمقابر، والفجر... ويمكن صورنتها وفق ما يلي:9
          فضاء مساعدفضاء معاكس
          3- 2- البنيات السيميائية السردية
          3 -2-1- المكون السردي السطحي
          إن الانتقال من البنية المتجلية خطابيا إلى مابين المحايثة والتجلي يتطلب إجراء يحدد هذا التمفصل بين الخطابي والسردي؛ وهذا الإجراء يمر عبر الدورين المختلفين اللذين يلعبهما الممثل، وهما: الدور العاملي بوصفه عاملا على المستوى السردي السطحي، والدور الثيماتي في علاقته بالبنية الخطابية، في الأولى ينظر إليه بوصفه عاملا، وفي الثانية ينظر إليه باعتباره ممثلا؛ إن موقعه إذا بين بين.
          يقدم النص على مستوى البنية العاملية بوصفه سلسلة من الحالات ((Etats والتحولات (Transformations)، جعلت غريماص يقر أن السردية (Narrativité) توجد في كل الأنساق الدالة؛ تتعلق الحالات بالكينونة(Etre) وتعود التحولات إلى الفعل والظهور((Paraître.
          يفرض هذا الاختلاف وجود ملفوظين مختلفين: ملفوظ حالة (Enonce d’état) يتعلق بالعلاقة بين الذات(Sujet) والموضوع(Objet)، ونرمز له ب (ذ-م) وملفوظ الفعل (Enonce de faire)، يرتبط بالتحول في هذه العلاقة إما اتصالا أو انفصالا، يلزم من ذلك ملفوظين للحالة:
          - ملفوظ حالة اتصال(Conjonction): يكون العامل الذات متصلا بالعامل الموضوع، نرمز للاتصال بالرمز حيث ع ذ ع م.
          - ملفوظ حالة انفصال (Disjonction): يكون العامل الذات منفصلا عن العامل الموضوع، نرمز للانفصال بالرمز U حيث ع ذ U ع م.
          أما ملفوظ الفعل أو التحول فيرتبط بالانتقال من حالة إلى حالة أخرى، حيث نجد شكلين من التحول:
          - تحول الاتصال: يتم الانتقال من حالة الانفصال إلى حالة الاتصال.
          ونرمز له بالصياغة الصورية الآتية:
          [ع ذ U ع م ع ذ ع م
          يشير السهم إلى التحول من حالة انفصال إلى حالة اتصال.
          - تحول الانفصال: يتم الانتقال من حالة اتصال إلى حالة انفصال، نمثل له بـ:
          [ع ذ ع م ع ذ U ع م
          يشير السهم إلى الانتقال من حالة اتصال إلى حالة انفصال.
          يسمي غريماص تتابع الحالات والتحولات برنامجا سردياnarratif)Programme(، يرتبط بالعلاقة (ع ذ-ع م)، وتحولاتها الاتصالية أو الانفصالية، وهذا التحول، أي القيام بالبرنامج السردي، يتطلب فاعلا إجرائيا (Sujet opérateur)مؤنسنا (Anthropomorphe) ومادام هناك حالة وتحول، فالفاعل الإجرائي إما أن يكون:
          فاعل الحالة: يكون في علاقة اتصال أو انفصال بموضوع القيمة (Objet- valeur) فالعلاقة (ع ذ-ع م) تحدد ملفوظ الحالة، أو فاعل الحالة.
          فاعل الفعل: التحول في العلاقة إما بالاتصال أو بالانفصال، نرمز لفاعل الفعل بالترسيمة العامة (Schéma générale) الآتية:
          [ فا ف [( ع ذ U ع م ) (ع ذ ع م )]
          يرمز (فا ف) إلى فاعل الفعل و(ع ذ) إلى العامل الذات والسهم إلى التحول، و() إلى الاتصال و( U) إلى الانفصال.
          يتطلب هذا التحول انجازا (Performance)، إن تحقيق التحول من قبل الفاعل الإجرائي يفترض أن يكون هذا الأخير محفزا من قبل عامل آخر مرسل (Destinateur) يقنعه فيقتنع بالإنجاز، نسمي هذه العملية تحفيزا(Manipulation). ولابد بعد ذلك للعامل الذات/الفاعل الإجرائي أن يملك الشروط الضرورية لإنجاز الفعل، وفق قيم جيهية (Modalités)أجملها غريماص في أربع: وجوب الفعل(Devoir faire)والقدرة على الفعل(Pouvoir faire) ومعرفة الفعل (Savoir faire وإرادة الفعل(Vouloir faire)، نسمي هذه الشروط والقيم الجيهية القدرة.(Compétence)
          تعد القدرة موضوعا يمكن أن يكون الفاعل الإجرائي ممتلكا له أو لا، وهذا الموضوع بوصفه كذلك، ليس المطلوب الرئيس للإنجاز، لكنه شرط ضروري له، لذلك سمي موضوعا استعماليا أوموضوعا جيهيا (Objet modal) لأنه مرتبط بتحقيق للقيم الجيهية السالفة، أما الموضوع الرئيس فيسمى موضوع القيمة، لأنه مرتبط بالإنجاز وبالعلاقة (ع ذ- ع م)، أي بمجموع الحالات والتحولات (البرامج السردية) التي يقوم بها العامل الذات في بحثه عن موضوع القيمة.
          سنحاول في البدء تقديم النموذج العاملي بوصفه نسقا في البداية، ثم نجري إجراءه فيما بعد.
          أ- النموذج العاملي باعتياره نسقا(10
          ويمكن النظر إلى هذا النموذج باعتباره أزواجا:
          -المرسل / المرسل إليه (أو محور الإبلاغ): دور المرسل (الحرية) هو إقناع العامل الذات، أما المرسل إليه (المروءة) فهو يشكل العامل المستفيد من الموضوع (الانتقام)، ولهذا فإن محفله يكون في النهاية.
          -الذات / الموضوع (أو محورالرغبة): يشكل هذا الزوج قطب الرحى في النموذج العاملي، فالذات (سعيد مهران) ترغب في موضوع القيمة (الانتقام)، ويكون هذا بعد إقناع العامل الذات من قبل العامل المرسل.
          -المساعد/ المعاكس (أو ما يشكل مقولة الصراع): نلاحظ أن العوامل المعاكسة أعظم من العوامل المساعدة في النص، فهي تقوم ببرامج مضادة للبرنامج السردي الأساس الذي يقوم به العامل الذات(سعيد مهران)، تعرقل بذلك مسار بحثه عن موضوع القيمة، ومادام العامل الذات يحمل في نفسه عاملا معاكسا لنقصان أهليته (غياب التنظيم)، فإن المسار السردي بأكمله سيكون فاشلا، ولن يحصل العامل الذات على موضوع القيمة نهاية بالضرورة "أنا روحك التي ضحيت بها ولكن ينقصني التنظيم على حد تعبيرك..ومأساتي الحقيقية أنني رغم تأييد الملايين أجدني ملقى في وحدة بلا نصير، ضيع غير معقول"ص110.

          ب- النموذج العاملي بوصفه إجراء
          إن النموذج العاملي باعتباره نسقا بنية ساكنة، ولا يمكن تحريكها إلا عبر الانطلاق من النسق إلى الإجراء عبر ترسيمة سردية من أربعة مواقع.
          - التحفيز: (Manipulation)(أو فعل الفعل): حيث قام المرسل (الحرية) بإقناع معنوي للعامل الذات(سعيد مهران) ب البحث عن موضوع القيمة (الانتقام)، غير أن الإقناع في هذا النموذج معنوي، لأن العامل المرسل عامل معنوي أصلا(الحرية)، ومادام الأمر مرتبط بالأنفة والكرامة والمروءة فالعمل الذات محفز ابتداء.
          - القدرة : (Compétence)(أوكينونة الفعل): إن الإقناع والاقتناع ليسا كافيين لتحقيقالرغبة، بل لابد من تحقق القدرة التي تعني الشروط الضرورية لتحقيق الإنجاز، وتتلخص في:
          ü إرادة الفعل : العامل الذات طامعا إلى الانتقام لأن الأمر يتعلق به لذاته.
          ü القدرة على الفعل: العامل الذات ينقصه التنظيم، وهذا ما سينعكس على المسار السردي بالفشل استقبالا.
          ü معرفة الفعل: العامل الذات عارف بطرق، وكيفيات الانتقام نظرا لصوصيته السالفة فحدوده القيمية تجعله عارفا.
          ü وجوب الفعل: أساسه الفعل اعتداد بالكرامة والأنفة لأن الأمر مرتبط بالخيانة والنكران.
          هذه الشروط تتطلب برنامجا استعماليا يتوخى منم خلاله العامل الذات الحصول على الموضوع الجيهي المشتمل للقيم الجيهية، إنه يرتبط بالبعد الذريعي، مادام هو أس البرنامج الأساس، غير أن سعيد مهران عجز ابتداء في الحصول على الموضوع الجهي، إذ تنقصه أهلية القدرة على الفعل.
          - الإنجاز : (Performance)(أو فعل الكينونة): ويشكل المرحلة الثالثة في الترسيمة السردية؛ والإنجاز هو كل عملية تحقق تحولا لحالة، وهذه العملية تقتضي عاملا (Agent) هو الفاعل الإجرائي (Sujet opérateur). إننا ننتقل مما هو محين إلى ما هو محقق،11) والتحقيق يتطلب برنامجا أساسا هدفه الحصول على موضوع القيمة، غير أن تحقيق الرغبة ما يكون مفروشا بالورود، بل إنه خاضع للبنية الجدلية التي تحكم النموذج العاملي، إذ نجد برنامجا مضادا يقوم به فاعل إجرائي مضاد. ولعل ذلك ما جعل سعيد مهران يعيش المطاردة طيلة فصول الرواية، لأن العوامل المعاكسة أكبر من أن يضاهيها، وهو الذي يغيب عنه التنظيم منذ البداية، فرغم وجود بعض العوامل المساعدة، التي أشرنا إليها، إلا أن ذلك لم يجد نفعا، وبالتالي فمنذ الوهلة الأولى يمكن الحكم على البرنامج السردي بالفشل.
          - الجزاء (Sanction)(أوكينونات الكينونة): إنه الحكم على الإنجاز، فإذا كان المرسل هو الذي يحكم على نجاح البرنامج السردي أو فشله، فإنه هنا في النص مغيب، مادامت معرفة فشل البرنامج السردي أمرا مفروغا منها، لأن الفاعل الإجرائي حين هم بالبحث عن الموضوع كان ناقص الأهلية؛ فكان الجزاء والتحفيز سيان. ومنه عاد البطل المأساوي إلى نقطة الصفر، حيث ابتدأ منفصلا عن موضوع القيمة في المقطع الاستهلالي للرواية ليختم بالانفصال أيضا في مقطعها الختامي، بل انتهى سعيد مهران إلى الاستسلام؛ ويمكن التعبير عن ذلك صوريا بـ:
          [ا ف [( ع ذ U ع م ) (ع ذ U ع م )]
          ويمكن التأشير إلى هذه المراحل من خلال الآتي:
          تحفيز
          قدرة
          إنجاز
          جزاء


          3-2-2- المكون العميق
          إن الانتقال من العمليات إلى التركيب السردي السطحي يتم عبر الفعل التركيبي، وهو يدمج مفهوم الفعل المؤنسن، مادام الفعل يتم من خلال انتقال من عمليات عميقة ذات حمولة دلالية بالأساس إلى فعل يفترض وجود فاعل من سماته (+ إنساني)، كما أن إدخال الفعل التركيبي يفرض مفهوما آخر، هو الملفوظ السردي الذي أشرنا إليه سالفا.
          يفترض أن يفهم ما قلناه أعلاه بطريقة ارتدادية، حيث تنسجم القراءة والبعد الإجرائي الذي حددناه ابتداء، إذ منه سنتحدث عن البنية الأولية للدلالة، حيث يشكل الخيط الناظم للكرامة, وهي بنية اختلافية تضادية، يمكن أن نجسدها بصريا عبر المربع السيميائي، الذي يمثل الوحدات الدلالية من أجل توليد كون دلالي قابل للتجلي.
          تعد البنية الدلالية عبارة عن علاقات، فانطلاقا من تحريك المربع السيميائي ننتقل من العلاقات الدلالية إلى العمليات التركيبية، التي من خصائصها أنها موجهة، فلا يمكن الانتقال من المقاومة إلى الاستسلام إلا عبر اللااستسلام على سبيل الختام
          ينتظم هذا العمل ضمن إطار للتحليل يهم دراسة النص العربي، متخذا له نموذجا مخصوصا، نص"اللص والكلاب" للمؤلف»نجيب محفوظ» الذي تعد نصوصه مختلفة باختلاف طرقها في التدليل، وأنماطها في الاشتغال، وقد تم الاعتماد في تحليل هذا النموذج على مرجعية نظرية تمثلت في نظرية السيميائيات السردية، بناء على جماع المفاهيم التي تستند إليها هذه النظرية، سواء تلك المرتبطة بها ابتداء، أو تلك التي استعارتها من نظريات أخرى. تشكل هذه المفاهيم المنهج المتبنى في الدراسة، إلا أن هذا لم يمنعنا من الاستفادة من كل المناهج الواردة (Pertinentes) في التحليل. وقد كان هدفنا استثمار المنهج السيميائي في التحليل آملين أن تحذو الدراسات النقدية هذا الحذو لما تقدمه السيميائيات من فوائد جمة للدرس النقدي العربي الحديث.


          مرجع المتـن :
          محفوظ، نجيب: اللص والكلاب، مكتبة مصر، (د ت)
          بيبليوغرافيا
          1-CHADILI (EL.Mustapha), Le traitement de la spatialité dans le conte populaire,in Recherche Linguistique et Sémiotique Publication de la faculté de lettre, Rabat, série débats N 6 1981.
          2- COUTES (J), Introduction à la sémiotique narrative, et discursive, Ed Hachette, Paris 1976.
          3- COUTES (J), Analyse sémiotique de discours, de l’énoncer à l'énonciation, Ed Hachette, Paris 1991.
          4- GROUPE, D' ENTREVENES, Analyse sémiotique des textes, Ed Toubkal 1987.
          5- GREIMAS (AJ), Du Sens, Ed Seuil, Paris 1970.
          6- GREIMAS (AJ), COUTES (J), Sémiotique dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Ed Hachette, Paris, T1 1979.
          7 –GREIMAS (AJ), Du Sens II, Ed Seuil, Paris 1983.8- GREIMAS (AJ), COUTES (J), Sémiotique dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Ed Hachette, Paris T2 1986.



          2 - GREIMAS (AJ), Du Sens, Ed Seuil, Paris 1970, p : 259

          3 - COUTES (J), Analyse sémiotique de discours, de l'énoncé à l'énonciation, Ed Hachette, Paris 1991 p : 163

          4 - GROUPE, D' ENTREVENES, Analyse sémiotique des textes, Ed Toubkal 1987, p: 91

          5 GREIMAS (AJ), COUTES (J), Sémiotique dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Ed Hachette, Paris, T1 1979 p : 146

          6- GROUPE, D' ENTREVENES, Analyse sémiotique des textes, op. cit. p:94.


          7 - GREIMAS (AJ), COUTES (J), Sémiotique dictionnaire raisonné de la théorie du langage, Op. Cit. P : 71.

          9 - CHADILI (EL.Mustapha), Le traitement de la spatialité dans le conte populairein recherche linguistique et sémiotique, Publication de la Faculté des lettres, Rabat, 5, 1981 P: 441.et GREIMAS (AJ) Du Sens II, Ed Seuil, Paris 1983 P:142

          10 - COUTES (J), Introduction à la sémiotique narrative et discursive, Ed Hachette, Paris 1976 PP : 64-68.


          11 COUTES (J), Introduction à la sémiotique narrative et discursive, op.cit: P : 120
          [/align]
          ملاحظة هامة: هناك بعض البيانات والصياغات الصورية، حذفتها ما دامت لا تظهر على صفحة الموضوع، بالرغم من أهميتها.
          [url]http://www.elaphblog.com/laabid[/url]

          تعليق

          • عبد الله راتب نفاخ
            أديب
            • 23-07-2010
            • 1173

            #6
            بارك الله بكم وحياكم
            يشرفني أن أشارك بكتاب ( الدراسة الأدبية تأصيل و اقتراح )
            للدكتور شكري فيصل
            الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ

            [align=left]إمام الأدب العربي
            مصطفى صادق الرافعي[/align]

            تعليق

            • هــري عبدالرحيم
              أديب وكاتب
              • 17-05-2007
              • 509

              #7
              السلام عليكم
              أقدم لكم هنا ديوان شعر من الشعر المعاصر، للشاعر السوري جميل أبو حشيش.
              العنوان: "امرأة في بلاد الحريم".
              الكاتب: "جميل أبو حشيش"
              عدد الصفحات: 82
              الحجم: القطع المتوسط.
              قراءة وتقديم لديوان"امرأة في بلاد الحريم"
              1_ المرأة تاج فوق رؤوس العقلاء، المرأة هي ملح الحياة، المرأة هي ذاك الملاك الذي يوزع الدفء والحنو، ويبني في صمت.
              لو اجتمعت كل القواميس كي تفي المرأة حقها، لنفذ القرطاس وجف اليراع قبل أن ننتهي من التدوين.
              المرأة لها اليوم حضور قوي، ليس بالفعل فقط، بل تجمهرت في ديوان يضم 82 صفحة من القطع المتوسط، استهله الشاعر بإهداء رخيم.
              تناص:"إلى المرأة البرية حيث الحريم زبد".
              وكأن الشاعر هنا يريد أن يعيدنا إلى الصواب، فالمرأة التي نريدها أن تقود العالم هي هنا بيننا، تعيش معنا، تأكل الطعام وتمشي في الأسواق بيننا؛ هي امرأة برية، لا سماوية ولا بحرية، بل هي بشر مثلنا.
              هذا هو جهاد أبو حشيش، الشاعر الذي أرخ للمرأة بديوان عنونه ب:" امرأة في بلاد الحريم".
              تقول أولى قصائده:
              تناص":خبأتْ صمتها في ارتجافي العليل
              وأتت دون إباحة
              غسلتني بالصهيل
              قلت هزيني كنخل مارق
              قالت الليل طويل
              فاستبحْ بعض دموعك
              اغسل الذنب ذليلا
              واكتب الحب لتبقى كالعناوين قتيلا
              قلتُ يا‏هذي استريحي وأضيئي لي النخيل
              قالت الشرق حكاية
              والذي فيك قليل".
              محاورة تحمل بين طياتها عمق الإلتحام بين الجنسين، فلا وجود لصراع أو تضاد، بل هنا حميمية تؤسس لبناء غد مفعم بالمحبة، والتواصل الحقيقي الذي كدنا نفقد بوصلته، فجاءت القصيدة ترمم ما أفسده الدهر.
              جهاد أبو حشيش صوت وشم اسمه في فضاء الإبداع، فجاءت قصائده تنضح بما هو مخبوء في جوانية الشاعر، فكان الديوان مرآة نقرأ عبرها عالم المبدع، فكلُّ حرف خطه هو أنين، وكلُّ شطر نمقه هو حنين؛ وبين الحنين والأنين سبك لنا عقدا من جواهر الكلام سماه"امرأة في بلاد الحريم".
              نقرأ قصيدة عنونها ب" شرق" وهو المشرق العربي أو بلاد الشرق، لننظر كيف يبلغ الشاعر رسالته، عن تحول الشرق من قِبلة نغترف منه المعين، إلى منارة صيد يُغري الطغاة والطامعين. ولننظر كيف يوظف الشاعر المرأة لتكون الخلاص (تناص):

              شرق
              أجراسُ نهديْكِ مدائِن قد غفا فيها الحَمام
              وشفاهُكِ الحيرى بنار رحيقِها
              قيثارةٌ للعنكبوت
              تجترُّ دمعتَها وأذيالَ الكلام
              والخصرُ باحَ مدينةً
              وقصيدةً
              وحبيبةً
              مُدنٌ يعتقها الصّيامُ
              فلتنهَضي
              ولتكسري طوقَ النّجاةِ
              فعرائسُ البحرِ استقالت
              منذ صار الشرقُ عصفوراً

              لأحلامِ الطغاةِ

              تتوزع القصائد وتتنوع، فهي مرة تدخل عالم المرأة بامتياز، ومرة ترصد لنا قومية منشودة متمثلة في فلسطين السليبة،(تناص):
              والعراق المسروقة.
              هذا هو الشاعر المبدع" جهاد أبو حشيش"،فلنستمع إليه، بل لِنُرهف السمع علًّنا ننتشي لشدوه، أو نطرب لقصائده.
              هــري عبدالرحيم‏
              رابط أحسن المدونات:
              http://www.inanasite.com/bb/viewtopi...hlight=#122818

              تعليق

              • محمد فهمي يوسف
                مستشار أدبي
                • 27-08-2008
                • 8100

                #8
                الأستاذ الفاضل الأخ ركاد حسن خليل
                حيّاك الله وبيّاك ، وجعل النعيم مثواك
                كل عام أنت وقراءك الكرام بخير
                أمَّا كُتَّابَكَ فلهم الثناء الأوفر ، والجزاء الأكبر
                فهم منارات القراءة والمطالعة
                ذلك القسم الجميل الذي أحب أن أرتاده بين الحين والحين
                لما يمتعنا به من عظيم النفع ، وجليل الفائدة .

                ثم الشكر للأخت المحترمة القارئة
                الأستاذة نجية يوسف
                على تنويهها على ترشيحي لنصيها السابقين
                بلا مجاملةٍ أو تحيُّزٍ
                لكونها تحمل لقبي ( يوسف )
                إنه اقتناع بأسلوبها القاريء الواعي المفيد .
                ======================

                وإن شاء الله ، كما شاركت من قبل في هذه المسابقة
                بإحدى قراءاتي البسيطة لكتاب .
                سوف أشارك بعد التفرغ هذه الأيام لتلاوة القرآن الكريم
                وعبادة العشر الأواخر من رمضان الكريم
                نفعنا الله بثواب الآخرة ، والفوز بالجنة
                بفضل الله ورحمته .
                لا باجتهادنا وقليل عبادتنا لمن يستحق منا كل حياتنا
                لأنه هو واهبها ومانحها ، والمتفضل علينا بنعمة الإسلام
                وبمحمد خير الأنام صلى الله عليه وسلم .
                فعذرا وعفوا ، لأنكم تطلبون قراءة جديدة ، لم تكتب أوتنشر من قبل
                وهذا ربما يتعذر عليَّ الآن إن لم أنقلها من قراءاتي السابقة

                تعليق

                • محمد بوحوش
                  كبار الأدباء والمفكرين
                  • 22-06-2008
                  • 378

                  #9
                  شكري وتقديري..
                  يسرني أن أشارك بالدراسة التالية:
                  حيـــــرة العــــــاشق

                  بقلم / محمد بوحوش*

                  قراءة في المجموعة الشعرية " يتغمدني بالنشيد الرماد "
                  للشاعر محمد علي الهاني

                  تصــديــر :
                  " إن الشعراء والروائيين هم أعزّ حلفائنا وينبغي أن نقدّر شهاداتهم أحسن تقدير لأنهم يعرفون أشياء بيد السماء والأرض لم تتمكّن بعد حكمتنا المدرسية من الحلم بها، فهم في معرفة النفس شيوخنا نحن الناس العاديين لأنهم يرتوون من منابع لم يتمكّن العلم من بلوغها " سيغموند فرويد "هذيان وأحلام ".


                  1- مقـدمـــة :

                  كان "أورفيوس" بألحانه الساحرة يروض حتى الوحوش التي استكانت من فرط عذوبة ألحانه وقد ذهب منها التوحش والافتراس . ومثله كان الكلام المبين الذي يوقع النفوس مؤانسة وطربا ودهشة وسحرا.
                  وقد بنت العرب على الكلام أقوالها المأثورة 'الشاعر أمير الكلام' و'إنّ من البيان لسحرا' وهو الكلام الذي يستعاذ بالله منه لفتنته وسحره. فالشاعر خيميائي أو كيميائي العصر بامتياز يؤلف من اللغة سحرا وفتنة وغرابة ودهشة ويكسو أفكاره ومشاعره فنا خالصا يوهم ويوقع الإنسان في شراكه. فللكلمة وقعها وفتنتها لذلك فإنّ الأفكار إذا ما استوعبها الناس استولت على قلوبهم وعقولهم وصارت إلى قوة مادية وفعل تغيير.
                  حتى الآن مازالت قاطرة الشعر المدمّاة محملة بالأحلام والقيم الجميلة وبكل ما هو إنساني ونبيل.
                  وفي هذه المنزلة تأتي قراءتنا للمجموعة الشعـرية المـوسومة بـ"يتغمّدني بالنشيد الرماد"1 للشاعر التونسـي 'محمـد علـي الهانـي' . وإذا كانت للقراءات مداخل ومناهج

                  ومفاهيم تحكمها لتحليل الظاهرة الشعرية وصفا وتأويلا للوقوف عند خصائصها وفـرادتها
                  فإنّ هذه القراءة تقطع مع كل ما هو تقليدي ووصفيّ لتكون قراءة قارئ عاشق متعشّــق لمقاصد الكلام باحث عن إمكانات مفتوحة على التأويل.

                  2- مناخات الخطاب الشعري :

                  الشعر هو هذا الانحراف والانزياح عن المألوف من القول وله مناخاته ومنطقه الخاص. فهو خطاب في مستوى ثان للغة "غير النثرية" مرسل على فكرة أو أفكار ذات علائق وتجانس. والمناخ يتجاوز الغرض والموضوع. فهو بؤرة هي بمثابة ضوء يتعدد في اتجاهاته ويتلاشى ليتجمع من جديد في منطقة ما هي مركز لأفكار ومشاعر متضاربة ومتناقضة أحيانا إلا أنها تشترك في خاصيات محددة. وقد أمكن وفق هذا المنظور تنويع قراءة الديوان على محاور هي تباعا : الشعر على الشعر، وطن الشعر، حيرة العاشق .

                  3- الشّعر على الشّعر :

                  للشعر تقاطعاته مع عناصر متعددة أبرزها الواقع والذاكرة والأسطورة والسحر والدين والمعرفة والموت والحلم واللاوعي والطفولة ... لكن ماذا عندما يتقاطع الشعر مع الشعر؟.
                  الشاعر باعث البهجة من رحم الجرح فإذا هو سماء من الصحو وقامة من الفرح:
                  إنّ جرحـي قـوس قــزح2
                  والتقوّل في الشعر وعليه يتخذ لدى 'محمد علي الهاني' معاني ورموزا شتى فهو فرس النار الراقد في الأعماق أو هو جرح مفتوح على الأيام والألوان… ألم أزلي يحمل طعم الموت ولون الإرهاق لكأن الشاعر مخبرٌ لكل هذا وذاك منتج للعشق والحياة ورغيف الكلام السلسبيل من رحم العذاب يقول :
                  احرقنـي ... ! احرقنـــي ... !
                  فرمـــادي مـاء حــياة للمـوتــي
                  ورغيف للجوعى ، ورسـول بين العشـاق3
                  والشعر بمثابة قمر يُولّـدُ صورا وأهازيج ومسافات مخضوضرة. إنه الوردة التي تكبر في قلب الشاعر والفجر المشتعل بالأحلام حتى أن اللغة هي الأخرى بمثابة شمس تلملم شتات الشاعر ليزهر قمر الشعر نغما وفرحا ومُنى.
                  ثم إن الشعر هو أيضا جرس للأوجاع وقمر للحزن يستحيل إلى يواقيت من نار ونور فوق شفاه الآهات واخضرار للمسافات عند الشروق. والشاعر بلبل غرّيد يجمّع الضوء ويغزل حلو النغم يقول :
                  بلبل فـارق الـعشّ نحو القمــر
                  واستـوى فوق النجوم يجمّع ضوءا
                  وبالـضّوء يـغزل حـلو الــنغم4
                  لقد عرف الشعراء بنرجسيتهم المفرطة و تساميهم وغرورهم أحيانا فالشاعر كائن متعال ولا شك. فهو لذلك يمجّد ذاته ويضخّم آلامه يقول محمد علي الهاني :
                  فــي دهـالـيز الوجـاع : مرهق حـتى الصــداع
                  مـوغل فـي الزحف نـارا : نحو أزهــار الشعــاع
                  طــائر الـفينـيق إنّـي : عـائد بعد الضيــــاع
                  والجــراح الخضر شمس : ودمـي القــاني شـراع5
                  هنا يكون الشاعر طائر الفينيق هذا الأسطوري الذي يموت ويحيـا من رماده وهنا أيضا تتجلّى إحدى المواضيع التي استنزفها الشعراء قولا فلا شيء سوى الاحتفاء بالصور الشعرية وكأن اللغة تولع في قول ذاتها لذاتها تفننا في الصياغة والتصوير.
                  وفي مقام آخر يأتي القول الشعري في صيغة إجلال الشاعر لهذا النمط من القول حتى أنه يهبه أجنحته واخضراره. فشعر الشاعر هو معادل للصباح والصداح والأقاحي والربيع والنبض والجراح إلى غير ذلك من المفردات من قبيل الاخضرار والانتظار والانشراح والتغريد. لكأن الشعر هو بهجة الشاعر ودليله في الحياة :
                  مضـيئا تمرّ كصبح يحاور نبضـي
                  فأمضــي إلى حيث تمضــــي
                  ولست أضلّ فأنت صبــاحـــي6
                  في نزيف الصور الشعرية والإحالات الاستعارية المتوالية وفي مناخ سريالي يقطع مع المنطقي والدلالي والعقلاني تجيء بعض القصائد مفتوحة على احتمالات تأويل لا تنتهي. إننا أمام قصيدة مفتوحة على كون من الاحتمالات الدلالية إذ أن التعتيم عبر الصور السريالية والرموز والمجازات جعل من القصيدة عالما من التعمية والألغاز. وهنا تتكوّن اللغة في احتفالية مبهرة تنتصر لإيقاعها وبلاغتها ورقصها الخاص الذي لا يحصرها في أي دلالة معينة :
                  النوافير تبحث عن وردة في دمي
                  يتوهّج في نسغها بيدر
                  والصباحات تخرج من عشبها
                  باقة من وعود .
                  النوافير تبحث عن وردة في دمي
                  كلما هبّت الريح حصّنها عاشق بالنشيد7
                  إن تداعي الصور وكثافتها ساهم في انفلات الدلالة إلا أن بعض الومضات الشعرية ساهمت في إنارة عتمات القصيدة وعند هذا الحد فإن الصورة الشعرية مثلما يشير"لويس أراغون" في استعادة لأفكار الحركة السوريالية ورائدها "أندري بروتون" إلى أن إثم السوريالية هو الاستعمال اللامعياري والرغبة المفرطة في هوس الصورة ليتجلّى الشاعر خالقا وخزّافا محمّلا بالفراشات جاعلا من اللغة طينه العاري ويتمثّل لنا في صورة إلاه خلاّق مالك لمادة الخلق وهي الطين الذي هو عجينة يشكّلها كيفما شاء ليصنع قصائده :

                  والطين في عريه
                  يتنقّل من لهب في النّزول
                  إلى لهب في الصعود ؟8
                  بهذه الاستعارة الموسّعة للخلق الإلهي يقف الشاعر في حيرة أمام أسئلة الوجود الكبرى متخذا من مادة الخلق ( الطين/اللغة) حلما ونشيدا :
                  مطر... مطر
                  يستفيق الندى من مباهجه
                  سفر ... سفر
                  يستريح الندى من صواعقه
                  ويعود إلى أمّه عاريا مثل سنبلة
                  يحمل الطين والطمي
                  آه! لماذا يحمّـلني الطين كل كوابيسه
                  وأحمّـله حلمي وانتشاري9
                  هكذا يحمّـل الشاعر طين اللغة حلمه وانتشاره وخلوده وكيف له أن يموت؟ :
                  أنا لن أموت ...
                  وإن متّ....
                  يسترجع الميتون فوانيسهم
                  من دمي واخضراري10
                  سؤال الوجود الكبير هو البحث عن الخلود ولا شيء يخلد الإنسان بعد موته سوى الفن.
                  وأخيرا فإنّ الشّاعر حين يتقمّص حالته ليعبّر عنها يستدعي معجما غنيا من المفردات يتوزّع بين كونين، كون من الجمر والجرح والاشتعال والصهيل والزحف ودحرجة الرياح للإحالة على حقل من الآلام تعتمل في ذات الشاعر كي يُولّـد الكلام، وكون معجمه من اللّقاح والحلم والجناح والنشيد والبروق والصباح الجديد. وبين هذين الكونين يكون الشّاعر بمثابة جواد :
                  تكلّم ، تكلّم ...
                  فليس الكلام مباحا
                  وأسرج جوادك يحمل صهيلك للميّتين لقاحا11
                  هكذا يصبح الشاعر حمّال لقاح وصانعا للصباح عبر معاناة كأنها زحف نحو الأعالي.


                  4- وطن الشّاعر:

                  إن الوطن لدى "محمد علـي الهانـي" وطنان ، وطن للصلب والحتف والاغتــراب
                  والمنفى وآخر للشدو والأحلام والفرح الآتي :
                  في المنفى أبقى مصلوبا 12
                  فما زال الوطن من الموضوعات المتداولة في الشعر وها هو الشاعر في أهازيجه وأغانيه يسمو بالوطن إلى مراتب المعشوق الأوحد وإلى ما هو جليل ومقدّس. وهو في هذا المضمار يدور في فلك الفكرة المستعادة فمدح الوطن والإطناب في مدحه من صفة العشّاق:
                  ... يتوهّج في خافقي
                  وطني كوكبا من ذهب.
                  ويقول أيضا:
                  يا وطني، أنت فوق الصّفات وفوق النعوت.13
                  إلاّ أنّ الوطن ليس هذا الفردوس الأرضي الذي نجلّـه ونعشقه بل هو أيضا قضايا وأيّ قضايا ؟ أوليس من حق الشاعر أن يعتب على الوطن أحيانا ليكشف عما يعانيه الإنسان من عذابات واغتراب وحرمان لا سيّما إذا كان هذا الإنسان شاعرا ؟ ولئن كان 'محمد علي الهاني' في بعض قصائده عن الوطن يخوض في غرض متداول وتقليدي معهود ومكرور. فإنّه في عديد القصائد الأخرى يحشرنا في أفق أكثر اتساعا. فالوطن لديه ليس حفنة من تراب أو مساحة جغرافية محددة بل هو كون يمتد من الماء إلى الماء مكلّلا بأنجم مزهرة ولعل النجمة الأكثر سطوعا وبريقا وألقا هي نجمة العراق:
                  فإذا انتفضت في دمي نجمة
                  وتطاير منها الضياء
                  وضعت يدي فوق قلبي
                  وقلت : العراقْ 14
                  هذا الوطن الأجمل الذي كان حلما عربيا تشرئب إليه الأعناق لما حمله من مشروع نهضوي ولد من رحم الخراب العربي.
                  ومن مظاهر التـغنّي بالوطن وبالبطولة العربية تناول الشاعر للانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية التي فجّرها أطفال الحجارة فإذا به على غرار أسلافه يمجّد قدرة العربي على المقاومة والتضحية والشهادة في سبيل الوطن وفي سبيل التعلّق بالحياة وحب البقاء رغم تتالي الهزائم العربية والواقع المريض حيث يقول :
                  وإذا رميت حجارة
                  تشدو بكفك أنجم ، تعشوشب الأقمار
                  في الأرض الخراب، يزدهر الأمل.15
                  ويؤكد الشاعر التزامه بقضايا وطنه التزاما بحلم هو سنبلة في ذاكرة الإنسان العربي الذبيح ووجدانه وعقله ليستعير من الصخر علامات البقاء والثبات المتجذّر في العروبة الأصيلة حتى إن الريح بمحمولها الثوري تكبر وتتنامى في قلب الطفل العربي كدلالة له على البذرة القادمة والأمل المنشود والقوة الدافعة للتغيير، تغيير لحالة الوطن المسبيّ يقول الشاعر :
                  والوطن العربي مسيح
                  هل تكبر في قلب الطفل الريح ... ؟ 16
                  ويقدّم الشاعر الطفل الشهيد في صورة مريـم وهو يهز إليه جذوع النخيل فتعبق رائحة العشب فجرا.والعلاقة واضحة بين فعل الشهيد الذي هو التضحية من أجل الوطن وصفة الصّهيل الذي للجواد كرمز عربي للعنفوان والشّهامة والأصالة والقوّة والشّموخ وفي هذا المضمار يقول الشاعر :
                  تجيء الخيول التي ودّعتني
                  على ضفّة الياسمين وضاعت..
                  أعلّمها لغة الأرض والرفض
                  والنّار والماء ...
                  آه... !يعاودها الشوق
                  تبرق ترعد عند الأصيل
                  تزخرف رمل الصحارى
                  بروق الصّهيل ...17
                  ويوغل الشاعر في الالتزام بقضايا واقعه العربي في قضيته الأكثر تأجّجا.وهي القضية الفلسطينية وتأتي قصيدة "الله أكبر يا مآذن فاشهدي" لتعبّر بحميمية ودرامية عن ملحمة الطفل الفلسطيني الرمز 'محمد الدرة'. وإن أبدع الشاعر بلغة أصيلة وبليغة عن الحدث فإنه لم يأتِ بما هو بديع على صعيد الأفكار. فالقصيد غرضيّ وصفيّ جرى على منوال القول القديم من إبراز للصفات الجليلة للشهيد والتشهير بالعدو وبطشه إلى التّغني بالبطولة والشّهادة والثأر للفقيد :
                  قمر توزّع في دماء محمد
                  فتوهّجت من جرحه شمس الغد...18

                  يا للطفولة من رصاصة مجرم
                  فصلت شذا عن وردة في المورد!...19

                  قمر توزّع في دمائك فانتصب
                  نلت الشهادة يا محمد فَاسْعَدِ...

                  قسما سنثأر يا شهيد ونمتطي
                  أجراحنا نحو اخضرار الموعد. 20
                  والقصيد مزدحم بالصور الشعرية المبتدعــة وبلغة مجـازية لا تخلو من الومضات و الإشراقات.
                  وفي مجال آخر يعتمد الشاعر "الرمز" كأداة فنية إذ الشعر إيحاء وتلميح وترميـــز.
                  فللتعبير عن الحالة الفلسطينية اتخذ الشاعر من مفردة ' العشّ ' رمـزا للوطن ومن مفردة "العصفـــور" رمزا للفلسطيني الثائر. فالعشّ دلالة على البقـاء والدفء والحنيـن إلى البيت /الوطن إلاّ أن ريح الاحتلال والبطش نسفت هذا العشّ:
                  هبّت ذات رماد ريح نسفت عشا
                  في عينيْ عاشقه وعد
                  يرحل من حرف الضاد إلى نبع النور. 21
                  والفلسطيني هو هذا العصفور الراحل والمرتحل الشادي للوعد وللفرح القادم إلاّ أنّه في ظلّ ما يحيط بالعصفور من عسف وبطش وحصار فلابدّ من مؤازرة عربية كي يعود عصفور المنافي والشتات والإبعاد إلى عشّه يقول الشاعر :
                  الحرف الأوّل من دمنا نار
                  والحرف الثّاني من دمنا ثلج
                  والحرفان خراب
                  إن لم يشتركا في حمل العشّ إلى العصفور . 22
                  ومرة أخرى يتناول 'محمد علي الهاني' الواقع العربي مستعيرا له صفة المرارة التي هي للقهوة المرّة من دون سكّر. وهنا تكون القهوة رمزا للغذاء والانتشاء والتيقظ وتتحول إلى إزعاج ودمار لشدة مرارتها :
                  قهوتُك المُرّة تزعجني وتدمّرني...
                  سأدّمر كلّ إناء لا يسع السّكّر حتى أظفر
                  بالسّـكّر في إحدى العلب ... 23
                  لكن من أين السـكّر والوطن العربي لم ينتجه منذ قرون على حد تعبير الشاعرالذي
                  يزجّ بنا في مفارقات مبنية على الإرباك والدّهشة والمفاجأة خارقا انتظارات المتلقي القائمة
                  على الدلالات المعهودة ومنطق الكلام؟
                  وتتّسم مأساة الإنسان العربي لدى "محمد علي الهاني" بوجع تاريخي يتخذ من "الحسين بن علي" قناعا لهذه المأساة ومن 'كربلاء' مكانا مقدسا ومسرحا لعمق هذه التراجيديا فإذا الشاعر يستشعر نبضه وجعا وجرحا في كربلاء لتيْـنع منه أغنية وبرق وشفق وشروق :
                  أيها العاشقون ... قفوا
                  أورق النبض في كربلاء
                  وذي نخلة الحلم
                  هذا انتظاري وهذا انشطاري
                  وهذا دمي يتسلق برق المشاعل في طلقتين
                  وجعي يستضيء بأغنية يا حسين .24
                  إنّ حلم الإنسان العربي يجد ينابيعه في أرض التّوهّج ولهيب الرماد وبداية المأساة وهي " كربلاء " :
                  ...المواعيد مكتظة بالينابيع
                  في كربلاء لنا قمر

                  والنّدامى انهمـار النّدى
                  من نبيذ الشروق .25
                  إلى أن يقول :
                  خذيني إليك أيا نخلة الحلم
                  إن الصواعق تنهض من ومضة
                  في رمادي على وترين .26
                  ليست كربلاء سوى العراق النازف والمحاصر وليس الحسين سوى الإنسان العراقي والعربي في محنته ومأساته ومأزقه التاريخي. إن هذا ليس سوى إسقاط تاريخي على واقع حالي لا سيّما ونحن نذكر جيدا مأساة الحسين حين حاصره في العاشر من محرم سنة 61 هجري عمر بن سعد بن أبي وقاص وأحاطه بجيشه وقطع عنه وذويه المؤونة حتى مات الحسين بكربلاء جوعا وعطشا. وما أشبه الأمس باليوم !

                  5- حيـــرة العـــاشق :

                  لم يكن 'محمد علي الهاني' في مسيرته الشعرية شاعرا متصوّفا ولم يوظّف المعجم اللغوي الصوفي وحقوله الدلالية إلاّ أننا في هذه المجموعة نعثر على مفارقة كبرى: قصيدة 'حمّى العشق' والعنوان إحالة مباشرة وحرفية على مفردات حافظ الشيرازي وجلال الدين الرومي بالخصوص فالعاشق محموم وهو يعانق الراح وقد تعتعه السّـكر :
                  هات الخمرة حانت آهات الطلق ...
                  تعتعني السّـكر....
                  فزدني سكرا ....
                  حرّرني بالخمرة من كل ذنوبي
                  يتناثر جسدي ضوءا
                  فوق كسوف الشرق .27
                  فإذا بالعاشق المتصوّف في حلقات الذكر بلا جسد حد الغيبة والفناء :
                  أحرقني ... أحرقني..
                  بين النور وبين النار
                  أنا أتملّى وجهك في مرآة رمادي...
                  أتلذّذ يا معشوقي الأوحد
                  عند النشوة بالحرق .28
                  إن فناء العاشق بالنور وبالنار واستحالته إلى رماد من الذكر والسّـكر والاحتراق إنّما هو تطهّر من كلّ الآثام وتحرّر من سجن الجسد تَوْقًا إلى عالم نوراني روحانيّ.
                  لكـن لسائل أن يسأل لم هذه الانعطـافة الصوفية للشاعر؟ لقد سبـق أن ذكرنـا بأن 'محمـد علـي الهاني' قد طرح في هذه المجموعة أسئلة وجودية لا تخلو من الحيرة والدهشة الكونية أمام أسرار العشق والألم والخلق والخلود ولم يظفر بغير أسئـلة متوالدة عن أسئلة سابقة. ثم إن مرض الشاعر1* قد زاد من هذه الحيـرة فغدا كائنا هشّـا وليس بوسع الانسان أمام هزيمتـه وكبريائه وحيرته الوجودية وحقيقته الزائلة كما ليس للعاشق سوى التوبة والهدي ملتجئا إلى عالم الروح والحقّ. ألـم يكن هذا ديدن العشــاق جميعا كعمــر الخيام وأبي العتاهية وأبي نواس؟!
                  إن هذه القصيدة لا تعبّر عن تجربة حية ومعاش صوفـي بقدر ما تعبر عن حالــة استثنائيــة متفردة و وحيـدة توظّـف معجم المتصـوفة لتعبّر عن التجاء الشاعـر إلى الروحــانيات وقد اكتــوى بلوعة الألم والعشـق وفناء الجسد. إننا حقا أمام هشــاشة الكـائن/ الإنســان الذي هو فَراش يحتضن النور في غبطة وولع لتكون نهايته الاحتراق بإفناء الجسد وصعود الروح:
                  ... كبّر يا صاح بلا جسد
                  يتجلَّ الله لنا
                  في الرّاح وفي الروح وفي الأفق 29

                  6- خــاتمــة :
                  في هذا الكتاب الشعري نقف عند حقيقة شاعر أصيل مجيد للغة ومُحْتَـفٍ ببلاغاتـها ودلالاتـها الخاصة مستندا إلى زخم إيقاعي متنوع. ومعه نتأكد من أن مظاهر الحداثــة الشعرية التي يمثّلها شعر التفعيلة كأنموذج سائد اختاره الشاعر ما زالت متوهّجة وواعـدة
                  وعصيّة على التجاوز من حيث أنّها لم تقطع مع المعادلات الشعرية الكونية كالمـوازنة بين الإبداع والتّلقي والذاتي والموضوعي والنثري والشعري.
                  هكذا يبهرنا الشاعر محمد علي الهاني في هذه المدوّنة " يتغمدني بالنشيد الرماد "بما هو أصيل ومستحدث وهو يعيد إلى الشعر حميميته وجماليته وعلاقته الحيّة والأكثر خصوصية بالواقع .




                  الهوامش :

                  1- -" يتغمدني بالنشيد الرماد " مجموعة شعرية صادرة عن منشورات التبيين الجاحظية بالجزائرفي طبعتها الأولى 2005 وهي متحصلة على الجائزة الأولى مفدي زكرياء المغاربية للشعر سنة 2004 لصاحبها الشاعر " محمد علي الهاني ". وهو من مواليد سنة 1949 بتوزر بالجنوب التونسي وقد نال عدة جوائز وطنية وعربية منها جائزة الدولة التشجيعية في أدب الطفل سنة 1983 والجائزة الأولى لمفدي زكرياء للشعر بالجزائر لسنة 1996 وسنة 2004 والجائزة الأولى للملكة نور الحسين لأدب الأطفال في مجال الشعر عمّـان 1998. وقد أصدر الشاعر سبعة دواوين شعرية منها ثلاثة للأطفال إضافة إلى كتاب لغوي. وهو عضو باتحاد الكتاب التونسيين وترجمت بعض قصائده إلى الروسية والسلوفاكية والفرنسية، كما أنه عضو في الهيئة الاستشارية لمجلة (القصيدة)الجزائرية...
                  1*- تعرّض الشاعر سنة 2001 إلى جلطة دماغية أفقدته ملكاته العقلية والحسية من ذاكرة ونطق وكتابة وهو يتماثل تدريجيا إلى الشفاء.
                  2- ديوان " يتغمدني بالنشيد الرماد " قصيد : " سماء الفرح " ص 11
                  3- المصدر نفسه، قصيد " فرس النار " ص 18
                  4- المصدر نفسه، قصيد " البلبل " ص 29
                  5- المصدر نفسه، قصيد " طائر الفينيق " ص 39
                  6- المصدر نفسه، قصيد " وهبتك أجنحتي واخضراري " ص 45
                  7- المصدر نفسه، قصيد " تغزل نبض النزيف الأجنة " ص 59
                  8- المصدر نفسه، قصيد " تغزل نبض الزيف الأجنة " ص 64
                  9- المصدر نفسه، قصيد " يتغمد ني بالنشيد الرماد " ص 70 و ص 71
                  10- المصدر نفسه، قصيد " يتغمد ني بالنشيد الرماد " ص 73
                  11- المصدر نفسه، قصيد " حلم الجمر " ص 74
                  12- المصدر نفسه، قصيد " الفرح الآتي " ص 15
                  13-المصدر نفسه، قصيد " سبع أغنيات للوطن " ص 30
                  14-المصدر نفسه، قصيد " نجمتان " ص 12
                  15- المصدر نفسه، قصيد " البطل " ص 13
                  16- المصدر نفسه، قصيد " هل تكبر الريح؟ " ص 22
                  17- المصدر نفسه، قصيد " الكتابة بالصهيل " ص 25 وص 26
                  18- المصدر نفسه، قصيد " الله أكبر يا مآذن فاشهدي " ص 42
                  19- المصدر نفسه، قصيد " الله أكبر يا مآذن فاشهدي " ص 43
                  20- المصدر نفسه، قصيد " الله أكبر يا مآذن فاشهدي " ص 44
                  21- المصدر نفسه، قصيد " عش العصفور " ص 48
                  22- المصدر نفسه، قصيد " عش العصفور " ص 50 و51
                  23- المصدر نفسه، قصيد " السـكّر " ص 14
                  24- المصدر نفسه، قصيد " وجعي يستضيء بأغنيتين " ص 52 و53
                  25- المصدر نفسه، قصيد " وجعي يستضيء بأغنيتين " ص 53
                  26- المصدر نفسه، قصيد " وجعي يستضيء بأغنيتين " ص 55
                  27- المصدر نفسه، قصيد " حـمّى العشق " ص 76
                  28- المصدر نفسه، قصيد " حـّمى العشق " ص 77
                  29- المصدر نفسه، قصيد " حـّمى العشق " ص 78

                  تعليق

                  • ركاد حسن خليل
                    أديب وكاتب
                    • 18-05-2008
                    • 5145

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة نجيةيوسف مشاهدة المشاركة
                    [align=center]

                    السلام عليكم ورحمةالله وبركاته

                    أستاذي ركاد

                    أولا وآخرا وقبل كل شيء لك كل آيات الشكر على متابعة الجهد والمثابرة .

                    جعل الله تعبك هذا في ميزان أعمالك .

                    وأما ثانيا فيا حبذا لو تابعت التنويه والإعلان بين الفينة والأخرى على شريط الإهداءات عن هذه المسابقة ، فبرغم شبه معرفة الجميع بها إلا أن التذكير كما تعلم له في النفس ماله من شحذ الهمم وإيقاظ السبات .

                    ومن هنا أجدني محملة بجميل عليّ رده لك حين كانت مسابقتك هذه سببا في عودة روح حب القراءة إلى نفسي ، كما هو جميل أعتز به وأراه فخرا لي حين حظيت بتصويت كل من منحوني اصواتهم الكريمة . وإن كنت أعمم شكري للجميع لكنني أجد حقا عليّ التنويه بأستاذي الكريم الموقر محمد فهمي يوسف الذي أعتز برأيه وصوته الذي منحنيه في كلا المسابقتين السابقتين .

                    وإنني إن شاء الله أنوي قراءة كتاب ثالث وإن لم يكن بغرض فوز أو مجرد المشاركة ، لكنها رغبة مني في أن أواصل معكم المسيرة وأقضي وقتا بين دفتي حبيب لا أمله ولا يملني ، وأدعو الله أن يكون من خلال قراءتي له وعرضي له ما يفيد غيري إن قرأ .

                    أدعو الله أن ييسر لي القدرة على المشاركة هذه المرة ومنحي الوقت والعافية للمتابعة .

                    لك كل الشكر وكل آيات التقدير والامتنان .

                    ودم بخير أبدا

                    [/align]
                    أستاذتي الرائعة الأديبة الكبيرة والأخت العزيزة
                    الفاضله نجية يوسف
                    لك الشكر كله ومن الاحترام أجلّه
                    عظيمة هي كلماتك.. وكبيرة تلك المعاني
                    وجميلة هذي السّطور التي نثرت هنا
                    فحسن ظنّك بي يشجّعني دائمًا للمضي إلى ما أنا ماضٍ إليه
                    فالقراءة بابٌ للولوج إلى الحياة
                    وبدونها نبقى مجرد نكره جارج هذه الحياة لا قيمة لنا ولا معنى
                    القراءة سلّم نصعده لبلوغ المجد
                    ولمرافقة الأمم المتحضّرة نحو الرّقي
                    بدون الكتاب.. سنبقى أمة لا يحسب لها حساب
                    أسعدك الله كما أسعدتني كلماتك
                    خُذي وقتك أختي نجية
                    في انتظار مشاركاتك على الدّوام
                    كل عام وأنتم بألف خير
                    تقديري ومحبتي
                    ركاد أبو الحسن

                    تعليق

                    • ركاد حسن خليل
                      أديب وكاتب
                      • 18-05-2008
                      • 5145

                      #11
                      الأخ العزيز والأستاذ الفاضل عبد المجيد العابد
                      أهلاً بك ومرحبًا
                      وشكرًا لك على مرورك الكريم ومشاركتك
                      وكل عام وأنت بألف خير
                      سمحت لنفسي بنسخ مشاركتك إلى هذا المتصفح
                      تمهيدًا لنقلها فيما بعد إلى متصفّح التصويت
                      أتمنى لك الفوز إن شاء الله
                      تقديري ومحبتي
                      ركاد أبو الحسن

                      تعليق

                      • ركاد حسن خليل
                        أديب وكاتب
                        • 18-05-2008
                        • 5145

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عبد الله راتب نفاخ مشاهدة المشاركة
                        بارك الله بكم وحياكم
                        يشرفني أن أشارك بكتاب ( الدراسة الأدبية تأصيل و اقتراح )
                        للدكتور شكري فيصل
                        الأخ العزيزالأستاذ عبدالله راتب نفاخ
                        أهلاً بك ومرحبًا في مسابقة قراءة في كتاب
                        وكل عام وأنتم بخير
                        ننتظر منك أخي الكريم أن تضيف مشاركتك
                        ولك جزيل الشكر
                        تقديري ومحبتي
                        ركاد أبو الحسن

                        تعليق

                        • ركاد حسن خليل
                          أديب وكاتب
                          • 18-05-2008
                          • 5145

                          #13
                          الأخ العزيز الأستاذ هري عبد الرحيم
                          أهلاً بك ومرحبًا في مسابقة قراءة في كتاب
                          ونشكر لك مشاركتك.. متمنّين لك إن شاء الله الفوز
                          كل عام وأنتم بألف خير
                          تقديري ومحبتي
                          ركاد أبو الحسن

                          تعليق

                          • ركاد حسن خليل
                            أديب وكاتب
                            • 18-05-2008
                            • 5145

                            #14
                            كل عام وأنتم بألف خير
                            أدام الله عليكم الصحة
                            وزادكم عطاءً على عطاء
                            تقديري ومحبتي
                            ركاد أبو الحسن

                            تعليق

                            • عزيز العرباوي
                              عضو الملتقى
                              • 11-03-2008
                              • 95

                              #15
                              + المناهج الأدبية في خدمة التنمية : قراءة في كتاب "مناهج الدراسات الأدبية الحديثة" للدكتور حسن مسكين :



                              إن قضية المنهج وارتباطها بقضايا التنمية والمجتمع وما يروج فيه، جعلت الدكتور الباحث الأستاذ حسن مسكين أستاذ بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة وهو رئيس مجموعة البحث في حوار الحضارات، وعضو الجمعية المغربية لتكامل العلوم، وعضو مركز الدكتوراه بكلية الآداب بالجديدة. ومن مؤلفاته نجد: كتاب الخطاب الشعري العربي بين الإنجاز والتلقي، وكتاب الخطاب الشعري الجاهلي رؤية جديدة، وكتاب تحليل الخطاب وقفات نقدية في مؤلفات مغربية، وكتاب أزمة النخب العربية الثقافة والتنمية، .... إضافة إلى اشتراكه في العديد من المؤلفات العلمية الجماعية ..... يضع نصب عينيه وهو يؤلف كتابا جامعا يوجه الباحث والطالب إلى الاهتمام بالمنهج قبل كل شيء. وهذه القضية التي حملت مؤلف الكتاب يستغرق الوقت في البحث والتنقيب ليخرج بكتاب قيم ومهم كان ثمرة جهد كبير .
                              قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أقسام أو مباحث بالتحديد، فصل في كل مبحث منها قضية من القضايا. ففي المبحث الأول تحدث عن نظرية الأدب من حيث النقد والتاريخ والتناول الخارجي للأدب والأدب والمنهج النفسي، ثم الأدب والمنهج الاجتماعي، وفي المبحث الثاني تحدث عن التناول الداخلي للأدب، والاتجاه الأسلوبي، ثم النموذج اللساني في الدراسات العربية، وفي المبحث الثالث تحدث عن السيميائيات كأثر لساني، والصورة وإشكالية التلقي، ورولان بارث في نظريته عن موت المؤلف وحياة القارئ، وبورس والسيميائيات المفتوحة (العالم علامة)، وجوليا كرستيفا (من النص إلى التناص)، وغريماس والسيميائيات السردية، وفي المبحث الرابع تحدث عن التلقي والتأويل، وأخيرا تحدث في المبحث الخامس عن المنهج الحجاجي والسلم الحجاجي .
                              والأستاذ حسن مسكين إضافة إلى كونه مهتما بالنقد والدراسات الأدبية المختلفة ارتأى في هذا الكتاب أن يبرهن عن تنوع مواهبه وعمق معارفه وثقافته وتمكنه من أدواته العلمية واللغوية لإنتاج دراسات متنوعة وثرية بالمعرفة والعلم، كما شهد بذلك الأستاذ الدكتور عز العرب إدريسي أزمي في قراءته لهذا المؤلف. وقد تمكن المؤلف في كتابه المذكور أن يحدد لنا المصادر المؤسسة لبناء أي منهج، إضافة إلى تبيانه العلاقة بين البعد الداخلي والخارجي في موضوع المناهج، بحيث إن الخيط المحدد للاتجاه قد وُضِع بين يديْ منهج الحجاج الذي استطاع المؤلف في هذا المؤلف القيم أن يقدمه ضمن أسس ومعايير علمية ونقدية. وما يمكن استخلاصه من خلال قراءة هذا الكتاب هو أنه بذرة نتاج مبدع متميز خاصة من حيث القدرة على توظيف لغة أدبية راقية تساعد الباحث على فهم الغاية منه .
                              إن هذا الكتاب يوضح بجلاء أن المؤلف له مكانة متميزة في سبر أغوار النظريات الأدبية والنقدية والإفادة من العلوم الإنسانية جميعها، وهذا ما يلائم كل النصوص التي استحضرها في كتابه. وبالتالي فإننا نجد أنفسنا أمام كتاب قيم وعمل جيد يستحق التنويه، بحيث أننا نجد الكاتب قد وقف بتأن عند القضايا الحساسة في المنهج، إضافة إلى اعتماده على النقد الموضوعي في استخراجه لآراء الآخرين، وعدم اكتفائه بالجانب النظري لسعيه إلى تقديم العديد من النماذج المحللة، خاصة في المنهجين اللساني والحجاجي. وبالتالي فهذا الكتاب لا يفصل التحليلات والدراسات الأدبية والنقدية والمنهجية عن قضايا المجتمع والتنمية .
                              إن الخيط الناظم لكل مؤلفات الكدتور حسن مسكين هو قضية التنمية كما صرح بذلك، وكما هو ملاحظ في أغلب مؤلفاته المختلفة. بحيث أن بعض العناوين توهم البعض أن قضية المنهج تهم مجالا خاصا كالنقد والمنهج التحليلي، لكنها في العمق تنموية. فقضية المنهج هي قضية حضارية يقول المؤلف، لأن الأمة التي لم تستطع بعد أن تتبنى منهجا واضحا بيٌُنَ المعالم لابد أنها أمة تعاني خللا معرفيا ومنهجيا في حياتها الأدبية والعلمية. وبالتالي نستخلص من كلام المؤلف أن هناك خللا واضحا وكبيرا نعاني منه كأمة ويعاني منه على الخصوص محللوا الخطاب، وهو نوع من الانفصام بين رؤية تراثية تحن إلى القديم ورؤية تجري وراء مفاهيم براقة (مفهوم الحداثة، مفهوم ما بعد الحداثة، مفهوم المعاصرة. فالموقفان يشوبهما نوع من التسرع والغموض الذي يقود إلى ضياع بوصلة بناء منهج علمي واضح المعالم ومحدد الأهداف.

                              من خلال قراءة الكتاب نجد أنه قد أتى بجديد في قضية الحجاج في تناول الخطاب الأدبي، إضافة إلى قضية المصطلح، لأنها تتعلق برسم المجال والتأطير المنهجي لعملية الكتابة الأدبية والنقدية، فالمؤلف يرى إلى أن الوعي بمشكلة أو إشكالية المنهج ضرورة ملحة، تفرضها طبيعة العمل الأدبي والنقدي، بل والحضارة الإنسانية عبر تطورها، وتعاقب نشاطها في مجالات معرفية عديدة، تجعل من المنهج علامة على شكل الحضارة الإنسانية في مظهرها المنظم. ومن هنا يمكن استنتاج أن الكاتب هنا يربط قضية المنهج بالحضارة ككل .
                              يقول المؤلف في كتابه أن "قضية المنهج لا يخلو منها علم أو نظرية أو فلسفة أو فكر. كما أنها تتسم بقدر كبير من التقاطع مع قضايا عديدة تضيئها حينا، وتكشف مكنوناتها حينا آخر، وتوجه مسارها نحو وجهات خاصة ومحددة تعمقها، وتحدد مقاصدها، بعد أن تبرز قضاياها العامة أو الخاصة، الظاهرة والعميقة، ..."، وهو يحدد هذه القضايا في كل من التلقي والتأويل، والشرح والتفسير، والتحليل والمقاربة، ونقد النقد. ويقول المؤلف أيضا بأن كل المناهج والقضايا والمفاهيم لم يتم استيعابها جيدا، بحيث أنها أصبحت بمثابة أزمة بدأت تنتج مظاهر متنوعة نذكر منها :
                              _ غلبة الانطباع على التحليل والنقد .
                              _ فوضى ترجمة المصطلح كمصطلح (poetique): الشعرية، الشعريات، الشعرانية، الشعري، فن الشعر، القول الشعري، أدبية الشعر، الإنشائيةـ، علم الشعر، علم الأدب، نظرية الأدب، صناعة الأدب، ....
                              _ فوضى التقليد (تقليد السلف القديم وتقليد الغرب الحديث) .
                              _ تقديس التقنية .
                              _ الاختزالية (اختزال النظريات والمناهج في مجرد آليات وتقنيات خالية من روحها الفلسفية ....) .
                              _ النمذجة المطلقة (الانجذاب إلى نموذج واحد) .
                              _ تضخم النظريات وشح الإنجازات .

                              عزيز العرباوي
                              كاتب وباحث من المغرب

                              تعليق

                              يعمل...
                              X