زبالة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد نديم
    عضو الملتقى
    • 16-05-2007
    • 50

    زبالة

    زبالة






    هل صرت مجرد صدى لأحاسيسي العابرة ؟
    صباحا، تمنيت قتل البواب ، لأنه رمقني بنظرة لا ود فيها لمجرد أن نبهته إلى أن المصعد لا يجب أن تنقل فيه القمامة.
    رمى بنظرته الساخرة ، معاملا الأكياس المتعفنة باحترام زائد إذ خرج بها قبلي.تشاغلت عنه بمشاهدة صور لمرشحين سياسيين علقوا أنفسهم هنا ،صور شوهت بأياد خفية ، فبدت وجوههم على حقيقتها..
    ترشحوا بوعود أن يجملوا وجه الرغيف ، والمواصلات ، والبطالة ، وتفوقوا بعد الانتخابات في سرقة أموال البنوك..
    رمقني موظف البنك بلا اهتمام ، مادا إلي يده قائلا ( بطاقتك) ، سلمته إياها وحين هممت بفتح فمي ، أشاح عني بوجهه ، ناقلا المعلومات بإهمال شديد إذ راح يبادل زميله النكات الخارجة.
    بعد ساعة تسلمت المبلغ ، سألت الصراف عن ورقات بقيمة أقل ( فكة يعني) أخرسني برده المقتضبب ، مفيش غير كدة .
    حارس الأمن شرطي ، فلاح ، بدا بملابسه العسكرية
    أضحوكة ، سترة كأنها نصف جلباب مهترئ وبنطال متسخ متعرق بدا كجراب ، كان سلاحه نصف الصديء بين يديه يحتضنه في خوف وحرص شديدين.
    بادرني بصوت كالفحيح قائلا : ( كل سنة وأنت طيب )، ناولته ورقة مالية بخمس راتبه أخذها دون اكتراث ، وطفق يؤدي عمله في تنظيم الواقفين..
    وقفت على الرصيف اطمئن إلى وضع حافظتي في جيبي ، انشغلت منكبا على أوراق في يدي ، اصطدمت بحمار يقف أمام البنك ، محملا بخضروات نصف ذابلة.
    علي اللحاق بالسوق ، اليوم أول أيام الشهر الفضيل ، أشعر ببعض غثيان ، سهرت أمام قناة جدل سياسي وأشلاء وقصف متبادل حتى الصباح ، والغريب أن آخر بيان صدر من جبهات الكفاح ضد الإرهاب كان ( كل شيء هاديء هناك)
    ضاق نهر الشارع بين كومتين من الزبالة ، وبائعي البضائع التافهة وعربات تجر باليد، ، عليها كل شيء ذابل ومرتفع السعر ، لا تنتقي ، شيل البضاعة على بعضها ، اعترض رجل مسن، ناوله البائع الصفيق بمثقال كيلو جرام في وجهة ، بكى الشيخ كطفل يتيم. انشغل المتبضعون بإتمام صفقاتهم.
    لم انتق حبات الفاكهة ، وقبلت كيسا مملؤا سلفا سلمني إياه البائع مع نظرة ذات مغزى ، تجاهلت نظرته الشائكة.
    ذباب يحوم حول نظارتي المعتمة بسبب غبار السوق وصيحات البائعين ، ورطوبة الهواء ، فركت كفي ، أنتجا سوادا لا بأس به ، الشمس تنور مستعر فوق الرؤوس ، بائعة قميئة نصف جسدها دسم مترهل ، انهالت بالسب على شابة حامل، لاذت بشيء من الراحة قليلا تحت مظلة البائعة.
    رمت السمينة جردل من الماء القذر لمنع تطفل المارة حول المكان.
    حملت أكياسي بين أصابع يدي ، جيب قميصى امتلأ بأوراق نقود رطبة متسخة ، غاب لون حذائي تحت طبقة رقيقة من الوحل ، وقع في روعي أنه صار أجمل.
    نهيق الحمير يملأ السوق ، ورائحة الروث تعبيء المكان.
    تعثرت في بائعي البضائع التافهة ، اتعميتوا ، الله يخرب بيوتكم،اتضح أنني قد كسرت نظارة من ماركة مزيفة يبيعها هذا الذي صاح ، أعطاني باقي المبلغ قطعة من الحلوى المنقضي زمانها ، وشيعني بشيء من السباب الرفيق.شعرت برغبة في التقيوء.
    قبيل الظهر وأصابعي تكاد تنقطع من وطأة الأكياس ، ضغطت على زرالمصعد، صاح حارس العقار ( مش قلنا لكم عطلان ) .قلت ماذا ؟ ولمن؟ لقد أتيت لتوي ( تحشرج صوتي بها ، فتركني وراح)!!!!
    حين وصلت إلى مكمني في الطابق السادس ، كانت الأكياس التي حملتها أسوا حالا من تلك التي كان ينقلها البواب هذا الصباح.



    محمد نديم ،الجمعة 3 سبتمبر 2010
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد نديم; الساعة 03-09-2010, 04:31.
  • ميساء عباس
    رئيس ملتقى القصة
    • 21-09-2009
    • 4186

    #2
    ذباب يحوم حول نظارتي المعتمة بسبب غبار السوق وصيحات البائعين ، ورطوبة الهواء ، فركت كفي ، أنتجا سوادا لا بأس به ، الشمس تنور مستعر فوق الرؤوس ، بائعة قميئة نصف جسدها دسم مترهل ، انهالت بالسب على شابة حامل، لاذت بشيء من الراحة قليلا تحت مظلة البائعة

    محمد نديم
    صباح الخير والجمال
    قصة ممتعة جدا
    رغم أكياس الزبالة والذباب
    أعجبتي بموضوعها ..تفاصيلنا الموجعة كانت بحروف خبيرة الألم
    فتحيتي لك أيها الجميل
    لكن أستاذي هل ينقصها العقدة أم شبه لي من النعاس الذي غبّ يقظتي
    دمت متألقا دائما
    ميساء العباس
    التعديل الأخير تم بواسطة ميساء عباس; الساعة 03-09-2010, 05:31.
    مخالب النور .. بصوتي .. محبتي
    https://www.youtube.com/watch?v=5AbW...ature=youtu.be

    تعليق

    • محمد نديم
      عضو الملتقى
      • 16-05-2007
      • 50

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة ميساء عباس مشاهدة المشاركة
      ذباب يحوم حول نظارتي المعتمة بسبب غبار السوق وصيحات البائعين ، ورطوبة الهواء ، فركت كفي ، أنتجا سوادا لا بأس به ، الشمس تنور مستعر فوق الرؤوس ، بائعة قميئة نصف جسدها دسم مترهل ، انهالت بالسب على شابة حامل، لاذت بشيء من الراحة قليلا تحت مظلة البائعة

      محمد نديم
      صباح الخير والجمال
      قصة ممتعة جدا
      رغم أكياس الزبالة والذباب
      أعجبتي بموضوعها ..تفاصيلنا الموجعة كانت بحروف خبيرة الألم
      فتحيتي لك أيها الجميل
      لكن أستاذي هل ينقصها العقدة أم شبه لي من النعاس الذي غبّ يقظتي
      دمت متألقا دائما
      ميساء العباس
      الأديبة الراقية
      ميساء عباس

      أعلم أن الحبكة لم تنته إلى عقدة صارخة لتكون بعدها نقطة التنوير:
      ( Point Of enlightenment,or illumination)
      لكن السرد سار بهدوءوتراتب حتى أسود الموقف في نظر الراوي أو البطل ، فالموقف الحياتي ذاته هو الإشكالية وهو العقدة أو ذروة الحدث ، إنها فانتازيا الواقع المر لمن ينتمون إلى الطبقة الوسطى التي انسحقت في عالم الخصخصة والعولمة ، الموقف كله عقد ، والحل أيضا صار عقدة جديدة تحتاج إلى الكثير لفك طلاسمها .الإطار برمته ( بما فيه من شخوص ومكان وزمن وأحداث وتفاصيل ) هو العقدة والحل ذاته جزء من العقدة.
      The setting itself is a problem)
      عزيزتي الفاضلة ، للكاتب في عصرنا الحالي أن يتجاوز الخطوط العريضة لكتابة القصة والتي تعارف عليها الأدباء ، ولم أتجاوزها تجاهلا لقيمتها ، أو إنكارا لتأثيرها ، بل فعلت ذلك كما فعل العصر حن تجاوز كل القوانين والأعراف ، والبديهي والمألوف ، وهذه الخطوط العريضة بين المقدمة والعقدة والحل ، تراتب أكاديمي ، هاديء ، ربما يليق بزمن أكثر هدوءا وإنسانية ، أما الآن فاللامعقول هو الذي قد خلط قصة الحياة ذاتها وجعل الأمر في الواقع ملتبسا بين مئات العقد وآلاف الحلول ، إذن لابد للقلم أن يجد لنفسه أساليب أرحب ومساحات أوسع.
      النعاس لذيذ أحيانا ... وأحيانا أكثر ... ألذ.

      دمت بخيروأهلا بك سعادتي بالغة لنقدك الواعي وتواجدك النبيل.
      لا افتقدت تعليقاتك أبدا على أعمالي المتواضعة.
      تحيتي ودمت هنا ... وبخير.
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد نديم; الساعة 03-09-2010, 10:42.

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        الصورة التى اخترت أستاذى ،
        حملت أكثر مما حمل القص ،
        أو ربما كان هو الصورة الحقيقية
        التى لم تقصص علينا .. المفردات خلال
        هذا اليوم من الشهر الفضيل كانت هى هى يوميات
        شعب و ناس ضاقت بهم الصدور ، و أنهار الطرق
        و رصفان الحياة !
        نعم كانت العقدة فى كل ما أتى هنا ، فى الزبالة
        حاكمة و محكومة .. حكاما و رعية .. و قد نالني
        هنا من ذبابها الكثير و الكثير ، كما نالني من شقاوتها
        حد التضخم و الإفلاس !
        ربما كانت البداية ثقيلة إلى حد ما ، فبدت تقريرية
        و لكن وبمجرد اتلانتهاء من السطر الثاني كان القص
        يتجلي و يعطي !

        ربما هناك مفردة أو أكثر تحتاج إلى مراجعتك

        أهلا بك أستاذي محمد بيننا علما نتعلم منه
        ونقتات من شتلاته !

        محبتي
        sigpic

        تعليق

        يعمل...
        X