عودة عنترة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مريم محمود العلي
    أديب وكاتب
    • 16-05-2007
    • 594

    عودة عنترة


    نهض عنترة من سباته العميق ينفض غبار السنين عن بدنه ويتلفت يمينا وشمالا باحثا عن سيفه وفرسه لكنه لم يجد أمامه سوى صحراء واسعة تغزوها رمال حارقة جعلت الأفكار تضطرب في مخيلته وتطرح عليه أسئلة كثيرة أين شد القوم رحالهم؟ لماذا تركوني وحيدا
    في العراء دون سيفي وفرسي ؟ هل سخروا مني وهربوا بعبلة ؟ ترى أين اتجهوا ؟ لابد أن أهتدي إليهم ولو قضيت العمر باحثا عنهم
    سار عنترة ساعات وساعات يقطع الصحراء والشمس تصب جحيمها الذي لا يطاق حتى أدركه التعب وأنهكه الجوع جلس يستريح قليلا تمدد فوق الرمال منكفئا على وجهه واضعا يديه وسادة تحت رأسه وفجأة سمع صوتا مخيفا يخترق أذنيه ويقترب منه بسرعة مذهلة قفز من مكانه متأهبا وإذ بطائر غريب قد عبر من فوقه بسرعة جنونية ارتعد فرائصه من الخوف وخاطب نفسه آه لو سيفي وفرسي معي ما كنت أشعر بالخوف لكن سؤالا ألح على مخيلته هل تسطيع فرسي أن تسبق هذا الطائر وهل أستطيع قتله بسيفي
    تابع سيره مذهولا والطائر الغريب لا يبرح مخيلته حتى أطلت واحة خضراء فرح بها كثيرا بعد العناء الذي واجهه
    أشرقت الواحة بجمالها في ذاته المضطربة وأنساه تغريد الطيور وهمس الأشجار ذلك الطائر الغريب إلى حين
    قطف بعض الثمار وأكلها شعر بالارتياح فأخذ يتجول في الواحة رأى رجلا من مسافة ليست بعيدة عنه يحمل بيده عصا يصوبها إلى إحدى الشجرات فأراد أن يقترب منه ليسأله عن قومه لكنه تراجع واختبأ خلف شجرة عندما سمع دويا يخرج من تلك العصا وينطلق نحو الشجرة التي سرعان ما سقط منها ثلاثة طيور بينما طار الباقي مذعورا
    هل أصدق أنني خائف في حياتي كلها لم أخف واليوم ينتابني شعور الخوف مرتين لا مستحيل ربما أنا في حلم ولكن الطائر الغريب وهذه العصا السحرية من يدري ربما لو رآه الرجل لقتله لا لن يقترب منه وابتعد متابعا مسيره حذرا من المفاجآت التي تعترض طريقه بين الحين والحين
    نظر إلى السماء فرأى الشمس تتأهب للأفول
    -لابد من وجود مضارب قريبة من هذه الواحة لكن أين هي؟
    هذه فتاة تسوق الغنم لا بد أنها في طريق العودة إلى المضارب وفكر قليلا هل يحدثها أم يتبعها من بعيد لكنها فتاة ولن يخاف منها وما إن اقترب من الفتاة ورأته حتى صوبت بندقيتها نحوه وصرخت به قائلة : قف مكانك
    تسمرت قدما عنترة وجحظت عيناه وهو يتفرس العصا ذاتها التي رآها مع الرجل ثم استجمع شجاعته كلها وخاطب الفتاة
    - حياك الله يا أختاه
    - من أنت وماذا تريد ؟
    أحس بعطش شديد فقال : أريد ماءا
    - من أنت ؟.
    - عنترة
    - عنترة اسم قديم
    نظر إليها مستغربا وحدث نفسه "اسمي قديم ماذا حدث لهذا العالم ترى هل أصابني ما أصاب أهل الكهف فنمت سنين طويلة ثم استيقظت أم أحلم بكل ما يحدث لا لابد أنه كابوس ولكن الصحراء ذاتها التي عشت بها وهذه الواحة الخضراء إنها ذات الواحات التي يوجد منها الكثير في بلادنا لا لاشيء تغير سوى الطائر وهذه العصا قطعت الفتاة تفكيره قائلة :الماء قريب من هنا وجد تصرفات الفتاة غريبة لا تدل على الكرم الذي اشتهر به العرب وأخذ يتفحصها إنها الملامح العربية ذاتها على وجه الفتاة واللباس العربي نفسه ولكن شيئا ما تغير في هذه الفتاة
    طرح سؤالا على الفتاة :هل تعرفين أين حط قومي رحالهم
    -ومن قومك ؟
    - بني عبس
    - لم اسمع بهم من قبل !
    _أتهزئين من قومي أيتها الفتاة !
    - لا لكني لا أعرفهم !
    - العرب كلها تعرف قومي !
    - من تظن نفسك أيها الفتى ؟
    - صمت عنترة عن الكلام الذي لا جدوى منه وارتسمت على وجهه ملامح اليأس ابتسمت الفتاة لأول مرة وسألته: هل أنت مصاب ؟
    فحص عنترة نفسه بنظراته ويديه غير متأكد إذا كان مصابا أم لا فكل شيء محتمل ثم قال لها :هل تشاهدين اصابتي
    -لا ولكن ربما وقعت أو أصبت ففقدت الذاكرة !
    -ماذا تعنين ؟
    -لا شيء
    أخفضت الفتاة بندقيتها وضحكت قائلة :آسفة ولكني لا أعرف ما تريد ومن أنت؟
    -لاشيء وأعتذر منك شكرا لك
    تركها ومضى يريد أن يبتعد عن كل شيء فنادته الفتاة : تعال واتبعني أيها الفتى
    سار خلفها صامتا حتى وصلا إلى منازل غريبة الشكل ليست خياما كما اعتادها فآثر الصمت لأن كل شيء أصبح بالنسبة له كالحلم
    دخل مع الفتاة إلىالمنزل فاستقبله والدها بالترحاب بعد أن أخبرته الفتاة عنه ولمحت له ربما الفتى مصاب بفقدان الذاكرة
    وريثما يحضر له الطعام شاهد أشياء غريبة وعجيبة لاتصدق حتى كاد يجن حقا وأدرك أنه استيقظ في زمن بعد زمنه بآلاف السنين
    صندوق يتحدث ما أخطر ما تحدث به الأشخاص الذين يطلون منه دمار حروب حرب توشك أن تقع وتدمر العالم بأكمله بعد هذا يغنون ويرقصون كالجان
    دارت به دائرة من الدوامات الكثيرة التي جعلته شبه مجنون لا يشعر بوجود الأشياء مع أنها تعيش معه
    وعندما قدموا له الطعام وجد كل الأوعية غريبة وأخيرا وجد شيئا عرفه وفرح به كثيرا إنه خنجر صغير حاد تقدم منه عنترة وحمله بكلتي يديه أمسك به بقوة ثم وجهه إلى قلبه وغرسه في أحشائه وهو يبتسم لأول مرة ابتسامة ذات معان كثيرة .
    ********
    نشرت هذه القصة في المجلة الثقافية الصادرة بدمشق ( اتمنى ان تنال اعجابكم )
    تحياتي
  • عادل العاني
    مستشار
    • 17-05-2007
    • 1465

    #2
    بارك الله فيك

    نحن والله بأمس الحاجة اليوم لعنترة بسيفه وفرسه وشجاعته


    فهل سيظهر فعلا عنترة ؟


    تحياتي وتقديري

    تعليق

    • ناهد تاج هاشم
      عضو الملتقى
      • 28-12-2007
      • 207

      #3
      السلام عليكم
      شكرا جدا استاذة مريم وحقيقة اعجبتني القصة لأنها امتلكت عنصر مهم وهو الرغبة باكتشاف الحقيقة عند كل من عنترة وعندنا كقراء.
      زمن عنترة ولى وارجو ان ياتي يوم نقول عن نفسنا خير خلف لخير سلف.
      وشكرا جدا من جديد, كل مودتي واحترامي
      ناهد

      تعليق

      • د. جمال مرسي
        شاعر و مؤسس قناديل الفكر و الأدب
        • 16-05-2007
        • 4938

        #4
        الله الله
        لله درك يا مريم
        جميلة جميلة قصتك و فكرتها رائعة
        و كما قال الزملاء .. غنحن بحاجة لعنترة و صلاح و خالد و كل الأبطال ليعيدونا إلى المجد التليد
        بارك الله في قلمك المبدع
        و لك الود و التقدير
        sigpic

        تعليق

        • مريم محمود العلي
          أديب وكاتب
          • 16-05-2007
          • 594

          #5
          [align=center]أستاذ عادل العاني
          كل الشكر لك من الأعماق
          سررت جدا بمرورك
          تحياتي لك
          [/align]

          تعليق

          • علاء الدين حسو
            عضو الملتقى
            • 08-12-2007
            • 124

            #6
            شتان بين هذا النص الراقي وبين نص قراته مؤخرا عن عنتر ..ذلك النص يعيد عنترة وعبلة وشداد الى حياتنا فيترك السيف جريا وراء دفع الفواتير الهاتف وشراء الوقود
            وبين هذا النص ..يستدعي عنترة وقد فقد اهله ويأبى الا اصالته فاختار نهايته على طريقة ساموراي اليابان ..
            انها دعوة للتمسك بأصالة ..

            مريم شكرا اعدت لنا اعتبار عنترة

            تعليق

            • مريم محمود العلي
              أديب وكاتب
              • 16-05-2007
              • 594

              #7
              [align=center]ناهد تاج هاشم
              هل الشجاعة في هذا الومن تكفي ؟؟؟؟؟
              هل مازلنا نحافظ على اخلاقنا العربية ؟؟؟؟؟؟
              لست ادري
              كل الشكر والتقدير لك
              تحياتي
              [/align]

              تعليق

              • مريم محمود العلي
                أديب وكاتب
                • 16-05-2007
                • 594

                #8
                [align=center]دكتور جمال
                نعم نحن بأمس الحاجة لالقاء الضوء على ابطالنا وعظماء امتنا
                أحييك وأجمل الامنيات لك
                [/align]

                تعليق

                • مريم محمود العلي
                  أديب وكاتب
                  • 16-05-2007
                  • 594

                  #9
                  [align=center]علاء الدين حسو
                  سررت جدا بكلامك وبالمقارنة
                  وأحمد الله ان النص اعجبك
                  كل الشكر لك
                  تحياتي
                  [/align]

                  تعليق

                  • احمد السقال
                    عضو الملتقى
                    • 26-12-2007
                    • 38

                    #10
                    العزيزة مريم
                    قرأت هنا حنينا الى عراقة الماضي ,في مقابل مسخ الحاضر برؤية شخصية ارتبطت في متخيل العربي بالبطولة والشهامة, ورفض لهذا الحاضر اذا انسلخ عن جذوره..او هكذا قرأت...
                    مودتي

                    تعليق

                    • مريم محمود العلي
                      أديب وكاتب
                      • 16-05-2007
                      • 594

                      #11
                      [align=center]الأستاذ : أحمد السقال
                      قراءتك صحيحة
                      منتمنى أن نصوغ مستقبلا افضل
                      كل الشكر والتقدير لك
                      تحياتي
                      [/align]

                      تعليق

                      • طوق الياسمين
                        عضو الملتقى
                        • 13-12-2007
                        • 225

                        #12
                        استاذتي مريم

                        احييك على هذه القصة ، رائعة في سردك


                        عنترة وشجاعة عنترة أو فروسية عنترة ، التي تغنى بها العرب ، والتي يتغنى بها شبابنا ، نحن لازلنا نعيش على اطلالها، لذلك لا نتقدم ، فعنترة ، شأنه شأن حضارتنا المسلوبة التي بقينا نفتخر ونتغنى بها ، الى ان قدمناها على طبق ليس من ذهب وانما من قصدير ، وقتلناها ، يوم قتلنا بغداد

                        عنترة وفروسيته ، وحلم كل شاب ان يصبح عنترة وحلم كل فتاة ان تكون محبوبته ، جعل شبابنا ينغمسون في الماضي ولا ينظرون الى الأمام
                        كم نحن محتاجون لعنترة الحقيقي ان يتجسد في شخصيات حقيقية تعيش يومنا هذا وتنظر الى المستقبل وليس الى الخلف
                        نحتاج عنترة بيننا بحق، بكل مقومات عنترة ، وليس شخصيات تبكي على أنقاضه .
                        نريد سيف عنترة الحقيقي ، وليس سيفه الموجود في التاريخ

                        اعجبتني نهاية القصة ،

                        لكن لو عاد عنترة الذي قرأناه وعشقنا فروسيته وشجاعته ، لما فعل هذا ، لربما تعلم لغة العصر وقاومه، لكان عنترة نفسه يعود بفروسيته المعهودة ، لما قتل نفسه ، فعنترة الذي قرأناه يقوم وينهض ويرمي التراب ويرمي ايضا اي غبار عن حضارتنا

                        لكن هيهات ان يعود ، حتى لو بجسد رجل اخر
                        ربما كنت في الماضي ، ولن اكذب حتى في الحاضر ، اعتقد ان عنترة اسطورة ، نتغنى بها، وربما كتبها احد الشعراء القدامى ،

                        ربما كان يريد ان يكون عنترة ، فذهب الى اختراع قصته
                        طبعا هذه اوهام من عقلي ، لكن ما أدرانا هل صدق التاريخ معنا، اجده لا يصدق ، فهل سيأتي الى قصص عنترة وفروسية عنترة وسيصدق معنا !!!!!

                        واذا كان كذلك ، لماذا لا يأتي من سلاسلة عنترة من مثله ام انهم انقرضوا، ام انه الزمن ومتغيراته قتلت كل شيء
                        ما سبق مجرد خربشات لا تبالي بها ، هي تدور في عقلي

                        فربما هناك من سيقول لي ، ها هو سيدنا محمد عليه السلام وصحبه كلهم ، أقول لهم ، هيهات بيننا وبينهم ، هم عاشوا في النور كان هناك دين يسيرون عليه ،
                        لكن نحن الان نعيش في تلك الجاهلية، ولكن على الاقل تلك الجاهلية التي عاشها عنترة أخرجت فارس ، وزماننا لا فارس فيه ،،

                        قلت لك هذه خربشات ،
                        احدثتها قصتك في نفسي
                        وهذا لا يحدثه الا كاتب رائع مثلك


                        رائعة أنتِ

                        تقبلي

                        تحياتي

                        وتقديري
                        [url=http://www.anageed.com/upload][img]http://www.anageed.com/upload/uploads/52be3680e5.jpg[/img][/url]


                        مـــا ريــان محــمــود

                        تعليق

                        • مصطفى بونيف
                          قلم رصاص
                          • 27-11-2007
                          • 3982

                          #13
                          عنترة العبسي ...

                          تذكرت وأنا اقرأ قصاك الجميلة هاته ، قصيدة لشاعرنا الراحل نزار قباني رحمه الله يقول فيها :

                          لا زال يكتب شعره العذري قيس
                          واليهود تسربوا إلى فراش ليلى العامرية
                          حتى كلاب الحي لم تنبح
                          ولم تطلق على الزاني رصاصة بندقيــــة

                          قصة جميلة ، موجعة ....فهل من عنترة ؟
                          [

                          للتواصل :
                          [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                          أكتب للذين سوف يولدون

                          تعليق

                          • نزار ب. الزين
                            أديب وكاتب
                            • 14-10-2007
                            • 641

                            #14
                            [align=center]الفاضلة مريم
                            أيقظت العظام و هي رميم ، و أحييت التاريخ و هو نائم ، خيال خصب استثمرتيه في ابراز الهوة الثقافية بين الماضي و الحاضر باسلوب سلس جذاب
                            دمت و دام و إبداعك
                            نزار
                            [/align]

                            تعليق

                            • سمير طبيل
                              عضو الملتقى
                              • 04-12-2007
                              • 120

                              #15
                              بارك الله فيكي
                              القصة رائعة
                              يا ليت عنترة معنا الان
                              تحياتي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X