حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د/ ثروت عكاشة السنوسي
    عضو الملتقى
    • 19-02-2010
    • 20

    حوار مع الصمت// للدكتور ثروت عكاشة السنوسي

    حوار مع الصمت..!


    زمجر الصمت في وجهي، فالتصق بصري طويلاً بزاوية السقف وأنا متكئ على حافة سريري، يسري بكوعي تنميل شديد، فرأسي الثقيل محمل عليه، أعتدل.. أشعر بألمٍ أشد.. بيدي الأخرى أدعك ذراعي فتنفرد رويدا..
    أتمطى وأتثاءب.. ألقي بظهري إلى المرتبة مرة أخرى.. لا صوت يؤنسني سوى أنين الصمت يحوطني متخبطاً في جدران بيتي كالسكير..
    أتململ، أذكرني طفلا أمام بيتنا يعجن التراب بالماء على الشاطئ، يحملني بين ذراعيه وحيداً، فأبني من الطين بيتا وأصنع حمارا وطفلا يركبه. ومن عيدان الخوص غيطاً مليئا بالشجر..
    حين يحضر الصبية للعب معي.. أصرخ في وجوههم، فيفرون وأبقى وحيداً.. بعدها بقليل.. يهاجمني الملل.. أهد البيت بقدمي وأقطع رقبة الحمار وألقي بالصغير إلى الماء، ثم أكسِّر أشجار الغيط. وألقيها في قلب الترعة خلف الطفل، حينها يهتز السكون عند ارتطامها بالماء وأعود وحيداً بلا أصدقاء..
    حين شببت.. زمجرتُ يوماً في وجهه، وصحبتها بين شجر الورد.. قدمت لها عقود الفل والياسمين.. ضحكنا بصوتٍ عالٍ وتشابكت أصابعنا.. داعبتنا الريح. وتساقطت أوراق الشجر فوق رؤوسنا..
    كدت أهجره ويبتعد.. أشعر بالنصر وأنا معها. ويشعرني بالهزيمة حين أخلو إلى نفسي، فتشق رسائلها شجوني..أراقص صمتي بقلبٍ مشتعلٍ بالعشق، أتوحد بالمكان رويداً وخيالاتها ربما تعود؛ لكنها ذهبت بعيداً ولم تعد..
    أطبق عليّ من جديد.. عاد يضمني بين ذراعيه القويتين، فأستكين ولا أقاوم.. في خلوتي أسمعه بلا خيار ويسمعني مرغماً بلا حكيّ. وكأننا متعانقان بلا افتراق.. ورسائلها القديمة تعود إلى يديّ مراتٍ ومرات.. أكرر قراءتها.. أول كل رسالة باسم الحب "حبيبي... وأخرها إلى اللقاء.. حين وصلت إلى الرسالة الأخيرة، كان أولها أحبك وأخرها وداعاَ..
    ينتابني شعور يدعوني إلى الضحك.. أحاول أن أقاومه، فلا أستطيع.. أقهقه بأعلى صوتي.. تنطلق ضحكاتي.. تصطدم بالجدران.. ثم لا تلبث أن ترتد إليّ سريعاً..
    يهزمني كعادته. ويعود ليفرد جناحيه على المكان مفاخراً، فتنسدل جفوني على دمعتين.. تحرقانه، فيهتز على النحيب؛ لكنه ما يزال يسكنني..
    أكور رسائلها بين يدي، وألقي بها رسالة بعد الأخرى عبر فراغ النافذة لعلها تصلها فتعود..
    وخزني بإصرار.. رحت أدير عينيّ في أركان البيت بلونها الرمادي الكئيب.. والضوء الباهت.. تحركت رويدا نحو الباب.. تحسسته في وخم وشددت المزلاج بقوة.. فانفتح عن آخره.
    تضاءل الصمت.. شعرت بوحدتي رحت ألملم رسائلها المبعثرة على الطريق. وانطلق عائدا إليه من جديد..
    ***
    د/ ثروت عكاشة السنوسي
    مصـــــــــر
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    حوار مع الصمت ، أم حوار مع الذكريات
    مع السنين المولية ، و الصمت كان آخر ما بقي
    لك .. بين أنيابه تعيش ، و على فراشه تتمدد


    أعجبني الأسلوب كثيرا ، و اللغة
    ولم تعجبني حالة التنقيط أبدا ، التى قطعت
    استرسال الحديث دون أى مبرر ، إلا أنك
    تخففت من علامات الترقيم شأن كل كتاب الانترنت بما فيهم أنا ههههه


    أهلا دكتور ثروت بحضورك المشع
    و مرحبا بالصعايدة و جنوب الوطن الغالي

    محبتي

    كل سنة و أنت بكل الخير و السعادة
    sigpic

    تعليق

    • الحسن فهري
      متعلم.. عاشق للكلمة.
      • 27-10-2008
      • 1794

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة د/ ثروت عكاشة السنوسي مشاهدة المشاركة

      حوار مع الصمت..!

      زمجر الصمت في وجهي، فالتصق بصري طويلاً بزاوية السقف وأنا متكئ على حافة سريري، يسري بكوعي تنميل شديد، فرأسي الثقيل محمل عليه، أعتدل.. أشعر بألمٍ أشد.. بيدي الأخرى أدعك ذراعي فتنفرد رويدا..
      أتمطى وأتثاءب.. ألقي بظهري إلى المرتبة مرة أخرى.. لا صوت يؤنسني سوى أنين الصمت يحوطني متخبطاً في جدران بيتي كالسكير..
      أتململ، أذكرني طفلا أمام بيتنا يعجن التراب بالماء على الشاطئ، يحملني بين ذراعيه وحيداً، فأبني من الطين بيتا وأصنع حمارا وطفلا يركبه. ومن عيدان الخوص غيطاً مليئا بالشجر..
      حين يحضر الصبية للعب معي.. أصرخ في وجوههم، فيفرون وأبقى وحيداً.. بعدها بقليل.. يهاجمني الملل.. أهد البيت بقدمي وأقطع رقبة الحمار وألقي بالصغير إلى الماء، ثم أكسِّر أشجار الغيط. وألقيها في قلب الترعة خلف الطفل، حينها يهتز السكون عند ارتطامها بالماء وأعود وحيداً بلا أصدقاء..
      حين شببت.. زمجرتُ يوماً في وجهه، وصحبتها بين شجر الورد.. قدمت لها عقود الفل والياسمين.. ضحكنا بصوتٍ عالٍ وتشابكت أصابعنا.. داعبتنا الريح. وتساقطت أوراق الشجر فوق رؤوسنا..
      كدت أهجره ويبتعد.. أشعر بالنصر وأنا معها. ويشعرني بالهزيمة حين أخلو إلى نفسي، فتشق رسائلها شجوني..أراقص صمتي بقلبٍ مشتعلٍ بالعشق، أتوحد بالمكان رويداً وخيالاتها ربما تعود؛ لكنها ذهبت بعيداً ولم تعد..
      أطبق عليّ من جديد.. عاد يضمني بين ذراعيه القويتين، فأستكين ولا أقاوم.. في خلوتي أسمعه بلا خيار ويسمعني مرغماً بلا حكيّ. وكأننا متعانقان بلا افتراق.. ورسائلها القديمة تعود إلى يديّ مراتٍ ومرات.. أكرر قراءتها.. أول كل رسالة باسم الحب "حبيبي... وأخرها إلى اللقاء.. حين وصلت إلى الرسالة الأخيرة، كان أولها أحبك وأخرها وداعاَ..
      ينتابني شعور يدعوني إلى الضحك.. أحاول أن أقاومه، فلا أستطيع.. أقهقه بأعلى صوتي.. تنطلق ضحكاتي.. تصطدم بالجدران.. ثم لا تلبث أن ترتد إليّ سريعاً..
      يهزمني كعادته. ويعود ليفرد جناحيه على المكان مفاخراً، فتنسدل جفوني على دمعتين.. تحرقانه، فيهتز على النحيب؛ لكنه ما يزال يسكنني..
      أكور رسائلها بين يدي، وألقي بها رسالة بعد الأخرى عبر فراغ النافذة لعلها تصلها فتعود..
      وخزني بإصرار.. رحت أدير عينيّ في أركان البيت بلونها الرمادي الكئيب.. والضوء الباهت.. تحركت رويدا نحو الباب.. تحسسته في وخم وشددت المزلاج بقوة.. فانفتح عن آخره.
      تضاءل الصمت.. شعرت بوحدتي رحت ألملم رسائلها المبعثرة على الطريق. وانطلق عائدا إليه من جديد..


      ***


      د/ ثروت عكاشة السنوسي


      مصـــــــــر
      بسم الله.

      مررت بهذا السرد المسترسل الجميل..
      بلغته المنتقاة، وبنائه المتماسك..
      وحرصه على توظيف علامات الترقيم،
      توظيفا مناسبا..

      لا أدري ما إذا كانت: حكيّ وَوخم،
      في مكانيهما المناسبين..
      والله أعلم.

      كل عام وأنتم بخير.

      وتحيات من أخيكم.

      التعديل الأخير تم بواسطة الحسن فهري; الساعة 05-09-2010, 23:25.
      ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
      ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
      ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
      *===*===*===*===*
      أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
      لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
      !
      ( ح. فهـري )

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة الحسن فهري مشاهدة المشاركة

        بسم الله.

        مررت بهذا السرد المسترسل الجميل..
        بلغته المنتقاة، وبنائه المتماسك..
        مع حرصه على توظيف علامات الترقيم،




        أستاذي الحسن فهرى
        ليلتك سعيدة و قدر
        استوقفني هنا فى تعليقكم
        مع حرصه على توظيف علامات الترقيم
        و أسأل : أين هذا التوظيف ؛ و الرجل لم يذكر إلا النقاط واحدة أو اثنتين ؟!
        أرجو توضيح هذا الأمر لحيويته هنا
        فلربما اتخذناه مثلا و قدوة ، و ألقينا بكل علامات الترقيم عرض البحر !!

        خالص محبتي
        sigpic

        تعليق

        • الحسن فهري
          متعلم.. عاشق للكلمة.
          • 27-10-2008
          • 1794

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
          أستاذي الحسن فهرى
          ليلتك سعيدة و قدر
          استوقفني هنا فى تعليقكم
          مع حرصه على توظيف علامات الترقيم
          و أسأل : أين هذا التوظيف ؛ و الرجل لم يذكر إلا النقاط واحدة أو اثنتين ؟!
          أرجو توضيح هذا الأمر لحيويته هنا
          فلربما اتخذناه مثلا و قدوة ، و ألقينا بكل علامات الترقيم عرض البحر !!

          خالص محبتي
          بسم الله.

          وطابت ليلتك، أستاذي الكريم/ ربيع عقب الباب،

          نعم، أعجبني تمسك الرجل بالنقطة، والنقطتين المتتابعتين،
          والفاصلة، يفصل بها بين كلا م وكلام، وحالة وأخرى،
          وموقف وآخر، وهو يسترسل في سرده الجميل..
          لا يلقي القول متراكما متراكبا بعضه فوق بعض،
          فيتعب القارئ، إن لم ينفره من بضاعته الإبداعية المزجاة.

          هذا رأيي،
          وهو مجرد رأي قائم على مجرد ذوق لا أكثر..
          وليس ملزما..
          مع تمسكي بعلامات الترقيم،
          وإخلاصي لها،
          واعتبارها من صميم الكتابة باللغة العربية البديعة.

          احترامات أخيكم.
          ولا أقـولُ لقِـدْر القـوم: قدْ غلِيَـتْ
          ولا أقـول لـباب الـدار: مَغـلـوقُ !
          ( أبو الأسْـود الدّؤليّ )
          *===*===*===*===*
          أنا الذي أمرَ الوالي بقطع يدي
          لمّا تبيّـنَ أنّي في يـدي قـلــمُ
          !
          ( ح. فهـري )

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة الحسن فهري مشاهدة المشاركة

            بسم الله.

            وطابت ليلتك، أستاذي الكريم/ ربيع عقب الباب،

            نعم، أعجبني تمسك الرجل بالنقطة، والنقطتين المتتابعتين،
            والفاصلة، يفصل بها بين كلا م وكلام، وحالة وأخرى،
            وموقف وآخر، وهو يسترسل في سرده الجميل..
            لا يلقي القول متراكما متراكبا بعضه فوق بعض،
            فيتعب القارئ، إن لم ينفره من بضاعته الإبداعية المزجاة.

            هذا رأيي،
            وهو مجرد رأي قائم على مجرد ذوق لا أكثر..
            وليس ملزما..
            مع تمسكي بعلامات الترقيم،
            وإخلاصي لها،
            واعتبارها من صميم الكتابة باللغة العربية البديعة.

            احترامات أخيكم.
            شكرا أستاذي الغالي على التوضيح
            أكرمكم الله بفضله سبحانه
            أتدري أستاذي لم لم أر الفاصلة ؟
            لأنها كانت تخطيء باستمرار مكانها !!

            شكرا شكرا .. كنت أكثر التزاما بعلامات الترقيم من الكاتب الصديق الجميل !!
            sigpic

            تعليق

            • د/ ثروت عكاشة السنوسي
              عضو الملتقى
              • 19-02-2010
              • 20

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              حوار مع الصمت ، أم حوار مع الذكريات
              مع السنين المولية ، و الصمت كان آخر ما بقي
              لك .. بين أنيابه تعيش ، و على فراشه تتمدد


              أعجبني الأسلوب كثيرا ، و اللغة
              ولم تعجبني حالة التنقيط أبدا ، التى قطعت
              استرسال الحديث دون أى مبرر ، إلا أنك
              تخففت من علامات الترقيم شأن كل كتاب الانترنت بما فيهم أنا ههههه


              أهلا دكتور ثروت بحضورك المشع
              و مرحبا بالصعايدة و جنوب الوطن الغالي

              محبتي

              كل سنة و أنت بكل الخير و السعادة
              أيها الحبيب الغالي
              مبدعنا الراقي/ ربيع عقب الباب
              أبدعت قبلنا، فتعلمنا منك الكثير،
              وإن نسينا بعضه فعليك التذكرة..
              حضورك يسعدني كثيرا
              باقة ورد وريحان من قلبي إليك
              مودتي لك وعناق دائم
              د/ ثروت عكاشة السنوسي
              مصـــــــــــــر

              تعليق

              • د/ ثروت عكاشة السنوسي
                عضو الملتقى
                • 19-02-2010
                • 20

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                حوار مع الصمت ، أم حوار مع الذكريات
                مع السنين المولية ، و الصمت كان آخر ما بقي
                لك .. بين أنيابه تعيش ، و على فراشه تتمدد


                أعجبني الأسلوب كثيرا ، و اللغة
                ولم تعجبني حالة التنقيط أبدا ، التى قطعت
                استرسال الحديث دون أى مبرر ، إلا أنك
                تخففت من علامات الترقيم شأن كل كتاب الانترنت بما فيهم أنا ههههه


                أهلا دكتور ثروت بحضورك المشع
                و مرحبا بالصعايدة و جنوب الوطن الغالي

                محبتي

                كل سنة و أنت بكل الخير و السعادة
                أستاذي الحبيب قلعة الفكر والأدب
                ربيع عقب الباب
                أنت الأستاذ ونحن التلاميذ..
                منك تعلمناالكثير فإن نسينا بعضه.. فعليك التذكرة
                حضورك البديع يروقني ويزيدني ثراءًا
                مودتي لك وعناق دائم
                د/ ثروت عكاشة السنوسي
                مصـــــــــر

                تعليق

                • د/ ثروت عكاشة السنوسي
                  عضو الملتقى
                  • 19-02-2010
                  • 20

                  #9
                  [align=center]
                  أساتذتي الكرام وأحبائي في الله
                  أستاذي الراقي / الحسن فهري
                  أشكرك بصدق وكلامك المشجع لي تاج فوق رأسي
                  وشهادة أعتزوأفخربها كثيرا..
                  شاكرا مرورك وذوقك الرفيع ..
                  راجيا صداقتك التي تشرفني
                  وكل عام وأنت بخير سيدي.

                  أستاذي الرائد/ ربيع عقب الباب
                  لا تكن قاسيا معي يا رجل هكذا..
                  فالقصة كتبتها من زمن مضى،
                  وأنت لم تكن شرحت لي علامات الترقيم ،
                  فلم نكن قد وصلنا في المنهاج إليها..
                  وأنا أنتظر بيني وبينك سيدي شرحها من جديد،
                  فربما أنا تلميذ كسول.. فرفقا بي سيدي..
                  فأنا أحبك كثيرا ولا أكره عصاك..ههههه
                  مودتي لكما معا وبكل الحب رأيكما هو الصواب
                  د/ ثروت عكاشة السنوسي
                  مصــــــــر
                  [/align]

                  تعليق

                  يعمل...
                  X