امرأة تدخل سن اليأس ب"كامل مشمشها"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • طارق عليان
    أديب وكاتب
    • 06-01-2008
    • 147

    امرأة تدخل سن اليأس ب"كامل مشمشها"

    كان قرارها الانفصال عنه مؤلما أشد الألم, كطعم الموت في حلق ذلك الواقف أمام مشنقة الإعدام, والحبل يلتف حول رقبته, ولكنه كان الخيار الوحيد, فلا بد من الرحيل, إلى أين كانت قد قررت سلفا وجهتها إلى القادمة.
    عندما قابلته أول مرة قفز قلبا بين ضلوعها وارتجف جسدها كله, لم يكن الحب الأول في حياتها, ولكنها امرأة تدخل سن اليأس ب"كامل مشمشها" لن تخطيء في تجربة الحب من جديد, غرقا في بحر الحياة, ونهلا منه الحب والسعادة, عاشا كقصص الحب الجميلة في تراث البشرية الزاخر.
    ولكن هي كانت تدرك حقيقة أخرى, قد لا يتحدث بها الأصدقاء أمامها, لكنها كانت الحقيقة, كانت الغصة التي ما فتئت تقف في حلقها منذ أن عرفته في ذلك اليوم وقررا الارتباط سويا, الأطفال, نعم تلك هي الحكاية, كل رجل يريد طفلا من صلبه يكمل به مشوار الإنسانية, كل رجل يرغب في وريث يرث اسمه ويورثه للأجيال القادمة, كيف لا؟! وهي التي حلمت دوما بطفل تحمله بين يديها, طفل لها وحدها, ليس أطفال العالم, بل مثلها هي فقط, هي حرمت من هذا الطفل بدون إرادتها, ولكنها تحرمه منه بإرادتها وهي التي تعلم أن عمرها ما عاد يؤهلها للحمل بتاتا.
    إذن هذه هي الحكاية, قرأتها في عينيه كلما رأى أو لمس طفل لصديق من أصدقائهما, كما قرأتها في عيون الآخرين, وأحست بالذنب, ذنبها هي وحدها, فهو لازال قادرا على إنجاب الأطفال أما هي فلا, فقررت الرحيل....
    صارحته بالفكرة فرفض بشدة, أقسم أغلظ الأيمان أن سعادتهما مكتملة, وأن الطفل لن يغير في مسار هذه السعادة, ولكنها كانت تعرف الحقيقة, فهي تقرأها في عينيه, أقنعته بأنهما يمكنهما التجربة, سينفصلان لفترة, فإذا لم يتمكنا من ذلك سيعودان للاقتران, فوافق, أو اضطر للموافقة, فهو الذي أحبها إلى حدود المستحيل, وعدته أن تكتب له أخبارها حتى تلطف بينهما جو الانفصال, وكان الفراق.
    بعد يوم استلم مها رسالة قالت فيها أنها لم تشعر بشيء, وكأنها تأخرت في زيارة ما وعادت للبيت وهو نائم, فلم تشعر بشيء غير عادي.
    بعد أسبوع وصلته رسالة جديدة, قالت أنها تشعر أنها بعيدة عنه قليلا ولكنها لازالت تملك قرار العودة.
    بعد شهر قالت أنها أحست بطعم الفراق ولم تكف عن البكاء حزنا على فراقهما.
    بعد عام قالت أن الحياة بلا طعم فهي تبكيه ليلا نهارا, فلا طعم لحياتها بدونه, ولكن الأقدار تصنع يهما ما تشاء.
    بعد خمس أعوام وصلته رسالة جديدة قالت فيها إنها تعودت على حياتها الجديدة بدونه, فهي أصبحت تخرج وتقابل الأصدقاء, تبتسم وتضحك أحيانا, ولكنها ما انفكت تذكره كل لحظة من حياتها.
    بعد عشر أعوام وصلته رسالة جديدة تقول فيها أنه لا بد وقد أدرك أن قرارهما كان صائبا بالانفصال, فلو سارت جنبه الآن لبدت بعمر أمه, ولقال الناس ها هي الأم تسير مع ولدها.
    بعد عشرين عاما قرأ رسالتها الجديدة التي قالت فيها, الآن من حقك أن تعرف الحقيقة كاملة, كل تلك الرسائل كتبتها في يوم واحد ووضعت عليها أوقات وتواريخ, وطلبت من إحدى صديقاتي أن ترسلها لك في الأوقات والتواريخ المحددة, أما أنا فلم أكن احتمل الحياة بدونك, فلا طاقة لي بها وحدي, فقررت وضع حدا لحياتي والرحيل إلى الأبد, منذ ذلك اليوم الذي انفصلت فيه عنك.

    انتهى
    طارق عليان
    tarekalian@hotmail.com

    ملاحظة: مصطلح "كامل مشمشها" مقتبس من الشاعر الكبير محمود درويش, له الصحة وطول البقاء.
  • ضحى بوترعة
    نائب ملتقى
    • 22-06-2007
    • 852

    #2

    قصة تخترق واقع الأنثى ..........واقع فيه المرارة والخوف من الزمن

    شكرا لهذا التوغل في نفسية المرأة الأم والعاشقة .........

    وشكرا على هذا السرد المتماسك للقصة

    مودتي وتقديري

    تعليق

    • طارق عليان
      أديب وكاتب
      • 06-01-2008
      • 147

      #3
      عزيزتي ضحى
      شكرا لمشاركتك الغالية...
      الانثى جزء أساسي في المجتمع وان لم نحسن اختراق نفسيته لا نحسن أبدا فهمه بالشكل اللائق, و أنا فقط أحاول...
      دمت بخير

      تعليق

      • على جاسم
        أديب وكاتب
        • 05-06-2007
        • 3216

        #4
        السلام عليكم

        قصة جميلة أخي

        قد تكون بعض القرارات مصيرية

        ولكن يجب اتخاذها

        كما أتخذتها بطلة هذه القصة

        شكرا لك اخي

        تشكرات
        عِشْ ما بَدَا لكَ سالماً ... في ظِلّ شاهقّةِ القُصور ِ
        يَسعى عَليك بِما اشتهْيتَ ... لَدى الرَّواح ِ أوِ البكور ِ
        فإذا النّفوس تَغرغَرتْ ... في ظلّ حَشرجَةِ الصدورِ
        فهُنالكَ تَعلَم مُوقِناَ .. ما كُنْتَ إلاََّ في غُرُور ِ​

        تعليق

        • طارق عليان
          أديب وكاتب
          • 06-01-2008
          • 147

          #5
          الاستاذ علي جاسم
          شكرا على مرورك واطلالتك الغالية
          ليس مهما كم يكون القرار غاليا؟ المهم أ نتخذه, فمنا من لا يستطيع اتخاذ قرار التضحية حتى ولو كان رخيصا جدا...
          دمت بخير

          تعليق

          • تقوى مساعدة
            عضو الملتقى
            • 03-01-2008
            • 60

            #6
            قليلة هي القصص التي تحمل هذا النصيب من الدهشة و التكثيف و العمق

            جميلة جدا

            شكرا للمشاركة
            [align=center]لا أوقع .. لأنني حاليا لا أتوقع [/align]

            تعليق

            • ناهد تاج هاشم
              عضو الملتقى
              • 28-12-2007
              • 207

              #7
              قصة متماسكة جدا وتثير حفيظة القارئ وتدفعه لمتابعة قراءة القصة لأخرها.
              وأظن الأنثى هنا رمز , وموضوع عدم قدرتها على الإنجاب هو الأخر رمز . إلا أن الحياة تستمر ... وسباق الأعوام يستمر .
              شكرا جزيلا أستاذ طارق.
              دمت بخير
              ناهد

              تعليق

              • طارق عليان
                أديب وكاتب
                • 06-01-2008
                • 147

                #8
                أستاذة تقوى
                أشكرك جدا على مرورك وعلى تلك الدفعة الايجابية بحق هذه القصة
                أرجو أن ابقى دوما عند حسن ظنك
                دمت بخير

                تعليق

                • عفت عزيز
                  عضو الملتقى
                  • 31-01-2008
                  • 299

                  #9
                  [frame="5 70"]الاستاذ طارق عليان

                  شدني جدا عنوان القصة

                  أمرأة تدخل سن اليأس بكامل مشمشها

                  عنوان غريب ولكنه مثير

                  اولا لتناول سن اليأس وثانيا بكامل مشمشها

                  اي استطاعه المرأه ان تتخذ قرار مصيري رغم ضعفها واحتياجها لرجل

                  احيي احاسيسك القويه بالمرأة وحبكه القصة حتي النهاية

                  مودتي دائما

                  عفت عزيز
                  [/frame]
                  [ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.almolltaqa.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/4.gif');background-color:deeppink;"][CELL="filter:;"][FONT=Diwani Letter][SIZE=6][COLOR=darkblue][ALIGN=center]القمــــــــر صديقــــــي الأبـــــــــدي[/ALIGN][/COLOR][/SIZE][/FONT][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]

                  تعليق

                  • طارق عليان
                    أديب وكاتب
                    • 06-01-2008
                    • 147

                    #10
                    أخي عفت عزيز
                    شكرا لك ولاطرائك الذي يزيدني ثقة فيما أكتب
                    امرأة إحدى قضاياي الشخصية فلن أتخلى عنها أبدا
                    لك إحترامي

                    تعليق

                    • طارق عليان
                      أديب وكاتب
                      • 06-01-2008
                      • 147

                      #11
                      استاذة ناهد تاج هاشم
                      أعذريني اذا كنت قد تأخرت عنك بالرد فظروف الكهرباء في غزة يعلمها القاصي والداني...
                      أشكرك على نقدك الجميل ومرورك الكريم..
                      المرأة هنا هي كل شيء هي الزوجة والام والوطن والهوية....
                      دمت مبدعة

                      تعليق

                      يعمل...
                      X