انعاش

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هيثم عبدربه السيد
    أديب وكاتب
    • 08-09-2010
    • 48

    انعاش

    حينما أفقت من غيبوبتي الأخيرة -إحدى غيبوبات السكر اللعين المتكررة- وجدتني محاصرا بأياد كهربية رفيعة تلتصق أكفها بخلايا جسدي المدد على بساط ابيض ،تحتضنني غرفة ضيقة لالغو فيها عدا آهات نبضاتي من أعماق قلبي القابع خلف شاشة " المونيتور" وعاود الظهور مرة اخرى ذلك الطائر الخرافي يحلق فى فضاء الغرفة الضيقة ، يقترب منى راقصا ، تصاحبه موسيقى جنائزية كلاسيكية كانت آخر التقطته اذناى قبل أن أغوص فى دوامات اللاوعي. يعاودني الشعور بان أنفاسه لهب حارق يعتصر طبقات جلدي فيخرج منها ينابيعا من ملح بارد واستشعر -كلما دنا منى-انتزاع انفاسى وارتخاءات أطرافي وزحف ليلى على طاقتي النور فى رأسي ، رويدا رويدا تتضح بشاعة الطائر ،أغلق طاقتي النور فى رأسي فى محاولة للإفلات من بشاعة اقترابه فاجدنى هائما عاريا أمام بيتي الريفي على أطراف قريتي البعيدة المنسية ، أهرول إلى حيث كنت اجلس تحت شجرة التوت الكبيرة ،أتفقد أشيائي التي تركتها على منضدتي الصغيرة ...فنجان قهوتي النصف ممتلئ ،قصيدتي التي لم تنتهي ،جريدة المساء التي لم أقرأها وعلبة سجائري الرخيصة . أقترب من أشيائي ، أحاول أن ألملمها ..تأتيني من بعيد تلك الموسيقى الجنائزية الكلاسيكية ، احتضن أشيائي بقوة ،انطلق كالممسوس إلى داخل البيت ،ارتمى وأشيائي فى أحضان زوجتي وطفلتي الصغيرة ،تحاصرني الموسيقى الجنائزية واجد الطائر الخرافي يقبض على رأسي بمخالبه الحادة ،يجتذبني وهو فى طريقه للصعود ، تتشبث بى زوجتي وطفلتي تنغرس مخالبه فى عنقي كلما حاول الصعود ،تنبت من أشيائي أياد طويلة تلتف حولي ، تجتذبني إلى الأسفل ..أكاد أتمزق بين مخالب الطائر وأيادي زوجتي وطفلتي وأشيائي فتنفلت من حنجرتي آهة مدوية ينفتح بعدها باب الحجرة الضيقة ،يلطمني جناحا ملائكيا عدة لطمات أفتح عيني أجدها ممرضة شابة بثوب أزرق باهت طبعت على صدره بخط واضح "إنعاش" ،أراها فى ذاكرتي مجزأة "إن-عاش".
    تعيد الممرضة بعض الأسلاك المتصلة بجسدي إلى موضعها ، تقبض على معصمي بجناحها الملائكي وتركز نظرها على "المونيتور" للحظات . بعدها تنظر إلى وهى تبتسم قائلة
    -الحمد لله ربنا كتب لك عمر جديد .
    أتأمل الغرفة ،أبحث عن ذلك الطائر الخرافي لاأجده أستلذ بدقات قلبي المنتظمة فتسرى فى عروقي نشوة البقاء فأبادلها الابتسامة.
    هيثم عبدربه السيد
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    مرحبا أخي هيثم،
    كم كنت سعيدا باحتضان النصّ .نصّ قصير لكنّ المحنة طويلة على متنه،و لست أرى سوى أنّ إبداع كاتبه سيطول.
    أعجبني النصّ أخي الكريم.
    و ربّما تكفّل أحد الزّملاء الأكثر كفاءة منّي بالتّنويه إلى ما جاء فيه عفويّا من أخطاء لغويّة طفيفة.
    شكرا لك و أهلا و سهلا بك بيننا.و كلّ عام و أنت بخير.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • هيثم عبدربه السيد
      أديب وكاتب
      • 08-09-2010
      • 48

      #3
      شكرا أخى الكريم على مرورك الكريم ...ويزداد النص قيمة وألقا بمرور أصحاب الأقلام الرفيعة على محرابه ..دمت مبدعا

      تعليق

      • ربيع عقب الباب
        مستشار أدبي
        طائر النورس
        • 29-07-2008
        • 25792

        #4
        مررت من هنا ، ورأيت ملامح كاتب جميل !!
        لي عودة بعد القراءة

        كن بخير صديقي
        sigpic

        تعليق

        • محمد فطومي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 05-06-2010
          • 2433

          #5
          الصّديق العزيز هيثم/
          ما اشتهيت أبدا أن تحذف نصّك: " معا ".
          نصّ ممتاز،متقن الصّنع،لكاتب جدير بالتّقدير و الاصغاء.
          ما اشتهيت أن تحذف النصّ.
          لن أطيل الحديث ،إنّ أدبك في حلّ عن دعاية من طرفي،فهو رفيع و كفى.
          سأطلب منك إدراج النصّ من جديد،و سأعتبر إعراضك دفعا لصداقتي .
          كنت سأبعث لك بهذا الكتاب في رسالة خاصّة،بيد أنّي تراجعت،ليس هناك ما نخفيه.أمقت التخفّي.
          بانتظار ردّك.

          و حتّى يتحقّق ذلك،سأفسح المجال لهذا الشّقيّ يواصل ما بدأته ؛لعلّه أبلغ منّي..
          و واسه إن استطعت..

          [align=center][/align]معبد الزّهور
          معبد الزّهور شجيراتي الحبيبة ،الثّائرة،الودودة،التّافهة!..ماذا تنتظرين كي تموتي؟و لمن عساك تمدّين أعناقك الخجولة؟لم لا تذبلين؟ألم تدركي بعد أنّ النّاس هنا لا يأسفون على شجرة ياسمين لم تعانق أسوار بيوتهم بعد ،أو قاردينيا لم تزدن بها قاعات جلوسهم الفارهة،أو نافورة خضراء تتجدّد كلّ يوم كصيحة جماعيّة لعشرات الكمانات؟.هم
          مدوّنة

          فلكُ القصّة القصيرة

          تعليق

          • آسيا رحاحليه
            أديب وكاتب
            • 08-09-2009
            • 7182

            #6
            جميلة هذه القصة أخ هيثم .أعجبني وصفك للطائر - الموت - و تجزئة كلمة إنعاش .
            هناك بعض الهفوات الكتابية تحتاج لمراجعة .
            في انتظار جديدك.
            تحيّتي و احترامي.
            يظن الناس بي خيرا و إنّي
            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

            تعليق

            • هيثم عبدربه السيد
              أديب وكاتب
              • 08-09-2010
              • 48

              #7
              المبدع الرقيق / محمد فطومى
              بعد السلام والتحية
              لم احذف سيدى الفاضل نص " معا"
              لقد قمت بحذف نص " بقعة سوداء "....كما أنه لايمكننى الاعراض عن صداقتك فنادرا مانجد أصدقاء سيدى ..دمت مبدعا رقيقا ..

              تعليق

              يعمل...
              X