بيت للإيجار

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالكريم وحمان
    أديب وكاتب
    • 18-05-2010
    • 127

    بيت للإيجار

    مسرحية من ثلاثة مشاهد

    (نلتقي اليوم مع المشهد الأول . المشهدين المتبقيين في الأيام القادمة بمشيئة الله)

    في بيت من بيوت الصفيح.

    يدخل سليمان ( 36 سنة ) يرتدي ملابس فقدت لونها لكثرة ارتدائها و أيضا لقدمها. يجلس على كرسي متهالك ليستريح.
    تدخل زوجته رقية ( 30 سنة )
    رقية : أين تأخرت ؟
    سليمان : و عليكم السلام و رحمة الله تعالى و بركاته.
    رقية : لم تجب عن سؤالي.
    سليمان ( ينهض من الكرسي ) : تمنيت يوما واحدا أن أدخل بيتي و تستقبليني بابتسامة جميلة أو كلمة حلوة.
    رقية : أجبني.... أين كنت؟
    سليمان : أووووف.... كنت في المقهى مع صديقي عباس.
    رقية : ماذا؟؟؟ في المقهى؟؟؟ تبعثر نقودنا في المقاهي؟؟ ألم امنعك من الجلوس في المقاهي يا سليمان؟
    سليمان : اطمئني يا رقية..... عباس هو من دعاني .... و على حسابه. لم أنفق درهما واحدا.
    رقية : هات مرتبك.
    سليمان ( يخرج النقود من جيبه و يعطيها لزوجته. تعدّ رقية النقود )
    رقية : مرتبك ناقص مائة درهم..... أين هي؟
    سليمان ( ابتسامة خجولة ) : أخذتها.... رأيت سروالا جميلا و اشتهيت ان....
    رقية ( مقاطعة. تمد يدها اليمنى وتتكلم بحدة ) : هات الورقة النقدية.
    سليمان ( متوددا ) : أرجوك يا رقية...... لم اشتر سروالا منذ خمس سنوات.
    رقية : اذا أردت ان تشتري ملابس جديدة، ابحث عن عمل آخر بدخل كبير.... هات الورقة النقدية.
    سليمان ( يرفع صوته قليلا ): هل وجدت عمل و قلت لا؟
    رقية : هات الورقة النقدية.
    سليمان ( يزفر بصوت مسموع . يعطيها الورقة النقدية ) : أليس في قلبك رحمة يا امرأة؟
    رقية : ليس أنا من لا يرحم. الظروف هي التي لا ترحم..... ( تهم بالخروج لكن تفتكر شيئا ما ) أه... افتكرت ، يجب أن تذهب الى الدكان لشراء قنينة غاز.
    سليمان : قنينة غاز!!!! لم يمر على ملئها سوى خمسة عشر يوما..... ماذا تفعلين بالغاز حتى ينفذ بسرعة يا رقية؟
    رقية : سمعت أحد الأطباء في الراديو ينصح بالإستحمام بالغاز لإزالة القشرة من الشعر و أيضا للحصول على بشرة نظرة.
    سليمان : يا لطيييييف .....حتى مزاحك يقطر نكد..... من الأحسن ان أذهب الى الدكان و أغير جو.
    رقية : ماذا تقصد بكلامك؟ أنني انسانة لا تطاق و " دمها ثقيل " كما يقول المشارقة؟
    سليمان ( يهم بالإنصراف ) : أنا ذاهب لإحضار قنينة الغاز.
    رقية : قبل أن تذهب ، قم باصلاح باب غرفة النوم.
    سليمان : ماذا حلّ ب.....( يتوقف عن الكلام. لا يكمل جملته ) من الأحسن أن لا اسأل خشية ان تعطيني إجابة ..... او بالأحرى نكتة " تموّت " من الضحك.
    رقية ( نظرات حادة ) : أتسخر مني يا سليمان؟
    سليمان ( يتفادى النظر الى وجهها ) : حاشى لله.... حاشى لله... من يستطيع أن يسخر من السيدة رقية....
    رقية : أتعتقد انني غبية لا أفهم حركاتك و لا أعي المعنى بين السطور؟.... هل هكذا تشكرني لأنني أفكر فيك و في و في طفلينا الصغيرين؟ هل هذه هي الطريقة التي تقول لي بها شكرا لأنك تصبرين على حياة الذل التي نعيشها في هذا البيت... أقصد علبة السردين التي أصابتني و أولادي بأمراض عدة؟
    سليمان : أرجوك يا رقية، ليس هذا وقت تقليب المواجيع. .... و أعتذر إن جرحتك بكلامي.
    رقية : اعتذارك غير مقبول.
    سليمان ( ينظر إليها في صمت لعشرة ثواني ) : أنا فعلا آسف.... هات رأسك لأقبلها.
    رقية ( تعود خطوة للوراء ) : ابتعد عني.... لا أريد اعتذارات و لا قبلات.
    سليمان ( حركات بيديه ): و ماذا تريدين؟..... ماذا تريدين؟
    رقية : أنت تعرف ما أريد.
    سليمان : .....كلا.... أرجوك يا رقية.... لن نعود لنفس الموضوع مرة اخرى....
    رقية : بل سأناقشك فيه يوميا و كل ساعة لو اضطررت حتى تقتنع بفكرتي.
    سليمان : و سيكون جوابي كل يوم و كل ساعة : لا... لا ..... لا.... اتفهمين؟... سأذهب الى الدكان لإحضار قنينة الغاز.
    ( يهمّ بالإنصراف )
    رقية ( تصرخ ) : سليمان....
    سليمان ( يعود ادراجه ) : ماذا هناك؟
    رقية : أريد جوابا شافيا على تساؤلي.
    سليمان ( يدعي الجهل بالموضوع ): بخصوص أي موضوع؟
    رقية : اكتراء الطابق السفلي من بيت أخيك محمود.
    سليمان : إنس أخي محمود. لقد بدأت فعلا بالبحث عن بيت للكراء. و لكن لم اجد بعد شيء. الموجود غال جدا.
    رقية : هل تعتقد أن بمرتبك الزهيد الذي لا يتجاوز 2000 درهم شهريا ستستطيع ايجاد بيت للكراء؟ ألا تعلم أن ايجار الكراء يتراوح ما بين 1300 درهم و 3000 درهم؟
    سليمان : أعلم ذلك.
    رقية : الحل إذا هو أن تطلب من أخوك محمود ايواءنا في بيته بايجار زهيد.
    سليمان : انا اعرف أخي محمود جيدا : لن يقبل أن يأخذ مني درهما واحدا.
    رقية : و لماذا يأخذ منك المال؟ ألا يدير بنكا و يتقاضى أجرا يضاعف أجرك عشرين مرة أو أكثر؟ خير يعمل.
    سليمان : أنا لا أرضى أن أكون عالة على اخي.... و لو كان هو بيل غيتس الملياردير.
    رقية : بالمقابل ، ترضى أن أمرض و أولادك بالربو و أمراض جلدية نظرا للسكن في علبة السردين التي نحيا فيها. اليس كذلك يا سليمان؟
    سليمان ( ينظر إلى الأرض )
    رقية : لماذا لا تجيب؟
    سليمان : س....سأذهب لإحضار قنينة الغاز.
    رقية : كما تشاء . و بعد عودتك ستذهب لبيت أخيك لتطلب منه ايوائنا في الطابق السفلي من بيته.
    سليمان : لن اذهب.
    رقية : بل ستذهب..... و إلا ، أقسم بالله العلي العظيم على اخذ أبنائي و أذهب إلى بيت والدي. لقد طفح الكيل.
    سليمان : لا بد أنك تمزحين.
    رقية : متى اعتدت مني المزاح في الأمور الجدية؟
    سليمان ( صمت )
    رقية : تكلم.... قل انك تفكر في مصلحة عائلتك و ستذهب إلى أخيك تطلب منه استئجار الطابق السفلي من بيته.
    سليمان : سأفكر في الأمر. ربما سأذهب اليه غدا أو بعد غد.
    رقية : بل اليوم و ليس غدا.
    سليمان ( بنبرة تحدي ) : قلت غدا أو بعد غد.
    رقية ( بنبرة تحدي ) : و أنا قلت اليوم و ليس غدا.
    سليمان ( بعد صمت قصير ) : اخي محمود يعود متعبا من البنك و يحب أن.....
    رقية ( مقاطعة ) : ستذهب إليه اليوم . و إلا لن أبيت هنا الليلة و اولادي.
    سليمان ( صمت قصير ) : لقد فكرت جيدا و قررت ان أذهب اليه اليوم و ليس غدا. فصحّتي و صحّة أولادي هي أغلى ما املك.... و سأقترح عليه اعطاءه مبلغا شهريا و لو رمزيا. فأنا لا اقبل الصدقات و لو من المقربين.
    رقية : اذهب الآن لإحضار قنينة الغاز قبل غروب الشمس.
    سليمان : أجل. من الأفضل أن أحضر قنينة الغاز لأذهب بعدها لأخي محمود. أرجو فقط أن يرضى استئجاري الطابق السفلي من بيته . فهو ليس في حاجة اليه.
    رقية : أسرع بالذهاب و كفى ثرثرة فارغة.
    ( تخرج رقية . يتابعها سليمان بنظراته. يرتسم الحزن على ملامحه و كانه يرثي الحال التي وصل إليها )
    ( نهاية المشهد الأول )
    ( نلتقي بمشيئة الله في المشهدين المتبقيين في القادم من الأيام. تحياتي )



  • نعيم الأسيوطي
    أديب وقاص
    • 29-11-2009
    • 115

    #2
    صديقي الحبيب / عبدالكريم وحمان
    تحية حب وتقدير
    أتابع معك ( بيت للإيجار) والنكد العائلي
    مودتي وتقديري

    تعليق

    يعمل...
    X