
جان لورينزو برنيني (7 ديسمبر 1598 - 28 نوفمبر 1680) (Gian Lorenzo Bernini) كان نحّاتاً باروكياً وفناناً بارزاً في روما في القرن سابع عشر.
جمع جوفاني لورينترو برنيني فن روما القرن السابع عشر في عمر مسيطر واحد (1598-1680). اخذ النحت عن أبيه المثال الفلورنسي. ولعله أخذ عن أمه النابولية حدة العاطفة وحرارة الإيمان. وفي عام 1606 دعي الأب إلى روما للعمل في كنيسة سانتا ماريا مادجوري. هناك درج »جان« في جو من النحت الكلاسيكي والتقوى اليسوعية. وقد انتشى بتماثيل الفاتيكان »أنطنووس« و »ابوللو بلفديري« ولكنه كان أعمق تأثراً بكتاب القديس اغناطيوس في »الرياضيات الروحية«، التي مارسها حتى أحس الرعب والتقوى اللذين شعر بهما رجل جرّب آلام الجحيم ومحبة المسيح. وكان يستمع إلى القداس يوميا، ويتناول الأسرار المقدسة مرتين في الأسبوع.
وجرب التصوير ، حتى بلغت صورة المائة، وقد ظفرت إحداها، وهي لوحة »القديسين أندراوس وتوما« في مجموعة باربريني بأعظم الثناء، ولو أننا نفضل عليها صورته الذاتية المحفوظة بقاعة الأفتزي-فتى اسمر وسيم يجنح إلى التأمل الحزين. على أنه جّود أكثر من هذا فن العمارة. وقد أكمل قصر باريريني لمافيوباريريني، فلما ولى راعى فنه هذا كرسي البابوية باسم أوربان الثامن؛ عين برنيني كبير معماري كنيسة القديس بطرس وهو في الحادية والثلاثين. وهناك بنى-بالاضافة إلى صف الأعمدة والمظلة- في الجزء الثاني من البناء »كاتدرا بتري« المزخرفة لحفظ المقعد الخشبي الذي اعتقد المؤمنون أن الرسول بطرس كان يستعمله، ومن حوله جمع أربعة تماثيل قوية الشخصية لآباء الكنيسة، ومن فوق البناء العجيب كله نثر تماثيل الملائكة بحماسة رجل يملك في ذهنه معينا لا ينضب من الروائع. وعلى مقربة منه اختار مكاناً لمقبرة ضخمة لحبره المحبوب أوربان الثامن. وصمم الشرفات، وكثيراً من التماثيل التي تزين الركائز التي تسند القبة. وتحت القبة وضع تمثالا ضخما للقديس لونجينوس، وفي الجناح الأيمن أقام أثراً تذكارياً مترفاً لماتيلدا كونتيسة توسكانيا. وفي خارج الكنيسة أعاد تخطيط الصالة الملكية التي ترقى إلى قصر الفاتيكان مارة بأعمدة مهيبة، وذلك بأسلوب أكثر نقاء، وفي فجوة في هذا السلم الملكي أقام تمثالاً لقسطنطين راكباً جواده وهو يطالع في السماء دعوته لاعتناق المسيحية؛ وأصبحت حرارة العاطفة في هذا التمثال قالبا احتذاه عصر الباروك وفي أخريات أيامه بنى في مصلى السر المقدس بكنيسة القديس بطرس مذبحا لم تبدله رخاماته الساطعة، وما توجه من ظلة وهيكل وقبة وملائكة مستغرقين في العبادة- لم يبد له هذا كله تجسيداً مسرفاً في البهاء لسر القربان الذي ينطوي عليه القداس. كل هذا الجهد في كنيسة القديس بطرس وما حولها يرى فيه الفنان العصري اسرافاً مسرحياً ومخاطبة خداعة للحواس، أما برنيني فقد رأى فيه الأداة الخصبة لإيمان حار يصل إلى قلوب العابدين.
كان يمزج بين العمارة والنحت في كل مكان ، ويحلم بفن يجمع بين العمارة والنحت والتصوير في كل يستنهض الروح. وفي كنيسة سانتا ماريا ديللا فتوريا جميع قطع الرخام الثمين-الأخضر والأزرق والأحمر-وأطلق لخياله الزخرفي العنان ليبني مصلى الكورنارو، ذا الركائز المحززة والأعمدة الكورنثية الرشيقة، وقد أودعها أعظم تماثيله فتنة وحرارة، تمثال القديسة تريزا، منهكة القوى غائبة عن الوعي في نوبة من الوجد الصوفي، وملاك حلو يتأهب لشق قلبها بسهم ملتهب رمزا لاتحاد القديسة مع المسيح. ووجه تيريزا الذي يبدو كأن الحياة فارقته هو أحد انتصارات الباروك الإيطالي، والملاك الذي يريش سهمه ان هو إلا أغنية في الحجر.
كان لبرنيني منافسون، وقد أعجب مونتيني أيما إعجاب بتمثال العدالة الذي نحته جاكوموديللا بورتا على قبر بولس الثالث في كنيسة القديس بطرس. وصب توريجانو تمثالا نصفيا لسيكستوس الخامس ، فيه قوة وواقعية، وهو الآن محفوظ بمتحف فكتوريا وألبرت. ومزج بورومينو النحت بالعمارة مثل برنيني، وبلغ اليساندرو ألجاردي مستور برنيني في ثلاثة تماثيل نحتها لمقبرة ليو الحادي عشر بكنيسة القديس بطرس، وفاقه في النقوش البارزة التي مثل بها »لقاء البابا ليو الأول وأتيلا«، وهي ايضاً بكنيسة القديس بطرس. أما تمثال إنوسنت العاشر النصفي الذي نحته الجاردي في قصر دوريا بامفيلي، فأكثر ارضاء للناظر من التمثال الذي نحته برنيني، ويكاد يعدل في القوة لوحة فيلاسكويز. ولكن أحدا في هذا العصر لم يضارع برنيني في خصوبته الفنية وخياله ومجموع منجزاته.
ويعكس برنيني عيوب الباروك أكثر من أي فنان آخر. فخطابه للعاطفة مسرف في الوضوح، وقد حسب التكلف درامياً، واللطف جمالاً، والإفراط في العاطفة تعاطفاً، والضخامة جلالاً. وخلع على النحت تعبير الوجوه الحاد بينما هو ميزة اختص بها التصوير عادة. وقد أضعفت واقعية التفاصيل، المغالية في الدقة، من التأثير السيكولوجي لفنه أحيانا. وقل أن بلغ في تماثيله ذلك السكون الذي يضفي تفوقا خالدا على منحوتات أثينا في عهد بركليس. ولكن لم يجب أن يعبر التمثال دائما عن السكون ؟ ولم لا تغزو الحركة والشعور وحرارة الحياة الرخام والبرونز وتبعث فيهما الحياة ؟ أنها فضيلة في نحت الباروك وليست عيبا أنه جعل الحجر يحس ويتكلم. لقد اتبع برنيني المبدأ الهوراسي وأحس بما عبر عنه - بنعومة بشرة الفتاة، وحيوية الشباب الرشيقة، وهموم القادة ومتاعبهم، وورع القديسين ووجدهم.
الجوائز
برنيني النحات الذي انطق الحجر
« في: 08/03/2010, 13:18:57 »
جان لورينزو برنيني (7 ديسمبر 1598 - 28 نوفمبر 1680) (Gian Lorenzo Bernini) كان نحّاتاً باروكياً وفناناً بارزاً في روما في القرن سابع عشر.
جمع جوفاني لورينترو برنيني فن روما القرن السابع عشر في عمر مسيطر واحد (1598-1680). اخذ النحت عن أبيه المثال الفلورنسي. ولعله أخذ عن أمه النابولية حدة العاطفة وحرارة الإيمان. وفي عام 1606 دعي الأب إلى روما للعمل في كنيسة سانتا ماريا مادجوري. هناك درج »جان« في جو من النحت الكلاسيكي والتقوى اليسوعية. وقد انتشى بتماثيل الفاتيكان »أنطنووس« و »ابوللو بلفديري« ولكنه كان أعمق تأثراً بكتاب القديس اغناطيوس في »الرياضيات الروحية«، التي مارسها حتى أحس الرعب والتقوى اللذين شعر بهما رجل جرّب آلام الجحيم ومحبة المسيح. وكان يستمع إلى القداس يوميا، ويتناول الأسرار المقدسة مرتين في الأسبوع.
وجرب التصوير ، حتى بلغت صورة المائة، وقد ظفرت إحداها، وهي لوحة »القديسين أندراوس وتوما« في مجموعة باربريني بأعظم الثناء، ولو أننا نفضل عليها صورته الذاتية المحفوظة بقاعة الأفتزي-فتى اسمر وسيم يجنح إلى التأمل الحزين. على أنه جّود أكثر من هذا فن العمارة. وقد أكمل قصر باريريني لمافيوباريريني، فلما ولى راعى فنه هذا كرسي البابوية باسم أوربان الثامن؛ عين برنيني كبير معماري كنيسة القديس بطرس وهو في الحادية والثلاثين. وهناك بنى-بالاضافة إلى صف الأعمدة والمظلة- في الجزء الثاني من البناء »كاتدرا بتري« المزخرفة لحفظ المقعد الخشبي الذي اعتقد المؤمنون أن الرسول بطرس كان يستعمله، ومن حوله جمع أربعة تماثيل قوية الشخصية لآباء الكنيسة، ومن فوق البناء العجيب كله نثر تماثيل الملائكة بحماسة رجل يملك في ذهنه معينا لا ينضب من الروائع. وعلى مقربة منه اختار مكاناً لمقبرة ضخمة لحبره المحبوب أوربان الثامن. وصمم الشرفات، وكثيراً من التماثيل التي تزين الركائز التي تسند القبة. وتحت القبة وضع تمثالا ضخما للقديس لونجينوس، وفي الجناح الأيمن أقام أثراً تذكارياً مترفاً لماتيلدا كونتيسة توسكانيا. وفي خارج الكنيسة أعاد تخطيط الصالة الملكية التي ترقى إلى قصر الفاتيكان مارة بأعمدة مهيبة، وذلك بأسلوب أكثر نقاء، وفي فجوة في هذا السلم الملكي أقام تمثالاً لقسطنطين راكباً جواده وهو يطالع في السماء دعوته لاعتناق المسيحية؛ وأصبحت حرارة العاطفة في هذا التمثال قالبا احتذاه عصر الباروك وفي أخريات أيامه بنى في مصلى السر المقدس بكنيسة القديس بطرس مذبحا لم تبدله رخاماته الساطعة، وما توجه من ظلة وهيكل وقبة وملائكة مستغرقين في العبادة- لم يبد له هذا كله تجسيداً مسرفاً في البهاء لسر القربان الذي ينطوي عليه القداس. كل هذا الجهد في كنيسة القديس بطرس وما حولها يرى فيه الفنان العصري اسرافاً مسرحياً ومخاطبة خداعة للحواس، أما برنيني فقد رأى فيه الأداة الخصبة لإيمان حار يصل إلى قلوب العابدين.
كان يمزج بين العمارة والنحت في كل مكان ، ويحلم بفن يجمع بين العمارة والنحت والتصوير في كل يستنهض الروح. وفي كنيسة سانتا ماريا ديللا فتوريا جميع قطع الرخام الثمين-الأخضر والأزرق والأحمر-وأطلق لخياله الزخرفي العنان ليبني مصلى الكورنارو، ذا الركائز المحززة والأعمدة الكورنثية الرشيقة، وقد أودعها أعظم تماثيله فتنة وحرارة، تمثال القديسة تريزا، منهكة القوى غائبة عن الوعي في نوبة من الوجد الصوفي، وملاك حلو يتأهب لشق قلبها بسهم ملتهب رمزا لاتحاد القديسة مع المسيح. ووجه تيريزا الذي يبدو كأن الحياة فارقته هو أحد انتصارات الباروك الإيطالي، والملاك الذي يريش سهمه ان هو إلا أغنية في الحجر.
كان لبرنيني منافسون، وقد أعجب مونتيني أيما إعجاب بتمثال العدالة الذي نحته جاكوموديللا بورتا على قبر بولس الثالث في كنيسة القديس بطرس. وصب توريجانو تمثالا نصفيا لسيكستوس الخامس ، فيه قوة وواقعية، وهو الآن محفوظ بمتحف فكتوريا وألبرت. ومزج بورومينو النحت بالعمارة مثل برنيني، وبلغ اليساندرو ألجاردي مستور برنيني في ثلاثة تماثيل نحتها لمقبرة ليو الحادي عشر بكنيسة القديس بطرس، وفاقه في النقوش البارزة التي مثل بها »لقاء البابا ليو الأول وأتيلا«، وهي ايضاً بكنيسة القديس بطرس. أما تمثال إنوسنت العاشر النصفي الذي نحته الجاردي في قصر دوريا بامفيلي، فأكثر ارضاء للناظر من التمثال الذي نحته برنيني، ويكاد يعدل في القوة لوحة فيلاسكويز. ولكن أحدا في هذا العصر لم يضارع برنيني في خصوبته الفنية وخياله ومجموع منجزاته.
ويعكس برنيني عيوب الباروك أكثر من أي فنان آخر. فخطابه للعاطفة مسرف في الوضوح، وقد حسب التكلف درامياً، واللطف جمالاً، والإفراط في العاطفة تعاطفاً، والضخامة جلالاً. وخلع على النحت تعبير الوجوه الحاد بينما هو ميزة اختص بها التصوير عادة. وقد أضعفت واقعية التفاصيل، المغالية في الدقة، من التأثير السيكولوجي لفنه أحيانا. وقل أن بلغ في تماثيله ذلك السكون الذي يضفي تفوقا خالدا على منحوتات أثينا في عهد بركليس. ولكن لم يجب أن يعبر التمثال دائما عن السكون ؟ ولم لا تغزو الحركة والشعور وحرارة الحياة الرخام والبرونز وتبعث فيهما الحياة ؟ أنها فضيلة في نحت الباروك وليست عيبا أنه جعل الحجر يحس ويتكلم. لقد اتبع برنيني المبدأ الهوراسي وأحس بما عبر عنه - بنعومة بشرة الفتاة، وحيوية الشباب الرشيقة، وهموم القادة ومتاعبهم، وورع القديسين ووجدهم.
ولقد تقبله الناس قرابة خمسين عاماً إماماً لمعماريي عصره. وفي عام 1665 ، حين فكر كولبير و لويس الرابع عشر في إعادة تخطيط اللوفر وتوسيعه، وجها الدعوة إلى برنيني ليحضر إلى باريس ويضطلع بهذه المهمة. فذهب إليها وصمم، لا بحكمة ب بغلو في البراعة - وجاوز في الفخامة الذوق والمال الفرنسيين. وفضلت على تصميمه واجهة بيرو الأكثر صرامة، وقفل برنيني إلى روما يجرر أذيال الخيبة. هنا (1667) رسم لنفسه تلك الصورة الطباشيرية الرائعة، المحفوظة الآن في قلعة ونزو - خصل بيضاء تتراجع فوق رأس قوى البأس، ووجه خلف عليه الجهد التجاعيد والعقد، أما العينان الوديعتان بالأمس فقد أصبحتا جامدتين خائفتين، كأنهما تريان إلى أين تفضي مدارج المجد. ولكنه لم ينهزم بعد، فقد ظل ثلاث عشرة سنة أخرى يبني وينحت في عنف، »حاداً في روحه، راسخاً في عمله، حاميا في غضبه(89)« وحين خبت جذوته (28 فبراير 1680) كان قد عمر إلى ما بعد النهضة الإيطالية.
ويعتبر جيان لورينزو بيرنيني مبتكر الأسلوب البار وكي النموذجي المتميز بالأشكال المنحنية والاستخدام المتقن والمعقد للأعمدة والمنحوتات واللوحات المزخرفة الأمر الذي أدّى إلى ظهور جيل جديد من الأشكال في استعمال دراما المنظور الخاطئ لخلق تأثير على المشاهدين إضافة إلى ابتكاره نوعا من واجهات القصور بإضافة الأعمدة الكثيرة للقاعدة
تعليق