Michelangelo Buonarroti (|VS|)Gian Lorenzo Bernini

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ايليا سهاونة
    عضو الملتقى
    • 11-08-2010
    • 158

    Michelangelo Buonarroti (|VS|)Gian Lorenzo Bernini

    Michelangelo Buonarroti

    لنبدأ بأنجلوووووو \\


    وُلد مايكل أنجلو في 6 مارس 1475م في قرية كابريز في فلورنسا (في إيطاليا). وهو من عائلة بيونروتي المرموقة.
    مارس مايكل انجلوا (1475-1564م) النحت من صغره و بلغ فيه شأناَ لم يبلغه فيه فنان قبله. عندما بلغ سن السابعة و الثلاثين كان قد حقق قمة شهرته و أصبح معروفا في سائر البلاد على أنه أبرع و أدق مثال.
    ورغم تفوقه هذا فلم يكن نشاطه الفني مقتصرا على النحت فقط بل تعداه إلى مجالات فنية أخرى منها:

    1-
    الرسم و التلوين
    :


    فقد أبدع في عدة أعمال في مجال التصوير وعهد إليه وليوناردو دافنشي (تزيين أحدى قاعات فلورنسا. و انقسمت المدينة إلى معسكرين متحمسين لأكبر عبقريتين في عصر النهضة و خرجت ريم مايكل أنجلو للمشروع مفعمة بعمق التعبير و بتجريد معنى الأحداث و المعارك في حين جاء رسم ليوناردو تحليلية مسجلة لدقائق الحدث )وأعظم عمل نفذه في مجال التصوير هو تزيين سقف معبد ستاين في روما بالفاتيكان وقد كان عملا شاقا ظل يمارسه و هو مستلقي على مسافة قريبة من السقف لا تتيح له فرصة النظر للعمل من بعيد و من أشهر أعماله أيضا المحاكمة الأخيرة.

    2-
    الشعر
    :

    كان مايكل انجلوا شاعرا قديرا قد ملك ناصية التعبير وكانت بعض أشعاره تدور حول معاناته أثناء رسم سقف السيستاين يتصور حالته بطريقة ساخرة و أسلوب لماح.

    3- المعمار:


    أهم أعماله المعمارية كان تصميم مكتبة لورنازينا و تصميم معبد مديشي.

    4- النحت:


    و هو مجاله الذي برع فيه فقد أبدع في عدة أعمال فنية أهمها تمثال داوود و تمثال الرحمة و تمثال موسى و تمثال هرقل و باخوس وعدداَ من مشروعات تماثيل لم تكتمل.

    توفي مايكل انجلوا عام 1564و قد قال قبيل وفاته (إنني أشعر بالأسى لأنني أموت قبل أن أقدم كل ما بنفسي مما يحقق سلامها أشعر بأني أموت عندما تعلمت فقط عندما أتهجأ حروفا فن ).


    لا يقف مايكل انجلو عند حدود إطار حياته بين مولده على مشارف فلورنسا في 6 مارس سنة 1475 وموته بروما في 18 فبراير 1564 كما أنه يظل عند نطاق مكانه وعصره عصر النهضة الإيطالية وانما يتخطى حدود العصر والمكان محلقا في أفق الإنسانية كلها كرمز لعبقرية أبدعت في أربعة فنون كبرى النحت والتصوير والعمارة والشعر وكمصور من صراع الإنسان ضد القدرة ونزاعه الدائم معها وعذاب الروح الاسيرة وهي تتخبط في ظلام الدنيا كان ميكل انجلو في حياته التي أوشكت أن تكتمل قرنا من الزمان رمزا للصراع المتصل بين عبقرية بطولية وإدارة صريعة الأسى والقلق والعذاب. لقد ذاق غيره من أبطال الإنسانية مرارة هذا الصراع ولكنه انتصروا عليه أما هو فظل أسيرا له يستعذبه ويطوق نفسه بخناقة وكأنه لا يريد الخلاص منه.
    كان دانتي مثله يعاني مأساة هذا الصراع ولكنه كان في قرارة نفسه ابن المرح المسرة وإن لم يجد من حياته وظروفه صفوا يستبقى هذا المرح أما ميكل أنجلو فكان ابن الأسى والصراع كلماته تنطق به " إن راحتي في الأحزان وآلاف المسرات لا تساوي عاصفة من عواصف الروح ".

    ولئن كان في نفسه تجاذب إلى الحزن والصراع والقلق محيط حياته كان أرضا خصبة لهذه النفس المعذبة العليلة صاغ هذا المحيط من الأحداث وأوجد من الأشخاص ما جعل هذه الصورة الحزينة المتكسرة تلقي كل أبعادها وعمقها فهو لم يكد يولد حتى فقد أمه في طفولته وعاش في رعاية مرضعته زوجة قطاع أحجار ,كان ينسب إليها أنها أرضعته مع لبنها موهبة النحت ووجد هواه من صباه مع الفن فالتحق بمرسم دومينكو جيرلاندايو أكبر أساتذة الرسم في فلورنسه ولكنه كره الرسم وتطلع إلى النحت لأنه يحقق أحلامه البطولية والتحق بمدرسة لورنزو دي مديتشي بحدائق سان ماركو ولقي من الامير رجال الفكر والفن في ايطاليا تقديرا واهتماما فعاش في قلب النهضة الإيطالية وتتلمذ على يد برتولدو الذي تلقى تعاليمه من دوناتللو في فن النحت وارتبط عن طريقه بالاقدمين . وفي جو آل مديتشي بين تعاليم أفلاطون ومثل الحياة الفكرية في عصر النهضة كان العالم الوثني والديني المسيحي يتصارعان في نفسه ولكنه كن في هذه الفترة إغريقيا ينحت الساتير وابولون ومعركة القنطورس . ولا تلبث روحه المولعة بالعذاب أن تتطلع خلف أسوار حديقة سان ماركو بجوها الأفلاطوني إلى لهيب الصراع الديني والاجتماعي الذي يشعله سافونارولا ويمضي ميكل انجلو تابعا له متأثرا به وإن لم يبد هذا الأثر في فنه خلال هذه الفترة ويشارك الفنان الشاب في هذه الأحداث وتلظى نفسه باللهيب الذي احرق جثمان سافونارولا في ثورة عارمة ....

    ويصوغ في هذه الفترة من أساه وحزنه وهو شاب في الثالثة والعشرين ، تمثاله الشهير – الرحمة – القائم في كنسية القديس بطرس ممثلا حوار هذه النفس الدائم مع الأسى وينحت بعد تمثال الرحمة تمثاله العملاق – داوود - فتلفت عبقريته البابا يوليوس الثاني الذي كان يحلم باستعادة روما مكانتها كمركز لاشعاع ثقافي للعالم ، ويدعو البابا النحات الفلورنسي إلى روما ليقيم مقبرة له تكون صرحا مشيدا من الفن العظيم . وتتوافد على نفس الفنان أحلامه العملاقة التي ضاقت عنها أعمال شبابه فلا تمثاله هرقل بقوته الخارقة ولا تمثاله باكوس المليء بالحياة ولا تماثيل المذابح الكنائسية قد أرضت طموحه العارم وتطلعه وإنما هو يحلم بصرح كبير يحيط به أربعون تمثالا ملحمة من المرمر يسجل في مقاطعتها أعماقا من تأملاته وفكره ... وكان مايكل انجلو قد انتهى في هذه الأيام من مشروع وضع فيه قدراته كرسام حين عهد إليه مع ليوناردو دافنشي .بتزيين إحدى قاعات فلورنسه . وانقسمت المدينة إلى معسكرين متحمسين لأكبر عبقريتين في عصر النهضة ، وخرجت رسوم مايكل انجلو للمشروع مفعمة بعمق التعبير الذي كان شاغل نفسه وبتجريد معنى الأحداث والمعارك وتحويلها إلى رموز ، في حين جاءت رسوم ليوناردو تحليلية مسجلة لدقائق الحدث وكان هذان العملان مدرسة لعصرهما ، استوحى منهما رافاييل وبارتولوميو واندريادلسارتو من عباقرة شباب عصر النهضة . ولكن مايكل انجلو يرى في النحت هبة حياته ومن اجل هذا كانت حماسته لمشروع يوليوس الثاني الذي هجر من اجله فلورنسه إلى روما ... وامتد هذا الحماس إلى البابا الكبير فارسل مايكل أنجلو إلى محاجر كرارا لينقي أحجار صرحه ... وكان الفنان سعيدا بهذا التكليف فهو يود أن يكون المبدع الكامل لعمله ، النحات والصانع والمهندس معا ولكن خط الصراع وهو خط من محاور حياته يضيق عليه الخناق ويتحرك في شخص برامانتي المهندس وغيره من معاصريه فيقضي مايكل أنجلو عن البابا ويقف العمل في حمله الكبير تنتزعه منه نزوة من نزوات يوليوس الذي كلفه بتزيين سقف مصلى السستينا ..

    كن مايكل أنجلو يؤمن أن التصوير أدنى من النحت وأنه فن حسي لا يتسع لحمله العميق ولكنه لم يستطع التحلل من تكليف البابا وأخذ يفكر في أسلوب جديد لعمله يتفق ونداء النحت في نفسه ... يقول مايكل أنجلو : " إن التصوير يرتفع من النحت والنحت يهبط حين يقترب من التصوير " . وقد أراد أن يترجم عبارته في الرموز التي أعدها ليخاطب بها الناس من قبة السستينا رموز زادت على الثلاثمائة رسم ، ارتفع بها عن إتقان مدرسة فينسياز انشغالها بروعة الألوان . وعن التعبير عن المعنى المادي للاشياء المرئية في مدرسة فلورنسه ليكمل البذرة التي تنبت في فن جيوتو وأينعت في فن مازاشيو وليصور بأسلوب عملاق قريب من النحت نشأة الدينا التي نبتت في فن الإنسان وخروج النور من الظلام والخطيئة والطوفان وجعل الجسم الإنساني مسرحا للتعبير عن أعمق المشاعر والأحاسيس وأودع التصوير رموزا عملاقة تحكي قصة الدنيا.

    أتم أنجلو سقف كنيسة السستينا حوالي سنة 1512 . وعاد مرة أخرى إلى حلمه الكبيرصرح يوليوس الثاني ولكن البابا لا يلبث أن يموت وينتخب مكانه ليو العاشر ... ويأخذ مايكل انجلو في هذه المرة ينحت تمثاله العظيم – موسى – وتماثيل العبيد فلا يلبث البابوات الجدد من آل مديتشي أن يستخدموه ليخلد مجد أسرتهم وكما دفعه يوليوس الثاني إلى التصوير دفعه آل مديتشي إلى فن العمارة إذ كلفه ليو العاشر بتصميم واجهة كنيسة سان لورنزو ومصلى آل مديتشي ويقبل مايكل أنجلو هذين التكليفين بحماسة قائلا : " إن لدى إرادة تحقيق هذا العمل الذي سيكون مرآة العمارة والنحت لإيطاليا كلها " . كذلك كلفه البابا كليمنت السابع -أثناء هذا العمل – بتصميم مكتبته ، فيقبل على هذا العمل لأنه يرى العمارة قريبة من النحت ، وإدراكها يتطلب الإحساس بالشكل والإنساني وتكوينه في الوقت نفسه كان ورثة يوليوس الثاني يهددونه لأنه لم يتم مشروعة وأحقاد معاصريه تطارده وأحاسيس نفسه المعذبة تنحت في أغوارها المخاوف والقلق فيرفض العيش الرغد في البيت الذي خصصه له كليمنت السابع ، ويهيم على وجه ويشارك في ثورة فلورنسه ضد الإمبراطورية سنة 1527م وينغمس بنارها " فبدون النار لا يستطيع فنان أن يصهر الذهب وإن ينقيه " كما كان يقول .... وتنتهي عصور الاضطراب وتعود فلورنسا إلى الأباطرة ويقضى هو فترة مرض عضال يستأنف بعده نحت تماثيل آل مديتشي ثم يعاود مرة أخرى العمل في مشروع يوليوس الثاني ولكنه يدعي إلى تصوير مجموعة يوم القيامة في قبة السستينا يكمل بها بداياته عن خلق الدنيا وسفر التكوين بعد أن جاوز الخمسين . .. ,اختتم هذا العمل الكبير سنة 1541م ، وألتقط انفاسه ليفرغ من صرح يوليوس الثاني الذي بدأه منذ خمسة وثلاثين عاما ألهبته خلالها سياط تكليف البابوات والأباطرة وصرفته عن حلمه الأكبر ومرة أخرى تصرفه أوامر البابا بولس الثالث عن حلمه ليصور لوحتين من الفريسك في كنيسة بولين ، صور في إحدهما صلب القديس الشهيد ..

    وكانت الشيخوخة قد دبت معالمها في قواه وأجهدت كيانه ولكنه أصر هذه المرة أن يتم صرح يوليوس ، أختصر الصرح الذي لم يكتمل والتماثيل الأربعين في مجموعة يقف وسطها تمثال موسى عملاقا من التعبير النحتى ينتصر على هزال فن النحت بعد الإغريق بل يتفوق على نحاتي اليونان القدماء الذين جعلوا محور تصوير جمال الجسد في حين تخطى مايكل انجلو هذا المحور ليجعل من النحت ملحمة للتعبير عن أعماق الكون وفكرة الأبد .
    "إن عيني لا ترى الأشياء الفانية... ولو لم تكن روحي قد صيغت على غرار الخالق لقنعت بالجمال الخارجي الذي يبهر الأنظار ولكن هذا الجمال باطل فروحي إذن تتجه نحو الجمال الكوني " . حول هذا المعنى دار حواره مع الأحجار وبهذه الروح حمل أدوات النحات والمصور معا في هذا الفنان الذي عاش شبابه مثل أفلاطون في حديقة سان ماركو كان يؤمن أيضا مع سقراط أن هدف الفن هو تمثيل الروح الداخلية للأشياء وكان ينتظر الطبيعة نظرته إلى عدو يسجن الروح الإنسانية ويأسرها ومن أجل هذا كان يدرسها ليتخلص منها ويتفوق عليها وهو يرى " أن الحرارة لا يمكن إن تنفصل عن اللهب ، وأن الجمال لا ينفصم عن الأبدية " ومن أجل هذا كانت نفسيته مهيأة لتحول صوفى عميق فهذا الفنان الذي عاش في صراع بين الوثنية والمسيحية يستقبل فترة من صفاء الروح والقلب يقفه عن كنيسة القديس بطرس التي عين مهندسا ومشرفا عليها سنة 1547م فيقبل هذه المهمة كواجب مقدس ويكتب لأبن أخيه يقول إن كثيرين يعتقدون أن الله اختارني لهذا المكان ... ولذا فإني لا أستطيع أن أتركه .. إني أخدم هنا حبا في الله .. وأضع تحت قبة هذا المصلى كل آمالي وتطلعاتي " .

    ويلاحقه في هذا المكان حسد معاصريه والروح العدائية التي بذرها برامانتي حوله .. ولكن مايكل انجلو يعترف برغم هذا العداء بعبقرية برامانتي كمهندس ، ويروي في التصميم الأول الذي كان قد أعده للكنيسة ***" صراحة في التعبير ووضاء وحرية من يبعد عنها فإنما يبعد عن الحقيقة " . لقد كان مايكل انجلو ينشد في هذه المرحلة صفاء الروح وسلامها ولكن الأحزان تزحف إلى نفسه لقد كان يقول دائما : " أنا صديق الوحدة " فلما أطلت على حياته الماركيزة بسكارا فيتوريا كولونا أرست في نفسه مزاجا من الحب والمسرة والأشجان لقد راعه جمالها الروحي وهبة الحياة السامية في نفسها ... كانت محبة وشاعرة ومنبعا من الصفاء وفي نفسها جمال عصر النهضة وما شعه من فكر وأحلام وتطلع ثقافي . وكان لقاؤهما معا كل أحد في كنيسة سان سلفاسترو أروع ما جادت به الدنيا عليه من هبات .. أراد أن يصورها وينحت لحبها التماثيل ولكن هبة السماء في ملامحها استعصت عليه فاستيقظت ملكاته القديمة كشاعر تغنى في شبابه وسكبه بين رسومه وأوراقه وراح يكتب لها الغنائيات من أجل حبهما العنيف .

    كانت فيتوريا روحا من القداسة فتحت لنفسه عالم الصفاء الديني وكانت مثله حزينة الروح محلقة في غياهب فكرة الموت ، تتغلب على أساها الداخلي وخيانة زوجها لها بالتطلع إلى الله والاقتراب من روح هذا الفنان التعيس ، وفي ظلالها أتم أروع أعماله : يوم القيامة : - لوحات كنسية بولين أعمال كنيسة القديس بطرس – وكانت هي تمضي نحو الخمسين في حين كان هو شيخا قد تخطى الستين ودار حبهما حول الدين والفن وكل ما في الحياة من روح نبيل وأرادت فيتوريا إن تمنح حياته العاصفة بعض الهدوء والراحة وعاشت قريبة منه في روما ولكن الموت عاجلها وضرب سحابة من الأحزان حول حياته حين رأى ملامحها الأثرية تنطفئ منها الحياة ، وانطلقت صرخة من أعماقه : كيف يموت كل هذا النبل وسمو الروح والفكر ! ؟ وفي غمرة هذا الأسى كتب بكائياته يصورها فيها كمطرقة النحات تبعث من المادة أنبل الأفكار ويسجل انتصار الحب على الموت قائلا : " هل يستطيع الموت أن يزهو اليوم بأنه اطفأ شمس الشموس ؟ ! إن الحب قد انتصر وها هي ذي تحيا به على الأرض وفي السماء بين القديسين " . وتأبى الاحزان تأتي فرادى فيموت بعد فيتوريا صديقه الحميم ومساعده أوربينو الذي عمل معه في صرح يوليوس الثاني . وعند موته أرسل هذه الصيحة إلى أبن أخيه :" أمس في المساء مات أوربينو ... لقد تركني آسفا ضائعا حتى ليبدو لي أن أموت معه من أجل حبي له ... لقد كان رجلا عظيما وفيا ...منذ ارتحل زاولتني رغبة العيش وفارقتني السكينة ".
    وصهرت هذه الأحزان روحه وسكنت نفسه هذه التعبيرات الدرامية الجبارة التي غزت هواء الفن في روما وأرسلت عواصفها في أناقة فن البندقية فبعث في أعمال تينتوريتو قبسا من وهج مايكل انجلو .

  • ايليا سهاونة
    عضو الملتقى
    • 11-08-2010
    • 158

    #2
    آنجلو من المهد الى اللحد

    ولادته وطفولته:

    وُلِد مايكل آنجلو في قرية كابريزي بتوسكانا، وترعرع في فلورنسا، حيث كانت مركز النهضة الأوروبية آنذاك، ومن محيطها المليء بمنجزات فناني عصر النهضة السابقين إلى تحف الإغريق المذهلة، استطاع آنجلو أن يتعلم ويستقي من هذه التحف الكثير عن فنون النحت والرسم.
    عندما كان صغيراً كثيراً ما فضل درس الرسم في المدرسة، على عكس رغبة أبيه لودفيكو دي ليوناردو دي بوناروتي دي سيموني، الذي كان قاضياً على بلدة كابريزي. في النهاية، وافق الأب على رغبة مايكل، وسمح لهذا الصبي ذو الثلاثة عشر ربيعاً بأن يعمل لدى رسام جصّ يدعى دومينيكو غيرلاندايو، إلا أن آنجلو لم يستطع التوافق مع هذا المعلم، وكثيراً ما كان يصطدم معه، مما حذا به لينهي عمله لديه بعد أقل من سنة.
    على الرغم من إنكار مايكل آنجلو لفضل غيرلاندايو في تعليمه أي شيء، إلا أنه من الواضح أن آنجلو قد تعلّم منه فن الرسم الجداري حيث أن رسومه الأولية كانت قد أظهرت طرق ومناهج اتبعها غيرلاندايو.
    في الفترة من 1490 إلى 1492م أمضى آنجلو وقته في منزل لورينزو دي ميديشي المعروف بلورينزو العظيم، الراعي الأهم للفنون في فلورنسا وحاكمها. حيث كان المنزل مكانٌ دائم لاجتماع الفنانين والفلاسفة والشعراء ومن المفترض أن مايكل آنجلو قابلَ وتعلَّم من المعلم الكهل بيرتولدو، الذي كان قد تدرّب مع دوناتلو، فنان القرن الخامس عشر في فلورنسا. ومن خلال مجموعات النخبة الثقافية التي كانت تجتمع في منزل لورينزو، أخذ مايكل آنجلو شيئاً فشيئاً ينخرط في معتقداتهم ويتبناها فتزايد اهتمامه بالأدب والشعر، كما اهتمَّ بأفكار تدور حول النيوبلاتونيسم (نظام فلسفي يجمع ما بين الأفكار الأفلاطونية والمسيحية واليهودية ويدور حول فلسفة تعتبر أن الجسد هو مخزن الروح التي تتوق إلى العودة إلى بارئها)، وكثيراً ما فسّر النقّاد أعمال مايكل آنجلو على أساس هذه الأفكار، وخصوصاً أعماله التي تصوّر الإنسان وكأنه يسعى إلى أفق حرّ يخلّصه من السجن أو الحاجز الذي يعيشه.
    أمنية لورينزو دي ميديشي كانت إحياء الفن الإغريقي واليوناني، هذا ما جعله يجمع مجموعة رائعة من هذه التحف التي أصبحت مادة للدراسة لدى مايكل آنجلو، ومن خلال هذه المنحوتات والرسوم استطاع مايكل أن يحدد المعايير والمقاييس الحقيقية للفن الأصيل، وبدأ يسعى ليتفوق على نفسه من خلال الحدود التي وضعها بنفسه حتى أنه قام مرة بتقليد بعض الأعمال الكلاسيكية الرومانية بإتقان لدرجة أنه تمّ تداولها على أنها أصلية.

    آنجلو والجسد:

    بعد سلسلة من الأحداث السياسية التي أدت إلى تصدع موقع عائلة ميديشي وانهيارها في سنة 1494، رحل مايكل إلى البندقية، ثم بولونيا، وأخيراً روما. وهناك نحت منحوتة ضخمة لجسد يفوق حجم الإنسان الطبيعي، حيث صوّر فيها باخوس السكّير (1496-1498)، إله الخمر الروماني، ويكتسب هذا العمل أهمية خاصة من خلال تصويره لجسد شاب عاري يمثّل موضوعاً من المواضيع الوثنية وليس المسيحية.
    يعتقد الناقدون أن تركيز آنجلو على جمال الجسد الذكري كان ضمن موجة عابرة في تلك المرحلة، عندما كان إبراز الخصائص العضلية الذكرية إحدى رموز الرجولة في عصر النهضة، ولكن البعض يعتقد أن تلك الرسوم والمنحوتات قد تكون تعبيراً عن حب أفلاطوني مكبوت.
    اعتَبرَ مايكل آنجلو جسد الإنسان العاري الموضوع الأساسي في الفن مما دفعه إلى دراسةأوضاع الجسد وتحركاته ضمن البيئات المختلفة، حتى إنّ جميع فنونه المعمارية كانت ولابدّ أن تحتوي على شكل إنساني من خلال نافذة، جدار، أو باب.
    كان آنجلو يعتبر مصدر الفن أحاسيس داخلية متأثرة بالبيئة التي يعيش فيها الفنان، على النقيض من أفكار ليوناردو دافينشي، فقد رأى آنجلو في الطبيعة عدواً للفن ويجب القضاء عليه فنرى منحوتاته على هيئة شخصيات قوية وديناميكية منعزلة تماماً عن البيئة المحيطة.
    فلسفة مايكل آنجلو الإبداعية كانت تكمن في تحرير الشخصية المحبوسة في رخام التمثال، وكان مقتنعاً بأن لكل صخرة تمثالاً مسكوناً بداخله وإنّ وظيفة النحّات هي اكتشاف التمثال في ثنايا الصخر.

    التحدي عند مايكل آنجلو:

    كان مايكل آنجلو يبحث دائماً عن التحدي سواء كان تحدياً جسدياً أو عقلياً، وأغلب المواضيع التي كان يعمل بها كانت تستلزم جهداً بالغاً سواء كانت عبارة عن لوحات جصية أو لوحات فنية، وكان مايكل يختار الوضعيات الأصعب للرسم، وإضافة إلى ذلك كان غالباً ما يخلق عدة معاني من لوحته من خلال دمج الطبقات المختلفة في صورة واحدة، وأغلب معانيه كان يستقيها من الأساطير والدين ومواضيع أخرى مشابهة. نجاحه في قهر العقبات التي وضعها لنفسه في صنع تحفه كان مذهلاً إلا أنه كثيراً ما كان يترك أعماله دون إنجاز وكأنه يُهزم بطموحهِ نفسه.
    كان مايكل آنجلو إنساناً يتعامل بطريقة متعجرفة مع الآخرين، وكان غير راضٍ عن منجزاته الشخصية.
    اثنان من أعظم أعماله النحتية؛ تمثال داود، وتمثال بيتتا العذراء تنتحب، قام بإنجازهما وهو دون سن الثلاثين.
    رغم كون مايكل آنجلو من الفنانين شديدي التديّن فقد عبّر عن أفكاره الشخصية فقط من خلال أعماله الأخيرة. فقد كانت أعماله الأخيرة من وحي واستلهام الديانة المسيحية مثل صلب السيد المسيح.

    أعماله:

    خلال مسيرة عمله، تعرّف مايكل على مجموعة من الأشخاص المثقفين الذين يتمتعون بنفوذ اجتماعي كبير. رعاته كانوا دائما من رجال الأعمال فاحشي الثراء أو الرجال ذوي المكانة الاجتماعية القوية وطبعاً أعضاء الكنيسة وزعمائها، ومن ضمنهم الأب يوليوس الثاني، كليمنت السابع، وبولص الثالث، وكان آنجلو يسعى دائماً ليكون مقبولاً من رعاته، لأنه كان يعلم أنهم الوحيدون القادرون على جعل أعماله حقيقة.
    من صفات مايكل آنجلو أنه كان يعتبر الفن عملاً يجب أن يتضمن جهداً كبيراً وعملاً مضنياً، فكانت معظم أعماله تتطلب جهداً عضلياً وعدداً كبيراً من العمال، وقلّما كان يفضّل الرسم العادي الذي يمكن أداؤه بلباسٍ نظيف. وتعتبر هذه الرؤية من إحدى تناقضاته التي جعلته يتطوّر من حرفيّ إلى فنان عبقري قام بخلقه بنفسه.
    قام مايكل آنجلو في فترة من حياته بمحاولة تدمير كافة اللوحات التي قام برسمها، ولم يتبق منها إلا عدّة لوحات، ومنها واحدة باسم دراسة لجذع الذكر، التي أكملها آنجلو عام 1550، والتي بيعت في صالة مزادات كريستي بنحو أربعة ملايين دولار، وكانت هذه اللوحة واحدة من عدة رسومات قليلة للأعمال الأخيرة لمايكل آنجلو الذي توفي عام 1564م، والتي يبدو أنها تمتّ بصلة إلى شخصية المسيح.

    في الذكرى الـ500 لتمثال داوود الشهير، أثارت عملية تنظيف ذلك التمثال بالمياه المقطرة جدلاً واسعاً، حيث وافق وزير الثقافة الإيطالي جوليانو أوروباني على تنظيف تمثال داوود بالمياه المقطرة رغم احتجاج العديد من الخبراء على طريقة التنظيف، حيث رأى البعض أن تلك الطريقة في التنظيف ستلحق أضراراً بالرخام وسط مخاوف من أن تصبح منحوتة داوود أشبه بمنحوتة عادية من الجص، وطرح الخبراء فكرة التنظيف الجاف الذي رفضه وزير الثقافة.
    على الرغم من اعتبار رسم اللوحات من الاهتمامات الثانوية عند آنجلو إلا أنه تمكّن من رسم لوحات جدارية عملاقة أثّرت بصورة كبيرة على منحى الفن التشكيلي الأوروبي، مثل تصوير قصة سفر التكوين في العهد القديم على سقف كنيسة سيستاين، ولوحة يوم القيامة على منبر كنيسة سيستايت في روما.
    ما يُعتبر فريداً في حياة فناني عصر النهضة أنّ آنجلو كان الفنان الوحيد الذي تمت كتابة سيرته على يد مؤرخين بينما كان لا يزال على قيد الحياة، حيث قام المؤرخ جورجو فازاري بكتابة سيرته وهو على قيد الحياة، ووصف فازاري آنجلو بذروة فناني عصر النهضة.
    ومن دون شك، إنّ مايكل آنجلو قد أثّر على من عاصروه ومن لحقوا به بشكل كبير، فأصبح أسلوبه في حد ذاته مدرسة وحركة فنية تعتمد على تضخيم أساليب آنجلو ومبادئه بشكلٍ مبالغ فيه حتى أواخر عصر النهضة، فكانت هذه المدرسة تستقي مبادئها من رسومات مايكل ذات الوضعيات المعقدة والمرونة الأنيقة الفريدة من نوعها والباحثة عن التحدي.


    تعليق

    • ايليا سهاونة
      عضو الملتقى
      • 11-08-2010
      • 158

      #3


























      التعديل الأخير تم بواسطة ايليا سهاونة; الساعة 14-09-2010, 12:32.

      تعليق

      • ايليا سهاونة
        عضو الملتقى
        • 11-08-2010
        • 158

        #4














        تعليق

        • ايليا سهاونة
          عضو الملتقى
          • 11-08-2010
          • 158

          #5



























          تعليق

          • ايليا سهاونة
            عضو الملتقى
            • 11-08-2010
            • 158

            #6
            بعض من أعمال برنيني الأن \\\



            نافورة الأنهار الأربعة



            مريم المجدلية



            نافورة التريتون



            كشف النقاب عن الحقيقة





            ميدان القديس بطرس



            القديس جيروم

            تعليق

            • ايليا سهاونة
              عضو الملتقى
              • 11-08-2010
              • 158

              #7
              برنيني و الجسد \ مقال منقول

              قوة الفن , هو عنوان تلك السلسلة الوثائقية من إنتاج شركة بي بي سي البريطانية , شاهدت عنوان السلسلة بالصدفة وانا اتجول علي الشبكة , ومن ثم قررت ترجمة الحلقة الثانية الخاصة بالنحات برنيني نظراً لأنني مولع بفنه , السلسلة من ثمانية أجزاء وتتناول ثمانية فنانين , كارافاجيو, دافيد , برنيني , رمبرانت , فان جوخ , بيكاسو , تيرنر , جاك لوي دافيد
              ما شجعني علي ترجمة جزء من هذه السلسلة الرائعة عدم وجود اي اعمال وثائقية مترجمة علي الانترنت تتناول الفن وخصوصاً فنون عصر النهضة
              Simon Schama - Great Historian or the Greatest Historian

              ثانياً وهو الاهم , معد ومقدم السلسلة وهو البروفيسير سايمون شاما , الذي يتميز باسلوب رائع في السرد , ستشعر به حتماً عند مشاهدتك للسلسلة , وقد ارهقني كثيرا في الترجمة فهو يستخدم مفردات غير اعتيادية , وصياغة مبتكرة للجمل , يراعي فيها البعد الفني والدرامي للأحداث , وقد مثل هذا تحدياً لي , وأعتقد أنني نجحت إلي حد ما في أن أنقل ترجمة أمينة له مع الحفاظ علي تناغم الألفاظ واستبدال الجمل التي ليس لها مكافيء في اللغة العربية بجمل أخري تعطي معني قريبا من المعني الأصلي
              أما بخصوص هذه الحلقة فهي تتناول حياة وأعمال واحداً من أشهر فنانين عصر النهضة وهو النحات برنيني , صاحب العديد من الروائع الشهيرة الموجودة في الفاتيكان , أشهرها تمثال نشوة القديسة تيريزا , وقد أعتمد المؤلف الأمريكي دان براون في روايتة الشهيرة ملائكة وشياطين علي برنيني وتماثيله في البنية الرئيسية لعمله , لمن يريد الإطلاع علي جانب من حياة برنيني وأعماله , سيجد في الرواية إشباعاً له
              Gian Lorenzo Bernini, David, 1623-24, White marble, 170 cm, Galleria Borghese, Rome

              Apollo and Daphne Marble , Galleria Borghese, Rome

              يقول سايمون شاما : إن الفكرة الأساسية في النحت التقليدي هو جعل البشر يشعرون بالنقص وإعطاء البشرة الفانية ثقل ما به نعومة الإحساس بالخلود ولهذا انتهي العديد منهم ليظهر بشكلاً إلهياً ولكن به بعض الشحوب ثم جاء بعد ذلك برنيني ليغير هذه الأنماط تماماً فتماثيله توشك أن تفلت من قواعدها لتطير بعيداً في الفضاء , تنطق حية أمامك , فلم يأتي أحداً قبله إستطاع أن يجعل الرخام حياً بهذا الشكل الذي تراه أمامك في هذه الصور

              ( في يده الرشيقة , تصبح تماثيله علي وشك أن ترتعش وتصيح ترتجف وتعرق , تبكي وتصرخ ,تلتف وتجري جذوعهم وتتقوس حول أجسادهم )

              تعليق

              يعمل...
              X