الفئران

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هيثم عبدربه السيد
    أديب وكاتب
    • 08-09-2010
    • 48

    الفئران

    جارتنا( أم موسى) الصهيونية-هكذا تصفها أمي دائما-لاتكل أبدا عن إثارة المشاكل منذ أن حطت على حارتنا وأبنائها السبعة كهم ثقيل مقيم بذلك البيت العتيق الذى يعلم الجميع أن أباها بمكره استولى عليه قبل أن يموت من احد شيوخ الحارة .
    الأسبوع الماضى خرجت واخى (محمود) وأختى الصغيرة (رحمة) نلعب الحجلة.. ظهرت لنا
    ( أم موسى) على عتبة دارها وطلبت منا بصوت خفيض وهى مغمضة إحدى عينيها أن نلعب بعيدا عن دارها.. ردها محمود - دى حارتنا وإحنا بنلعب هنا من زمان.
    احمر وجهها وغمغمت بكلمات التقطت آخرها.."ياولاد الكلب" ثم تاهت فى ظلمات دارها. لحظات وظهرت مرة أخرى على عتبة الدار وبين يديها دلو ملئ با لماء والصابون ,طوحته تحت أقدامنا وصفعت الباب وهى فى طريقها للداخل .حاول محمود أن يحتفظ بتوازنه وهو يحجل فوق الماء والصابون لكنه لم يفلح،طوحه الصابون فى الهواء ،ارتطم بعدها بالأرض مع صرخة زلزلت كيانى جعلتنى أنكب عليه وهو لايزال يصرخ قابضا على قصبة إحدى قدميه..رفعت يده بالكاد عن موضعها فأفزعنى مارأيت. طرت إلى البيت وعلق بلسانى نداء متكرر على أمى ,وصلت دارنا ،صرخت وأنفاسى تتقطع ........
    - محمود وقع على الأرض ورجله انكسرت.
    وأخذت أرددها حتى جذبتنى أمى من ذراعى وهى تصرخ خارجة من البيت ,سألتنى عن مكان سقوطه ، أفلت ذراعى من قبضتها وطرت أمامها . صراخ أمى أيقظ نائمو الظهيرة، تبعوها حتى وصلت إلى محمود .. احتضنته بطينه،تبرع أحد الذين تبعوها وثبت ساقه ومن تليفونه المحمول طلب إسعافا.
    قالت رحمة وهى تنهنه جاذبة طرف ثوب أمى - أم موسى هى اللى دلقت المية والصابون وإحنا بنلعب. ومن حيث لاندرى ظهرت( أم موسى)وأقسمت بدينها وأيمانها أن الماء والصابون كانا بالشارع قبل أن نلعب وأنها لم تدلقها وانفجرت تتهمنا أننا ندعى عليها وأخذت تتلوى وتصفق بيديها وفى النهاية شقت جلبابها من أعلى فانحسرت بعض العيون خجلا وحدقت اخرى.
    وعندما وصلت عربة الإسعاف..حملت أمى أخى محمود وصعدت به العربة وقبل أن ينغلق عليهما باب السيارة لمحتها تنظر إلى أم موسى ولم تنزل عينيها حتى أقفل باب العربة .
    فى اليوم التالى...عائدأنا ورحمة من المدرسة فلمحت أم موسى من وراء ضلفة شباكها
    الموارب والمطل على الشارع وعندما صرنا بمحاذاتها سمعت صوتها الخفيض
    - ودينى لأعلمك الأدب يامفعوصة.
    قبضت على يد رحمة وهممت فى خطاى فانفتح باب دارها عن فئرانها السبعة يعترضون طريقنا ,حاولنا الفرارفتحلقوا حولنا من كل اتجاه ,وجدتنى ألتقط حجرا ملأ يدى وبكل ماأوتيت من قوة قذفت فى أضخمهم جثة فارتطم الحجر بأسنانه الصفراء ،سال الدم من فمه ومن شفتيه وهو يصرخ بهستيرية ..انطلقت أم موسى إلى الشارع كالممسوسة وأخذت تركلنى وهى تسب وتلعن ....
    ومن بعيد لمحت أمى تجرى نحونا ومن خلفها بعض من عماتى وخالاتى وأبنائهن وماإن وصلوا تفرق أبناء ام موسى كالفئران فى كل أنحاء الحارة وخلفهم أبناء عماتى وخالاتى وكأنى سمعت طقطقة عظام أم موسى تحت أمى وعماتى وخالاتى.


    هيثم عبدربه السيد
  • هيثم عبدربه السيد
    أديب وكاتب
    • 08-09-2010
    • 48

    #2
    أضع هذه القصة هنا بعد تردد طويل ..لاأعرف سره
    التعديل الأخير تم بواسطة هيثم عبدربه السيد; الساعة 20-09-2010, 02:23.

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      الأخ الصّديق هيثم،
      ربّما تعاليت ،أو فلنقل تردّدت في ادراج القصّة لأنّها أحداث يوميّة ،نشاهدها كلّ يوم،ضارب و مضروب ،مبادر و منتقم،لا غير.لكنّها تحمل على الأقلّ بين ثناياها قدرة أخّاذة على نقل التّفاصيل و الجزئيّات و العراك مع الطبيعة المشاكسة للوصف كأسلوب،هي في حدّ ذاتها متعة للكاتب،و للقارىء فيما بعد،أي بعد أن يكتشف أنّ النصّ أخضع له الصورة فعانقها و تمثّلها جيّدا.

      - صراخ أمى أيقظ نائمو(نائمي) الظهيرة

      شكرا لك أيّها الأديب.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • آسيا رحاحليه
        أديب وكاتب
        • 08-09-2009
        • 7182

        #4
        و أنا أقرأ تذكّرت حكايات حارتنا لنجيب محفوظ .
        استمتعت بالقراءة .
        تحيتي لك.
        يظن الناس بي خيرا و إنّي
        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

        تعليق

        • أميرة فايد
          عضو الملتقى
          • 30-05-2010
          • 403

          #5
          لا تتردد أستاذ هيثم في طرح أعمالك.. فقدرتك على السرد ولغتك واحاطتك بتفاصيل الحركة والنظرة والهمسة تجعل لما تكتب مذاقا فريدا وبالتأكيد ممتعا.
          [SIZE=3] [B][FONT=Simplified Arabic]http://amirafayed.maktoobblog.com/
          [/FONT][/B][/SIZE]

          تعليق

          • هيثم عبدربه السيد
            أديب وكاتب
            • 08-09-2010
            • 48

            #6
            الأستاذ الفاضل /محمد فطومى
            كالعادة اول من يمر وأول من يرسو على شاطئ نص جديد بالملتقى ..دمت لنا ودام مرورك
            وأما عن النص ..فقد شرف بمرورك ..وان كنت أطمع ان أن تنغرس ريشتكم بعمق اكبر فى النص ..هذا ما اعتدته من سيادتكم ولن أقبل دونه بديلا ...وأما عن التعالى فلم أفهم مفهومه فى بداية تعليق سيادتكم ..
            دمت مبدعا رقيقا ودام مدادك

            تعليق

            • هيثم عبدربه السيد
              أديب وكاتب
              • 08-09-2010
              • 48

              #7
              الرقيقة /أميرة فايد
              دام مرورك العطر وعباراتك المكتنزة السهلة العميقة التى تتوغل داخل شغاف الروح وتعلى قيمة الكلمة فأشعر حينها بنسمات تأخذنى الى الأعلى حيث رحاب وافاق أوسع ..تجعلنا نتنسم لذة الابداع ولذة ان يؤثر فى الاخرين ..فنعود لنكتب من جديد
              أسعدنى جدا مرورك العطر

              تعليق

              • هيثم عبدربه السيد
                أديب وكاتب
                • 08-09-2010
                • 48

                #8
                المبدعة الجميلة/ اسيا رحاحلية
                ياسيدة الكلمة الساحرة ..أين نحن مما تذكرين ..هناك الاف السنين الضوئية بيننا وبين الرائع والراقى واستاذنا وأستاذ من بعدنا ورمز رموزنا وعلم اعلامنا نجيب محفوظ...
                أسعدنى مرورك العطر وقراءتك للنص ...دمت مبدعة

                تعليق

                • محمد فطومي
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 05-06-2010
                  • 2433

                  #9
                  أعدك بتعمّق أكبر أخي هيثم.
                  أردت بالتّعالي: أن لا تتنزّه أو تصرف النّظر عن عمل أو تستنقص نصّا من نصوصك،فنحن مجتمعون أصلا للوصول بالنّاقص إلى الأعلى .هذا إذا كنت قد تردّدت في نشره لأنّك استنقصته؟
                  مدوّنة

                  فلكُ القصّة القصيرة

                  تعليق

                  يعمل...
                  X