كائنٌ فوضويٌ جداً
لست أنا ذلك الكائن الفوضوي ، هذا الجالس على النهر ليس أنا ، ربما كنت أهرب من صورتي على الماء، ربما كنت أقلد مشية الملاك ، وهذه الجنة في عقلي لا أريدها ، عندما آكل من التفاحة ، سأرى حبيبتي عارية ، عندها أبتسم ، وأحلق ذقني بماكنة كهربائية ، أرتدي بذلتي السوداء ، أجلس على مكتبي ، أرسم صورتها في توقيعي ، أغفو ساعة عند الظهيرة ، أقلب الشوارع في المساء ، أنتبه للمحال التجارية الجديدة ، أشتهي لها ذلك الفستان الأبيض ، أقف على الجسر ، أرغب في الانتحار ، ألتفت حولي ، ربما تأتي لتنقذني ، وعندما لا تأتي أعود إلى فراشي ، أتمنى قبل النوم أن أراها مع شخص آخر ، فأتهمها بالخيانة ، وأكتب لها رسالة ، بأنّي هجرتها للأبد .
هذا الكائن الذي يعشق حواء ليس أنا
ليليت من سحرتني
مشية الطاووس ليست هي الحدث
في الجنة نساء كثيرة
وأشجار كثيرة
وخمر
وعسل
هذا الكائن لم ينزل بمظلة ملونة
جزء منه بقى مختبئ في العشب
يتجول في الجنة خلسة
يشرب حتى يثمل
ويأكل حتى يشبع
ويبحث عن معصية في الجوار
فيفتقد شجرة التفاح
ويبكي
في الصباح يصحو ذلك الكائن من حلمه ، ينزع ريشه الأبيض ، ولا يدفع تذكرة الباص ، يسخر من الأعمى في الطريق ، ويعبر من الأماكن غير المخصصة للعبور ، يتناول وجبته في الشارع ، ينفث دخانه بشكل حلقات ، يمشي على يديه ، يزحف أحيانا ، سمعته يقول ، إنه كان تلك الأفعى في الجنة ، والطاووس شخصٌ آخرٌ ، ذلك الشخص الفوضوي ، ليس حادا بطبعه ، يقلب الجرائد ويلتهم صور الممثلات ، ثم يقرأ قصائد النثر ، (يتشقلب) بين السطور ، يرفض الخضوع لشكل القصيدة القديم ، يتخلص من الوزن والقافية ، ليستمتع بشعر بلا قشور ، هو ليس أنا بالتأكيد ، هذا الشخص متهم بالحكمة ، يتساءل في نفسه : لماذا لا أتحول إلى كائن آخر ، بلا أجنحة وريش ؟ هو لا يطير بجناحيه ، وحكمته تفزعه وتحرجه ، وتحوله إلى تمثال قديس تيبست قدماه من كثرة الوقوف .
هذا الكائن يشبه شيء لا معقول
يتجول داخل حلم طويل
يجلس في غرفته الوحيدة
لا ينزل من السرير لعدة أيام
يرسم عالما لا يتمناه ، وصور لا يعشقها
يعرف إن الساعة في الحائط لا تتكلم ،
ينتظر الباب متى يفتح
ولكن الباب ينتظره متى يدخل
يغلق عينيه على أصوات كثيرة
ويفتحها على مشاهد مرعبة
الإفطار ثم الغداء ثم العشاء
يترك رأسه مفتوحاً ويمشي
على شوارع من الكتب والوصايا
لكنه لم يصل إلى الآن
هذا الكائن الفوضوي جداً يقيس المسافة بين الأرض والكون بجلسة تأمل واحدة ، يقف على تلة في الجوار ، تهبط مركبة مجهولة ، يصعد بصمت ، يتجول في عدة أقمار وكواكب ، ثم يعود وفي يده رسالة ، يفتحها على الملأ ، فيجدها فارغة ، فوضوي هذا الكائن ، ينسى حتى أسماء الأنهار على كوكبه ، ينظر إلى أنثاه ، يجدها سمراء ، يتعرى تماما ، يخرج عند ناصية الشارع ، يعتقد بأن أحداً لن يراه ، يرى شخصين يتقاتلان ، ثم يرى عدة أشخاص يتقاتلون ، ثم يرى ملايين تتقاتل ، يسقط من يده كأس الماء ، يهرب من دورته الدموية ، يجزع من بشريته المفترسة ، يخصف عليه من ورق الأشجار ، يهجر حواء ، وكل البشر .
هذا الكائن الفوضوي مثل كل شيء
هو ليس أنا
أنا اصمت حين أرى الناس تأكل الجثث
لكنه يسألهم عن الجوع والعطش
يسخر منهم
يسكن في صحراء الكلام
يتحمل حر الهجر والاغتراب
هذا الكائن عجيب أمره
تصعد الناس إلى جنته
وهو يريد النزول وحيداً في النار.
جرب أن يكون ملاكاً ، فخسر شهوته
وربح شكلاً أنيقاً وجناحين مزعجين
فنزل .. ونزل
حتى اختفى ، بين نهدين .
يقلقني هذا الكائن ، أحيانا أشعر بأنه أنا ، عندما أغطي عيوبي بورق التوت ، وأكل التفاحة كاملة ، ولكني لا أقوَ على الهرب ، ليس لي في الأرض مكان ، ولا حتى الجنة تسعدني ، ولا كل الحور العين تغريني . تقفز من داخلي كرة مجوفة ، تشبه كينونة حرة تأبى التدحرج إلا في الفراغ ، الكائن الفوضوي ، يرمي النرد على سجادة مجعدة ، والنتيجة دائماً مجهولة ، ساحة اللعب فارغة ، وحواء متهمة بالغواية ، أركض كالمجنون بين الجنة والنار ، لا أريد الصعود ولا الهبوط ، وأكره مكاني ، ربما سينفعني الاعتراف الآن ، نعم سأعترف لكم ، أنا كائن فوضوي جداً .
احمد العبيدي / العراق
لست أنا ذلك الكائن الفوضوي ، هذا الجالس على النهر ليس أنا ، ربما كنت أهرب من صورتي على الماء، ربما كنت أقلد مشية الملاك ، وهذه الجنة في عقلي لا أريدها ، عندما آكل من التفاحة ، سأرى حبيبتي عارية ، عندها أبتسم ، وأحلق ذقني بماكنة كهربائية ، أرتدي بذلتي السوداء ، أجلس على مكتبي ، أرسم صورتها في توقيعي ، أغفو ساعة عند الظهيرة ، أقلب الشوارع في المساء ، أنتبه للمحال التجارية الجديدة ، أشتهي لها ذلك الفستان الأبيض ، أقف على الجسر ، أرغب في الانتحار ، ألتفت حولي ، ربما تأتي لتنقذني ، وعندما لا تأتي أعود إلى فراشي ، أتمنى قبل النوم أن أراها مع شخص آخر ، فأتهمها بالخيانة ، وأكتب لها رسالة ، بأنّي هجرتها للأبد .
هذا الكائن الذي يعشق حواء ليس أنا
ليليت من سحرتني
مشية الطاووس ليست هي الحدث
في الجنة نساء كثيرة
وأشجار كثيرة
وخمر
وعسل
هذا الكائن لم ينزل بمظلة ملونة
جزء منه بقى مختبئ في العشب
يتجول في الجنة خلسة
يشرب حتى يثمل
ويأكل حتى يشبع
ويبحث عن معصية في الجوار
فيفتقد شجرة التفاح
ويبكي
في الصباح يصحو ذلك الكائن من حلمه ، ينزع ريشه الأبيض ، ولا يدفع تذكرة الباص ، يسخر من الأعمى في الطريق ، ويعبر من الأماكن غير المخصصة للعبور ، يتناول وجبته في الشارع ، ينفث دخانه بشكل حلقات ، يمشي على يديه ، يزحف أحيانا ، سمعته يقول ، إنه كان تلك الأفعى في الجنة ، والطاووس شخصٌ آخرٌ ، ذلك الشخص الفوضوي ، ليس حادا بطبعه ، يقلب الجرائد ويلتهم صور الممثلات ، ثم يقرأ قصائد النثر ، (يتشقلب) بين السطور ، يرفض الخضوع لشكل القصيدة القديم ، يتخلص من الوزن والقافية ، ليستمتع بشعر بلا قشور ، هو ليس أنا بالتأكيد ، هذا الشخص متهم بالحكمة ، يتساءل في نفسه : لماذا لا أتحول إلى كائن آخر ، بلا أجنحة وريش ؟ هو لا يطير بجناحيه ، وحكمته تفزعه وتحرجه ، وتحوله إلى تمثال قديس تيبست قدماه من كثرة الوقوف .
هذا الكائن يشبه شيء لا معقول
يتجول داخل حلم طويل
يجلس في غرفته الوحيدة
لا ينزل من السرير لعدة أيام
يرسم عالما لا يتمناه ، وصور لا يعشقها
يعرف إن الساعة في الحائط لا تتكلم ،
ينتظر الباب متى يفتح
ولكن الباب ينتظره متى يدخل
يغلق عينيه على أصوات كثيرة
ويفتحها على مشاهد مرعبة
الإفطار ثم الغداء ثم العشاء
يترك رأسه مفتوحاً ويمشي
على شوارع من الكتب والوصايا
لكنه لم يصل إلى الآن
هذا الكائن الفوضوي جداً يقيس المسافة بين الأرض والكون بجلسة تأمل واحدة ، يقف على تلة في الجوار ، تهبط مركبة مجهولة ، يصعد بصمت ، يتجول في عدة أقمار وكواكب ، ثم يعود وفي يده رسالة ، يفتحها على الملأ ، فيجدها فارغة ، فوضوي هذا الكائن ، ينسى حتى أسماء الأنهار على كوكبه ، ينظر إلى أنثاه ، يجدها سمراء ، يتعرى تماما ، يخرج عند ناصية الشارع ، يعتقد بأن أحداً لن يراه ، يرى شخصين يتقاتلان ، ثم يرى عدة أشخاص يتقاتلون ، ثم يرى ملايين تتقاتل ، يسقط من يده كأس الماء ، يهرب من دورته الدموية ، يجزع من بشريته المفترسة ، يخصف عليه من ورق الأشجار ، يهجر حواء ، وكل البشر .
هذا الكائن الفوضوي مثل كل شيء
هو ليس أنا
أنا اصمت حين أرى الناس تأكل الجثث
لكنه يسألهم عن الجوع والعطش
يسخر منهم
يسكن في صحراء الكلام
يتحمل حر الهجر والاغتراب
هذا الكائن عجيب أمره
تصعد الناس إلى جنته
وهو يريد النزول وحيداً في النار.
جرب أن يكون ملاكاً ، فخسر شهوته
وربح شكلاً أنيقاً وجناحين مزعجين
فنزل .. ونزل
حتى اختفى ، بين نهدين .
يقلقني هذا الكائن ، أحيانا أشعر بأنه أنا ، عندما أغطي عيوبي بورق التوت ، وأكل التفاحة كاملة ، ولكني لا أقوَ على الهرب ، ليس لي في الأرض مكان ، ولا حتى الجنة تسعدني ، ولا كل الحور العين تغريني . تقفز من داخلي كرة مجوفة ، تشبه كينونة حرة تأبى التدحرج إلا في الفراغ ، الكائن الفوضوي ، يرمي النرد على سجادة مجعدة ، والنتيجة دائماً مجهولة ، ساحة اللعب فارغة ، وحواء متهمة بالغواية ، أركض كالمجنون بين الجنة والنار ، لا أريد الصعود ولا الهبوط ، وأكره مكاني ، ربما سينفعني الاعتراف الآن ، نعم سأعترف لكم ، أنا كائن فوضوي جداً .
احمد العبيدي / العراق
تعليق