مرثية زادتنا حزنا على حزن لما فيها من تصوير الوحشة التي يصنعها لنا الغياب، بموت أعزاء لنا كنا نستأنس بوجودهم معنا.
ما أصعب أن يموت عزيز ويترك كرسيه فارغا.
ما أصعب الفراق.
وما أوحش الحياة حين نعُدُّ ألصحاب فنجدهم يتوالون على الرحيل، ويبقى الحزن لمتأخر في الرحيل يجمعه، يتحسر ويموت كمدا في يوم لا علم له به.
أخي الدكتور مرسي جمال:
مَنْ يُعزِّي مَنْ؟
عبلة زقزوق كانت أختا لجميع، وكانت تحسن التواصل مع الجميع لدماثة أخلاقها، فهي إن غابت غابت عن الجميع، والحزن نتقاسمه دمعا يسيل مذرارا لأنها كانت طيبة، وكانت بنت ناس.
من يعزي من؟
الأهل يعزون الأصدقاء أم الأصدقاء يعزون الأهل؟
وهل في عبلة نستطيع التفريق بين من هم أهلها ومن هم أصدقاؤها؟
لا يسعني إلا أن أقول أخي مرسي، رثيتَ فأحسنتَ الرثاء، وعزاؤنا في الفقيدة واحد، غفر الله لها ولنا، وألحقنا بها مؤمنين.

" يا ايتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية "
صدق الله العظيم

أخي الجليل د.جمال مرسي

لقد آلمنا وفجعنا كمافجعكم نبأ وفاة الأخت طيبة الذكر العزيزة (عبلة زقزوق) ولقد أثارت مرثيتك مكامن الوجع والحزن في القلب وأسالت الدمع من مآقي العين، وهيَّج كل حرف منها مشاعر الأسى والألم والحزن الشديد في عمق الروح..
أخي د.جمال/ أعزيك وأعزي نفسي وأعزي كل من عرفها، وأهلها وذويها أجمعين، أعزيك وحزني على حزنك يفتكان بروحي حرقة ومرارة..
رحمها الله وأحسن اليها وأسكنها فسيح جنانه، (إنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى)، فلتصبر ولتحتسب على قضاء الله وحكمه، والهمك وذويها الصبر والسلوان..
اللهم اسكنهافردوسك الأعلى مع النبييين والصديقين اللهم آآآآآمين

[align=center]
يا موت ..

في رثاء أختنا الغالية عبلة زقزوق .. رحمها الله

شعر : د. جمال مرسي
[/align]

[poem=font="simplified arabic,6,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أَشكُوكَ أَم أَشتَكِي حُزنِي إِلَى نَفسِي=أَم أَجرَعُ الصَّبرَ والحِرمَانَ فِي كَأسِي ؟
و هَل أُقَدِّمُ مِنكَ اليَومَ مَظلَمَتِي=يَا مَوتُ ، مَا لم تُعِدْ بَعدَ الأَسَى أُنسِي ؟
أَم أَستَكِينُ لِدَمعِ العَينِ مُحتَسِباً=أَدعُو عَلَيكَ بِمَوتٍ صَارمِ البَأسِ
ماذا تُرِيدُ رَحَى فَكَّيكَ مِن دَمِنَا=كَي تَطحَنَ الصَّحبَ بَينَ الضِّرسِ والضِّرسِ ؟
أَمَا رَوَتكَ دِمَاءٌ كُنتَ تَسفِكُهَا=طُولَ الزَّمَانِ ؟ أَلَم تَشبَعْ مِنَ الإِنسِ ؟
فَجِئتَ تَنهَشُ لَحمَ البَدرِ فِي نَهَمٍ=و تَغرِزُ النَّابَ .. مِثلَ الذِّئبِ .. فِي الشَّمسِ
مَا زِلتَ تَفجَعُنِي فِيمَن أُحِبُّهُمُ= حَتَّى خَلا مِنهُمُ .. يَا قَاتِلِي .. طِرسِي
مَاذَا تُرِيدُ بِنَا ؟ دَعنَا ، فَقَد نَضَبَت=بُحُورُ أَدمُعِنَا مِن شِدَّةِ اليَأسِ
أَستَغفِرُ اللهَ ، قَد أَدمَى الأَسَى لُغَتِي=و حَرَّكَ الحُزنُ .. يا عبلايَ .. لي حِسِّي
لَيسَ اعتِرَاضاً عَلَى أَقدَارِ مَن خَضَعَت=لَهُ الجَبَابِرُ مِن عُرْبٍ و مِن فُرسِ
لَكِنَّهُ الفَقدُ لَو تَدرِينَ سَيِّدَتِي=مَا وَقْعُ آثَارِهِ .. يَا عَبلُ .. فِي نَفسِي
بِالأَمسِ كُنتِ هُنَا ، تُحيِيِنَ سَامِرَنَا=و اليَومَ نَحيَى عَلَى ذِكرَاكِ بِالأَمسِ
بِالأَمسِ قَد غَرَسَت يُمنَاكِ بَذرَتَها=و اليَومَ نَحصُدُ ما خَلَّفتِ مِن غَرسِ
و مِن عُطُورِكِ كَم فَاحَت خَمَائِلُنَا= و أَصبحَ الرَّوضُ مِن رَيَّاكِ كالعُرسِ
كُنتِ الشَّقِيقَةَ ، كُنتِ الأُمَّ حَانِيَةً=كُنتِ الرَّقِيقَةَ فِي بَوحٍ و فِي هَمسِ
كُنتِ الأَمِيرَةَ فِي شِعرٍ و فِي أَدَبٍ=و أَوَّلَ الصَّفِّ فِي عِلمٍ و في دَرسِ
لِسَانُكِ الرَّطْبُ بِالأَذكَارِ أَذكُرُهُ=مَا كَانَ يَنطِقُ عَن فُحشٍ و عَن نَقْسِ
و بَينَ جَنبَيكِ كَانَت نَفسُ مُؤمِنَةٍ=تَحيَى مُنَزَّهَةً فِي رَوضَة القُدْسِ
تَحتَ الجَوَانِحِ قَلبٌ عَاشِقٌ أَبَداً=لِلخَيرِ ، مُدَّت بِهِ كَفٌّ بلا بَخسِ
كُنتِ القَوِيَّةَ فَوقَ الدَّاءِ صَامِدَةً=وَاجَهتِهِ أَمَداً مَرفُوعَةَ الرَّأسِ
كَيفَ اْستَكَنتِ أَيا عَبلاي فِي سِنةٍ=فَغَالَكِ الدَّاءُ ، بِئسَ الدَّاءُ ، فِي خَلْسِ
أَستَغفِرُ اللهَ ، كَم أَخشَى عَلَى ثِقَتي=مِنَ السُّقُوطِ ، و كَم أَخشَى مِنَ المَسِّ
فَلا أُصَدِّقُ أَنَّ البَدرَ مُكتَمِلاً=وَارَاهُ فِي كَفَنٍ عَنَّّا ثَرَى رَمسِ[/poem]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. جمال مرسي
أحسن الله عزاءك وأعظم أجرك وغفر لميتك , وأسأل الله أن يتغمد الفقيدة برحمته ويسكنها فسيح جنانه .
إن الرثاء هو من أصعب فنون الشعر , فلابد للشاعر أن يوازن فيه بين العاطفة الصادقة والصنعة الشعرية باستخدام الصور والاستعارات المعبرة عن عمق الحزن في نفسه , كما لابد للشاعر أن يعدد مناقب الفقيد وخصاله الحميدة وماتركه من أثر على من حوله سواء كان هذا الـتأثير ماديا أو معنويا .
وإن كمال هذه العناصر في قصيدة الرثاء ليس أمراً سهلاً ,بل إن كبار الشعراء لم يقنعوا بمرثياتهم أحياناً , فكانوا يخطئون الهدف ويضلون السبيل في هذا النوع من الشعر , لذلك فقد عاب النقاد قول المتنبي في رثاء أم سيف الدولة :
صلاة الله خالقنا حنوطٌ == على الوجه المكفن بالجمالِ
وقال عنه ابن وكيع : إن وصفه أم الملك بجمال الوجه غير مختار .
وفي الحقيقة يختلف الرثاء بحسب قرب المرثي من نفس الشاعر , فكلما كان أكثر قرباً كان الرثاء أعمق حزناً وتأثيراً , ومن هذا نجد أن رثاء أبي ذؤيب الهذلي لأبنائه جمع بين عمق عاطفة الحزن وقوة الشعر في رثائيته التي مطلعها :
أمنَ المنون وريبها تتوجعُ == والدهرُ ليس بمُعتبٍ من يجزعُ
وإذا نظرنا إلى مرثية أبي تمام في محمد بن حميد الطوسي التي مطلعها :
كذا فليجلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ == فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذرُ
نجد أن روعة الصنعة الشعرية قد طغى على مشاعر الحزن .
وإذا نظرنا إلى مرثيتك التي بين يدينا , لكان أول إحساس يمس قلوبنا هو عاطفة الحزن الصادقة التي غلفت أبيات القصيدة مصحوبة بعاطفة الغضب على القدر الظالم الذي لادافع له , وهذا يدل على مكانة الفقيدة في نفس الشاعر , وأنت تبرر هذا الحزن الغاضب بقولك :
أَستَغفِرُ اللهَ ، قَد أَدمَى الأَسَى لُغَتِي=و حَرَّكَ الحُزنُ .. يا عبلايَ .. لي حِسِّي
لَيسَ اعتِرَاضاً عَلَى أَقدَارِ مَن خَضَعَت=لَهُ الجَبَابِرُ مِن عُرْبٍ و مِن فُرسِ
لَكِنَّهُ الفَقدُ لَو تَدرِينَ سَيِّدَتِي=مَا وَقْعُ آثَارِهِ .. يَا عَبلُ .. فِي نَفسِي
ولكن الشاعرية المتمثلة بالصور الشعرية والاستعارات البديعة لم تغب عن النص بالرغم من طغيان الحزن عليه , فبعد تظلمك من الموت الذي لايرحم أحداً ولايؤجل موعده أبداً تقول :
ماذا تُرِيدُ رَحَى فَكَّيكَ مِن دَمِنَا=كَي تَطحَنَ الصَّحبَ بَينَ الضِّرسِ والضِّرسِ ؟
إنها صورة شعرية فاخرة جاءت في خطاب استفهامي طبع الأبيات الأولى ليدلل على الاستنكار والاستغراب من هذا الاختيار الظالم للموت برأيك .
لقد أحسنت بتعداد مناقب الفقيدة وخصالها الحميدة في أبيات جميلة حسنة الوقع في النفس أختار منها :
كُنتِ الشَّقِيقَةَ ، كُنتِ الأُمَّ حَانِيَةً=كُنتِ الرَّقِيقَةَ فِي بَوحٍ و فِي هَمسِ
كُنتِ الأَمِيرَةَ فِي شِعرٍ و فِي أَدَبٍ=و أَوَّلَ الصَّفِّ فِي عِلمٍ و في دَرسِ
لِسَانُكِ الرَّطْبُ بِالأَذكَارِ أَذكُرُهُ=مَا كَانَ يَنطِقُ عَن فُحشٍ و عَن نَقْسِ
و بَينَ جَنبَيكِ كَانَت نَفسُ مُؤمِنَةٍ=تَحيَى مُنَزَّهَةً فِي رَوضَة القُدْسِ
تَحتَ الجَوَانِحِ قَلبٌ عَاشِقٌ أَبَداً=لِلخَيرِ ، مُدَّت بِهِ كَفٌّ بلا بَخسِ
ولكن التشبيه في هذا البيت قد اضطرب واحتار بين البدر والشمس :
فَجِئتَ تَنهَشُ لَحمَ البَدرِ فِي نَهَمٍ=و تَغرِزُ النَّابَ .. مِثلَ الذِّئبِ .. فِي الشَّمسِ
وربما هزمتك القافية وأجبرتك على استخدام مشبه به ثان ( الشمس )يفوق الأول (البدر ) في القوة والسطوع ويقل عنه في الجمال والتأثير .
إن اختيار حرف الروي السين الموجعة قد كان موفقاً وساعد على عزف الإيقاع الحزين للقصيدة .
وهناك ملاحظة عروضية هامة: وهي أن الضرب المقطوع في البحر البسيط على وزن فعْلن بتسكين العين
|- ه - ه | لايأتي إلا مردفاً , أي يسبق حرف الروي حرف لين .
وهو شرط لازم في هذا الضرب لم تتقيد به في قصيدتك .
إن هذه الملاحظات لم تمنع أبياتك المؤثرة البديعة من الوصول إلى مشاعرنا وبث الحزن في قلوبنا , لقد أحسنت للفقيدة الغالية وأديت حقها عليك , رحمها الله وألهم أهلها الصبر والسلوان .

توفيق الخطيب

لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم

قصيدة حبرها دموع العين

إنا لله وإنا إليه راجعون

وُفقت شاعرنا د . جمال مرسى

[align=center]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. رحم الله الاخت عبلة رحمة واسعة واسكنها فسيح جنانه .. اللهم آمين
كلمات ذكرتني كما ذكرت غيري .. لله دركـ يادكتور جمال ..
أسأل الله أن تكون هذه الحروف في موازين حسناتكـ
ورحم الله أموات المسلمين جميعاً وتجاوز عن ذنوبهم بمنه وكرمه وجوده
[/align]

أخي الحبيب الشاعر الكبير جمال مرسي
ما أروعك شاعرا وما أروعك انسانا
سعدت لكون القصيدة منك أيها الأديب فهذا ماتعلمناه منك وليرحم الله أختنا رحمة واسعة . وهذا مصيرنا كلنا لك تحيتي وخالص ودي

أخي الحبيب / الشاعر و الناقد الأريب توفيق الخطيب
بداية دعني أشكرك .. و كل كلمات الشكر لا تكفيك
قرأت فأجدت القراءة ، واسيت فأحسنت المواساة ، و أحسن الله عزاءنا جميعا في أختنا عبلة و في أخينا الشاعر و الصحفي الورداني ناصف الذي وافته المنية يوم الجمعة الماضية و في جميع موتى المسلمين . ثم نقدت بعد ذلك فكان نقدك نبراسا و كلامك إحساسا و شواهدك مقياسا و في كل الحالات فقد أسعدتني بك و أفدتني كثيرا و علمتني ما لم أكن أعلم فلك الشكر من الأعماق و شهادة كبيرة لي من ناقد كبير مثلك أن تضتهي قصيدتي بصدقها و إحساسها قصائد فحول الشعراء و حمدت الله أنه لم يغب عني الشعر مع ثورة الحزن و الغضب فجاء رأيك منصفا و حديثك مسعفا و بيانك مورفا .
أما بخصوص الملاحظة الأخيرة و المهمة فحقيقة لم أكن أعلم بها و لا قرأتها من قبل في كتب العروض و هي وجوب إرداف الروي الساكن العين بحرف لين و لعلي فقط أستشهد بأبيات كنت أحفظها على ما أظن للإمام الشافعي سأعرضها عليك للإطلاع و المقارنة حيث جاءت قصيدته أيضا على بسيط الشعر و قافيتها ساكنة العين و لكن لم يكن ليسبقها حرف لين تماما كما جاء في قصيدتي و لعل هذا هو ما اتكأت عليه في بناء القصيدة و لم ألتفت أو أنقب عن الملحوظة الطيبة التي أشرت إليها :
يقول رحمه الله :
قلبي بـرحمتـك اللهـم ذوأنس
في السر والجهر والإصباح والغلس
وما تقلـبت من نومي وفيسِنتي
إلا وذكـرك بين النفْس والنفَــس
لقد مـننت عـلى قلبيبمعـرفة
بأنـك الله ذو الآلاء والـقـــدس
وقد لأتيت ذنوبا أنتتعلمهــا
ولم تكـن فاضحي فيهـا بفعل مُسي
فامنن علـيّ بذكر الصالحين ولا
تجعل عليّ إذا في الديـن مـن لبس
وكن معي طول دنيـايوآخرتي
ويوم حـشري بـما أنزلت في عبس



بارك فيك و نفع بك و بكل ما تكتب
و لك المودة و التقدير

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. جمال مرسي
أحب أولاً أن أشيد بك كأديب كبير وشاعر موهوب تكتب الشعر السهل الممتنع الممتع , وأحب أن أشيد برحابة صدرك وتواضعك وتقبلك للنقد بصدر رحب وهو مايجعلك كبيراً في نظري ونظر الآخرين ,لاتعلم كم تسعدني قراءة أشعارك والتعليق عليها إذا توفر الوقت لي , لأنني أعلم أنك تستحق أكثر من مجرد كلمات إطراء لاتفيد شيئا , لقد حاولت خلال وجودي في هذا الملتقى أن أغير طريقة الرد على القصائد وجعلها أكثر نقدية وفائدة للجميع , ويساعدني في ذلك أمثالك من الشعراء الكبار الذين يتقبلون النقد بصدر رحب ويستفيدون منه .
بالنسبة للأبيات التي أوردتها للإمام الشافعي رضي الله عنه فإنها لم تخالف قواعد العروض لأن الضرب فيها جاء مخبونا على وزن فعِلن بكسر العين | - - - ه | أي ضرباً مخبونا وليس مقطوعاً كقصيدتك , وسأعيد كتابة أحد أبياته مع التشكيل :
وما تقلَّـبتُ منْ نومي وفي سِنتي === إلا وذكـُركَ بينَ النفْسِ والنَّفَسِ
متفعلن فاعلن مستفعلن فعِلنْ ===== مستفعلن فعلن مستفعلن فعِلنْ

الدكتور جمال مرسي

دمت مبدعا
وفي حفظ الله

توفيق الخطيب