انتقلت إلى الدور السفلي ، وقد تركت لها المنزل ، شعرت بخواء روحي فقد اعتادت نفسي العذاب .. وهذا ما جعلني أبحث عما يشغل وقتي ..
أكثرت من التردد على المسجد .. لكني حزنت لغياب صاحبي الشيخ طه .. فقد هجر الشارع والمسجد ، كأنه عرف ما تضمر زوجتي له من كراهية ونفور .
لم تقتنع زوجتي طبعا بهذه التقوى التي غزتني بغتة ، فلم تتردد في أن تبلغني بأني منافق كبير . بل اعتبرت صلاتي في المسجد لأرب لن يخفى على رب العباد الذي سيمهلني قليلا ، لكن لا بد أن يقتص مني . ويشفي صدور قوم مؤمنين .
لم تمض عدة شهور حتى بدأت سلمى تسرب لصديقاتها خبرا لم أفهم مبرراته . فأنا سوف أتزوج قريبا .. وما ذهابي إلى المسجد إلا لتحقيق هذه الغاية .. أما الزوجة المنتظرة فهي أرملة تقيم قرب المسجد ، مات زوجها منذ عام مضى .
لم أعبأ للنبأ في البداية ... لكني لم أمنع نفسي من التفكير فيه لاحقا . ولا أكتمكم أن الفكرة لامست في نفسي صدى ... ولا أدري لماذا وجدت في هذه المرأة ما يقنعني رغم عدم معرفتي الوثيقة بها .
حين صفعتني سلمى بتلك التهمة ، قلت كمن يخفي خنجرا مسموما في نبراته : وهل يعنيك الأمر ؟
صافحت الشيخ طه ، وأنا أتكلف الدهشة والاستهجان .. ضغطت على يده ، ثم جلسنا على مائدة الصمت ، وسلمى تحدجني بنظرة تحاول من خلالها أن تستقصي شظايا هزيمتي ووقع الصفعة على نفس بائسة معذبة .. قال الشيخ طه وهو يبتسم : ما أخبارك يا عمر ؟ سمعت أنك تزوجت ؟ قلت : لم يكتب لي الله ذلك بعد .. ---- : ولماذا تخفي الأمر يا عمر ؟ أنت تزوجت ، وزوجتك تقيم في الدور السفلي .. أقصد في هذا المنزل . قال ذلك وهو يغمزني بطرف عينه ، بينما كانت سلمى في غفلة من فضولها .
لم أفهم ما يعنيه الشيخ طه ... لكنه نهض .. ثم تناول يدي وقادني إلى الدور السفلي .. وما أن دخلنا حتى سمعنا صوتا نسائيا يرحب بنا .
علياء ! أجل علياء ، تلك الأرملة التي كانت تراود خيالي في الفترة الأخيرة .. قال الشيخ طه : وتنكر أنك تزوجت ؟ قالت علياء : قررنا أن يكون الزواج هادئا . ولم نعلم أحدا سوى كاتب عقد الزواج ، وشاهدين .
قلت : عقد زواج .. وشاهدين ؟
افترضت أنني أعيش حلما ، أو تجربة خارج حدود الذاكرة .. تفحصت عقد الزواج ، وسألت الله أن يكون خاليا من كل تزوير .. أحيانا لا يجد المرء سببا قويا كي يفهم الأشياء ، لكنه يندمج فيها بشعور أقرب إلى الإيمان.. وهكذا أصبحت علياء زوجتي : بموجب عقد زواج شرعي غير قابل للطعن والتزوير ... بل إن تاريخ العقد يشير إلى أن زواجي تم قبل زواج سلمى والشيخ ...
أي أن سلمى على غير سوء ظني بها ، كانت صادقة فيما وعدت .
أثناء انصرافه من منزلي همس لي الشيخ طه : لا تقلق يا عمر .. سوف تتغير حياتك بعد اليوم تماما .. وسوف تدرك أني كنت لك من الناصحين .
أقام الشيخ طه وسلمى في الدور العلوي ، بينما أقمت مع علياء في الدور السفلي . أما الأبناء فكان لهم حرية التنقل كما يشاءون ، بل لعلهم وجدوا في الوضع الجديد ما يستحق الفضول والاستكشاف ..
كفت سلمى عن التذمر والشكوى .. وانكبت على قراءة القرآن ، ونوافل الصلاة ، والتحليق مع الشيخ طه في عالم من الدفء والإيمان . بل إن ابني الصغير أحمد – في العاشرة من عمره – تأثر كثيرا بالشيخ . وبهذا العالم الآخر الذي كان يسهب في الحديث عنه ، وينسجه كحلم أثيري لا يقاوم . قال لي أحمد : أتعلم يا أبي ؟ لقد تغيرت أمي .. تغيرت كثيرا ، أصبحت هادئة مطمئنة النفس ، تحمد الله على ما أتاها من نعيم ومحبة وهناء . تحرص على خدمة الشيخ وراحته ... بل إنها أقلعت عن عادة النوم حتى وقت متأخر ، فأصبحت ترافق الشيخ في نومه وصحوه ورغباته وأمانيه .. بل إنها تقدم له أحيانا رزما من الأموال ، كي ينفقها في سبيل الله .
رزما من المال ؟ قلت أهمس لنفسي .. لكن ما شأني بذلك ؟ ثم إن المال مالها ... لتصنع به ما تشاء . قطع أحمد حبل أفكاري .. فقال : ما بك يا أبي ؟ قلت لك إن أمي تغيرت .. توقعت أن يسعدك ذلك . قلت : أتمنى يا أبي أن تدوم سعادتها ... أنا أيضا أشعر بالراحة مع خالتك علياء . قال أحمد : هل أنت مؤمن يا أبي ؟ --- : طبعا يا ولدي . ---- : لكن الشيخ طه أكثر إيمانا .. إنه ينفق أموال أمي في سبيل الله ، ويشتري لها قصورا في الجنة . يقول بأنه اشترى لها آلاف القصور .. ---- : قلت : وماذا ستفعل أمك بكل هذه القصور ؟
قال : لا أدري .. لكن أمي تتمنى أن تكون لها جميع قصور الجنة . بدأ الشيطان يوسوس لي .. وافترضت لسبب ما أن الشيخ ربما سيتخلى عن المرأة بعد أن تنضب ثروتها .. تعوذت من الشيطان عدة مرات ... ولعنت سوء ظني ، واستكبرت أمرا كهذا على الشيخ طه .. بل اعتبرت ذلك نوعا من دفاعات النفس غير الشعورية . فقلت لنفسي : لا تزعم أنك رحيم ب سلمى ، أو أنك حريص على ثروتها ومستقبلها ... لتذهب إلى الجحيم .. هي وأموالها .
اختفى الشيخ طه فجأة .. لكن سلمى تظاهرت بعدم الاكتراث على اعتبار ، أن ظرفا طارئا لا بد أن يكون قد وقع . لكن بعد مرور عدة أيام ، تغير سلوكها ومشاعرها .. كان ذلك يظهر جليا في نظراتها المضطربة ، وملامحها المنقبضة .. ونبرات صوتها التي تترنح بالعصبية والغضب . سألتني بنظرة متفحصة تكاد أن تفضح كل الأركان التي أودعتها خباياي : أين الشيخ طه ؟ قلت : خيرا .. ماذا حدث ؟ أتقصدين أنه ...
----- : أنت تعرف ما أقصد .. قلت لك : أين الشيخ ؟ ----- : والله لم أختطفه ، ولم أشارك في جريمة قتله إن قتل لا قدر الله . ----- : أيوا أيوا ، استغبي ، دمك خفيف ، ما شاء الله .
استكثرت عليّ أن أعيش بقية حياتي في أمن وطمأنينة وود ووئام .. ماذا فعلت بالشيخ ؟
انصرفت دون أن أجيب .. لكني شعرت بأنها ستحيل حياتي جحيما ، وبأني لن أصمد أمامها طويلا .. وأن من مقتضيات المنطق والرأي السديد أن أتفرغ للبحث عن سيدنا الشيخ . مضت عدة أيام قبل أن أعثر عليه ... كان يعتكف في مسجد ناء ، وقد تفرغ للعبادة وشئون الدين . أخبرت الشيخ أن سلمى قلقة بشأنه . وبأنها لن تسكت طويلا إذا تأخر غيابه .
قال الشيخ : أو تظنني أترك سلمى ؟ كلا يا صديقي . لكني الآن معتكف لشهر واحد فقط .. وبعد ذلك أعود . قلت وهواجسي تشتعل في صدري : لن تكون العواقب سليمة مع امرأة كسلمى .. أرجو أن تتذكر ذلك . ضحك ضحكة مكتومة خشية أن ينتهك حرمة المسجد .. ثم قال : أعلم ذلك .. لكن حين يتعلق الأمر بالشيخ طه .. فالأمر يختلف .. هل تعلم يا عمر ؟ زوجتك كاذبة ؟ قلت : تقصد علياء ؟
قال : بل أقصد سلمى .
قلت : سلمى ليست زوجتي ، بل زوجتك .. تذكر ذلك جيدا .. ثم أنت تقول بأنها تكذب .. هل لك أن توضح ؟
أخفيت أمر الشيخ عن سلمى .. إلى أن قابلتني ذات صباح على مدخل المنزل .. ابتسمت وهي تنظر نحو الأفق البعيد .. وتجهمت وهي تحدثني .. ثم قالت بنظرة يغلفها اللؤم : ألا تعلم ؟ رأيت الشيخ . من عادتي أن أتريث قبل أن أجيبها ، وأحيانا أخرى ألتزم الصمت كي أستمع لها ،، من قبيل آداب الاستماع للحديث .. أو إن شئت : اتقاء هزيمة لا بد أن تحل بي إن قررت النزال . تابعت حديثها قائلة : رأيت الشيخ ليلة أمس .. كانت رؤيا ، وليس حلما .
رأيته يعتكف في قصر من قصور الجنة .. لكنه عاتب عليّ ..
تنهدت بعمق ، كأنها تزجر لسانها عن متابعة الحديث لأمر ما .. ثم قالت :
سألته كيف نلتقي ، ومتى يعود ؟ فقال : --------------
صمتت فجأة ، لكن فضولي هذه المرة جعلني أسألها : آه . متى يعود ؟ قالت : بعد شهر . قلت : لن تصدقيني إذا قلت لك إني رأيت ذات الحلم ؟ نظرت في وجهي ، وقد اتسعت حدقة عينها وانفرجت أساريرها : أحقا تقول ؟ ----- : قلت لك لن تصدقيني ! ----- : سوف أصدقك هذه المرة يا عمر .. ماذا رأيت أيضا ؟ ----- : رأيت القصور التي اشتراها لك في الجنة .. كانت كثيرة مترامية الأرجاء .
----- : صدقت ، صدقت يا عمر ؟ وماذا أيضا ؟ ----- : رأيت الحور العين يتهافتن على الشيخ . قالت وقد تقبضت ملامحها من جديد : كذاب .. أنت كذاب .. كذب الزنادقة وإن صدقوا . فأنا رأيت الله عز وجل ، يعرض على الشيخ ما شاء من الحور .. لكنه رفضها جميعا ، وآثرني عليها ، وكنت أميرة قلبه التي ملكت عليه كل الأحاسيس . ----- : أنت لم تمهليني يا سلمى .. فأنا لم أقل لك بأن الشيخ ارتضى الحور العين .. لكنك كعادتك ، سريعة الانفعال ، سامحك الله .
----- : سامحني يا عمر : أنت تعرف سلمى .. وتعرف طيبة قلبي ، رغم زلات اللسان أحيانا .
----- : أجل يا سلمى ، فالشيخ رفض الحور العين ...وآثرك عليهن جميعا . قبل أن نفترق . عادت سلمى تخاطبني برفق : سوف تبحث عن الشيخ يا عمر ؟ أليس كذلك ؟ ولن أنسى لك هذا الجميل .. لن أنساه أبدا .
---- : توكلي على الله .. لن يطول غيابه بإذن الله .
بعد أسبوع ، التقيت سلمى على مدخل المنزل .. بادرتني بالحديث عن حلم الليلة الماضية .. كانت تتحدث بطمأنينة لا يعتريها شك .
قالت : رأيت الشيخ طه ليلة أمس ، وكنت أنت أيضا معنا .
قلت وأنا أتصنع اللامبالاة : يبدو أن الأحلام أصبحت عالمك المفضل .. لكن الفضول كان يفتك بي .. فأنا أيضا حلمت .. وكان الحلم يجمعني بالشيخ طه ، وسلمى .
قالت : أنت أيضا حلمت ... أتنكر ؟
ماذا تخفي في جيبك ؟
تحسست جيبي فعلقت بيدي ورقة ، وحين نظرت فيها وجدتها صورة .. صورة تجمع بيننا : الشيخ طه ، وسلمى ، وأنا . ولم تكن الصورة عادية ،
إنها صورة تم التقاطها في حلم الليلة الماضية . وأنا بملابس النوم : تلك التي ارتديتها أول مرة ليلة أمس .
قلت وملامحي المضطربة تفضحني : هذه ورقة ، ما شأنك بها ؟ قالت : كعادتك يا عمر ... لا بد أن تكذب .. تلك ليست ورقة .. بل صورة .. صورتنا نحن الثلاثة .
قلت : أتقصدين بأن ما حدث ليلة أمس لم يكن حلما .. وأنني كنت مسلوب العقل والإرادة . ----- : كلا ، بل كان حلما . ------ : لكنك لم تخبريني لماذا كان الشيخ غاضبا منك ؟ ولماذا اتهمك ب ..... ----- : اتهمني بالكذب .. أليس كذلك ؟ ----- : أنا لم أقل ذلك .. لكن الحلم على ما أذكر كان هكذا . ----- : ما عليك ، ما عليك يا عمر .. سيعلم الشيخ الحقيقة ، فأنا لم أكذب عليه ... مجرد أنني أخفيت عنه أمرا دون قصد .. فظن أتني خنت ذكراه ، وآثرت عليه عارضا من عوارض الحياة الفانية .
قالت وهي تهم بالانصراف وتلوح لي بعقد جميل : أتذكر هذا يا عمر ؟
قلت : وهل أنساه ؟ ،،، إنه ..
----- : لا تقل شيئا ، فأنا أعرفه كما تعرفه أنت .... هذا الطوق كان سبب تعاستي .. وكاد أن يحيلني حطاما ..
كنت أفهم تماما ما تقصده سلمى .. فاستأذنت بالانصراف .
عدت إلى الشيخ ، فوجدته معتكفا في ذات المسجد. لم تتغير نبرات صوته ، ولا إيقاعات ابتسامته ، ولا تلك النظرات التي تكشف خبايا البسطاء . قلت : ما قصة الحلم الذي عشناه ليلة أمس ؟ ما زلت أحتفظ لك بمكانة خاصة من التقدير والاحترام .. لكن .. لم أكمل حديثي .. بل ربما شعرت بالتوجس والخشية والخوف .. وكتمت انفعالي في انتظار ما يقول الشيخ . ضحك كعادته وقال : استغفر الله العظيم .
الحلم يا صديقي حالة عقلية .. تماما كما اليقظة .. والأمر لا يستدعي منك كل هذا الانفعال . قلت : سبحان الله الذي لا يتغير .. هكذا إذا ، فالحلم حالة عقلية ، وليس أرواحا تسافر وتتنقل ثم تعود إلى منازلها . قال الشيخ : لن نختلف في تفسير ما تشابه علينا .. إهدأ قليلا ، واستعذ بالله من الشيطان الرجيم . قل لي يا عمر : ما الذي جاء بك ؟ قلت : العقد ... ---- : قلت لك سلمى تكذب .. إذ لم تخبرني بأمر العقد . ---- : يا سيدي أنا سأخبرك بأمر العقد ... فأنا قدمته لسلمى أيام الخطوبة ، وطلبت منها أن تحتفظ به .. على سبيل الذكرى فقط . ---- : لكن المرأة المحترمة لا تحتفظ بذكرياتها القديمة ، حين تتزوج من الشيخ طه . ----- : ومن أدراك أنها تحتفظ به على سبيل الذكرى ؟ ربما احتفظت به ، كقيمة مادية فقط .. أو أنها نسيت أمره تماما . صمت الشيخ .. شعرت بلذة غامضة .. وتمنيت لو أن سلمى احتفظت بالعقد على سبيل الذكرى ..
قال الشيخ : على أي حال ، عليها أن تختار .. إما الشيخ طه .. وإما العقد .. لم أقل شيئا ، لكني لسبب لا أعلمه تمنيت أن تختار سلمى العقد ،،.. ربما لرغبة غامضة في بعثرة الأشياء وتكسيرها ، وحرق هشيم كاد أن يدفنني ، ويأتي على رماد روحي .
نسيت علياء والأولاد ، فسامحوني . علياء وجه آخر وامرأة أخرى وعالم آخر .. تؤدي المشاعر الدينية باعتدال ، وتقرأ القرآن إذا سمح الوقت لها بذلك .. وتعتني بزوجها – يعني أنا – وبيتها ، بل إن أبنائي تعودوا عليها بما جعلهم يفسحون لسلمى ، وقتا أطول للنوم والصلاة وقراءة القرآن والصوم والعبادة .. ونسج الأحلام برفقة الشيخ طه في الجنة . وعلى ذكر العبادة وقراءة القرآن ، لم أفهم لماذا كانت تنعكس على سلمى بآثار سلبية ، وعصبية تناطح الريح .. كنت أتخيل أحيانا أنها ستفقد عقلها لو لم تنغمس في العبادة .. كأنها تهرب من جنون محتّم . لم تتدخل علياء في أمر سلمى واختفاء الشيخ .. ولم تلحف عليّ في تقصي الأمر . لكني كنت أشعر بها أحيانا ، خصوصا حين أقف مع سلمى .
كانت تشعر بالخشية والخوف وأحيانا تطبق عيناها بصمت فيه بعض الاستسلام . قلت لها : يبدو أن رأسك يضطرب بالتوجس وتتنازعه الأفكار ! قالت وهي تبتسم : أبدا .. فقط أنا أفكر في مصير سلمى ، أتمنى أن يعود لها الشيخ طه .. وأن نعيش نحن في أمن وسلام . قلت وأنا أشعر بإحساس غامض ... إحساس من يثير غيرة امرأة أو يشعر بخوفها عليه : اطمئني يا علياء .. فأنت لي كل النساء .
أستاذ عمر نص راقي
ويلتصق بنا كأن لكل واحد منا ما يقوله
فأنا قلتها : زوجتي بعد عشرين عاماً تدعي أنني لم أكن مناسباً لها
بعد أن اشتغلت وأصبحت ترى الفلوس أكثر
هيهات منا الهزيمة
قررنا ألا نخاف
تعيش وتسلم يا وطني
لم أخبر سلمى حتى الآن بأمر الشيخ .. ولا المسجد الذي يعتكف فيه .. ولم أخبرها بأنه أصبح على علاقة بريئة بأرملة ثرية ، حيث يقوم على رعايتها ، وتلبية احتياجاتها ، طلبا لمرضاة الله عز وجل ..
كانت الأفكار تختمر في رأسي بما جعلني أفكر في أن أمتطي الأمواج وابتعد عن الشاطيء الهاديء .. أريد أن أحرق شيئا .. أي شيء .. حتى لو كانت أصابعي .
ماذا يريد الشيخ من العقد ؟ هل يشعر بالغيرة على ذكرى تعتبرها سلمى خارج ناقوس الحياة ؟ هل يريد من سلمى أن تبصق العقد في وجهي كي تؤكد له عشقها وهيامها ؟ وتؤكد لي للمرة الألف بأني لست أكثر من حشرة في أحسن الأحوال ؟ هل يريد أن يلفظ سلمى ... ويتركها في وجهي مرة أخرى نارا لا يهدأ أوارها ؟
لم تهدأ نفسي إلا حين قررت أن أقابل الشيخ مرة أخرى .. فمضيت في سبيلي . قلت له كمن عزم أن يفجر قنبلة : سأخبر سلمى بمكانك يا شيخ .
قال : دعك من ذلك حتى ينقضي الشهر يا عمر .. قلت : بل اليوم ... اليوم يا شيخ .. ---- : وما مصلحتك في كل ذلك ؟ ----- : ليس لي مصلحة .. مجرد تضامن مع امرأة هرب منها زوجها . ----- : أراك تطلق لحيتك يا عمر ! ----- : وماذا في ذلك ... أليست لحيتك تلامس بطنك ما شاء الله ! ----- : آه .. فهمت ... هيا يا بطل .. اذهب ، وأخبرها .
تعليق