عاميّة لا يحبها الله ورسوله
يحلو لنا في هذه الأيام أن نكتب بالعامية، وإن كان لصغار عليهم أن يتعلموا أصول لغة تحمل ماضيهم ومستقبلهم.. إن كان لهم مستقبل!
يحلو لنا أن نخط ما ننطق على علاته.. وإن صادف أنه عامية مطابقة لفصحى كسرناه وزدنا عليه حرفا ليوضح لمن يقرأ أن ما خُط عاميّ قريب إلى فهمه المتواضع وربما.. " الوضيع" !
نحاول أن نماشي التقدم بتطبيق العولمة التي تجعل العالم قرية صغيرة بمتناول الجميع..
فتجد كل صناعات الدنيا في سوقك، وكل العمالات على أرضك.. أرضك التي ما عادت أرضك بداعي الخصخصة والشراكة، أرضك التي كانت " تتكلم عربي" وصارت تتكلم العامية المطعمة بالانجليزية المكسرة.
في العطلة الصيفية أتى جيراننا من دبي، حفينا بهم. داعبت صغيرهم "في السادسة من عمره" قالت لي جدته: إنه لا يعرف العربية.
جدته التي ولدت وعاشت في فنزويلا "لغتها الاسبانية" وتضطر لمحادثته بالانجليزية!
في عمّان صديقتنا الألمانية تضطر لمحادثة أحفادها العرب بالانجليزية!
التحدث بالانجليزية ليس لجهل بالعربية بالنسبة للجدات، وإنما لجهل أحفاد جيناتهم تتحدث عربية صارت من زمن التخلف البائد!
كنت أفتح قناة الشارقة من حين إلى آخر. كنت ألحظ اختلافها عن كثير من الإمارات والدويلات العربية. كنت ألاحق فيها برنامجا للأستاذ فاضل السامرائي يبين فيه أسرارا لغوية بديعة في كتاب الله.
اهتمام القناة باللغة العربية هو اهتمام ديني صرف، فهو كما قال السلف تقرب إلى الله بخدمة كتابه.
كنت.. وضيعت القناة بعد خلل في اللاقط ومن ثم إحضار غيره.. وما عدت أتابعها!
البارحة، صدفة، رأيت أغنية كرتونية للأطفال. تدار وتكتب كلماتها لتتابع عيناك الحروف وأنت تسمع اللفظ.
كانت بلهجة غير اللبنانية "التي كانت الأسبق في هذا التقليد" ..
وكانت تقول وأقرأ في الشاشة :
يلا نروح المدرسة ..
فغرت فاي، وبحثت عن عنوان المحطة، وكانت آخر صمود خليجي في وجه التغرب: الشارقة.
قد أتوقع خطأ كهذا من رجل يكتب الشعر العامي ويساعده صديقه في نشره.. لكن من محطة من المفروض أن تمر موادها على مدقق يسمح أو يرمي الكاتب بتهمة الإرهاب..
آه.. كبيرة!
يعاملون العامية كلغة بديلة للفصحى، ولا يجهدون أنفسهم بمحاولة الربط.
تتداخل في نفسي التساؤلات.. أيجدونه عيبا فيبتعدون عن مواطن الشبهة؟!
وتغتالني ضحكة: أيها العيب؟ الربط أم الجهد؟!
الربط كأن نبين أصل هذه الكلمة العامية فنكتشف أننا نتكلم الفصحى بتحوير بسيط؟ وأننا في أقصى المشرق نتحدث نفس لغة أقصى والمغرب؟!
أم الجهد بأصوله المرعبة وتفرعاته الموصلة إلى الاجتهاد.. والجهاد؟!!
وحاولت أن أقرأ ما كـُتِب تهجئة دون إيحاء الصوت المسموع:
يلا كـ : بـِلا "بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى"
وإن كانت بلام مشددة فهي كـ :هلـّا ذهبت معنا؟
وكلاهما بلام مرققة كسائر اللامات في لفظنا المشرقي. اللام الوحيدة التي نلفظها مفخمة كما في رواية حفص هي لام اسم الجلالة!
يعني نحن نقول هنا: يا الله ْ.. نروح المدرسة.
ويا الله جملة نقولها بقصد التوكل كلما عزمنا على فعل وهممنا به.
وقد صرنا نقولها دون تفكر بمعناها بعد أن صار التوكل من سمات شعبنا العفوية.
ودليلي على صدق ما رويت هو المشابه من حكينا.
يسألك صديقك عن صدق روايتك فيقول: بَاللهْ ؟ "فتح الباء بدل كسرها لا غير"
فتجيبه مدللا على صدق ما قلته له: والله ْ هذا كل ما حدث.
تسكين الهاء في لفظ الجلالة لا يحول الاسم بجلالته إلى نكرة !
ولا يعطينا الحجة لفصل أبنائنا عن اسمه الذي يواكبهم كونهم عربا في كل عزم وحركة ولفتة.
***
كتب الكاتب الكردي صبري رسول:
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=55437
وفي المقال قال: في حوارٍ معالشَّاعر الكرديّ شيركو بيكه س ( وزير الثقافة في كردستان العراق سابقاً) قال رداًعن سؤالٍ عن علاقته باللُّغة العربية: ((اللغة العربية صعبة كفرس جامح فإن لم تكنْذكياً وماهراً لا تطاوعك أبداً، حتىبالنسبة للناطقين بالضاد.
صدقت يا سيدي، ونحن نبرئ أنفسنا بقوة من تهمة الذكاء ونتمرغ في جهلنا، ونعشق كسلنا ..
ونكتب بعامية وإن كانت مما لا يحبه الله ورسوله.
حنين يحيى حمودة
يحلو لنا في هذه الأيام أن نكتب بالعامية، وإن كان لصغار عليهم أن يتعلموا أصول لغة تحمل ماضيهم ومستقبلهم.. إن كان لهم مستقبل!
يحلو لنا أن نخط ما ننطق على علاته.. وإن صادف أنه عامية مطابقة لفصحى كسرناه وزدنا عليه حرفا ليوضح لمن يقرأ أن ما خُط عاميّ قريب إلى فهمه المتواضع وربما.. " الوضيع" !
نحاول أن نماشي التقدم بتطبيق العولمة التي تجعل العالم قرية صغيرة بمتناول الجميع..
فتجد كل صناعات الدنيا في سوقك، وكل العمالات على أرضك.. أرضك التي ما عادت أرضك بداعي الخصخصة والشراكة، أرضك التي كانت " تتكلم عربي" وصارت تتكلم العامية المطعمة بالانجليزية المكسرة.
في العطلة الصيفية أتى جيراننا من دبي، حفينا بهم. داعبت صغيرهم "في السادسة من عمره" قالت لي جدته: إنه لا يعرف العربية.
جدته التي ولدت وعاشت في فنزويلا "لغتها الاسبانية" وتضطر لمحادثته بالانجليزية!
في عمّان صديقتنا الألمانية تضطر لمحادثة أحفادها العرب بالانجليزية!
التحدث بالانجليزية ليس لجهل بالعربية بالنسبة للجدات، وإنما لجهل أحفاد جيناتهم تتحدث عربية صارت من زمن التخلف البائد!
كنت أفتح قناة الشارقة من حين إلى آخر. كنت ألحظ اختلافها عن كثير من الإمارات والدويلات العربية. كنت ألاحق فيها برنامجا للأستاذ فاضل السامرائي يبين فيه أسرارا لغوية بديعة في كتاب الله.
اهتمام القناة باللغة العربية هو اهتمام ديني صرف، فهو كما قال السلف تقرب إلى الله بخدمة كتابه.
كنت.. وضيعت القناة بعد خلل في اللاقط ومن ثم إحضار غيره.. وما عدت أتابعها!
البارحة، صدفة، رأيت أغنية كرتونية للأطفال. تدار وتكتب كلماتها لتتابع عيناك الحروف وأنت تسمع اللفظ.
كانت بلهجة غير اللبنانية "التي كانت الأسبق في هذا التقليد" ..
وكانت تقول وأقرأ في الشاشة :
يلا نروح المدرسة ..
فغرت فاي، وبحثت عن عنوان المحطة، وكانت آخر صمود خليجي في وجه التغرب: الشارقة.
قد أتوقع خطأ كهذا من رجل يكتب الشعر العامي ويساعده صديقه في نشره.. لكن من محطة من المفروض أن تمر موادها على مدقق يسمح أو يرمي الكاتب بتهمة الإرهاب..
آه.. كبيرة!
يعاملون العامية كلغة بديلة للفصحى، ولا يجهدون أنفسهم بمحاولة الربط.
تتداخل في نفسي التساؤلات.. أيجدونه عيبا فيبتعدون عن مواطن الشبهة؟!
وتغتالني ضحكة: أيها العيب؟ الربط أم الجهد؟!
الربط كأن نبين أصل هذه الكلمة العامية فنكتشف أننا نتكلم الفصحى بتحوير بسيط؟ وأننا في أقصى المشرق نتحدث نفس لغة أقصى والمغرب؟!
أم الجهد بأصوله المرعبة وتفرعاته الموصلة إلى الاجتهاد.. والجهاد؟!!
وحاولت أن أقرأ ما كـُتِب تهجئة دون إيحاء الصوت المسموع:
يلا كـ : بـِلا "بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى"
وإن كانت بلام مشددة فهي كـ :هلـّا ذهبت معنا؟
وكلاهما بلام مرققة كسائر اللامات في لفظنا المشرقي. اللام الوحيدة التي نلفظها مفخمة كما في رواية حفص هي لام اسم الجلالة!
يعني نحن نقول هنا: يا الله ْ.. نروح المدرسة.
ويا الله جملة نقولها بقصد التوكل كلما عزمنا على فعل وهممنا به.
وقد صرنا نقولها دون تفكر بمعناها بعد أن صار التوكل من سمات شعبنا العفوية.
ودليلي على صدق ما رويت هو المشابه من حكينا.
يسألك صديقك عن صدق روايتك فيقول: بَاللهْ ؟ "فتح الباء بدل كسرها لا غير"
فتجيبه مدللا على صدق ما قلته له: والله ْ هذا كل ما حدث.
تسكين الهاء في لفظ الجلالة لا يحول الاسم بجلالته إلى نكرة !
ولا يعطينا الحجة لفصل أبنائنا عن اسمه الذي يواكبهم كونهم عربا في كل عزم وحركة ولفتة.
***
كتب الكاتب الكردي صبري رسول:
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?t=55437
وفي المقال قال: في حوارٍ معالشَّاعر الكرديّ شيركو بيكه س ( وزير الثقافة في كردستان العراق سابقاً) قال رداًعن سؤالٍ عن علاقته باللُّغة العربية: ((اللغة العربية صعبة كفرس جامح فإن لم تكنْذكياً وماهراً لا تطاوعك أبداً، حتىبالنسبة للناطقين بالضاد.
صدقت يا سيدي، ونحن نبرئ أنفسنا بقوة من تهمة الذكاء ونتمرغ في جهلنا، ونعشق كسلنا ..
ونكتب بعامية وإن كانت مما لا يحبه الله ورسوله.
حنين يحيى حمودة
تعليق