[align=justify][/align]على شُرفةِ غيبوبةٍ
د. نديم حسين
أيتها الوِحدةُ لا تتركيني لكي لا أظلَّ وحيدا !
أيها الكبرياءُ لا تتركني ، لكي لا أظلَّ غبارًا تثيرُهُ خطى الغزاةِ على بدني !
أيتها البلادُ لا تتركيني ! إرفعي جبالكِ فوقَ كتفي ، وانثُري صحراءكِ كستناءً على جِلدي . دَعي أشعَّةَ شمسِكِ - ريقَها - يسيلُ فوقَ خيالي ليلتهبَ الخَيال !
أيها الحبُّ لا تترُكني بدوني ! ربَّما أعرى فزمِّلني بضبابٍ إذا ذوى في القلبِ غيمي . وبنزيفينِ وناب. يساكنني خافقٌ يتلَقَّى مُديةَ العِشقِ عِناقا . ويُربِّتُ على نبضِهِ سَفَرٌ ، ظِلُّ صخرٍ ظلُّهُ .
أيتها الرياحُ لا تتركيني هناك ! يميلُ النهارُ كقامةِ نخلةٍ عراقيَّةٍ ، ويَمسَحُ كفِّي بزيتِ زيتونةٍ جليليَّةٍ ، أُشفى مِنِّـي ، ويسقطُ تَمرٌ على كفِّ آبْ . أكتُبُ ، أهذي ، أقولُ كلَّ ما " صَمَتَهُ " الحِبرُ . وأكتُبُ ... سُرَّةُ الأرضِ محبرتي ، وحبري فِضَّةُ البسمةِ وانشطارُ الذهبِ المُلقى على شَفَةٍ .. فِضَّةُ البسمةِ قَولٌ من ذهب .
أيتها الدروبُ لا تتركيني ! خُذيني ! واحِدٌ من ألفِ دربٍ يقودُني ذاتَ يومٍ إلى التي قد تحبُّني كثيرًا . هذا الرصيفُ قَبرٌ مُكيَّفٌ ، لكنهُ لا يصلُحُ لتربية البنينِ ، أو لقيلولةِ الربابة المُتعَبَةِ المُتعِبَةِ ، حبيبتي وحيدةُ الوحيدِ . في رحمِها تنامُ قسَماتُ نسلي الجديد .
أيتها الدروبُ العائدةُ لا تذهبي ، لا تَعبُري مثلَ لقاءٍ عابرٍ في فندقٍ غريبٍ . وأنا كما قد تعلَمينَ أجلسُ على شُرفةِ غيبوبةٍ " لأَرتكِبَ " ذاتي وحياتي . أكتُبُ فيمحوني الجِدارُ ، يقرؤُني جنرالٌ غبيٌّ فتَحمَرُّ خدودُ القوافي غضبًا وخجَلاً . يحطِّمُ الغبيُّ قنديلي فتَستعيرُ ليلتي قليلاً من الضوءِ من شمسٍ مُرجأَةٍ ، أرى وجهَكِ في منامي ، فنامي قليلاً ! يغلي الظلامُ مثلَ دمي . أمُدُّ الأفقَ تحتَ سَطرِ الشِّعرِ لأَرى ظَهرَ الجَّبَـل . أيتُها الدروبُ لا تتركيني هناك !!
أيتها النارُ لا تتركي سيِّدَ الطقوسِ الدافئةِ وحيدًا ! هكذا تكلَّمَ الحالمُ الهاربُ إليها . هي العطشى المُثيرةُ التي ترافقُ الذَّهابَ إلى أبعَدَ من جداولِها الكثيرةِ . هي التي تسيرُ خَلفي كظِلِّي ، كقِطَّةٍ سعيدةٍ ، كذاكِرةٍ تؤرِّخُ أطباعَ الفُـلِّ والياسَمين الشامي . هي صاحبةُ الخُطى الثقيلة كالثَّلجِ ، البيضاءَ كالضَّميرِ ، لا شالٌ على طرقاتِها ولا شتاء . ترى عُشًّا آيِلاً للسقوطِ على غُصنٍ قريبٍ من الأرضِ . يحاولُ النزولَ عن شجرةٍ مسِنَّةٍ على سُلَّمٍ مِن يَباسٍ . ترى عُشًّا قديمًا وبعضَ البيوضِ وريشًا وثيرًا ، فتتساءَلُ :
هل تنامُ في بيوضِ الحَمامِ فِراخُ غِربانٍ ؟!
أرجوكِ لا تتركيني وحيدًا ! فأنا أبني جِدارًا أسوَدَ لصورةٍ بيضاءَ ، تَدَفُّ طيوري من إطارِها .
أيتُها النارُ كُليني ولا تَحرقي زهورَ الأُقحوانِ المرسومةِ على فستانِ طفلتي الصغيرةِ !
هذا التعيسُ لا شيء . لا يملِكُ شيئًا ، أَورِثيهِ جمالَكِ المُفَكِّرَ ليَصُبَّ لغتَهُ في فناجين دروبِكِ العائدلتِ ، أيتها الجالسةُ على قارعةِ البزوغِ . أَورِثيهِ شتاءً ليسكُبَ ما تيسَّرَ من روحِهِ في كفِّ الرياحِ والغيومِ العابرةِ ، ليعيثَ ندًى من نورٍ في صباحاتِ البلاد .
أيتها الصابرةُ . هذا جارُ البحرِ وصديقُ مَجهِ . يُجيدُ كتابةَ المساءاتِ المالحةِ على الصفحةِ العُليا من دفتر البحر المثقَّفِ . تذرِفُ عيناهُ نجومًا ليَكسِرَ غُربةَ الليلِ . لقد آكَلَ البحرَ وشارَبَهُ وجالَسَهُ وأَلِفَ شخيرَهُ - ضجيجَ موجاتِهِ - ، هذا البحرُ يُحصي السُّبُلَ التي تأتي إليهِ والتي يأتي بها . جارُ البحرِ هذا يدَّخرُ لغَدِهِ عندليبًا واحدًا وألفَ نَسرٍ .
أيها العَقلُ الراجِحُ أتوسَّلُ إليكَ أن تتركني وحيدًا ، لأُحبَّها بجُنونٍ !! وإذا رأيتَني بَلِّغني سلامَكَ وقلبَكَ - فاصِلَة - وإلى لقاءٍ على شُرفةِ غيبوبةٍ قادمةٍ - نُقطة
د. نديم حسين
أيتها الوِحدةُ لا تتركيني لكي لا أظلَّ وحيدا !
أيها الكبرياءُ لا تتركني ، لكي لا أظلَّ غبارًا تثيرُهُ خطى الغزاةِ على بدني !
أيتها البلادُ لا تتركيني ! إرفعي جبالكِ فوقَ كتفي ، وانثُري صحراءكِ كستناءً على جِلدي . دَعي أشعَّةَ شمسِكِ - ريقَها - يسيلُ فوقَ خيالي ليلتهبَ الخَيال !
أيها الحبُّ لا تترُكني بدوني ! ربَّما أعرى فزمِّلني بضبابٍ إذا ذوى في القلبِ غيمي . وبنزيفينِ وناب. يساكنني خافقٌ يتلَقَّى مُديةَ العِشقِ عِناقا . ويُربِّتُ على نبضِهِ سَفَرٌ ، ظِلُّ صخرٍ ظلُّهُ .
أيتها الرياحُ لا تتركيني هناك ! يميلُ النهارُ كقامةِ نخلةٍ عراقيَّةٍ ، ويَمسَحُ كفِّي بزيتِ زيتونةٍ جليليَّةٍ ، أُشفى مِنِّـي ، ويسقطُ تَمرٌ على كفِّ آبْ . أكتُبُ ، أهذي ، أقولُ كلَّ ما " صَمَتَهُ " الحِبرُ . وأكتُبُ ... سُرَّةُ الأرضِ محبرتي ، وحبري فِضَّةُ البسمةِ وانشطارُ الذهبِ المُلقى على شَفَةٍ .. فِضَّةُ البسمةِ قَولٌ من ذهب .
أيتها الدروبُ لا تتركيني ! خُذيني ! واحِدٌ من ألفِ دربٍ يقودُني ذاتَ يومٍ إلى التي قد تحبُّني كثيرًا . هذا الرصيفُ قَبرٌ مُكيَّفٌ ، لكنهُ لا يصلُحُ لتربية البنينِ ، أو لقيلولةِ الربابة المُتعَبَةِ المُتعِبَةِ ، حبيبتي وحيدةُ الوحيدِ . في رحمِها تنامُ قسَماتُ نسلي الجديد .
أيتها الدروبُ العائدةُ لا تذهبي ، لا تَعبُري مثلَ لقاءٍ عابرٍ في فندقٍ غريبٍ . وأنا كما قد تعلَمينَ أجلسُ على شُرفةِ غيبوبةٍ " لأَرتكِبَ " ذاتي وحياتي . أكتُبُ فيمحوني الجِدارُ ، يقرؤُني جنرالٌ غبيٌّ فتَحمَرُّ خدودُ القوافي غضبًا وخجَلاً . يحطِّمُ الغبيُّ قنديلي فتَستعيرُ ليلتي قليلاً من الضوءِ من شمسٍ مُرجأَةٍ ، أرى وجهَكِ في منامي ، فنامي قليلاً ! يغلي الظلامُ مثلَ دمي . أمُدُّ الأفقَ تحتَ سَطرِ الشِّعرِ لأَرى ظَهرَ الجَّبَـل . أيتُها الدروبُ لا تتركيني هناك !!
أيتها النارُ لا تتركي سيِّدَ الطقوسِ الدافئةِ وحيدًا ! هكذا تكلَّمَ الحالمُ الهاربُ إليها . هي العطشى المُثيرةُ التي ترافقُ الذَّهابَ إلى أبعَدَ من جداولِها الكثيرةِ . هي التي تسيرُ خَلفي كظِلِّي ، كقِطَّةٍ سعيدةٍ ، كذاكِرةٍ تؤرِّخُ أطباعَ الفُـلِّ والياسَمين الشامي . هي صاحبةُ الخُطى الثقيلة كالثَّلجِ ، البيضاءَ كالضَّميرِ ، لا شالٌ على طرقاتِها ولا شتاء . ترى عُشًّا آيِلاً للسقوطِ على غُصنٍ قريبٍ من الأرضِ . يحاولُ النزولَ عن شجرةٍ مسِنَّةٍ على سُلَّمٍ مِن يَباسٍ . ترى عُشًّا قديمًا وبعضَ البيوضِ وريشًا وثيرًا ، فتتساءَلُ :
هل تنامُ في بيوضِ الحَمامِ فِراخُ غِربانٍ ؟!
أرجوكِ لا تتركيني وحيدًا ! فأنا أبني جِدارًا أسوَدَ لصورةٍ بيضاءَ ، تَدَفُّ طيوري من إطارِها .
أيتُها النارُ كُليني ولا تَحرقي زهورَ الأُقحوانِ المرسومةِ على فستانِ طفلتي الصغيرةِ !
هذا التعيسُ لا شيء . لا يملِكُ شيئًا ، أَورِثيهِ جمالَكِ المُفَكِّرَ ليَصُبَّ لغتَهُ في فناجين دروبِكِ العائدلتِ ، أيتها الجالسةُ على قارعةِ البزوغِ . أَورِثيهِ شتاءً ليسكُبَ ما تيسَّرَ من روحِهِ في كفِّ الرياحِ والغيومِ العابرةِ ، ليعيثَ ندًى من نورٍ في صباحاتِ البلاد .
أيتها الصابرةُ . هذا جارُ البحرِ وصديقُ مَجهِ . يُجيدُ كتابةَ المساءاتِ المالحةِ على الصفحةِ العُليا من دفتر البحر المثقَّفِ . تذرِفُ عيناهُ نجومًا ليَكسِرَ غُربةَ الليلِ . لقد آكَلَ البحرَ وشارَبَهُ وجالَسَهُ وأَلِفَ شخيرَهُ - ضجيجَ موجاتِهِ - ، هذا البحرُ يُحصي السُّبُلَ التي تأتي إليهِ والتي يأتي بها . جارُ البحرِ هذا يدَّخرُ لغَدِهِ عندليبًا واحدًا وألفَ نَسرٍ .
أيها العَقلُ الراجِحُ أتوسَّلُ إليكَ أن تتركني وحيدًا ، لأُحبَّها بجُنونٍ !! وإذا رأيتَني بَلِّغني سلامَكَ وقلبَكَ - فاصِلَة - وإلى لقاءٍ على شُرفةِ غيبوبةٍ قادمةٍ - نُقطة
تعليق