اليد الخفية
إيمان مضتْ خمسُ سنوات على زواجها ولم تُـنجب. لـقـد جـرّبت كل الطرق المؤدية إلى الإنجاب ، لكن مشيئة الله لم تقـلْ لما هـو مُنتظـرٌ كُـن فـيكـون . لقـد كانت صابرة محتسبة أمرها عند الله ، رغـم الأذى الذي لحـقها مـن بعْـلها الذي تـنكّـر لكل شيء جميل عاشاه سويا ، وكـثيـرا ما كان يُـشهـر سيف الطلاق في وجهها عندما يحتدِم النقاش بينهما حـوْل عُـقـمها هي وسلامته هـو . لقد كان عـنيدا لم يثـق فـيها ــ رغم إحضارها لشهادة الطبيب التي تُـثبت سلامتها هي الأخرى ــ ، لكـونها لم تصطحبه معها يوم زيارتها له ، مما جعله يُـقسم أنها عـقيم ولا يمكـنها أن تـلِـد أبدا ، والمسألة ما هي إلا مسألة وقت فـقـط كي يطلقها .
احتسبتْ إيمان أمْـرها عند الله ، وقضت ليلتها متوترة لم تُـغمض لها عـيْـنٌ ، ولم يتوقـف لها دمعٌ ، ولم يفـتـرْ فمُها عـن الدعاء والتوسّل إلى الله كي يُفـرّج كـرْبها ، ويُبدّد غـيْمها ، ويُـظهـر صدقها ، ويُـفـنّـد ادّعاء زوجها . ولم يمض سوى أسبوع واحد حتى ظهـر البرهان ، واستجاب الرحمن لعبده المؤمن المُهان . إن إيمان حامل في شهرها الأول . مرة أخرى عاد الزوج إلى معاملة زوجته بالحُـسنى ، وعاد أيضا الدفء إلى بيتهما بعـد أن هجـره لسنوات طوال . مـرّت فترة الحمل بشهورها التسعة كأن شيئا لم يقع مـن قـبل ، إلى أن جاء يوم المخاض ذات صباح شتائيّ باكـر ، حيث قاومتْ إيمان وجعها ، وكـتمتْ أنفاسها ، كي لا يسمع زوجها النائم بقـربها أنـيـنها. إنّ ألمها كان يُنسيها فيه فـرحُها القادم ، من سنين الحرمان الآثم الذي خيّم عـليها . صبــرُ إيمان وصمتُها ، قطعهما ألـمٌ حادٌّ مفاجئ ، دفعاها إلى إطلاق صرخة مدوّية في أرجاء البيت . الصرخة كانت كافية كي توقظ الزوج مذعـورا . نظـر إلى زوجته التي كانت ما تزال تئنّ وتتألم وهي واضعة ٌ يدها على بطنها ، وبسرعة نهـض من فـراشه وهــو يـنُـودُ، وساعـدها على الوقـوف وارتـداء ملابسها ، وحمل لوازم المولود القادم ، وما هي إلا دقائق حتى كانا معا في المستشفى القريب .
في المستشفى ظل الزوج رفقة زوجته طوال اليوم دون أن تـلِـد ، مما اضطره إلى العودة إلى المنزل للاستراحة قليلا ، والتزود بقليل من الطعام . في غيابه وضعـتْ إيمان حملها بعـد صراع مـريـر مع المـوت والحياة ، لكـنها أصيـبتْ بنزيف حادّ وخـطيـر ، دخلتْ على إثره في غـيبوبة ليوم كامل ، ولمّا استعادتْ وعْـيهـا وفتحتْ عـينيها ، لم تجـد زوجها بقربها ، فسألت عنه ، فـقيل لها بأنه حضـر وانصرف بسرعة لمّا رأى المولود . استغـربتْ إيمانُ تصرّف زوجها ، وفي خِـضمّ استغرابها لاحظت عائلته وهي متحلقة حـول القادم الجديد ، ولا أحد منها هـنّـأها أو بارك لها فيه . بل هناك من كان ينظـر إليها نظرة احتـقار وازدراء لم تألفها مـن قبل . وما هي إلا هُـنـيهة حتى انصرف الجميع ، ووجدت نفـسها وحيدة مع مولودها الافـتـراضي الذي وقع له ما وقع أثناء غـيـبـوبتها . تحاملتْ على نفـسها ، وقامتْ مـن مكانها ، وألـقـت عـليه نظرة فاحصة رؤومة فلم تُـصدق ما رأت . إنه لا يشبه والديه ، لقد كان لونُ بشرته أسود ، مما جعـلها تصاب بالصدمة وعـدم القدرة على الصبر . بعـد مُضي أسبوع شوهـدت وهي تمشي في الشارع العام حافية القدمين ، وشعـرها الطويل مُنـسـدلٌ على كـتـفـيها ، وهي تُـردّد كلاما .... بصوت مرتـفع تـقـشعِـرّ له الأبــدان .
إيمان مضتْ خمسُ سنوات على زواجها ولم تُـنجب. لـقـد جـرّبت كل الطرق المؤدية إلى الإنجاب ، لكن مشيئة الله لم تقـلْ لما هـو مُنتظـرٌ كُـن فـيكـون . لقـد كانت صابرة محتسبة أمرها عند الله ، رغـم الأذى الذي لحـقها مـن بعْـلها الذي تـنكّـر لكل شيء جميل عاشاه سويا ، وكـثيـرا ما كان يُـشهـر سيف الطلاق في وجهها عندما يحتدِم النقاش بينهما حـوْل عُـقـمها هي وسلامته هـو . لقد كان عـنيدا لم يثـق فـيها ــ رغم إحضارها لشهادة الطبيب التي تُـثبت سلامتها هي الأخرى ــ ، لكـونها لم تصطحبه معها يوم زيارتها له ، مما جعله يُـقسم أنها عـقيم ولا يمكـنها أن تـلِـد أبدا ، والمسألة ما هي إلا مسألة وقت فـقـط كي يطلقها .
احتسبتْ إيمان أمْـرها عند الله ، وقضت ليلتها متوترة لم تُـغمض لها عـيْـنٌ ، ولم يتوقـف لها دمعٌ ، ولم يفـتـرْ فمُها عـن الدعاء والتوسّل إلى الله كي يُفـرّج كـرْبها ، ويُبدّد غـيْمها ، ويُـظهـر صدقها ، ويُـفـنّـد ادّعاء زوجها . ولم يمض سوى أسبوع واحد حتى ظهـر البرهان ، واستجاب الرحمن لعبده المؤمن المُهان . إن إيمان حامل في شهرها الأول . مرة أخرى عاد الزوج إلى معاملة زوجته بالحُـسنى ، وعاد أيضا الدفء إلى بيتهما بعـد أن هجـره لسنوات طوال . مـرّت فترة الحمل بشهورها التسعة كأن شيئا لم يقع مـن قـبل ، إلى أن جاء يوم المخاض ذات صباح شتائيّ باكـر ، حيث قاومتْ إيمان وجعها ، وكـتمتْ أنفاسها ، كي لا يسمع زوجها النائم بقـربها أنـيـنها. إنّ ألمها كان يُنسيها فيه فـرحُها القادم ، من سنين الحرمان الآثم الذي خيّم عـليها . صبــرُ إيمان وصمتُها ، قطعهما ألـمٌ حادٌّ مفاجئ ، دفعاها إلى إطلاق صرخة مدوّية في أرجاء البيت . الصرخة كانت كافية كي توقظ الزوج مذعـورا . نظـر إلى زوجته التي كانت ما تزال تئنّ وتتألم وهي واضعة ٌ يدها على بطنها ، وبسرعة نهـض من فـراشه وهــو يـنُـودُ، وساعـدها على الوقـوف وارتـداء ملابسها ، وحمل لوازم المولود القادم ، وما هي إلا دقائق حتى كانا معا في المستشفى القريب .
في المستشفى ظل الزوج رفقة زوجته طوال اليوم دون أن تـلِـد ، مما اضطره إلى العودة إلى المنزل للاستراحة قليلا ، والتزود بقليل من الطعام . في غيابه وضعـتْ إيمان حملها بعـد صراع مـريـر مع المـوت والحياة ، لكـنها أصيـبتْ بنزيف حادّ وخـطيـر ، دخلتْ على إثره في غـيبوبة ليوم كامل ، ولمّا استعادتْ وعْـيهـا وفتحتْ عـينيها ، لم تجـد زوجها بقربها ، فسألت عنه ، فـقيل لها بأنه حضـر وانصرف بسرعة لمّا رأى المولود . استغـربتْ إيمانُ تصرّف زوجها ، وفي خِـضمّ استغرابها لاحظت عائلته وهي متحلقة حـول القادم الجديد ، ولا أحد منها هـنّـأها أو بارك لها فيه . بل هناك من كان ينظـر إليها نظرة احتـقار وازدراء لم تألفها مـن قبل . وما هي إلا هُـنـيهة حتى انصرف الجميع ، ووجدت نفـسها وحيدة مع مولودها الافـتـراضي الذي وقع له ما وقع أثناء غـيـبـوبتها . تحاملتْ على نفـسها ، وقامتْ مـن مكانها ، وألـقـت عـليه نظرة فاحصة رؤومة فلم تُـصدق ما رأت . إنه لا يشبه والديه ، لقد كان لونُ بشرته أسود ، مما جعـلها تصاب بالصدمة وعـدم القدرة على الصبر . بعـد مُضي أسبوع شوهـدت وهي تمشي في الشارع العام حافية القدمين ، وشعـرها الطويل مُنـسـدلٌ على كـتـفـيها ، وهي تُـردّد كلاما .... بصوت مرتـفع تـقـشعِـرّ له الأبــدان .
تعليق