تويت
على راحلتي في أثر الجمال المفقود/ الحس المعطل
والجمال بادئة ذي بدء معاينة قد تكون حسية وقد تكون عقلانية حدسية . ومعاينة السواد الأعظم من الملا تندرج ضمن اللون الأول . أما المعاينة العقلانية للجمال فتندرج ضمن معاينة أهل الفلسفة والتأمل البيزنطيني .
وتكاد تكون المعاينة الحسية لأغلبية العوام وللطبقة الراجحة عدديا من طبقات الناس وقفا على أو محصورا على معايشة أو معاينة الجمال الأنثوي ولا غير . وهؤلاء يعدمون أو يفتقدون إلى معايير وأوزان يزنون بها ذلك الجمال . وإذا راجعت حواس هؤلاء وحاولت ترجيح قدرتها على فرز الجميل والقبيح لتجد أن تلك الحواس معطلة ولا تملك أهلها رؤية أو قولا أو نظرا في موضوعة الجمال على نحو عام والجمال الأنثوي على نحو خاص . ولعل سائل يسأل ما الذي عطل حواس هؤلاء القوم . وما الذي بلد مداركهم وغلف مشاعرهم بالورق الاسمر . لتطوى تلك الحواس وتقطع عن تلك الشجرة الكونية التي ترفد الأقوام بقدرأو بقسط من الإخضرار الجمالي أو الزبرجد الكوني .
ولعلي أرجع تعطيل حواس هذه الطبقات إلى تقاليد دينية وغير دينية . وما يتعلق منها بالدينية فثمة طبقة من الناس تنظر إلى الجمال الأنثوي وكأنه ترف دنيوي يمقته الدين ويشنع على من يتوخونه في قوام وشارات النساء . فالجمال الأنثوي في أعين هؤلاء لا يساوي شيئا إذا كان مجردا عن الخضاب الديني . فما المرأة الا ما يتخضب به من خضاب وحناء الخلق ولاسيما الديني منه . وإذا ما كانت هند متشربا ومشبعا في خلقها الديني فذلك الذي يغري ويغوي . وذلك حتى إذا كانت هند سوقية الشكل وأبنوسية اللون وطينية التقاسيم والثغر .
وبلادة الحواس أو عطلها في المعاينة والتشخيص الجمالي قد يكون علتها ومبعثها نفسي . وما من ريب أن الملأ على مراتب ودرجات في قدرتهم على المعاينة والمعايشة الجمالية وربما حتى في المعايشة النفسية لعوالم تمت أو لا تمت إلى الجمال بصلة . إذ ان هذه النفوس تعاني من ضيق في الأفق وقصور على إدراك ما ينأى عن المدرك الواقع بعيدا عن حكم الحواس ومدارها المباشر .
تعليق