مقياس تدريج الجامعات، مقياس للتطور العلمي، الثقافي والاجتماعي للدول
نبيل عودة
نشرت جامعة شانغهاي للاتصالات، ومقرها الصين، تقريرها السنوي حول تدريج الجامعات من حيث مكانتها العلمية والبحثية وانجازاتها.
مقياس شانغهاي للجامعات أضحى مقياساً ليس لتطور الجامعات فقط، انما لتطوير المجتمعات البشرية، للرقي الحضاري، ولحرية الإبداع والتفكير والبحث العلمي في دول العالم المختلفة.
التقرير الأخير لمقياس شانغهاي صدر في 14/8/2010 حيث يدرج أسماء أبرز 500 جامعة في العالم، الأولى وهي الأبرز على الاطلاق ورقم 500 هي الأدنى على الإطلاق، والجامعات التي لا يشملها المقياس، لا يوجد ما يؤهلها لدخوله، وتفتقد عملياً للخواص الأساسية التي تشكل العمود الفقري للمؤسسات الجامعية، بصفتها مؤسسات أكاديمية بحثية وليست مجرد مدارس فوق الثانوية، خريجوها يفتقدون للتجربة البحثية وللفكر الأكاديمي الإبداعي، وشهاداتهم تشكل أوراقا شكلية لا اعتبار لها في المعاهد العلمية والبحثية الدولية.
كالعادة غابت الجامعات العربية عن مقياس شانغهاي، وكان من نصيب العرب جامعتان سعوديتان في مؤخرة التدريج، والمستهجن ان الصحافة السعودية نشرت الخبر بفرح كبير متجاهلة أن الجامعات المدرجات في قاع سلم أفضل 500 جامعة، هي مكانة لا تفصلها كثيراً عن مئات الجامعات العربية الأخرى وربما ما وضعها في هذه المكانة "المتقدمة" عن الجامعات العربية لا يعني التميز، بل قد تكون الميزانيات التي تخصص، والتي تتجاوز قدرات الجامعات الأخرى، والسعودية لا تنقصها الموارد للجامعات.
في قائمة أفضل عشر جامعات كانت 7 جامعات أمريكية، وبينها الجامعة التي احتلت المكان الأول، جامعة هارفارد الأمريكية، وفي أفضل مائة جامعة في العالم نجد 54 جامعة أمريكية..
هذا الأمر يطرح العديد من الأسئلة المصيرية. لماذا تتخلف الجامعات العربية عن سائر مؤسسات التعليم الأكاديمي؟
في المائة والخمسين الأوائل نجد 3 جامعات إسرائيلية.
نحن لا نتحدث عن مونديال لكرة القدم، الحديث هنا يتناول أكثر المواضيع تأثيراً على تشكيل العقل العربي، والوعي العربي، والرقي العربي، والقوة العلمية العربية، والقوة الاقتصادية الانتاجية والإبداعية وليس ريع النفط، الوارد بدون جهد عقلي عربي.
الحديث هنا عن مستوى تطور المجتمع ومؤسساته، ومستوى الخدمات التي تقدم للمواطن، وهل المجتمعات العربية في خدمة الإنسان، أم الإنسان حثالة بلا قيمة؟ بلا كيان؟.
والأهم، في إطار التحدي الذي يواجهه العالم العربي في الشرق الأوسط، وعلى رأس ذلك التحدي الأمني والعسكري، الذي لا يمكن معادلته مع التحديات بدون تطوير العلوم والأبحاث العلمية والتكنولوجية، ورفع مستوى الحياة للمواطن العربي، وليس مجرد حشد أجسام وتعداد الملايين.. هناك غياب عربي.
ما أريد أن أنوه له أن مقياس الجامعات هو مقياس لرقي الجامعات، ولحرية التفكير والإبداع الاجتماعي والإنساني، ولا أعني بالإبداع الناتج الثقافي والأدبي والفني انما الإبداع في العلوم والتكنولوجيا، الإبداع في إنتاج الخيرات المادية للمجتمع.. الإبداع في رفع مستوى الحياة ومستوى الخدمات الاجتماعية والصحية للمواطن.. الإبداع في صيانة حقوق الإنسان، وحقه في حياة آمنة حرة.
قد يعلق البعض على مقالي بأني أقوم بدعاية للامبريالية الأمريكية، أو للصهيونية، ولكن لا يمكن تجاهل أن جامعة هارفارد الأمريكية التي احتلت المرتبة الأولى، حاز 54 من خريجيها على جوائز نوبل في مختلف الحقول العلمية.. وهي حقول تضمن التطور والفائدة لكل إنسان على وجه الأرض، بما في ذلك العرب ايضاً، جامعة هارفارد تستثمر 26 مليار دولار في التعليم والأبحاث التي تشمل مناطق شاسعة في العالم، وهي بؤرة إشعاع ثقافي وعلمي لكل شعوب العالم.
بينما نلاحظ أن الكثير من الجامعات العربية هي مجرد بؤر تجارية بدون قيمة علمية أو تنويرية.
كذلك نجد أن الدول المتقدمة تزيد دائماً التمويل للبحث العلمي في الجامعات، هذا التمويل يعود بفائدة على المجتمع قيمتها المادية أضعاف ما استثمر في الأبحاث.
ما هو الواقع العربي؟.
المقياس هو نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج الاقتصادي الوطني، في الوطن العربي هناك زيادة في نسبة الإنفاق على الأبحاث، ولكنها ضئيلة جداً.
ارتفعت نسبة الإنفاق على البحث العلمي قياساً الى الناتج المحلي، من 0.31% عام 1970 الى 0.67% عام 1990.
ما هي المقاييس في الدول المتقدمة؟
نسبة الإنفاق في فرنسا والسويد تبلغ 2.7% و 2.9% على التوالي من الناتج القومي. عام 1994 كانت نسبة الانفاق على البحث العلمي في مصر 0.4%، في الأردن 0.33%، في المغرب 0.2%، في سوريا ولبنان وتونس والسعودية 0.1% من إجمال الناتج القومي.
وبلغة الأرقام الأبسط، كل الدول العربية خصصت للأبحاث العلمية عام 2004 ما يعادل 1.7 مليار دولار فقط أي 0.3% من ناتجها القومي. تعالوا نقارن مع إسرائيل، بصفتها التحدي الحضاري والأمني للعالم العربي.
الإنفاق على البحث العلمي ( ما عدا العسكري الذي يعتبر سوبر علمي) عام 1999 أنفقت إسرائيل 9.8 مليارات شيكل أي ما يوازي 2.6% من حجم الناتج الوطني. عام2004 وصل الانفاق الى 4.7% من الناتج القومي الاجمالي. ونجد إسرائيل تسبق دولاً متقدمة وغنية مثل فرنسا والسويد مثلاً، وتبلغ معدلات البحوث داخل الجامعات الإسرائيلية من أعلى النسب في العالم.
وكما قلت هذا عدا تطوير البحوث العلمية والتكنولوجية التي تتعلق بالجيش.
إذن هل بالصدفة حصول باحثين من إسرائيل على جوائز نوبل كل سنة تقريباً؟
هل بالصدفة أن الجامعات الإسرائيلية في الأماكن المتقدمة من التدريج حين تغيب كل الجامعات العربية إطلاقاً؟!.
هل بالصدفة أن إسرائيل تقف في الصف الأول من حيث عدد الأبحاث العلمية التي تنشر في العالم؟!.
إسرائيل تصرف 2500 دولار على تعليم الفرد مقابل 340 دولار في الدول العربية، إسرائيل تنفق 7% من ناتجها القومي على التعليم مقابل 5% في أمريكا و 4% في اليابان.
ولم تنشر معلومات عن النسبة في العالم العربي وأتوقع أن تكون منخفضة بشكل مريع.
في إسرائيل 1395 عالماً وباحثاً لكل مليون مواطن وفي العالم العربي 100 عالم وباحث لكل مليون مواطن.
معلومة مؤلمة أخيرة، إسرائيل تطبع 1000 كتاب لكل مليون إسرائيلي وفي العالم العربي 3 كتب فقط.
نشرت جامعة شانغهاي للاتصالات، ومقرها الصين، تقريرها السنوي حول تدريج الجامعات من حيث مكانتها العلمية والبحثية وانجازاتها.
مقياس شانغهاي للجامعات أضحى مقياساً ليس لتطور الجامعات فقط، انما لتطوير المجتمعات البشرية، للرقي الحضاري، ولحرية الإبداع والتفكير والبحث العلمي في دول العالم المختلفة.
التقرير الأخير لمقياس شانغهاي صدر في 14/8/2010 حيث يدرج أسماء أبرز 500 جامعة في العالم، الأولى وهي الأبرز على الاطلاق ورقم 500 هي الأدنى على الإطلاق، والجامعات التي لا يشملها المقياس، لا يوجد ما يؤهلها لدخوله، وتفتقد عملياً للخواص الأساسية التي تشكل العمود الفقري للمؤسسات الجامعية، بصفتها مؤسسات أكاديمية بحثية وليست مجرد مدارس فوق الثانوية، خريجوها يفتقدون للتجربة البحثية وللفكر الأكاديمي الإبداعي، وشهاداتهم تشكل أوراقا شكلية لا اعتبار لها في المعاهد العلمية والبحثية الدولية.
كالعادة غابت الجامعات العربية عن مقياس شانغهاي، وكان من نصيب العرب جامعتان سعوديتان في مؤخرة التدريج، والمستهجن ان الصحافة السعودية نشرت الخبر بفرح كبير متجاهلة أن الجامعات المدرجات في قاع سلم أفضل 500 جامعة، هي مكانة لا تفصلها كثيراً عن مئات الجامعات العربية الأخرى وربما ما وضعها في هذه المكانة "المتقدمة" عن الجامعات العربية لا يعني التميز، بل قد تكون الميزانيات التي تخصص، والتي تتجاوز قدرات الجامعات الأخرى، والسعودية لا تنقصها الموارد للجامعات.
في قائمة أفضل عشر جامعات كانت 7 جامعات أمريكية، وبينها الجامعة التي احتلت المكان الأول، جامعة هارفارد الأمريكية، وفي أفضل مائة جامعة في العالم نجد 54 جامعة أمريكية..
هذا الأمر يطرح العديد من الأسئلة المصيرية. لماذا تتخلف الجامعات العربية عن سائر مؤسسات التعليم الأكاديمي؟
في المائة والخمسين الأوائل نجد 3 جامعات إسرائيلية.
نحن لا نتحدث عن مونديال لكرة القدم، الحديث هنا يتناول أكثر المواضيع تأثيراً على تشكيل العقل العربي، والوعي العربي، والرقي العربي، والقوة العلمية العربية، والقوة الاقتصادية الانتاجية والإبداعية وليس ريع النفط، الوارد بدون جهد عقلي عربي.
الحديث هنا عن مستوى تطور المجتمع ومؤسساته، ومستوى الخدمات التي تقدم للمواطن، وهل المجتمعات العربية في خدمة الإنسان، أم الإنسان حثالة بلا قيمة؟ بلا كيان؟.
والأهم، في إطار التحدي الذي يواجهه العالم العربي في الشرق الأوسط، وعلى رأس ذلك التحدي الأمني والعسكري، الذي لا يمكن معادلته مع التحديات بدون تطوير العلوم والأبحاث العلمية والتكنولوجية، ورفع مستوى الحياة للمواطن العربي، وليس مجرد حشد أجسام وتعداد الملايين.. هناك غياب عربي.
ما أريد أن أنوه له أن مقياس الجامعات هو مقياس لرقي الجامعات، ولحرية التفكير والإبداع الاجتماعي والإنساني، ولا أعني بالإبداع الناتج الثقافي والأدبي والفني انما الإبداع في العلوم والتكنولوجيا، الإبداع في إنتاج الخيرات المادية للمجتمع.. الإبداع في رفع مستوى الحياة ومستوى الخدمات الاجتماعية والصحية للمواطن.. الإبداع في صيانة حقوق الإنسان، وحقه في حياة آمنة حرة.
قد يعلق البعض على مقالي بأني أقوم بدعاية للامبريالية الأمريكية، أو للصهيونية، ولكن لا يمكن تجاهل أن جامعة هارفارد الأمريكية التي احتلت المرتبة الأولى، حاز 54 من خريجيها على جوائز نوبل في مختلف الحقول العلمية.. وهي حقول تضمن التطور والفائدة لكل إنسان على وجه الأرض، بما في ذلك العرب ايضاً، جامعة هارفارد تستثمر 26 مليار دولار في التعليم والأبحاث التي تشمل مناطق شاسعة في العالم، وهي بؤرة إشعاع ثقافي وعلمي لكل شعوب العالم.
بينما نلاحظ أن الكثير من الجامعات العربية هي مجرد بؤر تجارية بدون قيمة علمية أو تنويرية.
كذلك نجد أن الدول المتقدمة تزيد دائماً التمويل للبحث العلمي في الجامعات، هذا التمويل يعود بفائدة على المجتمع قيمتها المادية أضعاف ما استثمر في الأبحاث.
ما هو الواقع العربي؟.
المقياس هو نسبة الإنفاق على البحث العلمي من الناتج الاقتصادي الوطني، في الوطن العربي هناك زيادة في نسبة الإنفاق على الأبحاث، ولكنها ضئيلة جداً.
ارتفعت نسبة الإنفاق على البحث العلمي قياساً الى الناتج المحلي، من 0.31% عام 1970 الى 0.67% عام 1990.
ما هي المقاييس في الدول المتقدمة؟
نسبة الإنفاق في فرنسا والسويد تبلغ 2.7% و 2.9% على التوالي من الناتج القومي. عام 1994 كانت نسبة الانفاق على البحث العلمي في مصر 0.4%، في الأردن 0.33%، في المغرب 0.2%، في سوريا ولبنان وتونس والسعودية 0.1% من إجمال الناتج القومي.
وبلغة الأرقام الأبسط، كل الدول العربية خصصت للأبحاث العلمية عام 2004 ما يعادل 1.7 مليار دولار فقط أي 0.3% من ناتجها القومي. تعالوا نقارن مع إسرائيل، بصفتها التحدي الحضاري والأمني للعالم العربي.
الإنفاق على البحث العلمي ( ما عدا العسكري الذي يعتبر سوبر علمي) عام 1999 أنفقت إسرائيل 9.8 مليارات شيكل أي ما يوازي 2.6% من حجم الناتج الوطني. عام2004 وصل الانفاق الى 4.7% من الناتج القومي الاجمالي. ونجد إسرائيل تسبق دولاً متقدمة وغنية مثل فرنسا والسويد مثلاً، وتبلغ معدلات البحوث داخل الجامعات الإسرائيلية من أعلى النسب في العالم.
وكما قلت هذا عدا تطوير البحوث العلمية والتكنولوجية التي تتعلق بالجيش.
إذن هل بالصدفة حصول باحثين من إسرائيل على جوائز نوبل كل سنة تقريباً؟
هل بالصدفة أن الجامعات الإسرائيلية في الأماكن المتقدمة من التدريج حين تغيب كل الجامعات العربية إطلاقاً؟!.
هل بالصدفة أن إسرائيل تقف في الصف الأول من حيث عدد الأبحاث العلمية التي تنشر في العالم؟!.
إسرائيل تصرف 2500 دولار على تعليم الفرد مقابل 340 دولار في الدول العربية، إسرائيل تنفق 7% من ناتجها القومي على التعليم مقابل 5% في أمريكا و 4% في اليابان.
ولم تنشر معلومات عن النسبة في العالم العربي وأتوقع أن تكون منخفضة بشكل مريع.
في إسرائيل 1395 عالماً وباحثاً لكل مليون مواطن وفي العالم العربي 100 عالم وباحث لكل مليون مواطن.
معلومة مؤلمة أخيرة، إسرائيل تطبع 1000 كتاب لكل مليون إسرائيلي وفي العالم العربي 3 كتب فقط.
www.Almsaa.net
nabiloudeh@gmail.com
تعليق