دموع الشتاء

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان الدرع
    نائب ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3576

    دموع الشتاء

    [align=center]

    دموع الشتاء


    [/align][align=right]
    راعني منظر الزهور الذاّبلة، والأوراق الخضر المائتة على شرفة ذلك العجوز القابع بجوارنا ،فقد كان منذ أيام قلائل يمطر أصص النباتات بقطرات ماءٍ من بين أصابعه بعشقٍ واضح وفي وتبادلٍ ملفتٍ لأطوار الحياة وطاقاتها.
    يعطيها من سنيّ عمره العتيق فتنمو، ويأخذ منها إشراقة وميعة الضياء فتشرق ملامحه فرحاً...
    قلّبتُ في ذاكرتي تلك الأحداث التي مرّت سراعاً عبر شهرٍ فائتٍ، منذُ وطأ داره هذه، أيمكن لما جرى بيننا، ذاك الأثر الذي ألمسه الآن...؟
    أتراني أوصلته للحال هذه عن قصد أو غير قصد؟ يا الهي أليس من حقّي أن أغضبَ؟ أن أعبّرَ عن استيائي..؟ فمنذ أن سكن إلى جوارنا وأنا أعاني الخوف والهواجس التي تؤرقني ليل نهار.. ماله ولابنتي؟ ماذا يريد منها؟ صرتُ أخاف نظراته لها.. نظراتٌ لا تشبع.. أكثر من الشغف.. صرت أخاف نداءاته المتكرّرة لها بسببٍ ومن غير سبب.
    تارة يشاطرها.. هوايتها الطفولية، ويحدّثها بلا ملل، وتارة يأتي لها بالقطط المنزلية الأليفة التي تحبها، وتارة أخرى يهديها بعض الأشياء البسيطة التي ترغبها فتفتح شرائط العلب المعقودة، ببراءةٍ ودهشةٍ برعميّةٍ واضحة.
    صرت أرتاب في كلّ شيءٍ.. خاصة عندما لمستُ فيها دفاعها عنه.. والتماس الأعذار له.. وبكاءها بحرقةٍ، لمّا تستعر النار في قلبي فأوبّخها وأنهرها بحزم وأمنعها عن مقابلته،كانت هي ذاتها لا تعلم سبباً لهذا البكاء، شيء ما يفوق طاقتها ، لا تحسن التعبير عنه.
    لقد كان يحثّها على الدراسة والتفوّق، والنجاح، بكلّ الأساليب التي اختزنها عبر مراحل عمره العتيق، وهو التربويّ المتقاعد.. المشهود له بالكفاءة والخبرة أعطاها في البداية.. درس.. اثنان.. اشتدّ الصراع في نفسها البريئة كنت ألمح شرودها وبقايا الدموع النديّة في مآقيها.
    حسمتُ الأمر، أعلنتُ رفضي لاستكمال هذه الدروس، ارتحتُ قليلاً بعد هذا القرار، أحسسْتُ أن قراراتنا هي جزء من كياننا، وعبرها نسير كالنسور الشامخة.
    أيام قلائل تفصل ابنتي عن امتحان الشهادة الإعدادية..
    أعلنت حالة الطوارئ في منزلي الهادئ، أفردت لها ركناً يفصلها عن جلبة المنزل، كنت في غمرة استعداداتي أرتّب ، أنظّف، مشوّشة الشعر، مبلّلة الثياب نزقة الردود (الجرس يُقرع... بحركة عفويّة سارعتْ ابنتي إلى فتح الباب، أجفلتْ في مكانها لم تستطعْ النّطق، وأنا أسألها عن القادم ،أبعدتها مستفسرةً بفضولٍ كبيرٍ، ذهلتُ.. إنه هو.. هذا الأشيب الذي دخل حياتنا فجأة، واقتحمها عنوةً، بتشبّثٍ غريبٍ، رغم كل قسوتي وردودي الجارحة التي لم أكن أخفيها.
    برقتْ عيناي كاللّبؤة الشرسة التي تشدّ شبلها لأضلعها...
    أحسستُ أن لي أظافر غير مرئيّة نشبتْ بين أصابعي، وأنّ لهاثي تسمعه أذني، مقروناً بخفقات قلبي ، وأن طنيناً في أذني استجمع كل أسراب النحل ودويّه.
    صرختُ فيه لماذا أتيتَ؟ أما قلت لك ألا تأتِ.. وألا تحدّثها؟ لماذا أتيت؟ حملق بي مذعوراً من وراء نظّاراته السميكة، ارتعشتْ ذوائبه وهي تنضح عرقاً، سعدتُ لهذا الانكسار الذي لمحته في أنامله المرتجفة، وهو يدفع لي ببعض الكتب والمراجع كي تستعين بها ابنتي أثناء دراستها كما وعدها .
    دفعت يدي بظاهر كفي قائلة:
    ومن قال أننا نريد منك شيئاً خذها وارحل..؟؟؟
    وتناثرت الأوراق على الأدراج وتمزّقت الأغلفة، واختلطت الأشياء كلها بالأشياء، لملم نفسه ورحل لم يكن يعنيني على أيّ هيئة رحل، ما يهمني ذاك السياج الآمن الذي يحمي ابنتي ، وهاقد عاد إليها ذاك الشعور الغريب الذي كان يتغلغل في حناياها ولا تجد له تفسيراً...
    بكتْ...... وبكتْ.. حاولت أن أنسيها بسرعة ما حدث ،أوحيت لها أن القسوة أحياناً تريح الإنسان في كثير من المواقف ، عليه أن يستعملها كسلاح يبتر أنصاف الحلول التي يتذرع بها الضعفاء.
    مرّ على الموقف أيام عشر.. لم ألحظه بها
    عُدت للتساؤل الذي أوقدته عروق دمي.. هل أنا السبب؟.. هل ذاك السياج الآمن هو الذي أطفأ حضوره إلى شرفته..؟؟؟
    ابنتي من ورائي كانت تلحظ ما يعتريني ، استدرتُ إليها أعتصرُ منها إجابات كانت تفرضها تساؤلاتي وحيرتي.
    ماذا كان يريد منك سألتها؟
    سرحتْ بفكرها بعيداً وعاد إليها ذلك الموج المتصارع في روحها بصوت متهدّجٍ قالت: لست أدري.. ولكني أذكر في إحدى اللحظات وأنا أقضم بعض قطع من الشوكولاتة التي أحبها وقد أتاني بها فشكرته،
    أجابني باكياً ناديني بابا.. قولي شكراً يا أبي، حملقتُ به خائفة من دموعه المنسابة من محاجر متعبة يغطيها خصلات شعره الأشيب.. قلت له بصوت متقطّع كما أراد: شكراً يا أبي...
    ازدادت دموعه تسارعاً وانحداراً فأمسك بمنديله مجهشاً بالبكاء.
    لطمتُ نفسي.. ولماذا لم تقولي ذلك قبلاً؟ لماذا يا ابنتي؟ لقد قتلته بدموعه، وقتلتني بقسوتي.
    أجابت: كنت خائفة منك ولم أقوَ على البوح بذلك ،لأن إعصاراً من اللّهيب كان يجتاحك عندما ترينه،آثرتُ الانسحاب من أجلك.
    ارتديتُ عباءتي بلا تردّدٍ لم أعد أسمع باقي الكلمات منها، توجّهتُ إلى بيته الكئيب الوحيد...
    التراب يعشعش على أدراجه، وصمتٌ طويل ران على جدرانه، بعد أن نقرتُ الباب بيدي، قطع السكون الموحش صوته المتعب وقد رافقه سعال كاسر بُحّ تردّده.
    وعندما التقت عينانا..
    انسابت سطورٌ وسطورٌ بلا أي كتابات بيننا، قال لي الكثير.. وقلت له الأكثر، أحسستُ لأول مرة في حياتي أنني أستحقُ المحاكمة في حقّ إنسان جرحته.. مزّقتُه.. ظلمتُه.. أبكيت ثلوج العمر في جسده النحيل.
    منكسرٌ هو..صامتٌ .. كئيب.. حزين..، استدار نحو صالة المنزل تبعته في الخطو، كاد يُغشى عليّ وأنا أرى صورةً مؤطّرةً لفتاة حلوة الملامح ،ملائكية العينين، ذات ضفائر شقراء كابنتي، تتوسّط الحائط الرئيس في المنزل، بحيث تطالها عيناك في أي جهة كنت تقصدها. كان أرحم مني ،لم يدع الحيرة تأكلني عندما استفسرتْ قسماتي عنها..؟؟؟
    نطق بشفتيه الجافتين: إنها ندى.. ابنتي الوحيدة التي اختطفها مني الموت إثر حادث أليم منذ أعوامٍ عديدة، بات طيفها هو الزائر الوحيد لمقلتي، افتقدتها، وتلاشيت عند فقدها، جرّبتُ كلّ الوصفات، كلّ النصائح، كلّ الصلوات.. ولم أنسها.. أبتْ أن تغادرني، جاورت أوردتي وشراييني، انشطر قلبي وتربّعت في حناياه، غيّرتُ مسكني بحثاً عن النسيان.
    ساق لي القدر ابنتك وجدتُ ملامح ابنتي فيها، أسقطتُ عليها كلّ أشواقي وحرماني، وتلك المساحة الوارفة من عمري التي أصيبت بالقحط .
    فجأة أورقت صحراء عمري عندما عرفتُ ابنتك...
    أعادت لي نسائم الربيع، عدتُ إلى حدائقي التي هجرتها لسنين طوال. غرّدت الطيور في حقول عمري من جديدٍ، انظري إلى هذا التشابه الغريب في ملامحهما..، كأنّ الله عوضني عنها بابنتك..
    نفس الجمال في الملامح والرّوح..
    قلتُ لهُ: آسفة.. لقد استكشفْت في نفسي مساحات غباءٍ وطيشٍ وكبرٍ، وقسوةٍ لا مبرّر لها ،كان عليّ أن أعرف أن أحسّ.. أن ..
    وقبل أن أكمل..هزّ أصابعه نافياً:لا تحمّلي نفسك أعذاراً لا مبرّر لها.. أنا أقدّر خوفك على ابنتك، وهذا حقّك، المشكلة عندي لا فيك أنتِ..
    وقع خطى ابنتي قطع حوارنا، حاول أن يتفاداها من نظراته المليئة بالشوق والحنين، ارتبكتْ هي كالعادة.. قلت لها: تقدّمي- ألم تشتاقي لأبيك وأستاذك..
    أتت على استحياءٍ نحوه.. خالني أني رأيت بعض السّواقي الجافّة تعود للجريان في وجهه المكدود، وأن ابتسامة هاربة منه قد عادت إليه، وأخمدتُ تلك الثورة الخرقاء في نفسي نحوه..
    قلت له: يا أستاذنا الفاضل- ويا أبانا الجليل.. منذ هذه اللحظة.. ستكون أنت مرجعنا، ومرشدنا، هل تقبلنا؟ فتكون لنا الأب.. والأخ.. والموئل..؟ أحسسْت بنشوةٍ عارمةٍ من السّعادة تغمرني وابنتي، وتغمره.
    تركته.. عائدة لشقتي، وأنا أرى الردّ الضاحك من خلال عينيه اللتين تتبعاني، وأروع لحظة عشتها عندما سمعت باب شرفته ينفتح بأزيزه المعتاد ،وقد أطلّ منه يحمل الماء، ويسقي الزرع، ويمطر قطرات الماء من خلال أصابعه المرتعشة على الأزهار..
    كعادته عندما يكون في قمّة سعادته.. كلّ صباحٍ.
    [/align]

    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    #2
    أكانت دموعا للشتاء أم الخريف ؟!
    أيا كانت هذه الدموع إلا أنها كانت دموع أخذت من الواقع كثيرا ، و ارتميت بين أحضان الخيال
    لتقول .. كم نبحث بين ثنايا الوقت عن أحلام غادرتنا .. و ربما لن نجدها أو نراها أبدا
    و لكن يبقي الحلم نديا فينا ما عشنا .. قد يدركنا الهرم و تذوى تلك الجذوة إذا ما انفلتت خيوط الحلم منا
    و حتى لو كنا شبابا بعد .. الحلم رئة الحياة كما أن الحب الرئة الأخري !!

    أحببت هذه العذوبة و الرقة التى أضفت على العمل الكثير من الطعم و النكهة
    و أدركت من نقطة البداية أنى أمام كاتبة عملاقة ، و على أن أقرأ بعناية ، و إلا ضاع مني
    خيط المتابعة .. ربما طالتني بعض سهام فى الطريق من وقع جبروت هذه الأم التى أعلنت عنه الكاتبة
    و تنفست معها بعض قسوتها ، فذهبت إلى حيث مغامري القص ، لأري صورا شائهة ، و ينال مني الامتعاض
    لتبني موقف الأم .. و لكن المعالجة التى لم أكن أتوقعها جاءت ، بطريقة الأفلام العربية ، لتدلل على أشياء
    و قيم ندرع بها ، و لا نفلتها حتى لو اتهمنا بالرومانسية !!

    شكرا لك أستاذة إيمان على هذه المعزوفة !!

    تقديري و احترامي
    sigpic

    تعليق

    • سعد المصراتى مؤمن
      أديب وكاتب
      • 25-10-2009
      • 149

      #3
      ومن غيرها تكون نعم هى الآستاذة (إيمان )
      شدنى النص , وصارت الدموع ليست فى الشتاء فقط , ولكنها دموع فى كل الفصول نظرا لواقعية الحدث ,
      صرت وانا اتابع الموضوع خائفا ان تنقطع علاقة الطفلة بالأب الرمز , وهالنى القلق عندما أخذ النص ذروته وعقدته الادبية , وهى قطع هذه العلآقة , وبقسوة تجلت فيها مخاوف ام قلقة على طفلتها , ما إن انقلبت تلك المشاعر بعد معرفة الحقيقة الى نهر دافق بالرأفة والرحمة , وكان ذلك حلا ذكيا من الكاتبة الذكية وكان متسايرا مع الواقع والحدث
      استاذة إيمان // دعينى اطرح بعض الآعجاب ببعض الصور الآدبية فى النص ومنها
      ( أحسست ان قراراتنا هى جزء من كياننا وعبرهانسير كالنسور الشامخة )
      حقا هو كذلك لكن حسب نوع القرار وشكله والا قولى (كالعصافير الخائفة )*
      (ابكيت ثلوج العمر فى جسده النحيل )*تعبير راق جسد كل معانى المعاناة وكذلك ردة الفعل وهو من الاسلوب القصصى المحترف والذى يطلعك على النواحى النفسية , والجسديه , وحتى االاجتماعية للبطل (رائع )*
      (خالنى انى رايت بعض السواقى الجافة تعود للجريان فى وجهه المكدود ) *
      نفس التعبير السابق ويجعلك تقف على حقيقة الامر وكانه صورة حقيقية, ويجسد العلة والدواء فى أن واحد ,,,,سلمت يداك على هذا النص الرائع اختاة , واتمنى لك التوفيق والسؤد د ..
      تحيّا تى / الطير الحر *
      سعد المصراتى مؤمن (والذى لايذكره أحد فى هذاالمنتدى ارجو غير ذلك )***
      التعديل الأخير تم بواسطة سعد المصراتى مؤمن; الساعة 06-10-2010, 11:07.

      تعليق

      • سمية الألفي
        كتابة لا تُعيدني للحياة
        • 29-10-2009
        • 1948

        #4
        الأستاذة الرائعة/ إيمان الدرع

        تتساقط أمطار الشتاء إيذانا بالخير, بينما هنا قرأت أمطار حزن وجفاء


        باتت معزوفتك خريفية , تمطر بغير أوان

        رائعة يا جميلة الحرف


        محبتي

        تعليق

        • فايزشناني
          عضو الملتقى
          • 29-09-2010
          • 4795

          #5
          الأخت الفاضلة ايمان
          حالة انسانية رائعة
          كانت لمفرداتك الساحرة القدرة
          على امتاعنا وتحريك مشاعرنا
          أجدت في الدخول والخروج
          وفي السرد الجميل والسهل
          وصورك التي أبدعت في رسمها
          أشعر كأني أصبحت جزء منها

          أعشق هذا النوع من القصص
          وكأنها تجري مع كل واحد منا
          لك كل الود
          هيهات منا الهزيمة
          قررنا ألا نخاف
          تعيش وتسلم يا وطني​

          تعليق

          • إيمان الدرع
            نائب ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3576

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
            أكانت دموعا للشتاء أم الخريف ؟!
            أيا كانت هذه الدموع إلا أنها كانت دموع أخذت من الواقع كثيرا ، و ارتميت بين أحضان الخيال
            لتقول .. كم نبحث بين ثنايا الوقت عن أحلام غادرتنا .. و ربما لن نجدها أو نراها أبدا
            و لكن يبقي الحلم نديا فينا ما عشنا .. قد يدركنا الهرم و تذوى تلك الجذوة إذا ما انفلتت خيوط الحلم منا
            و حتى لو كنا شبابا بعد .. الحلم رئة الحياة كما أن الحب الرئة الأخري !!

            أحببت هذه العذوبة و الرقة التى أضفت على العمل الكثير من الطعم و النكهة
            و أدركت من نقطة البداية أنى أمام كاتبة عملاقة ، و على أن أقرأ بعناية ، و إلا ضاع مني
            خيط المتابعة .. ربما طالتني بعض سهام فى الطريق من وقع جبروت هذه الأم التى أعلنت عنه الكاتبة
            و تنفست معها بعض قسوتها ، فذهبت إلى حيث مغامري القص ، لأري صورا شائهة ، و ينال مني الامتعاض
            لتبني موقف الأم .. و لكن المعالجة التى لم أكن أتوقعها جاءت ، بطريقة الأفلام العربية ، لتدلل على أشياء
            و قيم ندرع بها ، و لا نفلتها حتى لو اتهمنا بالرومانسية !!

            شكرا لك أستاذة إيمان على هذه المعزوفة !!

            تقديري و احترامي
            أستاذي الفاضل : ربيع
            أجل ...الحلم الجميل ، والحبّ النبيل صنوان ، إذا اجتمعا تحقّقت إنسانيّتنا في أبهى حللها
            وكان حلمي الأوّل مذ دخلتُ الملتقى ، أن تحظى قصصي المتواضعة بمباركتك لها ..
            لأني لامستُ فيك ومنذ البداية هذه العين الفاحصة ، العارفة ، حيث تغوص لمكامن السطور بخبرةٍ غير مسبوقة
            وبطبعٍ جميلٍ أحببته فيك ، حيث لا محاباة، ولا مجاملة، وكم نبّهتني مراراً وبقسوةٍ أشكرك عليها ، عندما تختلّ عندي
            بعض موازين أركان القصّة .
            فأنت مثلي الأعلى يا سيّد الكلمات..
            تشرّفت برأيك ، وأعدك بمزيدٍ من الحرص والإمساك الشديد بخيوط القصّ ..لأبقى عند حسن ظنّك بي..
            دمت ربيعاً نستمدّ منه شعاع الأمل الذي لا يخبو
            تقبّل مودّتي وامتناني ...وألف شكر

            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
              أستاذي الفاضل : ربيع
              أجل ...الحلم الجميل ، والحبّ النبيل صنوان ، إذا اجتمعا تحقّقت إنسانيّتنا في أبهى حللها
              وكان حلمي الأوّل مذ دخلتُ الملتقى ، أن تحظى قصصي المتواضعة بمباركتك لها ..
              لأني لامستُ فيك ومنذ البداية هذه العين الفاحصة ، العارفة ، حيث تغوص لمكامن السطور بخبرةٍ غير مسبوقة
              وبطبعٍ جميلٍ أحببته فيك ، حيث لا محاباة، ولا مجاملة، وكم نبّهتني مراراً وبقسوةٍ أشكرك عليها ، عندما تختلّ عندي
              بعض موازين أركان القصّة .
              فأنت مثلي الأعلى يا سيّد الكلمات..
              تشرّفت برأيك ، وأعدك بمزيدٍ من الحرص والإمساك الشديد بخيوط القصّ ..لأبقى عند حسن ظنّك بي..
              دمت ربيعاً نستمدّ منه شعاع الأمل الذي لا يخبو
              تقبّل مودّتي وامتناني ...وألف شكر
              ليس لدي أى تحفظات على القصة و البناء أستاذة إيمان
              و لا على المعالجة .. ربما قلت انتهت حيث رأينا الأفلام العربية فى الأبيض و الأسود
              و رأيت أنها صنعت استثناء ، فهذا النموذج يكاد يختفى من عالمنا القصصي و الحياتي
              و المخيلة تمتلئ بكتابات و حكايا من الشرق و الغرب تختلف اطلاقا عن تلك الجميلة
              يكفى أن أحيلك إلى مليكة مستظرف و جراح الروح و الجسد ، لتقفي على ما قصدت هنا
              وحجم القبح الذى ساد عالمنا !!

              أشكرك .. أرجو أن أكون واضحا و بلا أى التباس !!

              صباحك مشرق
              sigpic

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة سعد المصراتى مؤمن مشاهدة المشاركة
                ومن غيرها تكون نعم هى الآستاذة (إيمان )
                شدنى النص , وصارت الدموع ليست فى الشتاء فقط , ولكنها دموع فى كل الفصول نظرا لواقعية الحدث ,
                صرت وانا اتابع الموضوع خائفا ان تنقطع علاقة الطفلة بالأب الرمز , وهالنى القلق عندما أخذ النص ذروته وعقدته الادبية , وهى قطع هذه العلآقة , وبقسوة تجلت فيها مخاوف ام قلقة على طفلتها , ما إن انقلبت تلك المشاعر بعد معرفة الحقيقة الى نهر دافق بالرأفة والرحمة , وكان ذلك حلا ذكيا من الكاتبة الذكية وكان متسايرا مع الواقع والحدث
                استاذة إيمان // دعينى اطرح بعض الآعجاب ببعض الصور الآدبية فى النص ومنها
                ( أحسست ان قراراتنا هى جزء من كياننا وعبرهانسير كالنسور الشامخة )
                حقا هو كذلك لكن حسب نوع القرار وشكله والا قولى (كالعصافير الخائفة )*
                (ابكيت ثلوج العمر فى جسده النحيل )*تعبير راق جسد كل معانى المعاناة وكذلك ردة الفعل وهو من الاسلوب القصصى المحترف والذى يطلعك على النواحى النفسية , والجسديه , وحتى االاجتماعية للبطل (رائع )*
                (خالنى انى رايت بعض السواقى الجافة تعود للجريان فى وجهه المكدود ) *
                نفس التعبير السابق ويجعلك تقف على حقيقة الامر وكانه صورة حقيقية, ويجسد العلة والدواء فى أن واحد ,,,,سلمت يداك على هذا النص الرائع اختاة , واتمنى لك التوفيق والسؤد د ..
                تحيّا تى / الطير الحر *
                سعد المصراتى مؤمن (والذى لايذكره أحد فى هذاالمنتدى ارجو غير ذلك )***
                كم أنا ممتنّة لك الأستاذ الرائع:سعد المصراتي مؤمن..
                فرحتُ جدّاً بمداخلتك ..
                ولأنّ النصّ قد أعجبك ..
                مؤكّد هذا شيء يُسعدني ...
                وخاصةً أنك بنظري كبيرٌ جداً
                وتحمل بقلمك البهاء ، والقوّة ، والشخصيّة المتفرّدة الحرّة
                أيها الطير الحرّ ...
                كلنا نتذكّرك هنا ...كلّ نصوصك حاضرة في أذهاننا
                وننتظر مشاركاتك العذبة ، المنوّعة التي لا نملّها
                تقبّل تحياتي ، وخالص أمنياتي لك بالسعادة الدائمة

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة سمية الألفي مشاهدة المشاركة
                  الأستاذة الرائعة/ إيمان الدرع

                  تتساقط أمطار الشتاء إيذانا بالخير, بينما هنا قرأت أمطار حزن وجفاء


                  باتت معزوفتك خريفية , تمطر بغير أوان

                  رائعة يا جميلة الحرف


                  محبتي
                  بل أنت الأروع يا ملكة الحروف كلّها ..
                  أما قلت لك في مداخلتي الأخيرة لإحدى مشاركاتك أنك سيّدة راقية من الطراز الأوّل ...؟؟؟
                  وأني أحبّ كتاباتك مهما كان تصنيفها ...شعراً ، نثراً ، قصّة قصيرة، أم طويلة، أم قصيرة جداً
                  وقلت انثريها عطراً بنفسجيّاً ..برّاً ، بحراً ، جوّاً....
                  واليوم أقول ...أمطارك الحلوة تهاطلتْ نغماً شجيّاً ، على حروفي...
                  فتغلغل الندى لمسامات روحي ناقلاً إليّ منك ...
                  هذه الرّوح الشفّافة ، الهادئة، التي لا تعرف إلاّ الحبّ، والودّ ، والسّماحة، والرّضا
                  والسلام النفسيّ الذي تعيشينه ونقلته ...رحيقا رائقاً ..
                  انعكس في حروفك التي تتقاطر بهجةً وضياءً
                  فبدّد الحزن الكامن في دروب الزمن..
                  وهكذا ياحبيبة قلبي ، تتلاقى الأرواح المتآلفة ..
                  أما قلتِ لي أنك تحبينني في الله وكرّرتها مراراً..
                  هنا استشعرتها بقوّة ,,هذه العبارات الجميلة المطمئنة منك..
                  وهذه الرّوح الجميلة ..أبقاها الربّ في أوجها ...لأنها أحلى ما فيك ..
                  تقبّلي مودّتي ، ومحبّتي ، وأعذب أمنياتي..
                  أختك في الله ......إيمان .../ أمّ فراس/

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة فايزشناني مشاهدة المشاركة
                    الأخت الفاضلة ايمان
                    حالة انسانية رائعة
                    كانت لمفرداتك الساحرة القدرة
                    على امتاعنا وتحريك مشاعرنا
                    أجدت في الدخول والخروج
                    وفي السرد الجميل والسهل
                    وصورك التي أبدعت في رسمها
                    أشعر كأني أصبحت جزء منها

                    أعشق هذا النوع من القصص
                    وكأنها تجري مع كل واحد منا
                    لك كل الود
                    الأستاذ الرّاقي: فايز الشناني ..
                    كم غمرتني بلطفك ...
                    أشكرك جداً على هذه المبادرة الرّائعة منك..
                    مرورك البهيّ عطّر درب الكلمات وحروفها ..
                    فأحببتها أكثر ، ونظرتُ إليها برؤية جديدة ..
                    يكفيني هذا الانطباع الجميل ، لأمسك بقلمي بين أصابعي بقوّة ..
                    أخي فايز:
                    جعل الله أغصان زيتونك دائمة العطاء..
                    وبارك في سنابل عمرك..
                    تقبّل أحلى وأصدق الأمنيات..

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                      ليس لدي أى تحفظات على القصة و البناء أستاذة إيمان
                      و لا على المعالجة .. ربما قلت انتهت حيث رأينا الأفلام العربية فى الأبيض و الأسود
                      و رأيت أنها صنعت استثناء ، فهذا النموذج يكاد يختفى من عالمنا القصصي و الحياتي
                      و المخيلة تمتلئ بكتابات و حكايا من الشرق و الغرب تختلف اطلاقا عن تلك الجميلة
                      يكفى أن أحيلك إلى مليكة مستظرف و جراح الروح و الجسد ، لتقفي على ما قصدت هنا
                      وحجم القبح الذى ساد عالمنا !!

                      أشكرك .. أرجو أن أكون واضحا و بلا أى التباس !!

                      صباحك مشرق
                      أستاذي الرّاقي ربيع:
                      لقد وصل رأيك البهيّ منذ البداية إليّ
                      ولم يكن هناك أيّ التباس ..
                      بالعكس لقد تشكّلتْ لي القناعة أكثر
                      بأن أشدّ بقوّةٍ على قلمي ..وأسير إلى الأمام من غير التفاتٍ ..
                      والأديب لا يحتاج أكثر من هذا ..
                      وأنت القدوة ، والمثل الأعلى ، إن ربتّ على كتفي وقلت: جيّداً ....حسناً...استمرّي...
                      فهذا يعني لي الكثير..وسيفتح لي القلم أبواباً مشرّعةً في روحي ..لن تُغلق إلاّ بقضاء..
                      أشكرك على عودتك الميمونة..وصدق تعاملك ،وإخلاصك..
                      كم أنت غالٍ ...وبلا حدود..
                      لك أعذب أمنياتي ، وأصدقها ..تحيّاتي..

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • آسيا رحاحليه
                        أديب وكاتب
                        • 08-09-2009
                        • 7182

                        #12
                        جميلة القصة إيمان..فكرة و أسلوبا و معالجة .
                        شكرا على المتعة .
                        محبّتي .
                        يظن الناس بي خيرا و إنّي
                        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                        تعليق

                        • إيمان عامر
                          أديب وكاتب
                          • 03-05-2008
                          • 1087

                          #13
                          تحياتي بعطر الزهور

                          أستاذة الإبداع والتألق

                          صاحبة الحروف الرقيقه
                          والعزف علي اوتار قلوبنا

                          إيمان الدرع

                          رائع وأكثر حبيبتي كثيرا ما أشتاق لحروفك كي نغوص في اعمق الحرف لننهل من عبير روحك المتألقة

                          استمتعت بهذه المعزوفة حد الأشباع

                          لاتحرمينا من قطرات فيضك العذب

                          دمت بخير ودام قلمك يقطر حباً

                          لك حبي وارق تحياتي
                          "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                          تعليق

                          • عائده محمد نادر
                            عضو الملتقى
                            • 18-10-2008
                            • 12843

                            #14
                            الغالية إيمان الدرع
                            أمس قرأت النص
                            وحين هممت بكتابة مداخلتي انقطع الإتصال
                            مع أنها شبكة ( واير ليس )
                            هاجس ظل يراودني منذ أو ل لحظة خوف للأم أنها ستكون على خطأ في فهم تلك العلاقة
                            ولكن
                            ليست كل الهواجس حقيقية
                            فنحن اليوم نعيش داخل أوضاع لا تحزر بل وخطيرة أيضا
                            وعذرتها لأني نفسي كنت سأتصرف هكذا في باديء الأمر وربما أكثر ردعا
                            أدخلتنا في دوامة القلق وبنجاح
                            والنهاية بالرغم من رومانسية اللحظة فيها لكني أحسست أنها تحتاج للمسة أخرى
                            ليتك تركتها تتمسك بموقفها مثلا حتى وإن مات العجوز وهي بين الشك واليقين
                            لا أدري
                            اعذريني إيمان
                            ربما سأبدو قاسية
                            أو متعجرفة
                            ومع ذلك كان النص ضمن المعقول فعلا خاصة والأخبار تمتلأ بالحوادث التي يتقزز لها البشر السوي
                            محبتي لك سيدتي
                            قرأت في النص عبارات رائعة جدا
                            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                            تعليق

                            • وفاء محمود
                              عضو الملتقى
                              • 25-09-2008
                              • 287

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                              [align=center]

                              دموع الشتاء


                              [/align][align=right]
                              راعني منظر الزهور الذاّبلة، والأوراق الخضر المائتة على شرفة ذلك العجوز القابع بجوارنا ،فقد كان منذ أيام قلائل يمطر أصص النباتات بقطرات ماءٍ من بين أصابعه بعشقٍ واضح وفي وتبادلٍ ملفتٍ لأطوار الحياة وطاقاتها.
                              يعطيها من سنيّ عمره العتيق فتنمو، ويأخذ منها إشراقة وميعة الضياء فتشرق ملامحه فرحاً...
                              قلّبتُ في ذاكرتي تلك الأحداث التي مرّت سراعاً عبر شهرٍ فائتٍ، منذُ وطأ داره هذه، أيمكن لما جرى بيننا، ذاك الأثر الذي ألمسه الآن...؟
                              أتراني أوصلته للحال هذه عن قصد أو غير قصد؟ يا الهي أليس من حقّي أن أغضبَ؟ أن أعبّرَ عن استيائي..؟ فمنذ أن سكن إلى جوارنا وأنا أعاني الخوف والهواجس التي تؤرقني ليل نهار.. ماله ولابنتي؟ ماذا يريد منها؟ صرتُ أخاف نظراته لها.. نظراتٌ لا تشبع.. أكثر من الشغف.. صرت أخاف نداءاته المتكرّرة لها بسببٍ ومن غير سبب.
                              تارة يشاطرها.. هوايتها الطفولية، ويحدّثها بلا ملل، وتارة يأتي لها بالقطط المنزلية الأليفة التي تحبها، وتارة أخرى يهديها بعض الأشياء البسيطة التي ترغبها فتفتح شرائط العلب المعقودة، ببراءةٍ ودهشةٍ برعميّةٍ واضحة.
                              صرت أرتاب في كلّ شيءٍ.. خاصة عندما لمستُ فيها دفاعها عنه.. والتماس الأعذار له.. وبكاءها بحرقةٍ، لمّا تستعر النار في قلبي فأوبّخها وأنهرها بحزم وأمنعها عن مقابلته،كانت هي ذاتها لا تعلم سبباً لهذا البكاء، شيء ما يفوق طاقتها ، لا تحسن التعبير عنه.
                              لقد كان يحثّها على الدراسة والتفوّق، والنجاح، بكلّ الأساليب التي اختزنها عبر مراحل عمره العتيق، وهو التربويّ المتقاعد.. المشهود له بالكفاءة والخبرة أعطاها في البداية.. درس.. اثنان.. اشتدّ الصراع في نفسها البريئة كنت ألمح شرودها وبقايا الدموع النديّة في مآقيها.
                              حسمتُ الأمر، أعلنتُ رفضي لاستكمال هذه الدروس، ارتحتُ قليلاً بعد هذا القرار، أحسسْتُ أن قراراتنا هي جزء من كياننا، وعبرها نسير كالنسور الشامخة.
                              أيام قلائل تفصل ابنتي عن امتحان الشهادة الإعدادية..
                              أعلنت حالة الطوارئ في منزلي الهادئ، أفردت لها ركناً يفصلها عن جلبة المنزل، كنت في غمرة استعداداتي أرتّب ، أنظّف، مشوّشة الشعر، مبلّلة الثياب نزقة الردود (الجرس يُقرع... بحركة عفويّة سارعتْ ابنتي إلى فتح الباب، أجفلتْ في مكانها لم تستطعْ النّطق، وأنا أسألها عن القادم ،أبعدتها مستفسرةً بفضولٍ كبيرٍ، ذهلتُ.. إنه هو.. هذا الأشيب الذي دخل حياتنا فجأة، واقتحمها عنوةً، بتشبّثٍ غريبٍ، رغم كل قسوتي وردودي الجارحة التي لم أكن أخفيها.
                              برقتْ عيناي كاللّبؤة الشرسة التي تشدّ شبلها لأضلعها...
                              أحسستُ أن لي أظافر غير مرئيّة نشبتْ بين أصابعي، وأنّ لهاثي تسمعه أذني، مقروناً بخفقات قلبي ، وأن طنيناً في أذني استجمع كل أسراب النحل ودويّه.
                              صرختُ فيه لماذا أتيتَ؟ أما قلت لك ألا تأتِ.. وألا تحدّثها؟ لماذا أتيت؟ حملق بي مذعوراً من وراء نظّاراته السميكة، ارتعشتْ ذوائبه وهي تنضح عرقاً، سعدتُ لهذا الانكسار الذي لمحته في أنامله المرتجفة، وهو يدفع لي ببعض الكتب والمراجع كي تستعين بها ابنتي أثناء دراستها كما وعدها .
                              دفعت يدي بظاهر كفي قائلة:
                              ومن قال أننا نريد منك شيئاً خذها وارحل..؟؟؟
                              وتناثرت الأوراق على الأدراج وتمزّقت الأغلفة، واختلطت الأشياء كلها بالأشياء، لملم نفسه ورحل لم يكن يعنيني على أيّ هيئة رحل، ما يهمني ذاك السياج الآمن الذي يحمي ابنتي ، وهاقد عاد إليها ذاك الشعور الغريب الذي كان يتغلغل في حناياها ولا تجد له تفسيراً...
                              بكتْ...... وبكتْ.. حاولت أن أنسيها بسرعة ما حدث ،أوحيت لها أن القسوة أحياناً تريح الإنسان في كثير من المواقف ، عليه أن يستعملها كسلاح يبتر أنصاف الحلول التي يتذرع بها الضعفاء.
                              مرّ على الموقف أيام عشر.. لم ألحظه بها
                              عُدت للتساؤل الذي أوقدته عروق دمي.. هل أنا السبب؟.. هل ذاك السياج الآمن هو الذي أطفأ حضوره إلى شرفته..؟؟؟
                              ابنتي من ورائي كانت تلحظ ما يعتريني ، استدرتُ إليها أعتصرُ منها إجابات كانت تفرضها تساؤلاتي وحيرتي.
                              ماذا كان يريد منك سألتها؟
                              سرحتْ بفكرها بعيداً وعاد إليها ذلك الموج المتصارع في روحها بصوت متهدّجٍ قالت: لست أدري.. ولكني أذكر في إحدى اللحظات وأنا أقضم بعض قطع من الشوكولاتة التي أحبها وقد أتاني بها فشكرته،
                              أجابني باكياً ناديني بابا.. قولي شكراً يا أبي، حملقتُ به خائفة من دموعه المنسابة من محاجر متعبة يغطيها خصلات شعره الأشيب.. قلت له بصوت متقطّع كما أراد: شكراً يا أبي...
                              ازدادت دموعه تسارعاً وانحداراً فأمسك بمنديله مجهشاً بالبكاء.
                              لطمتُ نفسي.. ولماذا لم تقولي ذلك قبلاً؟ لماذا يا ابنتي؟ لقد قتلته بدموعه، وقتلتني بقسوتي.
                              أجابت: كنت خائفة منك ولم أقوَ على البوح بذلك ،لأن إعصاراً من اللّهيب كان يجتاحك عندما ترينه،آثرتُ الانسحاب من أجلك.
                              ارتديتُ عباءتي بلا تردّدٍ لم أعد أسمع باقي الكلمات منها، توجّهتُ إلى بيته الكئيب الوحيد...
                              التراب يعشعش على أدراجه، وصمتٌ طويل ران على جدرانه، بعد أن نقرتُ الباب بيدي، قطع السكون الموحش صوته المتعب وقد رافقه سعال كاسر بُحّ تردّده.
                              وعندما التقت عينانا..
                              انسابت سطورٌ وسطورٌ بلا أي كتابات بيننا، قال لي الكثير.. وقلت له الأكثر، أحسستُ لأول مرة في حياتي أنني أستحقُ المحاكمة في حقّ إنسان جرحته.. مزّقتُه.. ظلمتُه.. أبكيت ثلوج العمر في جسده النحيل.
                              منكسرٌ هو..صامتٌ .. كئيب.. حزين..، استدار نحو صالة المنزل تبعته في الخطو، كاد يُغشى عليّ وأنا أرى صورةً مؤطّرةً لفتاة حلوة الملامح ،ملائكية العينين، ذات ضفائر شقراء كابنتي، تتوسّط الحائط الرئيس في المنزل، بحيث تطالها عيناك في أي جهة كنت تقصدها. كان أرحم مني ،لم يدع الحيرة تأكلني عندما استفسرتْ قسماتي عنها..؟؟؟
                              نطق بشفتيه الجافتين: إنها ندى.. ابنتي الوحيدة التي اختطفها مني الموت إثر حادث أليم منذ أعوامٍ عديدة، بات طيفها هو الزائر الوحيد لمقلتي، افتقدتها، وتلاشيت عند فقدها، جرّبتُ كلّ الوصفات، كلّ النصائح، كلّ الصلوات.. ولم أنسها.. أبتْ أن تغادرني، جاورت أوردتي وشراييني، انشطر قلبي وتربّعت في حناياه، غيّرتُ مسكني بحثاً عن النسيان.
                              ساق لي القدر ابنتك وجدتُ ملامح ابنتي فيها، أسقطتُ عليها كلّ أشواقي وحرماني، وتلك المساحة الوارفة من عمري التي أصيبت بالقحط .
                              فجأة أورقت صحراء عمري عندما عرفتُ ابنتك...
                              أعادت لي نسائم الربيع، عدتُ إلى حدائقي التي هجرتها لسنين طوال. غرّدت الطيور في حقول عمري من جديدٍ، انظري إلى هذا التشابه الغريب في ملامحهما..، كأنّ الله عوضني عنها بابنتك..
                              نفس الجمال في الملامح والرّوح..
                              قلتُ لهُ: آسفة.. لقد استكشفْت في نفسي مساحات غباءٍ وطيشٍ وكبرٍ، وقسوةٍ لا مبرّر لها ،كان عليّ أن أعرف أن أحسّ.. أن ..
                              وقبل أن أكمل..هزّ أصابعه نافياً:لا تحمّلي نفسك أعذاراً لا مبرّر لها.. أنا أقدّر خوفك على ابنتك، وهذا حقّك، المشكلة عندي لا فيك أنتِ..
                              وقع خطى ابنتي قطع حوارنا، حاول أن يتفاداها من نظراته المليئة بالشوق والحنين، ارتبكتْ هي كالعادة.. قلت لها: تقدّمي- ألم تشتاقي لأبيك وأستاذك..
                              أتت على استحياءٍ نحوه.. خالني أني رأيت بعض السّواقي الجافّة تعود للجريان في وجهه المكدود، وأن ابتسامة هاربة منه قد عادت إليه، وأخمدتُ تلك الثورة الخرقاء في نفسي نحوه..
                              قلت له: يا أستاذنا الفاضل- ويا أبانا الجليل.. منذ هذه اللحظة.. ستكون أنت مرجعنا، ومرشدنا، هل تقبلنا؟ فتكون لنا الأب.. والأخ.. والموئل..؟ أحسسْت بنشوةٍ عارمةٍ من السّعادة تغمرني وابنتي، وتغمره.
                              تركته.. عائدة لشقتي، وأنا أرى الردّ الضاحك من خلال عينيه اللتين تتبعاني، وأروع لحظة عشتها عندما سمعت باب شرفته ينفتح بأزيزه المعتاد ،وقد أطلّ منه يحمل الماء، ويسقي الزرع، ويمطر قطرات الماء من خلال أصابعه المرتعشة على الأزهار..
                              كعادته عندما يكون في قمّة سعادته.. كلّ صباحٍ.
                              [/align]
                              رااااااااااااااااااااااااااااااااااائعه استاذه ايمان
                              انتى صرفتى نظر عن زياااااااااااااارتك لمصر ولا ايه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                              لاااااااااااااااااا قبول لاعذااااااااااااار
                              فى انتظارك داااااااااااااااااااائما
                              [B][FONT=Arial Black][FONT=Arial Black][SIZE=7].................................[/SIZE][/FONT][/FONT][/B]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X