الحفرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • هادي زاهر
    أديب وكاتب
    • 30-08-2008
    • 824

    الحفرة

    قصة قصيرة
    الحفرة
    هادي زاهر
    أمعن أبو فريد النظر في الصحيفة، وأرتسمت على وجهه ملامح الفرح الممتزج باللهفة، قال:
    هل سيكون ذلك من نصيبي؟ أجعلها كذلك يا أرحم الراحمين، فأنت العزيز الكريم الوهاب لقد عانيت كثيراً يا إلهي، تنهد وأردف لنفسه: أن الله يرزق البشر على قدر نواياهم والحمد لله نواياي حسنة ولا بد لله أن يفرجها عليّ وليس بعد الشدة إلا الفرج، وتذكر قول الحكيم " وما أغلق الله باب الرزق عن أحد إلا وفتح دون الباب أبوابا "
    كان أبو فريد يعاني من شظف العيش وأثناء مطالعته لإحدى الصحف وقع نظرة على إعلان لمصنع ينتج المسامير يعلن عن حاجته لمتعهد مع عدد من العمال لتعبئة عبوات المسامير وترتيبها في صناديق خاصة.
    فكر أبو فريد بالموضوع وقال لنفسه:
    • سأتوجه غداً للمصنع وأفحص الأمر علّ رب العالمين يلبي دعائي بعد طول انتظار
    وسرعان ما برقت الفكرة في رأسه قال:
    • أن الظروف المادية لشقيقي أبو عاهد أيضا صعبة للغاية وليس هناك من هو أحق منه ليشاركني، وقد لا نكون بحاجة عندها إلى العمال فأولادي وأولاده قد يفون بالمطلوب.
    حمل الصحيفة وتوجه إلى بيت شقيقه وأطلعه على الموضوع فانفرجت أسارير الشقيق الذي رحب بالفكرة أيما ترحيب وأتصل على الفور بإدارة المصنع ورتب معها موعد للاجتماع وهناك أقترح على الإدارة إن تسجل أدنى تسعيرة باسمهم عندما يتم الكشف عن المناقصة كي يحضوا بفرصة العمل فرحبت الإدارة بهذا الذكاء وطلبت أن يبقى الأمر سرياً .
    وفي الخارج أعرب أبو فريد عن انزعاجه من اقتراح شقيقة قائلاً:
    * قد نخسر يا رجل
    فرد عليه أبو عاهد:
    -أنت لا تفهم في التكتكة، دعنا نضع أقدامنا أولاً ومن ثم نبدأ في البكاء
    تساءل أبو فريد باستغراب :
    • أي البكاء؟!!
    - اقصد نبدأ باستعطاف الإدارة لرفع التسعيرة مع دعم طلبنا "بمنقوشة" مع زعتر واللبنة مرة، وبرغيف من "المحمر" مرة أخرى ونستغل مناسبة لإقامة حفلة عشاء ندعو إليها الإدارة وهكذا نندفع إلى الأمام،
    *أنا متخوف
    -على كل حال أترك الأمر لي أنا أفهم هذا القوم، "قوم خيبر" أكثر منك أنهم يحبون البرطيل
    * لا.. في ، وفي، هناك من هم كذاك ولكن إذا "خلت بلت"
    - أعلم إن البرطيل يفك دكة الشراويل .
    وبعد أيام تم استلام العمل من قبل الأسرتين وتدفقت الأرباح التي تخطت حدود توقعاتهم ومرت الأيام وسعادتهما تزداد يوماً بعد يوم، كان أبو فريد قنوعاً للغاية حامداً ربه على نعمته، إلا أن الوسواس لعب في عب أبي عاهد الذي راح يقول لنفسه:
    - لما لا تكون هذه الأرباح كلها لي؟
    شعر في البداية بتأنيب الضمير ولكن سرعان ما وجد التبرير فأضاف لنفسه:
    -إن أولادي أضحوا بالغين وبحاجة إلى المساعدة في سبيل تأسيس مستقبلهم، في حين إن أولاد شقيقي ما زالوا صغاراً.
    وأخذت الفكرة تنمو برأسه حتى أصبحت في ذهنه شيئاً مشروعاً . فكر ملياً في كيفية الهيمنة على مجال العمل لوحده وقاده فكره إلى أن يقترح على الإدارة أن تطردهم كثنائية ثم تستوعبه كفرد مع أولاده مقابل أن يتنازل عن 10% من الأرباح. تردد خجلاً في البداية متسائلاً مع نفسه:
    -وماذا سيقولون عني؟
    أخد يجوب الممر الذي يصل إلى غرفة المدير ذهاباً وإياباً وهو يحدث نفسه:
    - ترى أي مشاعر سأثير فيهم جراء اقتراحي هذا؟ هل سيشمئزون؟ أم إنهم سيسرون؟ هل أدخل واسكب ما أفكر به؟ وبعد تفكير وتردد تشجع وهو يقول:
    - إن ما ينزل من السماء تتلقاه الأرض.. إنه في أسواء الحالات سيرفض طلبي.
    طرق باب المدير ودخل وبعد مسامرات خفيفة قدم اقتراحه وهو يتأتئ وقد أحمر وجهه، فنبعث البشر في وجه المدير الذي قال له:
    * لماذا التأتأة إن المصنع يرحب بكل اقتراح من شأنه أن يجعله يربح أكثر.
    جمع المدير الإدارة على الفور ونقل لها الاقتراح فرحبت الإدارة بالفكرة ورفع كأس نخب الاتفاق الجديد إلا أن أبا عاهد طلب العصير:
    - إنا لا أشرب المنكر.
    ابتسم البعض وأخضر له العصير على الفور. وبدأت الأرباح تتدفق وأخذ يستوعب العمال وتطور العمل وكان لا بد من التدقيق في الحسابات فوظفت ابنته كمحاسبة وهنا قامت بتوفير معاش لها مقابل أتعابها، وذات يوم أراد الإخوة مراجعة الحسابات فتبين لهم بان شقيقتهم تقتطع لنفسها معاشاً جيداً فجن جنونهم قال أحد الإخوة:
    -عليك أن تعرفي إنك هنا مجرد خادمة.
    وصرخ أخر وهو ينظر إلى السجلات:
    -يا سلام ومعاشاً دسماً ألا تدري بأنك بنت، يعني أنثى وعليك أن وتتصرفي ضمن هذا الإطار.
    فهوى الثالث بعارضة مثبت في طرفها مسمار على أم رأسها فأخترق طاسته ارتطم بدماغها، فقدت وعيها ونقلت إلى المستشفى حيث أجريت لها هناك الفحوصات اللازمة فأعلم الطاقم الطبي الأسرة بان ابنتهم ستعاني من الشلل مدى الحياة.
    وقف الأب فوق رأس ابنته وقد فتت الألم والأسى كبده وأخذ يهز برأسه وقد انهمرت الدموع على وجنتيه ثم اخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة؟!!.
    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "
  • عبد القادر ضيف الله
    عضو الملتقى
    • 12-03-2010
    • 128

    #2
    حكي جميل
    ولكن يبقى انفلات الحدث مسيطرا على القص ياصديقي
    تقيري لك

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      دائما عندك ما تقوله
      ممتلئ أنت صديقي حد التخمة
      و ما عندك لا يمكن أن تستوعبه صفحة لئيمة مثل تلك
      فافسح لنفسك و اكتب دون أن تحدد ما هذه بين يديك
      القضية هنا .. لو توقفنا عند حدود ما انتهيت إليه
      لقلنا أنها حفرة حفرها بنفسه ليقع فيها .. ويغوص
      لرأسه .. و لكن ما أمامى أبشع من ذلك ، و يحتاج منك
      إلى المواصلة فى تكملة العمل ، و عدم التخلى عن نقطة البداية
      و التى حتمت ما كان !

      أهلا أخى الغالي زاهر

      مساؤك جميل
      sigpic

      تعليق

      • هادي زاهر
        أديب وكاتب
        • 30-08-2008
        • 824

        #4
        أخي الكاتب عبد القادر ضيف الله
        كل ما أردت أن أقوله هو:
        " من حفر حفرةلأخيه وقع فيها "
        محبتي
        هادي زاهر
        " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

        تعليق

        • محمد فطومي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 05-06-2010
          • 2433

          #5
          أخي العزيز المبدع هادي زاهر/
          مساء جميلا.
          سررت بالقراءة لك،فعلا إنّها قصّة غاية في النّفاذ و البهاء.
          كان التّكثيف و الحذف المدروس حاضرين بقوّة ممّا جعلنا نتمثّل ما غاب في السّرد دون مطالبة أو حيرة.
          أراك نجحت في تبليغ أفكارك باقتدار و سلاسة و دون إطالة.
          ****

          أستاذي العزيز هناك ملاحظات أودّ أن أسوقها لو سمحت:

          فأنت العزيز الكريم الوهاب لقد عانيت كثيراً يا إلهي، تنهد وأردف لنفسه: أن الله يرزق البشر على قدر نواياهم والحمد لله نواياي حسنة ولا بد لله أن يفرجها عليّ وليس بعد الشدة إلا الفرج، وتذكر قول الحكيم " وما أغلق الله باب الرزق عن أحد إلا وفتح دون الباب أبوابا " ...

          1 أوردت في ذات السّياق ثلاثة من أسماء الله الحسنى،و مقولة لأحد الحكماء و أطلقت عليه اسم الحكيم،و هذا يربك المقصد و يجعل فهم القارىء يتّجه مباشرة إلى أنّ الحكيم المقصود هو الله كما سبق في ذهنه،ثمّ إنّه الحكيم الوحيد الذي يستحقّ ألف و لام التّعريف.
          لو قلت أحد الحكماء صديقي العزيز.

          2 أطلق الرّاوي المحايد حكما صريحا على أبي فريد بأنّه "قانع حامد لربّه"،و مع ذلك فقد أدرج لنا مشهدا صوّر لنا فيه ميله للحيلة و تطويع الرّزق.
          ألست ترى معي أنّ الأمر يحتاج إلى معالجة؟

          3 المشهد الأخير:
          فتاة جالسة إلى مكتبها بهدوء،يدخل الإخوة،يتكلّم الأوّل و لا تجيب أو تتحدّى،و يصرخ الثّاني فلا تصرخ أو تستفزّ،و يضربها الثّالث بعارضة من جهة المسمار.
          ألا ترى معي سيّدي أنّ هناك خللا في التّمهيد للشّروع في القتل؟
          مدوّنة

          فلكُ القصّة القصيرة

          تعليق

          • هادي زاهر
            أديب وكاتب
            • 30-08-2008
            • 824

            #6
            أستاذي العزيز ربيع عقب الباب
            لم لأفهم عليك جيدا.. لقد أجريت بعض التعديلات، هل هكذا أصبحت أفضل؟
            محبتي
            هادي زاهر



            قصة قصيرة
            الحفرة
            هادي زاهر
            أمعن أبو فريد النظر في الصحيفة، وأرتسمت على وجهه ملامح الفرح الممتزج باللهفة، قال:
            هل سيكون ذلك من نصيبي؟ أجعلها كذلك يا أرحم الراحمين، لقد عانيت كثيراً يا إلهي، تنهد وأردف لنفسه: أن الله يرزق البشر على قدر نواياهم والحمد لله نواياي حسنة ولا بد لله أن يفرجها عليّ وليس بعد الشدة إلا الفرج، وتذكر قول أحد الحكماء : " وما أغلق الله باب الرزق عن أحد إلا وفتح دون الباب أبوابا "
            كان أبو فريد يعاني من شظف العيش وأثناء مطالعته لإحدى الصحف وقع نظرة على إعلان لمصنع ينتج المسامير يعلن عن حاجته لمتعهد مع عدد من العمال لتعبئة عبوات المسامير وترتيبها في صناديق خاصة.

            فكر أبو فريد بالموضوع وقال لنفسه:
            • سأتوجه غداً للمصنع وأفحص الأمر علّ رب العالمين يلبي دعائي بعد طول انتظار
            وسرعان ما برقت الفكرة في رأسه قال:
            • أن الظروف المادية لشقيقي أبو عاهد أيضا صعبة للغاية وليس هناك من هو أحق منه ليشاركني، وقد لا نكون بحاجة عندها إلى العمال فأولادي وأولاده قد يفون بالمطلوب.
            حمل الصحيفة وتوجه إلى بيت شقيقه وأطلعه على الموضوع فانفرجت أسارير الشقيق الذي رحب بالفكرة أيما ترحيب وأتصل على الفور بإدارة المصنع ورتب معها موعد للاجتماع وهناك أقترح على الإدارة إن تسجل أدنى تسعيرة باسمهم عندما يتم الكشف عن المناقصة كي يحضوا بفرصة العمل فرحبت الإدارة بهذا الذكاء وطلبت أن يبقى الأمر سرياً .

            وفي الخارج أعرب أبو فريد عن انزعاجه من اقتراح شقيقة قائلاً:
            * قد نخسر يا رجل
            فرد عليه أبو عاهد:
            -أنت لا تفهم في التكتكة، دعنا نضع أقدامنا أولاً ومن ثم نبدأ في البكاء

            تساءل أبو فريد باستغراب :
            • أي البكاء؟!!
            - اقصد نبدأ باستعطاف الإدارة لرفع التسعيرة مع دعم طلبنا "بمنقوشة" مع زعتر واللبنة مرة، وبرغيف من "المحمر" مرة أخرى ونستغل مناسبة لإقامة حفلة عشاء ندعو إليها الإدارة وهكذا نندفع إلى الأمام،

            *أنا متخوف
            -على كل حال أترك الأمر لي أنا أفهم هذا القوم، "قوم خيبر" أكثر منك أنهم يحبون البرطيل
            * لا.. في ، وفي، هناك من هم كذاك ولكن إذا "خلت بلت"
            - أعلم إن البرطيل يفك دكة الشراويل .
            وبعد أيام تم استلام العمل من قبل الأسرتين وتدفقت الأرباح التي تخطت حدود توقعاتهم ومرت الأيام وسعادتهما تزداد يوماً بعد يوم، كان أبو فريد قنوعاً للغاية حامداً ربه على نعمته، إلا أن الوسواس لعب في عب أبي عاهد الذي راح يقول لنفسه:
            - لما لا تكون هذه الأرباح كلها لي؟
            شعر في البداية بتأنيب الضمير ولكن سرعان ما وجد التبرير فأضاف لنفسه:
            -إن أولادي أضحوا بالغين وبحاجة إلى المساعدة في سبيل تأسيس مستقبلهم، في حين إن أولاد شقيقي ما زالوا صغاراً.
            وأخذت الفكرة تنمو برأسه حتى أصبحت في ذهنه شيئاً مشروعاً . فكر ملياً في كيفية الهيمنة على مجال العمل لوحده وقاده فكره إلى أن يقترح على الإدارة أن تطردهم كثنائية ثم تستوعبه كفرد مع أولاده مقابل أن يتنازل عن 10% من الأرباح. تردد خجلاً في البداية متسائلاً مع نفسه:
            -وماذا سيقولون عني؟
            أخد يجوب الممر الذي يصل إلى غرفة المدير ذهاباً وإياباً وهو يحدث نفسه:
            - ترى أي مشاعر سأثير فيهم جراء اقتراحي هذا؟ هل سيشمئزون؟ أم إنهم سيسرون؟ هل أدخل واسكب ما أفكر به؟ وبعد تفكير وتردد تشجع وهو يقول:
            - إن ما ينزل من السماء تتلقاه الأرض.. إنه في أسواء الحالات سيرفض طلبي.
            طرق باب المدير ودخل وبعد مسامرات خفيفة قدم اقتراحه وهو يتأتئ وقد أحمر وجهه، فنبعث البشر في وجه المدير الذي قال له:
            * لماذا التأتأة إن المصنع يرحب بكل اقتراح من شأنه أن يجعله يربح أكثر.
            جمع المدير الإدارة على الفور ونقل لها الاقتراح فرحبت الإدارة بالفكرة ورفع كأس نخب الاتفاق الجديد إلا أن أبا عاهد طلب العصير:
            - إنا لا أشرب المنكر.
            ابتسم البعض وأخضر له العصير على الفور. وبدأت الأرباح تتدفق وأخذ يستوعب العمال وتطور العمل وكان لا بد من التدقيق في الحسابات فوظفت ابنته كمحاسبة وهنا قامت بتوفير معاش لها مقابل أتعابها، وذات يوم أراد الإخوة مراجعة الحسابات فتبين لهم بان شقيقتهم تقتطع لنفسها معاشاً جيداً فجن جنونهم قال أحد الإخوة:
            -عليك أن تعرفي إنك هنا مجرد خادمة.
            - لا يا شيخ.. ألا تعلم باني أسهر حتى ساعات الليل المتأخرة في مراجعة الحسابات
            وصرخ أخر وهو ينظر إلى السجلات:
            - يا سلام ومعاشاً دسماً ألا تدري بأنك بنت،
            - وماذا في ذلك؟!!
            يعني أنثى وعليك أن وتتصرفي ضمن هذا الإطار.
            فهوى الثالث بعارضة مثبت في طرفها مسمار على أم رأسها فأخترق طاسته ارتطم بدماغها، فقدت وعيها ونقلت إلى المستشفى حيث أجريت لها هناك الفحوصات اللازمة فأعلم الطاقم الطبي الأسرة بان ابنتهم ستعاني من الشلل مدى الحياة.
            وقف الأب فوق رأس ابنته وقد فتت الألم والأسى كبده وأخذ يهز برأسه وقد انهمرت الدموع على وجنتيه ثم اخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة؟!!. وفي هذه الاثناء دخل أبو فريد منزعجا:
            - ماذا جرى.. هل طمأنوكم؟
            وتعانق مع شقيقة الذي أخذ يشهق بصوت عال .
            " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

            تعليق

            • هادي زاهر
              أديب وكاتب
              • 30-08-2008
              • 824

              #7
              الحفرة

              قصة قصيرة
              الحفرة
              هادي زاهر
              أمعن أبو فريد النظر في الصحيفة، وأرتسمت على وجهه ملامح الفرح الممتزج باللهفة، قال:
              هل سيكون ذلك من نصيبي؟ أجعلها كذلك يا أرحم الراحمين، لقد عانيت كثيراً يا إلهي، تنهد وأردف لنفسه: أن الله يرزق البشر على قدر نواياهم والحمد لله نواياي حسنة ولا بد لله أن يفرجها عليّ وليس بعد الشدة إلا الفرج، وتذكر قول أحد الحكماء : " وما أغلق الله باب الرزق عن أحد إلا وفتح دون الباب أبوابا "
              كان أبو فريد يعاني من شظف العيش وأثناء مطالعته لإحدى الصحف وقع نظرة على إعلان لمصنع ينتج المسامير يعلن عن حاجته لمتعهد مع عدد من العمال لتعبئة عبوات المسامير وترتيبها في صناديق خاصة.

              فكر أبو فريد بالموضوع وقال لنفسه:
              • سأتوجه غداً للمصنع وأفحص الأمر علّ رب العالمين يلبي دعائي بعد طول انتظار
              وسرعان ما برقت الفكرة في رأسه قال:
              • أن الظروف المادية لشقيقي أبو عاهد أيضا صعبة للغاية وليس هناك من هو أحق منه ليشاركني، وقد لا نكون بحاجة عندها إلى العمال فأولادي وأولاده قد يفون بالمطلوب.
              حمل الصحيفة وتوجه إلى بيت شقيقه وأطلعه على الموضوع فانفرجت أسارير الشقيق الذي رحب بالفكرة أيما ترحيب وأتصل على الفور بإدارة المصنع ورتب معها موعد للاجتماع وهناك أقترح على الإدارة إن تسجل أدنى تسعيرة باسمهم عندما يتم الكشف عن المناقصة كي يحضوا بفرصة العمل فرحبت الإدارة بهذا الذكاء وطلبت أن يبقى الأمر سرياً .

              وفي الخارج أعرب أبو فريد عن انزعاجه من اقتراح شقيقة قائلاً:
              * قد نخسر يا رجل
              فرد عليه أبو عاهد:
              -أنت لا تفهم في التكتكة، دعنا نضع أقدامنا أولاً ومن ثم نبدأ في البكاء

              تساءل أبو فريد باستغراب :
              • أي البكاء؟!!
              - اقصد نبدأ باستعطاف الإدارة لرفع التسعيرة مع دعم طلبنا "بمنقوشة" مع زعتر واللبنة مرة، وبرغيف من "المحمر" مرة أخرى ونستغل مناسبة لإقامة حفلة عشاء ندعو إليها الإدارة وهكذا نندفع إلى الأمام،

              *أنا متخوف
              -على كل حال أترك الأمر لي أنا أفهم هذا القوم، "قوم خيبر" أكثر منك أنهم يحبون البرطيل
              * لا.. في ، وفي، هناك من هم كذاك ولكن إذا "خلت بلت"
              - أعلم إن البرطيل يفك دكة الشراويل .
              وبعد أيام تم استلام العمل من قبل الأسرتين وتدفقت الأرباح التي تخطت حدود توقعاتهم ومرت الأيام وسعادتهما تزداد يوماً بعد يوم، كان أبو فريد قنوعاً للغاية حامداً ربه على نعمته، إلا أن الوسواس لعب في عب أبي عاهد الذي راح يقول لنفسه:
              - لما لا تكون هذه الأرباح كلها لي؟
              شعر في البداية بتأنيب الضمير ولكن سرعان ما وجد التبرير فأضاف لنفسه:
              -إن أولادي أضحوا بالغين وبحاجة إلى المساعدة في سبيل تأسيس مستقبلهم، في حين إن أولاد شقيقي ما زالوا صغاراً.
              وأخذت الفكرة تنمو برأسه حتى أصبحت في ذهنه شيئاً مشروعاً . فكر ملياً في كيفية الهيمنة على مجال العمل لوحده وقاده فكره إلى أن يقترح على الإدارة أن تطردهم كثنائية ثم تستوعبه كفرد مع أولاده مقابل أن يتنازل عن 10% من الأرباح. تردد خجلاً في البداية متسائلاً مع نفسه:
              -وماذا سيقولون عني؟
              أخد يجوب الممر الذي يصل إلى غرفة المدير ذهاباً وإياباً وهو يحدث نفسه:
              - ترى أي مشاعر سأثير فيهم جراء اقتراحي هذا؟ هل سيشمئزون؟ أم إنهم سيسرون؟ هل أدخل واسكب ما أفكر به؟ وبعد تفكير وتردد تشجع وهو يقول:
              - إن ما ينزل من السماء تتلقاه الأرض.. إنه في أسواء الحالات سيرفض طلبي.
              طرق باب المدير ودخل وبعد مسامرات خفيفة قدم اقتراحه وهو يتأتئ وقد أحمر وجهه، فنبعث البشر في وجه المدير الذي قال له:
              * لماذا التأتأة إن المصنع يرحب بكل اقتراح من شأنه أن يجعله يربح أكثر.
              جمع المدير الإدارة على الفور ونقل لها الاقتراح فرحبت الإدارة بالفكرة ورفع كأس نخب الاتفاق الجديد إلا أن أبا عاهد طلب العصير:
              - إنا لا أشرب المنكر.
              ابتسم البعض وأخضر له العصير على الفور. وبدأت الأرباح تتدفق وأخذ يستوعب العمال وتطور العمل وكان لا بد من التدقيق في الحسابات فوظفت ابنته كمحاسبة وهنا قامت بتوفير معاش لها مقابل أتعابها، وذات يوم أراد الإخوة مراجعة الحسابات فتبين لهم بان شقيقتهم تقتطع لنفسها معاشاً جيداً فجن جنونهم قال أحد الإخوة:
              -عليك أن تعرفي إنك هنا مجرد خادمة.
              - لا يا شيخ.. ألا تعلم باني أسهر حتى ساعات الليل المتأخرة في مراجعة الحسابات
              وصرخ أخر وهو ينظر إلى السجلات:
              -يا سلام ومعاشاً دسماً ألا تدري بأنك بنت،
              - وماذا في ذلك؟!!
              يعني أنثى وعليك أن وتتصرفي ضمن هذا الإطار.
              فهوى الثالث بعارضة مثبت في طرفها مسمار على أم رأسها فأخترق طاسته ارتطم بدماغها، فقدت وعيها ونقلت إلى المستشفى حيث أجريت لها هناك الفحوصات اللازمة فأعلم الطاقم الطبي الأسرة بان ابنتهم ستعاني من الشلل مدى الحياة.
              وقف الأب فوق رأس ابنته وقد فتت الألم والأسى كبده وأخذ يهز برأسه وقد انهمرت الدموع على وجنتيه ثم اخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة؟!!. وفي هذه الاثناء دخل أبو فريد منزعجا:
              - ماذا جرى.. هل طمأنوكم؟
              وتعانق مع شقيقة الذي أخذ يشهق بصوت عال .
              " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

              تعليق

              • هادي زاهر
                أديب وكاتب
                • 30-08-2008
                • 824

                #8
                أخي الكاتب محمد فطومي
                لقد سررت جداً بملاحظاتك القيمة، وعملت بها
                هكذا يجب أن تسجل الملاحظات بشكل صريح للغاية وبدون ذلك لا يمكننا أن نتقدم
                محبتي
                هادي زاهر
                " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                تعليق

                • إيمان الدرع
                  نائب ملتقى القصة
                  • 09-02-2010
                  • 3576

                  #9
                  الأستاذ القدير هادي زاهر..
                  قصّة استرعت انتباهي بمضمونها ...
                  لقد عزّزتَ قول: من حفر حفرةً لأخيه وقع فيها..
                  وطابخ السمّ آكله ../ إنها العدالة الإلهيّة المطلقة ...
                  أريد أن أقف عند ملاحظة هامة أعجبتني..
                  وهي سرعة تجاوبك مع الملاحظات القيّمة التي أوردها الأساتذة الأفاضل
                  بروح جميلة انعكست على النصّ بشكلٍ ملموس...
                  كلّ السعادة أرجوها لك ...تحيّاتي ...

                  تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                  تعليق

                  • هادي زاهر
                    أديب وكاتب
                    • 30-08-2008
                    • 824

                    #10
                    اختي القاصة العزيزة إيمان الدرع
                    يجب ان تكون الملاحظات صريحة جدًا، وهكذا فقط يمكننا أن نساعد بعضنا البعض ونتقدم كما يجب.
                    محبتي
                    هادي زاهر
                    " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                    تعليق

                    • عائده محمد نادر
                      عضو الملتقى
                      • 18-10-2008
                      • 12843

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة هادي زاهر مشاهدة المشاركة
                      قصة قصيرة
                      الحفرة
                      هادي زاهر
                      أمعن أبو فريد النظر في الصحيفة، وأ ارتسمت على وجهه ملامح الفرح الممتزج باللهفة، قال:
                      هل سيكون ذلك من نصيبي؟ اجعلها كذلك يا أرحم الراحمين، فأنت العزيز الكريم الوهاب لقد عانيت كثيراً يا إلهي، تنهد وأردف لنفسه: أن الله يرزق البشر على قدر نواياهم والحمد لله نواياي حسنة ولا بد لله أن يفرجها عليّ وليس بعد الشدة إلا الفرج، وتذكر قول الحكيم " وما أغلق الله باب الرزق عن أحد إلا وفتح دون الباب أبوابا "
                      كان أبو فريد يعاني من شظف العيش وأثناء مطالعته لإحدى الصحف وقع نظرة على إعلان لمصنع ينتج المسامير يعلن عن حاجته لمتعهد مع عدد من العمال لتعبئة عبوات المسامير وترتيبها في صناديق خاصة.


                      فكر أبو فريد بالموضوع وقال لنفسه:
                      • سأتوجه غداً للمصنع وأفحص الأمر علّ رب العالمين يلبي دعائي بعد طول انتظار
                      وسرعان ما برقت الفكرة في رأسه قال:
                      • أن الظروف المادية لشقيقي أبو عاهد أيضا صعبة للغاية وليس هناك من هو أحق منه ليشاركني، وقد لا نكون بحاجة عندها إلى العمال فأولادي وأولاده قد يفون بالمطلوب.
                      حمل الصحيفة وتوجه إلى بيت شقيقه وأطلعه على الموضوع فانفرجت أسارير الشقيق الذي رحب بالفكرة أيما ترحيب وأتصل على الفور بإدارة المصنع ورتب معها موعد للاجتماع وهناك أقترح على الإدارة إن تسجل أدنى تسعيرة باسمهم عندما يتم الكشف عن المناقصة كي يحضوا بفرصة العمل فرحبت الإدارة بهذا الذكاء وطلبت أن يبقى الأمر سرياً .
                      وفي الخارج أعرب أبو فريد عن انزعاجه من اقتراح شقيقة قائلاً:
                      * قد نخسر يا رجل
                      فرد عليه أبو عاهد:
                      -أنت لا تفهم في التكتكة، دعنا نضع أقدامنا أولاً ومن ثم نبدأ في البكاء


                      تساءل أبو فريد باستغراب :
                      • أي البكاء؟!!
                      - اقصد نبدأ باستعطاف الإدارة لرفع التسعيرة مع دعم طلبنا "بمنقوشة" مع زعتر واللبنة مرة، وبرغيف من "المحمر" مرة أخرى ونستغل مناسبة لإقامة حفلة عشاء ندعو إليها الإدارة وهكذا نندفع إلى الأمام،
                      *أنا متخوف
                      -على كل حال أترك الأمر لي أنا أفهم هذا القوم، "قوم خيبر" أكثر منك أنهم يحبون البرطيل
                      * لا.. في ، وفي، هناك من هم كذاك ولكن إذا "خلت بلت"
                      - أعلم إن البرطيل يفك دكة الشراويل .
                      وبعد أيام تم استلام العمل من قبل الأسرتين وتدفقت الأرباح التي تخطت حدود توقعاتهم ومرت الأيام وسعادتهما تزداد يوماً بعد يوم، كان أبو فريد قنوعاً للغاية حامداً ربه على نعمته، إلا أن الوسواس لعب في عب أبي عاهد الذي راح يقول لنفسه:
                      - لملا تكون هذه الأرباح كلها لي؟
                      شعر في البداية بتأنيب الضمير ولكن سرعان ما وجد التبرير فأضاف لنفسه:
                      -إن أولادي أضحوا بالغين وبحاجة إلى المساعدة في سبيل تأسيس مستقبلهم، في حين إن أولاد شقيقي ما زالوا صغاراً.
                      وأخذت الفكرة تنمو برأسه حتى أصبحت في ذهنه شيئاً مشروعاً . فكر ملياً في كيفية الهيمنة على مجال العمل لوحده وقاده فكره إلى أن يقترح على الإدارة أن تطردهم كثنائية ثم تستوعبه كفرد مع أولاده مقابل أن يتنازل عن 10% من الأرباح. تردد خجلاً في البداية متسائلاً مع نفسه:
                      -وماذا سيقولون عني؟
                      أخد يجوب الممر الذي يصل إلى غرفة المدير ذهاباً وإياباً وهو يحدث نفسه:
                      - ترى أي مشاعر سأثير فيهم جراء اقتراحي هذا؟ هل سيشمئزون؟ أم إنهم سيسرون؟ هل أدخل واسكب ما أفكر به؟ وبعد تفكير وتردد تشجع وهو يقول:
                      - إن ما ينزل من السماء تتلقاه الأرض.. إنه في أسواء الحالات سيرفض طلبي.
                      طرق باب المدير ودخل وبعد مسامرات خفيفة قدم اقتراحه وهو يتأتئ وقد أحمر وجهه، فنبعث البشر في وجه المدير الذي قال له:
                      * لماذا التأتأة إن المصنع يرحب بكل اقتراح من شأنه أن يجعله يربح أكثر.
                      جمع المدير الإدارة على الفور ونقل لها الاقتراح فرحبت الإدارة بالفكرة ورفع كأس نخب الاتفاق الجديد إلا أن أبا عاهد طلب العصير:
                      - إنا لا أشرب المنكر.
                      ابتسم البعض وأخضر له العصير على الفور. وبدأت الأرباح تتدفق وأخذ يستوعب العمال وتطور العمل وكان لا بد من التدقيق في الحسابات فوظفت ابنته كمحاسبة وهنا قامت بتوفير معاش لها مقابل أتعابها، وذات يوم أراد الإخوة مراجعة الحسابات فتبين لهم بان شقيقتهم تقتطع لنفسها معاشاً جيداً فجن جنونهم قال أحد الإخوة:
                      -عليك أن تعرفي إنك هنا مجرد خادمة.
                      وصرخ أخر وهو ينظر إلى السجلات:
                      -يا سلام ومعاشاً دسماً ألا تدري بأنك بنت، يعني أنثى وعليك أن وتتصرفي ضمن هذا الإطار.
                      فهوى الثالث بعارضة مثبت في طرفها مسمار على أم رأسها فأخترق طاسته ارتطم بدماغها، فقدت وعيها ونقلت إلى المستشفى حيث أجريت لها هناك الفحوصات اللازمة فأعلم الطاقم الطبي الأسرة بان ابنتهم ستعاني من الشلل مدى الحياة.
                      وقف الأب فوق رأس ابنته وقد فتت الألم والأسى كبده وأخذ يهز برأسه وقد انهمرت الدموع على وجنتيه ثم اخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة؟!!.
                      الزميل القدير
                      هادي زاهر
                      الله يمهل ولا يهمل
                      هذا ما نعرفه ونبقى
                      والطمع والجشع لن يصل بصاحبه إلا إلى النهاية المريرة
                      مازلت مباشرا زميلي مع أني أرى أن لديك طاقة أن تنتج الأحسن
                      لك حس ورؤية
                      لك ذاك الخيال الذي يجب أن توظفه لخدمة الفكرة
                      و
                      لونت لك بعض الهنات البسيطة مع الهمزات وغيرها
                      ودي ومحبتي زميلي
                      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                      تعليق

                      • هادي زاهر
                        أديب وكاتب
                        • 30-08-2008
                        • 824

                        #12
                        أختي العزيزة عائدة
                        شكراً
                        محبتي
                        هادي زاهر
                        " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                        تعليق

                        • وفاء الدوسري
                          عضو الملتقى
                          • 04-09-2008
                          • 6136

                          #13
                          الأستاذ/هادي
                          تبارك الرحمن غزير الحبر.. الغاية نبيلة والمضمون هادف..
                          ومنك أتعلم أستاذي لكن كان ينقص التكثيف
                          ضغط الكلمة في قالب المعنى لتأتي بالمعنى الأكمل والأجمل
                          شكراً لإبداعك وننتظر الجديد
                          تحية طيبة
                          التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 05-11-2010, 18:50.

                          تعليق

                          • هادي زاهر
                            أديب وكاتب
                            • 30-08-2008
                            • 824

                            #14
                            أختي الكاتبة وفاء العرب
                            سنبقى اوفياء للرسالة
                            محبتي
                            هادي زاهر
                            " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                            تعليق

                            يعمل...
                            X