
جندي أمريكي اسمه "برونسون"
في بغداد يزرع السرطان....
من كل بؤرة للعفن في العالم
يأتي إلى بغداد
سفاح وشاذ وقرصــــــان....
مجيدة طفلة من البصرة
تلعب طول اليوم
مع أطفال الحي..من أبناء
القبيلة والجيران....
تمشي أشجار العراق في عينيها
فيبرق منهما اللون الأخضر
ومن رأسها الصغير
تنزل ظفيرتان.....

كاظم طفل في إعدادية
بالأعظيمة
بيته مجاور لمسجد
أبي حنيفة النعمان...
يلعب طول اليوم
مع أطفال الحي..من أبناء
القبيلة والجيران...
"برونسون" أمه حارسة ليلية
في حانات لاس فيجاز
ووالده يذبح الخنازير ..
لمطاعم لاس فيجاز...
وعمه وخاله لصان....
"وكارلا"مجندة بريطانيه
والداها يهوديان نزحا
إلى لندن
من بولندا مع الطاعون
والبعوض..واليهود
وتحت عينيها الزرقاوين
شحوب الإدمان....
جاءت مع المارينز
لتحرير العراق..
جاءت من ملاهي لندن الليليه
لتحرير الإنسان...

نسيت أن أذكر أن برونسون
زنجي ..
من فئة العبيد ...ومن فصيلة
الأقنان..
أرسله البيت الأبيض
ليحرر الإنسان....
جاؤوا ألوفا..من أمريكا
ومن إيطاليا ..ومن
المملكة المتحدة
من كل مرحاض في العالم
جاؤوا..
لقتال حضارة هي بعمر الإنسان...

حين ترتفع مآذن بغداد
من أجل الصلاة..
يشرب برونسون كأسا
ويدخن الأفيون..
يـتأمل صورة حبيبته الزنجيه
ويسعل قرفا ...يسعل موتا
ويسعل دخــــان...
حين ترتفع مآذن بغداد
من أجل الصلاة..
يذهب كاظم للوضوء
يبلل أصابعه من نهر الفرات
ويغسل قدميه من نهر دجلة
ويقف بين يدي الله
بكل ما في قلب الطفولة
من هدوء وأمان...
حين تنادي قباب البصرة
حي على الصلاة..
تركض كارلا نحو العيادة العسكريه
لتلتهم حبوب الضغط
وحبوب الهلوسة
وتشرب كأسا من التخريف
وكأسا من الهذيان...
كارلا ..مصابة بعقدة
من كل صوت..
كارلا يرعبها صوت الأذان...
وحين تنادي قباب البصرة
حي على الفلاح..
تركض مجيدة نحو البيت
لتلبس خمار الصلاة
وتقف كالنخلة الصغيرة
بين يدي رب كريم
توزع من وجهها المدور كالقمر
سكرا وبراءة وإيمان....
برونسون يطلق الرصاص
على مآذن المساجد
وعلى أكياس الرمل
وعلى النخيل
على الحمام
وعلى الجدران...
يمسح عرقه الذي يتصبب
من حرارة الصحراء
بقطعة من قماش حمراء
كمصارع ثيران...
خدعوه..
كان يحسب المعركة
شبيهة بمعارك البلاي ستايشن
كان يظن أنه سيدخل
غابة من الدمى والأصنام
وحين دخل بغداد
وجد أن للمآذن عيون
وللنخيل يدان...
ألف ليلة وليلة تحصاره
في دبابتها التي يأكل من لحمها
الخوف..وحجارة الأطفال
يحاصره جيش الرشيد
وجيش المعتصم
ويحاصره الحجاج الثقفي
ويوثقه القرآن...
"وكارلا" تموت كل ليلة
ألف عام..
كارلا.. كانت قبل هذا طبيبة
مجندة..
كارلا...أصبح مزاجها عصبي
كارلا..كانت قبل هذا جميلة
وهي الآن مجندة
في جيوش الشيطـــان..
وكاظم ومجيدة
يكبران..
كنخيل العراق..جذورهما ضاربة
في أعماق الأرض
وشامخان...
برونسون..وكارلا
يضعفان..
يرعدان ولا يمطران..
توطن الخوف في قلب كارلا
فالأرض تحتها نار
والهواء يحاصرها بحبات
رمل الصحراء..
انتحرت ..نعم انتحرت
كما تنتحر على شاطئ البحر بعض
الحيتان...
برونسون مات ملدوغا
في الليل..
مات..وأنكرت وكالات الأنباء
مقتله...
مات وفي فمه
سجارة أفيون...
مات سكران...
وكاظم ومجيدة
يكبران..
كنخيل العراق..جذورهما ضاربة
في أعماق الأرض...وشامخان...
مصطفى بونيف
تعليق