نــوبـة الإبداع يا أبتي بذرة الصراع تحاصرنـي تلملمنـي، تصدرنـي، وفــي الآفاق يرقـص اللقـلاق على إيقاع قيتــارة الرياح الهوجــاء ،وبيـن أحضـان أوراق الإقـامة وفي ضيافة مسجــد النور بالمسيـرة الأولــى، وفـوق الصومعــة عشش وفــرش الزوبعـة.في عيـون اللقــلاق يتيـه الظــرف وينحــرف عــن سكتـه الحرف .أيهــا اللقــلاق المغفـل أنــا المولــع بك أنا الموغل فــي عشقـك القديــم، أنــا المسافــر بعيــدا بعيـدا، فـي مساء الغربــة والقوارب التي تشــق دمــوع العزلــة، انتفضــت كمـا العصفـور الأسيـر المرابــط ،بحثـت عـن قلمـي السيــال وسـط الأقلام الراحلــة، طوقتني أسراب اللقالق بحركاتهــا الدائريــة البارعـة.يسافــر الفكــر بعيـدا، ينطلـق شريدا، يقـرأ فـي تفاصيـل أجنحـة اللقـالق المرفرفــة، أخبار الأزمنة الغابـرة،يستمتـع بمـا تبقـى من اللحـن فـي شـريـط الأحداث الأخيـرة .

يا لقـلاق الحي ! أمــا آن لــك أن تنثنــي وتبعثــر العــش علـى الإسفلت وفوق الربـى وأن تخدش جروح الذكريــات كــي تنجلــي، عاليا حلقت في الفضـاء الأعـزل منـذ ألـف عـام، وعــدت بخفـي حنيــن في اليوم الأول.

إلــى ما تهجــر رقعــة الخــدش ؟إلــى ما تغادر غربــة الشاعر؟ هــلا زرعـت الابتسامة فـي فوهــات البنادق هــلا مسحت دمعـة ألــق الضحـى ، هـلا سافــرت إلى الريــف وقــد أزهرت قممه، وأينعـت أزهــار البنفسـج بين وديانـه وحان رحيلهــا.

أيهــا اللقـلاق المدجــج بعنفوان الصبــا،الملثــم بزغــرودة الأقحــوان ،وقـد طـار نشــوان فــي الفضــا، المسافــر علــى أجنحــة الليــل صــوب الردى يا عاشــق المدى ! كيــف ودعــت رجــع الصدى ؟كيف سافر الهمس وتثاقلــت نحــو العش الخطــى؟ !

قــرأت أسفــار الريــاح الهوجــاء غامــرت بالنصــف الآخــر، قفــزت مسرعــا إلــى أعمــاق البحــر بحثــا عــن صدف الصـدف، عــن لؤلــؤ تسكنــه حوريــات البحــر وهـديـر الأمواج، بحثـت عـن الأمـن فـي شواطــىء الغــدر يا لك مـن لقلاق مغفــل قرأت الخطى تلو الخطـى غصـت فــي نــوى الجــوى !!

مقتطف من كتاب خريف المشاعر لصاحبه عبد الغني علوشي