مقهى الموت (2)../بسمة الصيادي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسمة الصيادي
    مشرفة ملتقى القصة
    • 09-02-2010
    • 3185

    مقهى الموت (2)../بسمة الصيادي

    مقهى الموت 2



    في ذلك الليل الغارق في صمته، دخل رجل ببزة سوداء، تحضن جسده السمين وتلمّ شمل منكبيه المتباعدين، استقبله النادل بسرور، ثم قاده إلى الطاولة الملائمة للحزن العميق الذي بدا عليه، تلك التي تجلد الذاكرة بسوط يعيد فتح ما التأم من الجراح ..


    وما هي إلا ثواني حتى انهار الرجل، ودوى صوت تفجر السدود في عينيه التي أجهشت في البكاء المرير.. وفجأة وبطريقة هيسترية علا النحيب من كل أرجاء المقهى، اهتزت الكراسي، اصطكت أنياب الفناجين ببعضها البعض، قطع السكر ذابت وتبخرت قبل أن تُستخدَم، وأخذت الطاولات تتمايل بجنون .. حاول "الأستاذ" أن يثبت في مكانه، ولكن صراخ طفلة قدم من الغرفة، أربكه وزعزعه أكثر، نظر إلى المعلّم فوجده يسدّ أذنيه بكفيه وبأنينه الجنونيّ ..


    ظنّ "الأستاذ" أنّ زلازلا ضرب المقهى، إلى أن رأى النادل يسير ببرود وبخفة متجها نحو الزبون..


    اقترب النادل منه مبتسما، همس في أذنه بلطف "سيدي من فضلك يمنع البكاء بصوت عالٍ هنا " وبلحظة خاطفة وضع يده على فم الرجل واغتال أنفاسه ...


    سقط الرجل على وجه أحزانه، فعمّ الهدوء المكان من جديد ..


    الطاولات عادت إلى مواقعها، والفناجين إلى صمتها الماكر، كما استفاقت النرجيلة من الإغماء الذي أصابها، لتتابع سهرتها مع "المعلّم" وكأنّ شيئا لم يكن ..


    ولولا وجود الجثة لظنّ "الأستاذ" أن ما حدث كان كابوسا ليس إلا..أمسك قلبه الهلع، متتبعا بنظراته النادل أثناء جرّه الجثة نحو الغرفة مع الإبتسامة التي لا تفراق وجهه أبدا ...


    خشي الأستاذ من أن يوقع خوفه به، فتمالك أعصابه، متظاهرا بالقوة، محاولا استيعاب ما جرى، فهذه أول مرة تحدث فيها جريمة من هذا النوع..


    المقهى لا يغيّر طبيعة عمله، إلا في ظروف استثنائية، وللنادل صلاحيات أكبر من هذه بكثير، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على هدوء المقهى. كيف لا وثعابين الموت لا تقترب بوجود ضجيج!


    وحدها ثعابين الأسرار المدفونة تهيج، وتقرر الخروج من وكرها لتحدث الزلازل البراكين ..!





    غابت أيام، ولم تغب هذه الأحداث عن عن ذاكرة "الأستاذ" الذي أخذ يتبادر إلى ذهنه ألف سؤال يطرحه في سره كل ليلة:


    "هل كان ذلك صراخ طفلة فعلا قدم من تلك الغرفة؟ وماذا يوجد في تلك الغرفة؟ أهي مقبرة للجثث؟ أم أنهم لا يدفنونها، ربما يستعين النادل بملامحها لينسج بها أقنعته!"


    توقف قليلا عن التفكير، ثم قال في نفسه:


    -أحيانا أشعر أن تلك الأرواح تتقمصه، فأراها في عينيه، وكأنه يحبسها في داخله، بل يحبسها في الطاولات والكراسي، ورماد التبغ أيضا .. اه تذكرت لقد أخبرني النادل الذي عمل هنا لفترة ثم اختفى، أنهم يحتاجون إلى الموت لإعداد فناجين القهوة والشاي .. ربما أكون قد أدمنت على نكهة الموت تلك حتى ما عدت قادرا على التغيب ولو ليوم واحد عن هذا المقهى اللعين! .. وربما .. "



    ظلّ غارقا في التفكير، حتى أحسّ أن نسائم المقهى الشيطانية تتسلل من خلفه، لتغدر به في لحظة انعدام توازنه، فأفسد عليها خطتها، وعاد إلى وعيه ..


    بل إن الأنثى التي دخلت المقهى، جاذبة العيون إليها، هي من ساعدته على ذلك ..


    .


    .


    يتبع


    15/10/2010
    التعديل الأخير تم بواسطة بسمة الصيادي; الساعة 14-10-2010, 22:56.
    في انتظار ..هدية من السماء!!
  • سمية الألفي
    كتابة لا تُعيدني للحياة
    • 29-10-2009
    • 1948

    #2
    الأستاذة / بسمة

    صباح جميل مشرق كروحك سيدتي

    عالم مخيف مريب, له رائحة الموت خفافيش الظلام

    وعبق الموت الذي يشتمونه , صعب عليهم أن يفيقوا منه

    رائع أن هناك أنثى تساعد على النهوض مجددا

    عالم أودى بالكثير ومازال يشيع جثامينهم


    بتلات البنفسج لروحك

    تحياتي

    تعليق

    • ربيع عقب الباب
      مستشار أدبي
      طائر النورس
      • 29-07-2008
      • 25792

      #3
      يصك رأسي بقوة ألبير كامى و سارتر و الوجودة
      هناك ثمة رائحة تجذبني لهؤلاء .. هذا العبث و التهكم
      الذى تواجهنا به الأحداث هنا ، و تلقى بظلالها على القارئ
      فى مواجهة هذا العالم داخل المقهى .. أو داخل سياق الوجود !!

      لن أبني هنا على شىء
      سأظل أنتظر الجزء القادم وحتى السطر الأخير من تلك الرائعة
      و تلك الحالة التى تبرز إلى حد بعيد أبجدية من أبجديات قلمك فى المستقبل !!

      أشد على يدك بقوة .. هيا

      تحيتي و تقديري
      sigpic

      تعليق

      • أميرة فايد
        عضو الملتقى
        • 30-05-2010
        • 403

        #4
        ارتفع نبض الترقب وتسربت رائحة الخطر ..
        لا تغيبي كثيرا فنحن هنا نرقب بعيون مفتوحة وأنفاس متلاحقة.
        [SIZE=3] [B][FONT=Simplified Arabic]http://amirafayed.maktoobblog.com/
        [/FONT][/B][/SIZE]

        تعليق

        • إيمان الدرع
          نائب ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3576

          #5
          إلى أين أيتها البسمة تمضي...؟؟؟
          وإلى أيّ مدى سيرحل بنا قلمك المشوّق ...؟؟
          نحن معك ...نتابع ..
          نخوض ملامحاً ليست كالملامح ..
          وعتبات مقهى على تلّة حيّرتنا ...
          معك ياغالية ...فاستمرّي ...

          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

          تعليق

          • بسمة الصيادي
            مشرفة ملتقى القصة
            • 09-02-2010
            • 3185

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سمية الألفي مشاهدة المشاركة
            الأستاذة / بسمة

            صباح جميل مشرق كروحك سيدتي

            عالم مخيف مريب, له رائحة الموت خفافيش الظلام

            وعبق الموت الذي يشتمونه , صعب عليهم أن يفيقوا منه

            رائع أن هناك أنثى تساعد على النهوض مجددا

            عالم أودى بالكثير ومازال يشيع جثامينهم


            بتلات البنفسج لروحك

            تحياتي
            ما أجمل مساؤك سيدتي
            الاسرار لن تنتهي، وما هذا العالم المرعب إلا صورة
            لا تبتعد كثيرا عن واقعنا ..
            حضورك نثر الورد والبنفسج في المكان .. فغدا أجمل
            شكرا لك من القلب
            في انتظار ..هدية من السماء!!

            تعليق

            • بسمة الصيادي
              مشرفة ملتقى القصة
              • 09-02-2010
              • 3185

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
              يصك رأسي بقوة ألبير كامى و سارتر و الوجودة
              هناك ثمة رائحة تجذبني لهؤلاء .. هذا العبث و التهكم
              الذى تواجهنا به الأحداث هنا ، و تلقى بظلالها على القارئ
              فى مواجهة هذا العالم داخل المقهى .. أو داخل سياق الوجود !!

              لن أبني هنا على شىء
              سأظل أنتظر الجزء القادم وحتى السطر الأخير من تلك الرائعة
              و تلك الحالة التى تبرز إلى حد بعيد أبجدية من أبجديات قلمك فى المستقبل !!

              أشد على يدك بقوة .. هيا

              تحيتي و تقديري

              مساء العطر سيدي
              دائما تحمل لي في حديثك الأمل والنور ...
              أقرأ .. ثم أقول هل هذا الكلام عني أنا ؟؟ تعطيني اكثر مما أستحق
              أتمنى ألا أخيب آمالك أستاذي ..
              سأسير على درب الحلم، أقطف من هنا وهناك بعض الأفكار ..
              وأضعهم في سلال ربيعية ساحرة تعلمت منها الكثير ...
              شكرا على تشجيعك لي .... شكرا
              في انتظار ..هدية من السماء!!

              تعليق

              • مصطفى بونيف
                قلم رصاص
                • 27-11-2007
                • 3982

                #8
                يا بسمة...ماهذا الذي أصبحت تكتبين؟
                عموما أنت المسؤولة إذا أصبحت عندي قصوفوبيا....أي حالة رهاب من صفحات قصصك اللذيذة.

                رائعة....أتابعك ببالغ الاهتمام والتقدير.
                [

                للتواصل :
                [BIMG]http://sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc3/hs414.snc3/24982_1401303029217_1131556617_1186241_1175408_n.j pg[/BIMG]
                أكتب للذين سوف يولدون

                تعليق

                • محمد زكريا
                  أديب وكاتب
                  • 15-12-2009
                  • 2289

                  #9
                  أثق تماماً ... كما هي ثقتي أنني الآن أكتب مداخلة هنا
                  بأنني سأقرؤ يوماً اسم الأديبة بسمة الصيادي يزين غلاف روايات كثيرة
                  \\
                  أ. بسمة ... أنتِ تمتلكين كل أدوات الأدب واللغة والخيال اللاتي ستجعل منكِ كاتبة استثنائيةً بحق
                  ماشاء الله عليكِ ...ماشاء الله
                  \\
                  متااااااابع ... وأنتظر نهاية هذا الإجرام اللذيذ





                  همسة ..
                  صديقتي بسمة ..
                  دليني على مكان هذا المقهى
                  ثمة أمور أنوي إنهاءها برفقة هذا النادل
                  نحن الذين ارتمينا على حافة الخرائط ، كحجارة ملقاة في مكان ما ،لايأبه بها تلسكوب الأرض
                  ولاأقمار الفضاء
                  .


                  https://www.facebook.com/mohamad.zakariya

                  تعليق

                  • بسمة الصيادي
                    مشرفة ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3185

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة أميرة فايد مشاهدة المشاركة
                    ارتفع نبض الترقب وتسربت رائحة الخطر ..
                    لا تغيبي كثيرا فنحن هنا نرقب بعيون مفتوحة وأنفاس متلاحقة.
                    أهلا بأميرتي الجميلة .. وجودك يتوج هذه الصفحة ..
                    شكرا لك على المتابعة .. وإن شاء الله المقطع القادم سيكون أمامك قريبا جدا ..
                    وفيه ستنقلب موازين اللعبة ..
                    تحياتي وودي
                    في انتظار ..هدية من السماء!!

                    تعليق

                    • بسمة الصيادي
                      مشرفة ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3185

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                      إلى أين أيتها البسمة تمضي...؟؟؟
                      وإلى أيّ مدى سيرحل بنا قلمك المشوّق ...؟؟
                      نحن معك ...نتابع ..
                      نخوض ملامحاً ليست كالملامح ..
                      وعتبات مقهى على تلّة حيّرتنا ...
                      معك ياغالية ...فاستمرّي ...
                      ما أجملك يا أستاذة إيمان ..!
                      معك لا أشعر أن هناك مسافات وكأنني أعرفك منذ زمن ..
                      بل وكأن مروج وحدائق جمعتنا ..وتلال ..
                      شكرا للصدفة التي جمعتني بكِ .. شكرا لك
                      محبتي
                      في انتظار ..هدية من السماء!!

                      تعليق

                      • مصطفى الصالح
                        لمسة شفق
                        • 08-12-2009
                        • 6443

                        #12
                        [align=center]الاستاذة بسمة

                        كنت اظن نفسي امام احد روايات الخيال العلمي المرعبة

                        رائعة

                        بانتظار الباقي

                        همسة هناك بعض سهوات ( زلزالا، فراق ) ربما انا مخطيء


                        تحيتي وتقديري
                        [/align]
                        [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

                        ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
                        لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

                        رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

                        حديث الشمس
                        مصطفى الصالح[/align]

                        تعليق

                        • بسمة الصيادي
                          مشرفة ملتقى القصة
                          • 09-02-2010
                          • 3185

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى بونيف مشاهدة المشاركة
                          يا بسمة...ماهذا الذي أصبحت تكتبين؟
                          عموما أنت المسؤولة إذا أصبحت عندي قصوفوبيا....أي حالة رهاب من صفحات قصصك اللذيذة.

                          رائعة....أتابعك ببالغ الاهتمام والتقدير.
                          ههههه قصوفوبيا يا مستافا ؟؟؟
                          انت تخوف بلد ههههههه
                          شكرا لك على المتابعة يا صديقي وأخي العزيز .. شكرا ..
                          على العموم أنا سأحاول جعله أكثر رعبا .. فلا تقرأ المشهد القادم في الظلام .. هههههه
                          مودتي أخي
                          في انتظار ..هدية من السماء!!

                          تعليق

                          • بسمة الصيادي
                            مشرفة ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3185

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة محمد زكريا محمد مشاهدة المشاركة
                            أثق تماماً ... كما هي ثقتي أنني الآن أكتب مداخلة هنا
                            بأنني سأقرؤ يوماً اسم الأديبة بسمة الصيادي يزين غلاف روايات كثيرة
                            \\
                            أ. بسمة ... أنتِ تمتلكين كل أدوات الأدب واللغة والخيال اللاتي ستجعل منكِ كاتبة استثنائيةً بحق
                            ماشاء الله عليكِ ...ماشاء الله
                            \\
                            متااااااابع ... وأنتظر نهاية هذا الإجرام اللذيذ





                            همسة ..
                            صديقتي بسمة ..
                            دليني على مكان هذا المقهى

                            ثمة أمور أنوي إنهاءها برفقة هذا النادل

                            كلامك أخجلني .. إنه كثر علي يا أستاذ محمد .. والله كثير..
                            شكرا لك على لطفك الدائم .. وكلامك الرائع والمشجع ..
                            نورت المكان بوجودك .. لكني لن أعطيك عنوان النادل ..
                            ستعرف لم في المشهد القادم
                            كم تسرني متابعتك للأحداث ..
                            مودتي وخالص امتناني
                            في انتظار ..هدية من السماء!!

                            تعليق

                            • إيمان عامر
                              أديب وكاتب
                              • 03-05-2008
                              • 1087

                              #15
                              [align=center]
                              بسمة الجميلة

                              استمتعت بحروف ابداعك

                              لاتتأخري علينا بحروفك فإننا منتظرين بشوق

                              دمت بخير

                              ودام قلمك يقطر إبداع بلا حدود

                              لك حبي وارق تحياتي
                              [/align]
                              "من السهل أن تعرف كيف تتحرر و لكن من الصعب أن تكون حراً"

                              تعليق

                              يعمل...
                              X