في مرآتها لم تر غير شبح امرأة يصرخ في وجهها :أنت أمرأة بلا حياة ..تعيشين على الهامش لا تؤثرين ولا تتأثرين .. انظري ما حولك لا إنك لا تنظرين ..!

ينتابها الألم العدو الأوفى الذي يسكن أحشائها ،صرخات من شدة العبث ،ومن جرح الكلام .. ليس هناك من بداية أخرى فكل شيء أصابه اليباس ،واحتل مساحات القلب سكون معبأ بالاكتئاب ..!

وقعت عيناها على ألبوم صور كان ينام على منضدة علاها الغبار.. صور من زمن مضى .. ماض جميل كان ولن يعود ..! تسترخي على كرسيها الهزاز وهي تناظر مافي داخل الالبوم من حكايات وحكايات أين تراها اختفت ..؟ قالت : تلك أنا حين كانت شهرزاد تحتلني فتحكي القصص لشهريار من خلالي .. ومن تلك المرأة آآآه تلك أنا حين قابلت السفير وتلك الوزير وهذه واخرى تتساءل بسؤال العارف أين اختفت تلك المرأة ..؟ تنطفئ الكهرباء وينقطع النور فلا تعود ترى أطراف اصابعها تصرخ: اللعنة على الكهرباء والظلام لماذا كل هذا العذاب الذي يمتد ويمتد الى ما لا نهاية ..؟ متى تمطر السماء، وتهدأ الافياء ونعود لنقطف ثمار الجمال والبهاء ..؟؟ تشعل شمعة.. العرق الغزير يتساقط كشلال ضلّ مجراه..! تضايقها هذه السخونة التي تحرق الارض ..يصرخ الألم منبعثا تارة أخرى صوتها يعلو بالأنين: لماذا بقيت وحدي أين ذهب الاخرون ..؟ مابالي ما عدت اقوى على شيء .. ؟اللعنة عليّ لم أكن يوما لأستسلم هكذا.. صمت يعشق الفراغ يحيطها من كل جانب تلتهب الروح التي مازالت تعافر من أجل البقاء.. صمت وسكون.. !! ما هذا الصمت الجنائزي الذي يسدل ستاره القاتم الا نتيجة منطقية لاسرافي في النظر الى الامور بمثالية غير موجودة ..هكذا تقول أضلاعها المتكسرة !
خاطرة عبر مديات الزمن الجميل تزحف لتخلد في الذاكرة باندهاشة تقول :يا الهي ما هذا النور الغريب الذي حط هنا ..؟صوت موسيقى عذبة يحوط المكان وشاب وسيم يحلق مع فتاته يرقصان الفالس برقة وعذوبة .. قالت لها المرأة : بالامس جاءت أمي كانت المسكينة تعاني القهر بعد أن قتلت جارتها دخل عليها ثلاثة ملثمون سلبوها كل شيء وليتهم اكتفوا بل اخذوا روحها ايضا تصرخ اللعنة لماذا الان ماذا تريدين مني اتركيني اعيش في ذكرياتي اتركيني هناك اللعنة عليكم جميعا تقتلوني في كل لحظة .. صوت انفجار يهز المكان تتناثر بعض النوافذ تصبح الارضية كلها رذاذ زجاج تتلمس نفسها مازالت على قيد الحياة لم ينل منها الانفجار لكنه قتل العشرات والمئات تتخيل ذلك الرجل الذي كان يحمل على ظهره حمولة من فرش كيف شطره انفجار اعمى ذات مرة..! تبحث عن النور في الظلمة تنتابها حماسة مفاجئة تسمع طرقات على الابواب الطرقات تشتد وخطوها المتمايل يحاول اعاقتها من الوصول الى الشرفة .. أصوات من الخارج : أيتها السيدة افتحي لنا الأبواب هل أنت بخير .. ؟ نريد الاطمئنان عليك افتحي الابواب .. ! مازال هناك من يخاف علي ّ .. تنحني تمشي على أربع لابد من الوصول الى الشرفة فقد بزغ القمر وهذه رسالة عبر الآفاق تمنحها الأمل ..السماء صافية والنجوم ساطعة ونخل بلادي أجمل هو ذاك القمر الآتي عبر الآفاق يحمل رسالة شمس لابد تشرق عند خيوط الفجر ..!!