أنياب صديقة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    أنياب صديقة

    أنياب صديقة




    * دائما إذا تقاطع ضوءان على طريق واحد،اختفى عن الأبصار ما بينهما..


    فرغ عمد قرى منطقة "أمّ اللّحاف" من صلاة العصر مجتمعين،و توجّهوا مباشرة إلى مكتب نائب المنطقة اثنين،اثنين و قد صرّوا برانيسهم و معاطفهم الطّويلة،كي لا تعطّلهم و هم يدخلون من بابه الضيّق.كان بانتظارهم و قد رسم ابتسامة مزيّفة ،بات في الآونة الأخيرة يشكّ بأنّها لا تزال تختلهم ،دلّت عليها قسمات وجهه غير المنسجمة، ففيما كانت شفتاه منفرجتان و أسنانه مصرورة كأنّه يمسك بها مسمارا دقيقا،كانت عيناه تلقي بريقا وقحا؛أراهن أن لو أُجبر على الحفاظ على سحنته مشدودة كذلك ساعة زمن لأجهش باكيا بعد تمامها..وقف إجلالا لهم باسطا يده،ليسلّم عليهم دون أن يحدّد لها مسارا بعينه،و تقافزت وسط التّحيّة أصوات مرحة،و بعض عبارات العتاب المشحونة بالودّ؛إنّما أراد أصحابها أن يتبارزوا بها أمام بعضهم متباهين بمقدار الحميميّة التي تربط كلّ واحد منهم بالنّائب.في الحقيقة ،المسألة فطريّة و غير مقصودة، تماما كتلك الرّكلة التي تقوم بها الفرس – حتّى غير المدرّبة منها - مع أوّل ضربة على الطّبل..و ما من أحد يفسّر سلوكهم ذاك على هذا النّحو سوى من لفرط تكرار المشهد صار ظاهرهم و باطنهم مألوفا شفّافا لديه لا يغشّه أبدا.
    الرّيح القويّة في الخارج مقوّسة مضطربة و محمّلة بأتربة الطّبقة العلويّة لأراضي الزّياتين التي تحدّ المدينة و رمل الوادي المحاذي لها.ممّا جعل الذين يلبسون معاطف طويلة و خشنة منهم ،بعد أن اصطبغت باللّون البنّي ،يبدون تحت ضوء مصباحي مكتب النّائب الأبيضين كأنّهم جنود سفيات أيّام الحرب الثّانية.
    كانوا عشرة أنفار،و الكراسي المحيطة بطاولة الاجتماعات على أعدادهم بالضّبط ..دعاهم النّائب للجلوس ،ففعلوا مستعينين ببعض كلمات الاستغفار و التّوحيد،غير المتشابهة في معظمها،لكنّهم اتّفقوا جميعا على أن يرسلوا معها زفرة ارتباك، بدت كأنّها:" هيّا تكلّم و أرحنا ؟ أيّ مصيبة جعلتك تبعث وراءنا بهذه السّرعة و على غير العادة؟"
    وضع النّائب مرفقيه على المكتب و شبك أصابعه وشرد قليلا و هو ينظر إلى حافظة أوراق مغلقة أمامه،و ران صمت مزعج على القاعة كان كفيلا بأن يشرب ما بقي من ابتسامات منسيّة على وجوه البعض،و تناهت إلى المسامع من بعيد أغنية رديئة كالنّحيب من تلك المسلوقة جيّدا في استوديوهات التّسجيل،حتّى لكأنّ ديكا أو قطّا يغنّيها.
    تمنّى النّائب في سرّه و دون أن يحسّ أحد من الحاضرين لو أنّها تتوقّف،حتّى لا تتشوّه هيبة المجلس،و اشتغلت بديهته و أذناه التي درّبها لسانه على التّمييز في جزء من الثّانية ،و أدرك أنّها من ذاك النّوع الذي لا ينتهي أبدا،فرفع رأسه و قال و قد غلب التّأثّر على صوته(تأثّر يشبه إلى حدّ بعيد لحن الوعظ و الأسف المزوّر،الذي يُلبسه غالبا المنتفعون من ضرر لهم من ورائه غنم كبير لعلّهم يضيّعون عفونة نواياهم) :
    - تعلمون يا سادة أنّي أعوّل عليكم كثيرا في تسيير شؤون المنطقة و أمن العشائر،و تعلمون أيضا أنّي لا أرضى لكم بأقلّ من الكرامة و الوقت الطيّب..و يشهد الله أنّي في غيابكم لا أدع مناسبة إلاّ و أشدت بكفاءتكم ..و..
    أومأ الكثير منهم برؤوسهم إيجابا،و توزّعت تمتمات عرفان ،و سعال خفيف هنا و هناك، ثمّ أضاف : - ..و يعلم الله وحده مدى معزّتكم و علوّ شأنكم عندي..و لكن...
    (تحرّكت بعض الأحذية على الأرض،تعلن نيابة عن حامليها نفاد صبرهم).
    تناول النّائب من جهاز الفكس على يمينه ورقة كان بعث بها لنفسه ذات الصّباح. الورقة في مكانها كأنّها مبعوثة للتوّ..طبعا ،شعور الخوف من المجهول و الحيرة و ثقل الموقف كلّها عوامل صرفت العمد عن مجرّد الانتباه إلى حمق أن يكون النّائب قد قرأ المراسلة داخل الجهاز،أو أن يكون قد أعادها إليه بعد قراءتها.
    ثمّ واصل:
    - ...و لكن.. وصلني هذا القرار بالأمس..الأوامر هي الأوامر كما تعلمون. و أردف في نبرة تحامل :إنّهم يطلبون منّي أن أتخلّى عن خمسة منكم، لأسباب واهية لست أصدّقها..يقولون بأنّهم ينوون ضمّ القرى و العشائر ضمن حيّز واحد..و..و لكنّي لن أسكت،أعدكم أنّي لن أسكت أبدا..لن أطاوعهم ..إن هم سوّلت لهم أنفسهم أن يستغنوا عن خمسة منكم،فأنا لا غنى لي عنكم..و لن أرضى بأقلّ من عشرة،و ليس هذا فقط،بل و أنتم بالذّات..
    هنا في هذه اللّحظة سمح بعض العمد لأنفسهم وسط حماس النّائب بالقليل من الفوضى،يحثّونه على التّشبّث بما وعد.فأشار بيده يعيد الهدوء للمجلس ،ثم قال بحزم أكبر:
    - سأصنع المستحيل من أجل إبقائكم لا تخافوا..غدا سأذهب لألتقي المسؤولين بنفسي(مشيرا ببنانه إلى الأعلى)..و لن أعود إن شاء الله إلاّ بأخبار تسرّكم...إلاّ إذا...
    عادت الفوضى و الصّخب من جديد،ففضّل النّائب أن ينهي الاجتماع و يودّعهم..و اعتبره ناجحا.
    أمّا المعادلة التي بفضلها استطاع العمد أن يسوقوا هداياهم ليلتها إلى بيت النّائب من غنم و دنان زيت و عسل،فرادى و دون أن يصادف أحدهم الآخر،عجيبة و صعب للغاية هو الدّخول في جزئيّاتها و شرحها،إنّها أخت الحيل التي يطوّرها البسطاء بوسائل بدائيّة و لا يفسّرها إلاّ العلماء.
    و لم تكن الهدايا لتغني فهي ببساطة قابلة للنّفاد.الغاية منها لا تتعدّى،مجرّد حشو روتيني، دوري، لتاريخهم بأكبر قدر ممكن من مزايا الأنياب لا أكثر.
    و التأم المجلس مرّة أخرى بعد أيّام ثلاث تغيّب خلالها النّائب عن المنطقة،و طمأنهم بأنّه قاتل من أجلهم و هدّد المسؤولين باستقالته إن هم نفّذوا قرارهم و حدّثهم بشراسة بأن لا معنى لوجوده دون نصف العمد،و بشّرهم بأنّه نجح بضراوة في افتكاك أماكنهم و الحفاظ عليهم جميعا..و علم الشّيخ محمود عمدة "مرج النوّار" بعد أسابيع أنّ النّائب كان في ضيافة أحد أصدقائه القدامى طوال الأيّام التي تغيّبها و بأنّه استغلّها في صيد طير " الحبارة " ، و بأنّ ساقه لم تطأ المحافظة قطّ،و حدّث بذلك بقيّة الشّيوخ كلّما صادف أحدهم،و طلب منه الشّيخ "العيّاشي" لمّا التقاه في السّوق الأسبوعي ردّا على النّحس الذي بدأ يكتسح ضيعته غير عابىء بما جاء يُخبره به،أن يستبدل معه التيس بالتّيس؛يقول إنّه يودّ تغيير عتبة الحظّ..و كان للشّيخ محمود تيس جامح شرود،لا يستكين من قفز أو جري،فأجابه فورا:ماذا تقول يا عيّاشي؟و صفّق يدا بيد متعجّبا و قال: تيس كتيس يا "عيّاشي" و المطاردة ذخر..و أصبحت كلماته تلك مثلا متداولا بين النّاس..و علم النّائب بالقصّة و أحاط بالموضوع ما يستحقّه من اهتمام و تركيز..أن يصنع البدو – قاع الهرم - مثلا يتداولونه بينهم، فهذا يعادل قيام حزب معارض في قمّة الهرم..و النّائب لا يغفل على خطر من هذا القبيل..بل ما نفعه إذن لو غفل و استهتر بما يسمع؟
    صفّق العمد في مكتب النّائب و هلّلوا فرحا و تناوبوا على تقبيله و شكره،و ساد جوّ من الضّحك و العناق.قطعه رنين هاتف النّائب.صمتوا.تناول النّائب السمّاعة و هو يضع سبّابته فوق شفتيه و أتمّ المكالمة واقفا:- كيف حالك سيّدي..نعم سيّدي..خيرا إن شاء الله..حاضر سيّدي،تأمرون..احترامي..
    ثم أعاد السمّاعة إلى مكانها بعصبيّة،ممتعضا،و تهالك على كرسيّه و رفع وجها شاحبا..و حدّق في الشّيخ ابراهيم حتّى ظنّ أنّ المكالمة كانت بشأنه.و قال الشّيخ في نفسه :معقول أن تكون حوريّة قد اشتكت؟ و آثر أن يسكت و يطأطىء رأسه..
    و تكلّم الشّيخ الطّالب ،يحفّزه المال الذي جمعه بنفسه تبرّعا لأحد المهدّدين بالسّجن من أبناء قريته إن لم يسدّد نفقة طليقته في غضون عشرة أيّام،و قرّر في سرّه أن يحتفظ بها لنفسه،و فرح لما توصّل إليه،و قال : خيرا سيّدي النّائب ، لا بأس؟خيرا إن شاء الله؟
    ردّ النّائب بعد صمت قصير،بصوت خافت،دون أن يحوّل عينيه على الشّيخ ابراهيم ،و قد ارتسمت على وجهه سحنة الواقع في كمين كان ساهم في نصبه:
    - جاء دورنا يا سادة...جاء دورنا..حضرة المتعهّد العامّ يقول بأنّ كلّ نوّاب المنطقة الجنوبيّة مدعوّون غدا في مكتبه لأمر طارىء..


    محمد فطومي
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد فطومي; الساعة 22-10-2010, 16:44.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة
  • سمية الألفي
    كتابة لا تُعيدني للحياة
    • 29-10-2009
    • 1948

    #2
    الأديب المبدع/ محمد فطومي

    قصة وطن وليست عمد , حال أمم تجمعت على غث , كل يحاول الحفاظ على ما هو فيه

    يدفع الثمن دون أن ينبس أحد بكلمة إعتراض , الكل مستكين ورهن الإشارة لتنفيذ المزيد , مادام

    هناك من سيحافظ لهم على كراسيهم .

    الأيام دول وتتابع, وتضيع الرؤية عن شدة الضوء.

    أستاذ محمد

    أسعد أيما سعادة بقراءة حرفك الراقي

    تحياتي أيها الألق

    تعليق

    • محمد فطومي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 05-06-2010
      • 2433

      #3
      شكرا أيّتها الرّاقية سميّة،لتلقّيك النصّ بكلّ هذا الحنق المورق.
      تخلّف لديّ كلماتك دائما إحساسا بأنّي لم أقرأ النصّ الذي كتبته بعد،و أفعل،فأجدك أكثر حنوّا عليه و سبرا له منّي.
      أشكرك على المتابعة.
      مدوّنة

      فلكُ القصّة القصيرة

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        الزميل القدير
        محمد فطومي
        ربما فاتني من النص شيئا
        لأني لم أجد بصمتك التي اعتدت عليها
        هل كنت مشوشة لهذا الحد
        لا أدري
        ربما
        سأعود كي أقرأه مرة أخرى علني أستشف منه شيئا فاتني فعلا
        بدا النص لي وكأنه عائما
        ورؤيتي مؤكد تقبل الخطأ قبل الصواب ألف مرة
        ولا عليك زميلي سأعود غدا له
        محبتي لك وودي ومعذرتي
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • محمد فطومي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 05-06-2010
          • 2433

          #5
          شكرا أستاذة عائدة.
          مرحبا بك أنّى شئت.
          نص من صنف النّثر الاجتماعي المباشر لا يحتمل تدخّل الكاتب لا من بعيد و لا من قريب إلاّ تلميحا خفيفا لا يوجّه الفهم نحو زاوية بعينها.و لست أجد طريقة أفضل بناء و مضمونا إلاّ ما قدّمت.
          و لو عاد بي الزّمن بأفكاري مجرّدة،لعبّرت عنها بنفس النّسق و على نفس النّحو.
          أفهم انطباعك أختي الغالية.و أقدّر مرورك.
          مودّتي لك.
          مدوّنة

          فلكُ القصّة القصيرة

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            بالودّ؛إنّما أراد أصحابها أن يتبارزوا بها أمام بعضهم متباهين بمقدار الحميميّة التي تربط كلّ واحد منهم بالنّائب.في الحقيقة ،المسألة فطريّة و غير مقصودة، تماما كتلك الرّكلة التي تقوم بها الفرس – حتّى غير المدرّبة منها - مع أوّل ضربة على الطّبل..و ما من أحد يفسّر سلوكهم ذاك على هذا

            و الكثير من التعبيرات و التشبيهات القوية التى كانت سر اللعبة بين يد مدربة على صناعة المتعة و الدهشة خلال السطور !
            ما بين التيس و التيس فيصل من أتباع ، و رب الحظيرة يتابع اللعبة
            بيده يمنع .. و بيده يعطي
            و بيده لو أراد لأتى بالذئاب و استغنى عن الكلاب لأيام و ربما باعها أو سجنها
            هؤلاء ماهرون فى لعبتهم .. العمد و النائب .. المصبية أنهم على علم بما يدبر
            واعون لكل حيله ، ومع ذلك يقتاتونها بنفس الابتسامة و بنفس الاريحية
            و كأننا نلعب لعبة التدليس العلني أو إذا شئت قلنا لعبة الخزى
            فليس بينهم طيب و مترفع

            السطر لديك محمد الجميل يحمل الكثير ، أوقفنى فى كثير من المرات ، لأنتبه إلى أنك مازلت مسترسل أو أنك قطعت الحديث .. يحمل سرا ما ، وجمالا أكيدا ألمسه ، بل أقول أنها كانت القصة ألكثر عفوية من كل أعمالك السابقة التى قرأت !!

            شكرا سيدى على متعة الاكتشاف معك
            و تلك الضربة الصديقة
            هم لا يريدونه و هو يدري
            ومع ذلك يصر على الوجود
            يلعنونه و هو يدري
            وربما هو أيضا يلعنهم و يمارس عليهم لعبته التى يدرون ابعادها جيدا ، و ليست فى حاجة إلى ذكاء لأكتشافها أو سبر أبعادها !!
            sigpic

            تعليق

            • نادية البريني
              أديب وكاتب
              • 20-09-2009
              • 2644

              #7
              ذكرتُ سابقا أنّك تمتلك قدرة كبيرة على القصّ الذي يوغل في تصوير عيّنات من الواقع ببراعة.
              "أنياب صديقة"مثل "نيران صديقة" قد يفترس المرء بأنياب صديقة أو يشتعل بنيران صديقة والنتيجة واحدة إن لم ينتفض الإنسان فيذود عن حوضه بسلاحه كما ذكر الشاعر الجاهليّ زهير بن أبي سلمي.
              الخلل أنّ هؤلاء العمد شأنهم في ذلك شأن النّائب كانوا يتملّقون ويداهنون لكن تأتيهم الضّربة القاضية التي تلوي أعناقهم عاجلا أم آجلا
              كلّنا بين فكّي أسود ضارية تستعدّ للّحظة المناسبة حتّى تنقضّ على فريستها لذلك يتخيّر البعض النّجاة بالتّملّق في حين يتحررّ آخرون وإن قيّدوا داخل زنازين.
              تمتلك لغة سلسة معطاء تنفجر بها المعاني من الدّاخل فتقودنا إلى لذّة الاكتشاف كما ذكر أستاذنا الفاضل ربيع
              دمت بخير
              ننتظر صدور إبداعاتك أخي محمّد

              تعليق

              • محمد فطومي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 05-06-2010
                • 2433

                #8
                مرّة أخرى أيّها الكبير،تثبت لي مدى كرمك الاّمتناهي مع قراءاتك،إنّك تبعث في النصّ روحا متدبّرة مختلفة بفيض لا حدود له من التمعّن و الوعي.
                كم أجدني في حاجة - و هذا ينسحب على الجميع دون استثناء - إلى وقفات تأمّل في فنّ صنع القصّة أصلا،قبل المضمون أحيانا و أولى.
                شكرا لك من الأعماق على تقديمك الذي لا يخضع لأيّ حساب أو عدّ.
                أمامك يصبح أمتع أن تنكشف للمرء و عنه أوراقه..إنّها دهشة الحديث عمّا قبل القصّة.
                محبّتي لك معلّم ربيع.
                مدوّنة

                فلكُ القصّة القصيرة

                تعليق

                • محمد فطومي
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 05-06-2010
                  • 2433

                  #9
                  أختي الغالية نادية.
                  تقتلني النّار و الأنياب حين تكون صديقة ، أكثر مما إذا كانت من رمي عدوّ.
                  منذ البداية أختي فهم المجاهدون الأحرار،أنّك إذا قتلت حركيّا واحدا يكون أفضل من قتلك فيلقا من جيش العدوّ.أليس هذا عين الصّواب إذا علمت أنّ متواطئا واحدا باستطاعته أن يفتك بقرية بأكملها ،و أنّك إذا تخلّصت منه خلّصت القرية بأسرها من كلّ شرّ لم يكن ليداهمها أصلا لولاهم.
                  العدوّ أهون أختي العزيزة.
                  الأجدر أن نحارب أوّلا المتملّقين ،الأعداء الحقيقيين الذين لا نستطيع تمييزهم لأنّهم ببساطة يرتدون وجه ابن العمّ،و الذين لولاهم لما اهتدت خصومنا إلى مخابئنا.

                  و تكلّم الشّيخ الطّالب ،يحفّزه المال الذي جمعه بنفسه تبرّعا لأحد المهدّدين بالسّجن من أبناء قريته إن لم يسدّد نفقة طليقته في غضون عشرة أيّام،و قرّر في سرّه أن يحتفظ بها لنفسه،...

                  هل كان ليفعل هذا، مثلا ،أحد قادة الاستعمار؟؟

                  أشكر لك من القلب متابعتك أعمالي المتواضعة.
                  و أشكر لك ما تتمنّينه لي.
                  مودّتي الخالصة.

                  الحركيّ: كلمة جذعها تحرّك،و تطلق على عملاء الاستعمار من أبناء البلد المحتلّ.
                  مدوّنة

                  فلكُ القصّة القصيرة

                  تعليق

                  • فاكية صباحي
                    شاعرة وأديبة
                    • 21-11-2009
                    • 790

                    #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    أنياب صديقة ..
                    من هنا قرأت الموضوع قبل أن أتجول بين كلماته المسترسلة
                    سلاسة ..وعذوبة ..وعفوية في حديث عن جرح لون كل الأمكنة
                    غير أنه يبقى قائم بذاته على مسرح أولئك الموبوئين بتقبيل الأحذية قسرا ..
                    وأولئك الذين أزهرت بذور الخيانة في دمائهم واندسوا أصدقاءً
                    ليلوثوا كل تراب نقي قد تمر به أقدامهم
                    فهو يدرك تماما أنه غير مرغوب فيه ..
                    ورغم ذلك يصر على سياسة ذر الرماد في الأعين
                    كي لا ترى ما تحت إبطه ..
                    وهم يدركون تماما أنه خائن ورغم ذلك يخافون أنيابه المهذبة ببسمة الصداقة
                    فيحاولون تهذيبها أكثر ببعض هداياهم

                    موضوعك هذا أستاذ فطومي من الكتابات التي تحمل زبدتها على ناصيتها
                    أي أن العنوان باح بكل ما تخفيه أزقة النص من مفاجآت
                    ليتخيل القارىء حجم العضة التي تصدر عن ناب الصديق
                    وما يلبث أن يهضم ألمها رويدا رويدا
                    وهو يغوص بين معاني هذا النص ..الذي سعدت كثيرا بقراءته

                    أول مرة أصافح نصوصك أيها الفاضل .
                    أكيد لن تكون آخر مرة
                    لك مني أسمى عبارات التقدير والإحترام

                    التعديل الأخير تم بواسطة فاكية صباحي; الساعة 08-02-2011, 06:06.

                    تعليق

                    • محمد فطومي
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 05-06-2010
                      • 2433

                      #11
                      سعادتي كانت أكبر بهذه المصافحة أختي الكريمة فاكية.
                      قراءة تجاوزت النصّ لتترك أثرها بنفسي ثقة و فخرا لا حدّ لهما.
                      طبعا لكلّ مرّة لابدّ من أوّل مرّة،و سيكون جميلا حضورك في كلّ مرّة.

                      مودّتي أستاذتي المبدعة.
                      مدوّنة

                      فلكُ القصّة القصيرة

                      تعليق

                      يعمل...
                      X