ســـــحــــــــر الـــــشــــــــرق
ما زالت ذكريات الساد تعاركني بحلوها و مرها , و لكنني مازلت أهاب النور و أعشق الظلام , إلى أن نظرت في عينها و قد أفاقت في صبيحة هذا اليوم و لم أكن أعلم أنها بهذا الجمال , و لم أتوقع أن أصادق النور المادي بعد أن أمضيت العشرين سنة الأولى عدواً غير مقصود , و لكنني أحببتها , اليوم و أحسست بدفئها لأول مرة , لم أعد أخاف النظر و لم أستطع أن أتخلى عن كل ما علمني الساد ,أن لا أنظر في وجه أنثى عامداً متعمداً , تعلمت عزة النفس الأبية في غض الطرف , حلاوة التعامل و الكلام , جمال أن يكون لي من الناس من يحبني و أن لا أحس بأحدهم أنه يكرهني , لم أعد أستطع نسيانه , كيف علمني الحب إنسانة لم أعرف ملامح وجهها قط و لم أتعرف عليها من قبل , و لكنني أعرف قلبها قبل ذلك فما كان لي إلا أن أبقى بعيداً و حبي إلى أن منعتني إنسانيتي , لم أعرف ما لون عينيها إلى أن خُرقت القاعدة لمرة واحدة , للحظة واحدة , لثانية أو أدنى , بعد أن تركني الساد لأبدأ من جديد , نظرت لحظة , لحظة لم أكرهها من بعد لكنني نسيتها و أكره ذلك , و قد عدت لأتذكرها , و لكن الخيوط الأولى لهذا اليوم الجديد القديم غير مفرداتي , و في كل مرة أترك أمري للذي فطرني فأرتاح , ثم أعود لأحاول ترتيب الأمور- و يهيّأ لي أنني الفاعل - و كلٌّ بأمره سبحانه فأتعب فأترك الأمر مرة أخرى بيده جل و علا و هي بيده سرمداً , و الفرق بين الحالتين كالفرق بين التصنع و الإبداع الفطري , و لكن ما حلاوة الامتحان إن لم أحاول ثم أترك , أخطأ ثم أصيب , أعصي ثم أتوب
لماذا يحاولون أن يفصلوا الحب عن الحياة , و يصنعونه شيئاً أخر , لماذا يحرّمونه و هو فريضة و يربطونه بكل ما هو قبيح , لماذا يدّعونه و أفعال بعضهم لا توحي إلا بالحيوانية الغريزية , ثم لماذا يحاولون أن يفصلوا بين المادة و الروح و قد خلقهما الباري فيما لا نعلم واحداً إلى أجل مسمى و لم نعلم روابطهما و مآخذهما سوياً , لماذا جُبل الإنسان على الخير و حاربه بكل ما أوتي من قوة ثم لم يجد حرجاً من ذلك , لماذا .... لماذا يمنع نفسه أن يؤمن بالله و هو يرغب بذلك و يعلم الحقائق و لا يرتاح إلا بذلك , لماذا يظلم الإنسان نفسه و لماذا يصنع من الجماد أشياء ليصنع منها نغماً , و لم يوجد في عالمه ما هو أحلى منه صوتاً و لا نغماً, لماذا .... لماذا .... لماذا
لماذا يذل الإنسان نفسه و حقيقته العز و الإيمان لماذا , لماذا لا يجيبني أحد و ليس لي الحق بالإجابة إذ أنني إنسان أعفوا عن كثير من الحق و عن كثير من الباطل ,و من سيجيب إذاً , و كيف و لماذا .
لماذا ضعت فجأة بين سطوري لأجد نفسي شيئاً من الغرابة , هل أنا وحيد بلا خليل ؟؟؟؟؟؟؟ لا .... لست كذلك و لن أكون
سأرمي بحبي الأول إلى أن يأتي البديل أو سأتركه وحيداً , أم أنني في معركة و لي الخطة القديمة نفسها , و كما في كل مرة , تذهب الأمور و تأتي و كرّ و فرّ و الظاهر على أرض الوغى أنني مغلوب , و من ثم يتفاجئ الجميع بانقلاب مفاجئ في نتائج تلك المعركة المسالمة الملائكية و إذ بي أنتصر بما أريد و لكن الأطراف الأخرى المتشعبة ليست خاسرة بل فازت بفوزي , لماذا أحس بأني الرابح دائماً مهما كانت النتائج
هذه اللماذا الأخيرة سأجيب عليها بكل ما أوتيت من الكلم , أرى نفسي فاشلاً في كل ما ليس لي به علم , أرى نفسي مخطئاً لو فكرت في تغيير القدر الذي أؤمن حقاً به و أنه ليس من أمري و أمر الخلق بل أمره بيد المولى عز و جل و أضع نفسي أمامه سبحانه مخاطباً إياه بعجزي و رغبتي في رضاه لكنني أعجز فأسأله العون , أو لا أسأله لعجزي لكن الله متمٌ نوره فأرى عظائم عطائه من حولي دون سؤالي . كيف كنت أسير في أرضه و ليس لي أن أرى حرفاً على بعد خطوة من عيني , كيف كنت أعمل في أرزاق الخلق أجيراً و مُؤجِراً و ليس لي أن أرفع وجهي و الأنوار من حولي كوحوش و عماليق تكاد بمنظرها تشوه بقايا الصورة التي أرسمها في مخيلتي عن و جودي و ما حولي . إذاً أنا لولا عطاؤه و تيسيرٍ منه لكنت نسياً منسياً , و أين دوري في ذلك و ما لي ,إلا نيّتي التي لا يعلمها إلا سواه , و من أراد بإرادته , و هكذا أكون المنتصر ومن معي و من ليس معي .
أتعذب عندما أعلم أنني سأموت دون أن أعلم من العلم كل شيئ , و أرتاح عندما أعلم أنه جل و علا يقبل أن أحاول ما بقدري فإن لم يكن فبقلبي و ذلك أضعف الإيمان , و أفرح بأنه سبحانه علمني عن حدود العلم في آيات محكمات , و أعلاها تلك الحدود ذاته جل في علاه , فليس لي أن أفكر إلا في عظمته , و بهذا أتعلم القدر الذي أعطاني من التفكير و القدرات و قدر العقل البشري و عجز ذلك الأخير أو حدوده بعبارة أصح , إلا أنني بذلك أعلم ما أعظم آياته كهذا العقل الذي لم يعرفه علمٌ في زماننا و قد لا يعرف , و إحدى الحدود هذه الروح التي يجحد بوجودها كل ظالمٍ نفسه فلا يرى أمامه إلا مادته و لا يؤمن إلا بها بدون غيب يؤمن بوجوده فيعجز , كأنه لا يريد التعاون مع ذاته القلب بما فيه من روح و عقل ,كأنه يلغي جزأً عظيماً كمّا ً و قدراً من إنسانيته, و هذا ما يعيشه غرب البشرية و ما عاشوه من قبل و سيبقون كذلك , كيف يجرؤون ليقولوا يوماً أن إبداع البشرية قد توقف و أنه لم يعد يوجد ما يكتشف في هذا الفضاء الرحب و لم يعد يوجد ما يخترع , كذبوا لا بل و كفروا بحقيقة الرب , فأنـّا لي مداد القلم المتجدد , التـّفكر مولد النص الذي أعتمد و رديف حملة الأقلام .
و تعود كلمة الحق لتسطع ما أجمل سحر الشرق , و تعود هذه الكلمة لتخرج من أفواههم , و من بينهم و على ألسنة فقهائهم و أؤلئك الذين نهضوا بالعلم و العالم إذ كانت نتيجتهم واحدة أنه لا إله إلا الله و أقلامهم تشهد , أشفق على روعاتهم و أخطائهم و أنفسنا إذ تبعنا تلك الأخطاء إذ نظن أنها الحضارة , دون محاسنهم الغير المقصودة منهم .
يخرجني هذا القلم عن نثري و شعري و لكنني أحبذ العودة و معي كلمات مثقلات بجمال الحقيقة سحر الشرق عنفوان العروبة
{{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{143} }}
14\12 \2009
تعليق