ذات الصوت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل بامري
    عضو الملتقى
    • 24-07-2010
    • 11

    ذات الصوت

    الرّابعة مساء،الشّمس بدأت رحلة وداعها الأخير.أشعة يوم ربيعي يكاد ينتهي تداعب وجهه المحمرّ من أثر نزلة برد أقعدته عن الدّراسة أياما طويلة.ولكنّها لم تمنعه من مناجاة أعزّ أصدقائه;ورقته وقلمه.
    شعر ببعض الحيويّة تسري في جسده الهزيل دوما.فنفض عنه غبار المرض ولبِس معطفه القديم واتّجه إلى حديقة طالما تجوّل بين أشجارها ونام على أعشابها.
    هدوء رائع يلفّ المكان،زقزقة خجولة تنطلق بين الحين والآخر تقطع صمت المكان وتبعث في نفسه راحة لا تمنحها إلاّ الطبيعة.
    انزوى تحت شجرة وارفة الظّلال وافترش معطفه.أغمض عينيه برهة ولم يفتحهما إلا على وقع خطوات تقترب منه.
    "اعذرني ،لم أقصد التّطفّل عليك ولكني كنتُ مارّة بجانبك فشدّني عنوان هذه الرّواية،لطالما بحثتُ عنها.هل تمانع لو ألقيت نظرة؟"
    ارتبك كثيرا وتلعثم لسانه على وقع صوتها العذب.."يالصوتها الملائكي" نطقت روحه.
    "تفضّلي" قالها بابتسام وقدّم لها الرّواية.اتّسعت حدقتا عينيه حين رآها أمامه مباشرة.."ماأجملها!"،شعر بيده تقبض بشدّة على الكتاب تريد لهذه اللّحظة أن تطول،ولكنّه سريعا ما انتبه لنفسه فأرخى أصابعه واحمرّ خدّاه خجلا.
    تابعتها عيناه وهي تبتعد متصفّحة "القلوب العطشى"،روحه استيقظت فجأة،شعور لم يألفه من قبل.سحب نفسا عميقا فسُحر بعبيرها الذي زاد من دهشته،عبير وردة في أوج تفتّحها.
    سريعا ماعادت ليسمع مجدّدا ذات الصّوت يشكره بكلمات لم يتبيّنها.
    "يبدو أنّ عليّ البحث أكثر..شكرا مجدّدا"
    كانت هذه آخر كلمات سمعها منها وهي تبتعد مسرعة تنظر إلى ساعتها لأنّ الوقت قد تأخّر.
    غابت عن ناظريه..توقّف الزمن لديه ولم يشعر بمغيب الشمس إلاّ حين لسعته نسمة باردة جعلته يحمل متاعه للعودة.
    انهالت في داخله الأسئلة "ماذا حدث فعلا؟من هي هذه الفتاة؟من أين قدمت؟كيف خرجت من العدم لتثير زوبعة في نفسه التي اعتادت الهدوء؟كان عليه أن يُحدّثها قليلا؟..."
    شعر بندم شديد،لكأنه فوّت فرصة طالما حلم بها.
    "هل تكون هي حقا!؟ إنّها أروع ممّا تخيّل..بحثها عن تلك الرّواية،ألا يعني أنّها..؟؟على الأقل هي قارئة ممتازة"
    ويشغله التفكير فيها حتى أنه ماعاد يهتم أين المسير.
    الأنهج مقفرة والشوارع خالية إلا من بعض القطط تعبث بالنفايات تبعثرها كما العادة.
    شعر بقشعريرة ظنّ أنّ سببها مروره من هذا الزّقاق المظلم.
    لفت انتباهه رجلان في زاوية مظلمة تبدو حركاتهما مريبة،لا بدّ أنّهما يلفّان سيجارة ممنوعة أو يدبّران أمرا.
    أوجس خيفة ولكن لابدّ من المرور بالقرب منهما.شعُر أنّهما يتفحصّانه فزادت ضربات قلبه.
    أسرع قليلا ولارتباكه سقطت من يده الرّواية فانحنى ليأخذها.لم يدر لم نظر نحوهما.
    "ياإلهي إنهما يحتجزان امرأة..أحدهما يقف حاجزا بينه وبين رؤيتها..ياإلهي!مالعمل؟؟؟"
    استقام ليواصل مسيره ولكنّ قدماه خذلتاه،لم تتحرّكا.
    "اذهب من هنا حالا" صاح أحدهما بصوت مرعب زاد من خوفه.
    أسرع الخطى يسأل الله النجاة.
    "النّجدة..النّجدة..الن..." خفق قلبه بشدّة،إنّه ذات الصّوت،توقّف واستدار ليلمحها..هي ذاتها..تصارع الرجل الذي يحاول السّيطرة عليها.
    ...
  • محمد فطومي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 05-06-2010
    • 2433

    #2
    الأديب العزيز،فيصل بامري.
    قصّك سلس و مشوّق
    تابعنا الشّاب لحظة بلحظة،نتقصّى ما ستُدبّر له الصّروف و الظّروف مع الفتاة التي أحبّها،خيطا بخيط.حتّى جاءت القفلة ليتّضح أنّها في الأخير هي من كانت عالقة في شرك المشبوهين.عرفنا أنّ الصّوت المستغيث كان لها،إذن كانت هي و لا ريب.
    و لكن ألست ترى معي أنّ هذا الخبر ،كان بداية لأحداث عفوت عنها و آثرت زمّها.في رأيي تكمن القصّة في ما سيعقب علمه بأنّها هي و ليست سواها.
    حتّى إعراضه عن مساعدتها بدافع الخوف،كأسوىء الحالات،كان سيحمل للنصّ نفس قفلة حقيقيّ،و لم لا ممتعا ..- من زاوية ما -
    أرى أنّك سحبت البساط من تحتي باكتفائك بسياقة الاكتشاف و حسب.
    و تظلّ وجهة نظر لا تنقص ممّا اخترته عن قصد لقصّتك من سياسة.
    مدوّنة

    فلكُ القصّة القصيرة

    تعليق

    • فيصل بامري
      عضو الملتقى
      • 24-07-2010
      • 11

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمد فطومي مشاهدة المشاركة
      الأديب العزيز،فيصل بامري.
      قصّك سلس و مشوّق
      تابعنا الشّاب لحظة بلحظة،نتقصّى ما ستُدبّر له الصّروف و الظّروف مع الفتاة التي أحبّها،خيطا بخيط.حتّى جاءت القفلة ليتّضح أنّها في الأخير هي من كانت عالقة في شرك المشبوهين.عرفنا أنّ الصّوت المستغيث كان لها،إذن كانت هي و لا ريب.
      و لكن ألست ترى معي أنّ هذا الخبر ،كان بداية لأحداث عفوت عنها و آثرت زمّها.في رأيي تكمن القصّة في ما سيعقب علمه بأنّها هي و ليست سواها.
      حتّى إعراضه عن مساعدتها بدافع الخوف،كأسوىء الحالات،كان سيحمل للنصّ نفس قفلة حقيقيّ،و لم لا ممتعا ..- من زاوية ما -
      أرى أنّك سحبت البساط من تحتي باكتفائك بسياقة الاكتشاف و حسب.
      و تظلّ وجهة نظر لا تنقص ممّا اخترته عن قصد لقصّتك من سياسة.
      أخي الكريم محمد الفطومي،
      أود في البداية أن أحيي فيكم متابعتكم لمحاولتنا المتواضعة وملاحظاتكم القيمة لأعرج على ماتفضّلتم به حول هذا النص الذي توقف مثلما رأيتم عند القصة الحقيقية فلم يتجاوز الباب الذي فُتح على عدّة سيناريوهات محتملة.
      وهو أمر متعمد كانت الغاية منه ترك الحرية للقارئ ليواصل القصة بماتجود به مخيلته.
      ...
      شكرا مجددا أخي العزيز و أرجو أن نراكم دوما بيننا.

      تعليق

      يعمل...
      X