شرف المهنة
[align=justify]
وقف الطبيب يتأمل مريضه وهو يرقد على فراشه بعد نجاح العملية الخطيرة التي أجريت له ، منظر يراه الطبيب كل يوم و لا يستوقفه لكنه الان لم يعد كذلك ، فبمجرد أن وقعت عيناه على ذلك المريض تدافعت الذكريات أمام عينيه تذكر وقوفه ليدلي بالقسم عقب تخرجه مباشرة لقد تعهد أن يحفظ أسرار مرضاه ،يحفظ ما يسمع وما يرى ،كثيرا ما كان يلوم زملائه عندما يجتمعون في غرفة الأطباء فيقصون ما يحدث معهم من نوادر لأنهم بذلك ينتهكون حرمة أسرار مرضاهم وقتها كانوا ينظرون إليه على انه من كوكب أخر .
أخرجته من دوامة الذكريات إحدى الممرضات التي جاءت لتغير احد الخراطيم الملتصقة بجسد المريض التي تجعل منه أشبه بإخطبوط متعدد الأذرع ، ترك الغرفة وانصرف ليباشر عمله بالمشفى لكنه أبدا لم يكن ذلك الطبيب المجتهد في عمله لقد لاحظ الجميع بمن فيهم مرضاه شرود ذهنه وعدم تركيزه حتى انه قد خشي أن يصيب احد مرضاه بمكروه فستأذن وعاد إلي منزله مبكرا في واحدة من النوادر قليلة الحدوث.
وقف يراقب دخان سيجارته الأولى في حياته فهو غير معتاد على التدخين لكنه فعلها ولا يدري لم !! لكنه فعلها على كل حال، رسم الدخان أمامه أشكال وأشباح وهو مستسلم تماما لها عاد بذاكرته إلي غرفة العمليات ومريضه مدد أمامه استعادا لمشرط الرحمة ،موقف ليس بجديد عليه فهو طبيب بارع لكن مع بدأ تأثير المخدر على المريض تفوه بكلام كثير ليس له أي معنى لكن مع مرور الوقت أصبح الكلام مفهوم و واضح وليته لم يتفوه به ، فمريضه هو بطل واحدة من أشهر القصص التي تداول في المحاكم قتل فيها رجل ثري وسرقت منه كل ما يدخره بمنزله واتهم فيها حارس العقار المسكين وتشير كل الدلائل انه سوف يلقى نفس المصير معلقا بحبل المشنقة، لكن ..... آه من لكن هذه لقد اعترف مريضه وهو بين يده وقد فعل به المخدر ما فعل بأنه هو القاتل الحقيقي ، لقد أصبح ألان بين ناريين إما أن يخون مهنته المقدسة أو يخون أخلاقه ، إما يخون ضميره المهني أو يخون ضميره الشخصي ، فهو لا يستطيع أن يفشي سر مريضه و أيضا لا يستطيع أن يترك برئ يعدم وهو يعلم الحقيقة.
نظر مدير المشفى باستغراب إلي طبيبه وهو يسأل لماذا ؟ سؤال لم يجد له إجابة عند الطبيب فأعده عليه بصورة أخرى، هل هناك ما يغضبك منا لتتركنا؟ هل صدر مني أنا شخصيا ما يسوؤك حتى تقدم استقالتك؟ لكن يبدو أن أسئلة المدير لم تكن اكثر حظاً من سابقتها فالإجابة كانت أن لا إجابة.
خرج الطبيب من غرفة المدير بعد قدم استقالته واستوقف أول سيارة أجرة مرت عليه وقال للسائق اقرب مركز للشرطة من فضلك.
[/align]
تعليق