رسائل إلى صديق عرفته في فجر أيامي .

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يعقوب القاسمي
    محظور
    • 23-07-2010
    • 215

    رسائل إلى صديق عرفته في فجر أيامي .



    رسائل إلى صديق عرفته في فجر أيامي / الرسالة الأولى

    صديقي

    لقد كانت من جميل صدف الحياة أن عرفتك مذ أيام يفاعتي . أنت الذي كنت تكبرني عددا من السنين . وضمني وأياك أواصر الإنتماء إلى حركة حزبية . وربما عرفتك قبل أن أبلغ ريعان الشباب كي أنتمي إلى حركة كنت أنت تنتمي إليها . فما كان دوري في أواخر طفولتي وأوائل يفاعتي إلا دور المتفرج على جعجعة الأيام في حين كان دورك دور الساهر الراعي . دور الفتى الواعي . الفتى الذي يلتفت إليه . في يوم الكريهة والبلية .

    وعجيب أمر طاحونة الحياة . الطاحونة التي تطحن الحب وغيره . مباديء الأخلاق وغيره .
    أجل لقد عرفتك وأنا في أوائل يفاعتي وحصرا في طور التعلم ودور الدراسة . وسرعان ما أصبحت لي المثل الأعلى والقدوة الصالحة . كل ذلك في خضم أيام تموج . تموج موجان أمواج طوفان نوح . لتصبح أنت حمامة الأمواج التي تنوح .

    ولم أكن لحكمة من الله ألتفت إلى منابت الناس ولا إلى أصولهم . وأنما إلى طولهم وصولهم . وكذا إلى نصاعة المبدأ الذي يحملوه . ولا اللقب الذي هم ناحلوه . ولقد كنت حينئذ فتى مجهول الأصول . زاهد بحكم إنحدارك الطبقي الفقير ومتقشف . ترتمي في أحضان مباديء الخلق كالخشف . كنت أراك وكأنك منحدر من صلب أزمان غير صلب زمنك . لذا لم أكن أرى بأسا ولا ضيرا في أن تلبس قميصا رثا لابل كنت أظن أنك بمثابة كاهن وبلبس قميصك فقط يقام الطقس والمنسك . وأكثر من ذلك لقد كنت أرى في تقشفك الإسبرطي دليلا على صدق مبدأك وشاهدا على جدية دعواك . والكون كله بما فيه من الكواكب السيارة في تناغم معك وحتى الكلاب في هزع الليل الأخير حين تعوي ففي عواءها تصديق لدعواك .
  • يعقوب القاسمي
    محظور
    • 23-07-2010
    • 215

    #2
    رسائل إلى صديق عرفته في فجر أيامي/ الرسالة الثانية .

    صديقي

    ولازلت أتفرج على جعجعة الأيام وأنا يافع وأنت فتى في ريعان الشباب . مؤهل بحكم سنك
    أن تلتقي برؤوس العمل الحزبي وأهل الرأي والمشورة وأنا دون ذلك من الشعاب . أنت المتقشف في كل رشف وفي رواحك ومجيئك لك بسطة . وكأنك ملكا من ملوك اسبرطة .

    ولقد كان لك في ملابسك متسعا .عذقا وسعفا . ملابس تحررك من قيود الطقوس أو التحفظ من ورود كل عرس . ولقد كنت أنا حينئذ بحكم ملابسي المخيطة من قبل خياط خاص أجد صعوبة في النزول في كل رس . على النقيض منك حيث كنت واقفا كتمثال إله الحرب في المعترك . جاهزا في أن تخوض كل نزال وعراك وأنت تفرك أسنانك بعود الأراك .

    ولقد كان لك من أعداء العقيدة التي تعتنقها أنت أكثر من أن يحصوا . أعداء يأتمرون بك و يهمون على أن يحصبوك بكل حصب . فالصراع والعراك كانا للزمن روح وعصب . وكنت العقائدي بمكان بحيث أنك كنت على قدم وساق في منازلة الأعداء من الديلم. تحمل في راحلتك أسباب الدفاع عن الذات من أسلحة النزال باليد. وأحاط بك الأعداء يوما وأنت في طريقك إلى المدرسة وأصبحت لمكيدتهم محجا . وكادوا أن يقتلوك لولا أنك نجوت وبأعجوبة من يد الجمع . ولم تنج إلا بعد أن أثخنوك جراحا وجرحا .

    وكنت في كل هذا المثال الحي في الشجاعة . وأنا بعد هذا كله متفرج على ما للدهر من جعجعة . كنت المثال في الثبات والأيام تعاني من طفح أو بثور في الجلد. كان هذا دأبك وقوى الخير والشر تصارع بعضها البعض والكل يجالد . دون أن يكون هناك غالبا أو مغلوبا على الساحة . وأشتد ساعدي قليلا . ورحت أتعلم منك أساليب الرماية قطميرا قطميرا . رغم أنني كنت دونك في بساطة الجسم وتقشفك الإسبرطي . لكنني هأنذا أسير على حافرتك . ومن يدري إن كنت يوما سأخذ منك الراية أو أقوم مقامك أو أصبح خفيرا لك ..
    التعديل الأخير تم بواسطة يعقوب القاسمي; الساعة 25-10-2010, 13:14.

    تعليق

    يعمل...
    X