يحكى الفقية الأندلسى ابن حزم فى طوق الحمامة .. أنه كان فى مجلس لكبار القوم .. فرأى بعض الضيوف ، والمعازيم يغازلون أهل صاحب المجلس ، ويختلون بهن الحين بعد الحين ، وصاحب المجلس كالغائب النائم .. يقول ابن حزم .. فنبهته بالتعريض فلم ينتبه ، وحركته بالتصريح فلم يتحرك .. فجعلت أكرر عليه بيتين قديمين لعله يفطن .. وهما هذان :
إن إخوانه المقيمون بالأمس أتوْا للزناء لا للغناء
قطعوا أمرهم وأنت حمار موقر من بلادة وغباء
يقول ابن حزم : واكثرت من إنشادهما حتى قال لى صاحب المجلس .. قد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما أو إنشاد غيرهما ، فأمسكت وأنا لا أدرى أغافل هو أم متغافل وما أذكر انى عدت إلى ذلك المجلس بعدها ؟؟؟
اذكر هذه القصة الآن ..لأنها أصبحت النموذج الأكثر انتشارا الآن بين النخبة الحاكمة والمثقفة فى مصر وكثير من بلدان العالم العربى والإسلامى .. ليس الآن فحسب .. بل ومنذ فجر التاريخ ..باستثناء فترات محدودة .. حيث العلاقة الوثيقة بين حياة الترف والبذخ .. وبين مظاهر الفجور والمجون والخلاعة والإنحراف ؟؟
لكن الجديد فى الأمر .. أن النخبة أو الطبقة الراقية .. أصبحت الآن تجاهر بهذا المجون والإنفلات اللاخلاقى على نحو غير مسبوق .. ولم تكن إبنة الوزير المحترم _ الذى كان يفاوض من أجل تحرير المقدسات _ وهى ترقص بفستان عارى الأكتاف والصدر فى فرح السفه والإسراف والإستفزاز وجبال الجمبرى والإستكاوزا .. والتى جعلتها الصحف والمجلات الفنية مادة للإغراء والإثارة .. ليست إلا قطرة فى المستنقع الآسن لتلك الطبقة .. ويكفيك أن تطلع على اجتماعيات هذه النخبة التى تنشرها الصحف والمجلات الفنية .. حتى إحدى المجلات المحترمه .. أصبحت تخصص عدة صفحات مادتها الأساسية لصور الأفخاذ العارية والنهود المكشوفه والمواهب الفتاكة لبنات وزوجات كبار المسئولين جنبا إلى جنب مع ممثلات الجنس المسافحات والمتخذات أخدان .. وفى حضرة من بعض المسئولين .. وصورة تقف فيها مخرجة شاذة بفستان خليع يظهر منه حمالة الصدر بشكل فاضح يعاقب عليه القانون مع ممثلة جنس واثارة .. وبينهما وزير - أى والله - بالله عليكم أليست هذه المساخر والمخازى .. طعنات توجه إلى كبرياء وكرامة امتنا الإسلامية .. أليست مأساة أخلاقية حقيقية روحية لأمتنا المنكوبة .. أن يترك العنان لإمرأة مثل فيفى ودينا يعبثان فى شرف هذه الأمة ..وفى حضور السادة المسئولين الكبار وزوجاتهم وبناتهم بملابسهن العارية ؟؟ أليس فى هذا تأكيد على الشائعات التى تتردد بقوة عن التردى والسقوط الأخلاقى لهذه الأجيال النخبوية من أبناء وبنات النخب السياسية والمثقفة فى براثن الجنس والشذوذ والرذيلة والمخدرات والعرى داخل صالات الديسكو وغيرها من أوكار الفساد التى ترعاها مؤسسات الدولة وتحرسها وزارة الداخلية .. صدقونى إن الأمر أخطر من كونه مجرد تصرفات شخصية .. وصدقونى إن المعنى مدمر ويحتاج .. لا إلى قرار جمهورى .. وانما إلى ثورة ثقافية وأخلاقية تعيد للأمة اعتبارها وشرفها !!
وليست العلانية والمجاهرة بالإباحية والخلاعة فى المجتمع النخبوى هى فقط الجديد فى الأمر .. بل الأخطر من ذلك أن الطبقة الحاكمة قديما كانت تمارس هذا الأمر تحت تأثير الضعف البشرى والإنزلاق وراء الشهوات وفقا للطبيعة البشرية .. فكل بنى آدم خطآء وخير الخطآيين التوابون .. لكن الجديد فى نخبتنا أنها أصبحت تعتقد ان هذا المجون وهذه الإباحية هى جزء لايتجزأ من مشروعها الحضارى .. بعد أن أسقطوا من الذاكرة حكاية قال الله وقال الرسول والحلال والحرام والمكروه .. واعتبروها من مخلفات القرون الوسطى .. وهذا أمر غآية فى الخطورة .. إذ يتجاوز دائرة المعاصى التى نقع فيها جميعا بحكم بشريتنا ثم نتوب عنها .. إلى دائرة استحلال الحرام وتحريم الحلال .. وهو مايجرح فى جوهر ايمانهم .. بل هو مايجعلهم فى حالة حرب لله ورسوله وللمؤمنين وسعى بالفساد فى الأرض (!!)
الأخطر من ذلك .. هو انعكاس ذلك كله على السياسات الإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية والإعلامية والتعليمية والأمنية والسياحية والتشريعية فى مصر .. وفى غير من البلدان التى تنتهج نفس المبادىء والقيم والتى بدأت تؤتى ثمارها العفنة بالفعل فى شرائح كثيرة من الطبقات الوسطى والدنيا .. وليست صفحات الحوادث البشعة إلا دليلا واحدا من بين عشرات الأدلة على انهيار تلك المجتمعات من الداخل نتيجة للتخريب الأخلاقى الذى تتبناه النخبة السياسية وتسعى جاهدة إلى فرضه بكل وسائل الترغيب والترهيب عبر مؤسسات وأندية ووسائل الإعلام وتنظيمات دولية مشبوهة .. أصبحت تعبث فى شرف هذه الأمة دون أدنى مقاومة تذكر .. ووسط تواطؤ سياسى وأمنى يرى فى الإنحلال خير وسيلة لحكم الشعب .. فى ذات الوقت الذى تقمع فيه أية محاولة للإحياء الدينى أو الإصلاح الأخلاقى والإجتماعى !!
وقد يزعم البعض أن حالات الجرائم ومظاهر التفسخ الأخلاقى التى تنشرها صفحات الحوادث .. حالات فردية موجودة فى كل عصر وفى كل مجتمع .. ولاتمثل ظاهرة تعكس بالضرورة صورة المجتمع ككل .. غير أن ثمة مواقف اقف عندها مكتفيا بها ..لإثبات تلك التصدعات والتشققات الخطيرة فى البنية الأخلاقية التحتية للمجتمع المصرى .. والتى توشك على الإنهيار الفعلى دون مبالغة أو مجازفة ؟؟
أولا : الإحصائيات المفزعة والمسكوت عنها من قبل الجهات الرسمية ..والتى يقوم بها بعض المتخصصين .. فقد نشرت جريدة صوت الأمة على سبيل المثال احصائية تؤكد أن أكثر من 60% من طالبات المدن الجامعية يمارسن الشذوذ ، وأن أكثر من 25% من طالبات المدارس الثانوية الخآصة فى مصر الجديدة أعضاء فى شبكات للدعارة .. واحصائية أخرى تؤكد أن 20% من طالبات الجامعة يقمن علاقات محرمة .. ويمارسن الجنس بأنواعه داخل أسوار الجامعة وخارجها وفى شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين وبعض الأماكن الأخرى التى ذكرتها صحيفة النبأ هذا الأسبوع .. واحصائية أخرى نشرتها جريدة السياسى المصرى 6/4/1997 تؤكد على أن أكثر من 85% من طالبات الجامعة يشغلهن الجنس ، وأن 65% منهن تركن العقائد والصلاة وأن 35% منهن تركن الإهتمام بالدراسة .. وأن كثيرا من طالبات الجامعة يمارسن العادة السرية بطريقة مفزعة بعد مشاهدة الدش .. واحصائية أخرى تؤكد على أن أكثر من 15% من طلبة المدارس يدمنون المخدرات .. وذكرت صحيفة صوت الأمة أيضا أن المعاهد المتوسطة تحولت إلى أوكار لمارسة الرذيلة وقد ذكرت الصحيفة بالأسم معهد السكرتارية بالعباسية على سبيل المثال (!!)
وقد تكون هذه الإحصائيات مغرضة أو مبالغ فيها بعض الشىء .. ولكن الواقع الذى نشاهده فى الشارع وداخل المراكز التجارية وفى ساحات الجامعات وعلى الشواطىء وفى حفلات الغناء والأفراح وفى كل مكان .. يؤكدها للأسف الشديد ويكفى أن تلقى نظرة بواحدة على الصدور الناهدة والأرداف البارزة التى تتبارى فى اظهارها النساء قبل الفتيات .. حتى يخيل إليك أن عصر البغاء قد عاد من جديد .. فى الوقت الذى حاربت فيه الطبقة الحاكمة المحجبات وطاردتهن داخل الجامعة والمدن الجامعية وفى الوقت الذى يتبارى فيه طبيب الأطفال ( وزير التعليم ) الذى أفسد التعليم فى مصر .. إلى نزع الحجاب من فوق رؤوس التلميذات لدغدغة مشاعر أعداء الإسلام فى الداخل والخارج !!
الأمر الثانى : سكوت الطبقة الحاكمة والجهات الأمنية عن مستعمرات العراة المنتشرة فى سيناء وغيرها من الشواطىء والقرى السياحية وأوكار الفساد الرسمية وغير الرسمية .. حتى أن مانشرته صحيفة الأهرام شبه الرسمية عن مستعمرات العراة فى قرية العسلة فى جنوب سيناء لم يحرك ساكنا لدى أجهزة الأمن التى تبنت سياسة الضرب فى سويداء قلب ابناء الشعب المصرى المتدين ودفعت بهم إلى طريق العنف بعد أن أصبح هذا الشباب مطلوبا حيا والأفضل ميتا .. وبعد أن لفقت الإتهامات لخيرة الشباب المسلم المعتدل وألقت بهم بعد محاكمات هزلية فى السجون والمعتقلات .. وهى نفسها التى تقف مكتوفة الأيدى أمام الجرائم الجنسية وجرائم المخدرات والعنف التى يرتكبها أبناء المترفين من علية القوم .. جهارا نهارا فى الأندية الراقية وفى صحراء سيتى والطرق والشوارع المظلمة .. مثلما حدث فى التخاذل الأمنى فى مواجهة عبدة الشيطان منذ سنوات رغم علم أجهزة الأمن بهم .. ثم التخاذل فى اتخاذ اجراءات قضائية ضد هؤلاء المنحرفين كما يحدث مع التنظيمات الدينية .. بعد تدخل كبار القوم ومساندة بعض الأقلام المسمومة .. ومايفعله هذا الشباب .. هو فى الحقيقة شىء عادى ومشاهد لمن اراد أن يشاهد .. يحدث ربما بدرجة أقل أو أكثر فى صالات الديسكو التى تنتهك فيها كل المحرمات والفواحش تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية .. التى لايقف أمرها إلى حد تجاهل تلك الجرائم والفواحش فحسب .. بل تقوم بحراستها وتوفير الأجواء الآمنة لممارسيها .. علشان ياخذوا راحتهم .
وهناك حكاية حقيقية وقعت احداثها خلف الأهرامات وترويها لنا الكاتبة الخليعة سعاد نصر .. وربما تكفى وحدها كدليل على ما ألمحنا إليه فى أول المقال من انشغال النخب السياسية والمثقفة بتحصيل العلم وممارسة السياسة والإبداع والتصدى لقضايا المجتمع المدنى !!!!!! وتحرير المقدسات !!!!!!!! فى الوقت الذى لايلتفتون فيه إلى مايحدث من مخازى ومفاسد داخل بيوتهم ومجتمعاتهم الراقية .. ولا ندرى أغفلة تلك منهم أم تغافل .. تحكى الكاتبة الساقطة عن ابنة الفنانة وابنة الأستاذة الجامعية اللتين كانتا ترقدان فى الصحراء خلف الأهرامات ..نصفهما العلوى عارى تماما ولا ترتديان إلا مايوها من الجلد من قطعة واحدة ..تتبادلان الحديث بينما علامات الدم على الرمال نجوم ودوائر وجمجمة عظام وموسيقى البلاك ميتال تصم الآذان .. إلا آذان وزارة الداخلية التى لايزعجها إلا آذان الفجر .. وبينما هما يرقدان على هذه الهيئة المزرية ..جاء شاب وامتطى ( صافى ) ابنة الأستاذة الجامعية وهو يردد أغنية شيطانية .. لم تلتفت لهما ( نادرة ) ابنة الفنانة التى تحجب ثم خلعت حجابها .. بل أكملت حديثها مع زميلتها .. هكذا .. تماما كما لم نعد نلتفت إلى مشاهد الزنا والدعارة فى السينما والفضائيات .. ولم نعد نلتفت كذلك إلى أخبار حوادث الإغتصاب والزنا والخيانة ؟؟؟
أرأيتم إلى أى مدى قد أفلح التخريب الصهيونى عبر النخب العلمانية والشيوعية والإباحية المجرمة فى تدمير الأخلاق وهتك شرف الأمة ..تحت دعاوى التنوير والإبداع والتحضر .. وتحت سمع وحراسة الأجهزة الأمنية ؟؟
إن عقدة التطرف والإرهاب .. يجب ألا تصرف المخلصين فى جهاز الحكم والمؤسسات المختلفة إلى ضرورة تحقيق السلام النفسى .. أو سلام الضمير .. فالشعب والشباب بالذات تمزقه الإزدواجية الأخلاقية .. بين مايسمعه فى المسجد وبين ماتبثه وسائل الإعلام .. أو بين تعاليم القرآن الكريم وبين منكرات الشوارع والأماكن العآمة لاسيما المنكرات الرسمية وشبه الرسمية .. بين مثالية الصفوة الخالدة فى صدر الإسلام .. وبين إباحية النخبة السياسية والمثقفة .. الشعب المصرى والشباب بالذات فى حاجة مسيسة إلى مصالحة حقيقية بين الدين والدنيا .. ليعود إليه السلام النفسى وسلام الضمير مرورا بسلام الأسرة .. وهو الطريق الوحيد إلى تحقيق سلام المجتمع والسلام العالمى على أساس متين !!
بقلم : محمد شعبان الموجي
مقال من أرشيفي
إن إخوانه المقيمون بالأمس أتوْا للزناء لا للغناء
قطعوا أمرهم وأنت حمار موقر من بلادة وغباء
يقول ابن حزم : واكثرت من إنشادهما حتى قال لى صاحب المجلس .. قد أمللتنا من سماعهما فتفضل بتركهما أو إنشاد غيرهما ، فأمسكت وأنا لا أدرى أغافل هو أم متغافل وما أذكر انى عدت إلى ذلك المجلس بعدها ؟؟؟
اذكر هذه القصة الآن ..لأنها أصبحت النموذج الأكثر انتشارا الآن بين النخبة الحاكمة والمثقفة فى مصر وكثير من بلدان العالم العربى والإسلامى .. ليس الآن فحسب .. بل ومنذ فجر التاريخ ..باستثناء فترات محدودة .. حيث العلاقة الوثيقة بين حياة الترف والبذخ .. وبين مظاهر الفجور والمجون والخلاعة والإنحراف ؟؟
لكن الجديد فى الأمر .. أن النخبة أو الطبقة الراقية .. أصبحت الآن تجاهر بهذا المجون والإنفلات اللاخلاقى على نحو غير مسبوق .. ولم تكن إبنة الوزير المحترم _ الذى كان يفاوض من أجل تحرير المقدسات _ وهى ترقص بفستان عارى الأكتاف والصدر فى فرح السفه والإسراف والإستفزاز وجبال الجمبرى والإستكاوزا .. والتى جعلتها الصحف والمجلات الفنية مادة للإغراء والإثارة .. ليست إلا قطرة فى المستنقع الآسن لتلك الطبقة .. ويكفيك أن تطلع على اجتماعيات هذه النخبة التى تنشرها الصحف والمجلات الفنية .. حتى إحدى المجلات المحترمه .. أصبحت تخصص عدة صفحات مادتها الأساسية لصور الأفخاذ العارية والنهود المكشوفه والمواهب الفتاكة لبنات وزوجات كبار المسئولين جنبا إلى جنب مع ممثلات الجنس المسافحات والمتخذات أخدان .. وفى حضرة من بعض المسئولين .. وصورة تقف فيها مخرجة شاذة بفستان خليع يظهر منه حمالة الصدر بشكل فاضح يعاقب عليه القانون مع ممثلة جنس واثارة .. وبينهما وزير - أى والله - بالله عليكم أليست هذه المساخر والمخازى .. طعنات توجه إلى كبرياء وكرامة امتنا الإسلامية .. أليست مأساة أخلاقية حقيقية روحية لأمتنا المنكوبة .. أن يترك العنان لإمرأة مثل فيفى ودينا يعبثان فى شرف هذه الأمة ..وفى حضور السادة المسئولين الكبار وزوجاتهم وبناتهم بملابسهن العارية ؟؟ أليس فى هذا تأكيد على الشائعات التى تتردد بقوة عن التردى والسقوط الأخلاقى لهذه الأجيال النخبوية من أبناء وبنات النخب السياسية والمثقفة فى براثن الجنس والشذوذ والرذيلة والمخدرات والعرى داخل صالات الديسكو وغيرها من أوكار الفساد التى ترعاها مؤسسات الدولة وتحرسها وزارة الداخلية .. صدقونى إن الأمر أخطر من كونه مجرد تصرفات شخصية .. وصدقونى إن المعنى مدمر ويحتاج .. لا إلى قرار جمهورى .. وانما إلى ثورة ثقافية وأخلاقية تعيد للأمة اعتبارها وشرفها !!
وليست العلانية والمجاهرة بالإباحية والخلاعة فى المجتمع النخبوى هى فقط الجديد فى الأمر .. بل الأخطر من ذلك أن الطبقة الحاكمة قديما كانت تمارس هذا الأمر تحت تأثير الضعف البشرى والإنزلاق وراء الشهوات وفقا للطبيعة البشرية .. فكل بنى آدم خطآء وخير الخطآيين التوابون .. لكن الجديد فى نخبتنا أنها أصبحت تعتقد ان هذا المجون وهذه الإباحية هى جزء لايتجزأ من مشروعها الحضارى .. بعد أن أسقطوا من الذاكرة حكاية قال الله وقال الرسول والحلال والحرام والمكروه .. واعتبروها من مخلفات القرون الوسطى .. وهذا أمر غآية فى الخطورة .. إذ يتجاوز دائرة المعاصى التى نقع فيها جميعا بحكم بشريتنا ثم نتوب عنها .. إلى دائرة استحلال الحرام وتحريم الحلال .. وهو مايجرح فى جوهر ايمانهم .. بل هو مايجعلهم فى حالة حرب لله ورسوله وللمؤمنين وسعى بالفساد فى الأرض (!!)
الأخطر من ذلك .. هو انعكاس ذلك كله على السياسات الإجتماعية والثقافية والسياسية والإقتصادية والإعلامية والتعليمية والأمنية والسياحية والتشريعية فى مصر .. وفى غير من البلدان التى تنتهج نفس المبادىء والقيم والتى بدأت تؤتى ثمارها العفنة بالفعل فى شرائح كثيرة من الطبقات الوسطى والدنيا .. وليست صفحات الحوادث البشعة إلا دليلا واحدا من بين عشرات الأدلة على انهيار تلك المجتمعات من الداخل نتيجة للتخريب الأخلاقى الذى تتبناه النخبة السياسية وتسعى جاهدة إلى فرضه بكل وسائل الترغيب والترهيب عبر مؤسسات وأندية ووسائل الإعلام وتنظيمات دولية مشبوهة .. أصبحت تعبث فى شرف هذه الأمة دون أدنى مقاومة تذكر .. ووسط تواطؤ سياسى وأمنى يرى فى الإنحلال خير وسيلة لحكم الشعب .. فى ذات الوقت الذى تقمع فيه أية محاولة للإحياء الدينى أو الإصلاح الأخلاقى والإجتماعى !!
وقد يزعم البعض أن حالات الجرائم ومظاهر التفسخ الأخلاقى التى تنشرها صفحات الحوادث .. حالات فردية موجودة فى كل عصر وفى كل مجتمع .. ولاتمثل ظاهرة تعكس بالضرورة صورة المجتمع ككل .. غير أن ثمة مواقف اقف عندها مكتفيا بها ..لإثبات تلك التصدعات والتشققات الخطيرة فى البنية الأخلاقية التحتية للمجتمع المصرى .. والتى توشك على الإنهيار الفعلى دون مبالغة أو مجازفة ؟؟
أولا : الإحصائيات المفزعة والمسكوت عنها من قبل الجهات الرسمية ..والتى يقوم بها بعض المتخصصين .. فقد نشرت جريدة صوت الأمة على سبيل المثال احصائية تؤكد أن أكثر من 60% من طالبات المدن الجامعية يمارسن الشذوذ ، وأن أكثر من 25% من طالبات المدارس الثانوية الخآصة فى مصر الجديدة أعضاء فى شبكات للدعارة .. واحصائية أخرى تؤكد أن 20% من طالبات الجامعة يقمن علاقات محرمة .. ويمارسن الجنس بأنواعه داخل أسوار الجامعة وخارجها وفى شارع جامعة الدول العربية بالمهندسين وبعض الأماكن الأخرى التى ذكرتها صحيفة النبأ هذا الأسبوع .. واحصائية أخرى نشرتها جريدة السياسى المصرى 6/4/1997 تؤكد على أن أكثر من 85% من طالبات الجامعة يشغلهن الجنس ، وأن 65% منهن تركن العقائد والصلاة وأن 35% منهن تركن الإهتمام بالدراسة .. وأن كثيرا من طالبات الجامعة يمارسن العادة السرية بطريقة مفزعة بعد مشاهدة الدش .. واحصائية أخرى تؤكد على أن أكثر من 15% من طلبة المدارس يدمنون المخدرات .. وذكرت صحيفة صوت الأمة أيضا أن المعاهد المتوسطة تحولت إلى أوكار لمارسة الرذيلة وقد ذكرت الصحيفة بالأسم معهد السكرتارية بالعباسية على سبيل المثال (!!)
وقد تكون هذه الإحصائيات مغرضة أو مبالغ فيها بعض الشىء .. ولكن الواقع الذى نشاهده فى الشارع وداخل المراكز التجارية وفى ساحات الجامعات وعلى الشواطىء وفى حفلات الغناء والأفراح وفى كل مكان .. يؤكدها للأسف الشديد ويكفى أن تلقى نظرة بواحدة على الصدور الناهدة والأرداف البارزة التى تتبارى فى اظهارها النساء قبل الفتيات .. حتى يخيل إليك أن عصر البغاء قد عاد من جديد .. فى الوقت الذى حاربت فيه الطبقة الحاكمة المحجبات وطاردتهن داخل الجامعة والمدن الجامعية وفى الوقت الذى يتبارى فيه طبيب الأطفال ( وزير التعليم ) الذى أفسد التعليم فى مصر .. إلى نزع الحجاب من فوق رؤوس التلميذات لدغدغة مشاعر أعداء الإسلام فى الداخل والخارج !!
الأمر الثانى : سكوت الطبقة الحاكمة والجهات الأمنية عن مستعمرات العراة المنتشرة فى سيناء وغيرها من الشواطىء والقرى السياحية وأوكار الفساد الرسمية وغير الرسمية .. حتى أن مانشرته صحيفة الأهرام شبه الرسمية عن مستعمرات العراة فى قرية العسلة فى جنوب سيناء لم يحرك ساكنا لدى أجهزة الأمن التى تبنت سياسة الضرب فى سويداء قلب ابناء الشعب المصرى المتدين ودفعت بهم إلى طريق العنف بعد أن أصبح هذا الشباب مطلوبا حيا والأفضل ميتا .. وبعد أن لفقت الإتهامات لخيرة الشباب المسلم المعتدل وألقت بهم بعد محاكمات هزلية فى السجون والمعتقلات .. وهى نفسها التى تقف مكتوفة الأيدى أمام الجرائم الجنسية وجرائم المخدرات والعنف التى يرتكبها أبناء المترفين من علية القوم .. جهارا نهارا فى الأندية الراقية وفى صحراء سيتى والطرق والشوارع المظلمة .. مثلما حدث فى التخاذل الأمنى فى مواجهة عبدة الشيطان منذ سنوات رغم علم أجهزة الأمن بهم .. ثم التخاذل فى اتخاذ اجراءات قضائية ضد هؤلاء المنحرفين كما يحدث مع التنظيمات الدينية .. بعد تدخل كبار القوم ومساندة بعض الأقلام المسمومة .. ومايفعله هذا الشباب .. هو فى الحقيقة شىء عادى ومشاهد لمن اراد أن يشاهد .. يحدث ربما بدرجة أقل أو أكثر فى صالات الديسكو التى تنتهك فيها كل المحرمات والفواحش تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية .. التى لايقف أمرها إلى حد تجاهل تلك الجرائم والفواحش فحسب .. بل تقوم بحراستها وتوفير الأجواء الآمنة لممارسيها .. علشان ياخذوا راحتهم .
وهناك حكاية حقيقية وقعت احداثها خلف الأهرامات وترويها لنا الكاتبة الخليعة سعاد نصر .. وربما تكفى وحدها كدليل على ما ألمحنا إليه فى أول المقال من انشغال النخب السياسية والمثقفة بتحصيل العلم وممارسة السياسة والإبداع والتصدى لقضايا المجتمع المدنى !!!!!! وتحرير المقدسات !!!!!!!! فى الوقت الذى لايلتفتون فيه إلى مايحدث من مخازى ومفاسد داخل بيوتهم ومجتمعاتهم الراقية .. ولا ندرى أغفلة تلك منهم أم تغافل .. تحكى الكاتبة الساقطة عن ابنة الفنانة وابنة الأستاذة الجامعية اللتين كانتا ترقدان فى الصحراء خلف الأهرامات ..نصفهما العلوى عارى تماما ولا ترتديان إلا مايوها من الجلد من قطعة واحدة ..تتبادلان الحديث بينما علامات الدم على الرمال نجوم ودوائر وجمجمة عظام وموسيقى البلاك ميتال تصم الآذان .. إلا آذان وزارة الداخلية التى لايزعجها إلا آذان الفجر .. وبينما هما يرقدان على هذه الهيئة المزرية ..جاء شاب وامتطى ( صافى ) ابنة الأستاذة الجامعية وهو يردد أغنية شيطانية .. لم تلتفت لهما ( نادرة ) ابنة الفنانة التى تحجب ثم خلعت حجابها .. بل أكملت حديثها مع زميلتها .. هكذا .. تماما كما لم نعد نلتفت إلى مشاهد الزنا والدعارة فى السينما والفضائيات .. ولم نعد نلتفت كذلك إلى أخبار حوادث الإغتصاب والزنا والخيانة ؟؟؟
أرأيتم إلى أى مدى قد أفلح التخريب الصهيونى عبر النخب العلمانية والشيوعية والإباحية المجرمة فى تدمير الأخلاق وهتك شرف الأمة ..تحت دعاوى التنوير والإبداع والتحضر .. وتحت سمع وحراسة الأجهزة الأمنية ؟؟
إن عقدة التطرف والإرهاب .. يجب ألا تصرف المخلصين فى جهاز الحكم والمؤسسات المختلفة إلى ضرورة تحقيق السلام النفسى .. أو سلام الضمير .. فالشعب والشباب بالذات تمزقه الإزدواجية الأخلاقية .. بين مايسمعه فى المسجد وبين ماتبثه وسائل الإعلام .. أو بين تعاليم القرآن الكريم وبين منكرات الشوارع والأماكن العآمة لاسيما المنكرات الرسمية وشبه الرسمية .. بين مثالية الصفوة الخالدة فى صدر الإسلام .. وبين إباحية النخبة السياسية والمثقفة .. الشعب المصرى والشباب بالذات فى حاجة مسيسة إلى مصالحة حقيقية بين الدين والدنيا .. ليعود إليه السلام النفسى وسلام الضمير مرورا بسلام الأسرة .. وهو الطريق الوحيد إلى تحقيق سلام المجتمع والسلام العالمى على أساس متين !!
بقلم : محمد شعبان الموجي
مقال من أرشيفي
تعليق