فنجان قهوة وومضات مع جبران خليل جبران
جبران خليل جبران كاتب لبناني ولد في بلدة بشري في لبنان عام 1883 وتوفي بنيويورك عام 1931 ،وهو أديب ورسام ونحات ،أما دراسته الجامعية فكانت في مجال الفلسفة. وهو شاعر ، فمن منا لا يعرف أغنية فيروز أعطني الناي وغني وهي من قصائد جبران خليل جبران.
وكما عادته جبران خليل جبران رائد الرمزية والرومانسية على حد سواء يطرح الكثير من القضايا الإنسانية التي تخاطب النفس البشرية بمعزل عن الانتماء. مع جبران خليل جبران تشعر أنك تسمو عاليا لما لخطابه الإنساني من وقع في أعماقنا .
وهو رائد من رواد الأدب المهجري حيث كانت هناك روابط أدبية أسست في المهجر وفي أمريكا بالتحديد، منها الرابطة الأندلسية والرابطة القلمية التي أسسها جبران خليل جبران .وفي حقيقة الأمر يصعب الحديث عن كاتب مثل جبران لعمق التجربة الكتابية والإبداع في كتاباته. وقد كان له مؤلفات بالعربية مثل الأجنحة المتكسرة , دمعة وابتسامة , الأرواح المتمردة والعواصف. أما من مؤلفاته باللغة الانجليزية فكان كتاب النبي الذائع الصيت والذي ترجم لأكثر من 20 لغة, وكتاب يسوع ابن الإنسان ومؤلفات أخرى.
أختار لكم من أعمال جبران الغزيرة والرائعة كتاب آلهة الأرض:
هذا الكتاب يضم ثلاثة أجزاء- على الرغم من أن عدد صفحات الكتاب لا تتجاوز المائة- الجزء الأول اسمه الآلهة والثاني المواكب والثالث السابق والكتاب من ترجمة الأرشمندريت انطونيوس بشير.
فالجزء الأول من الكتاب يدور حول حوار بين الآلهة , والجزء الثاني أتى شعريا في أغلبه ، إلا أن الجزء الثالث المسمى السابق و على الرغم من كونه يأتي على شكل قصص أو خواطر فإنه يغوص عميقا عميقا في عوالم النفس البشرية. وهذه الخواطر النفسية لنقل أو لأسميها كذلك -إن صح التعبير- تحكي عن أشياء كالمحبة , كالطمع، الكآبة، البحر وشخصيات ينطبق عليه مفهوم البور تريه وأقصد أنها شخوص نمطية كالبهلول والناسك والمجنون، إلا أنها شخوص تعيش معنا وتخرج عن أي سياق زمني أو مكاني وتستمد جمالها من كونها انعكاس لمساحات من الصراع في النفس البشرية ، وصدى لمسرح ذواتنا في خضم هذا العالم. جبران له نظرة فلسفية في الحياة وقد يكون ذلك عائدا لكونه درس الفلسفة في الجامعة إلا أننا نشعر أنه يقدم أكثر من مجرد فلسفة نظرية أو مدرسة أدبية . دائما عندما تقرأ جبران خليل جبران تصبح أحد شخصيات عالمه.
أختار لكم من مجموعة السابق هذه الومضات والوقفات.
الطمع
رأيت في جولاني في الأرض وحشا على جزيرة جرداء له رأس بشري ، وحوافر من حديد.
وكان يأكل من الأرض ويشرب من البحر بلا انقطاع . فوقفت أراقبه ردحا، ثم دونت منه وسألته قائلا" ألم تبلغ كفافك بعد ؟ أليس لجوعك من شبع أو لظماك من ارتواء؟"
فأجابني وقال " نعم ، نعم قد بلغت كفافي بل قد مللت الأكل والشرب ولكني أخاف أن لا يبقى إلى غد أرض لأكل منها وبحر لأرتوي من مائه".
طائر إيماني
من أعماقي هب طائر، وصعد محلقا في الفضاء، وكان كلما حلق في الجو ، أكثر فأكثر ، يزداد كبرا فكبرا. فبدا أولا كالخطاف، ثم صار كالقبرة،فكالنسر، إلى أن أصبح كسحابة الربيع اتساعا، فملأ السموات المرصعة بالنجوم.
من أعماق قلبي هب طائر ، وحلق في الفضاء ، وكان يزداد حجمه كلما طار.
ومع ذلك فإنه ظل ساكنا في أعماق قلبي.
فيا إيماني، يا معرفتي الجامحة القديرة.
كيف أبلغ سموك. فأرى وإياك ذات الإنسان الفضلى المرسومة في أديم السماء؟
كيف أحول هذا البحر في أعماق نفسي، إلى ضباب كثيف ، وأهيم وإياك في فضاء اللانهاية؟
أو هل يستطيع السجين في ظلمات الهيكل أن يرى قباب الهيكل المذهبة؟
أم هل للنواة أن تتمدد فتغلف الثمر كما كان يغلفها من قبل؟
أجل يا إيماني الحليم! أجل . فإني مقيد بالسلاسل الحديدية في غابات هذا السجن المحدود ، تفصلني عنك هذه الحواجز المصنوعة من اللحم والعظم، وليس لي أن أطير معك الآن إلى عالم اللامحدود.
بيد أنك من قلبي تنبثق محلقا في الفضاء الوسيع ، وأنت لا تزال قاطنا في أعماق قلبي الوجيع، وإني بذلك لراض مستسلم قنوع.
أرجو أن تكونوا استمتعتم.
إلى قراءات جديدة ...
مودتي للجميع
ناهد
جبران خليل جبران كاتب لبناني ولد في بلدة بشري في لبنان عام 1883 وتوفي بنيويورك عام 1931 ،وهو أديب ورسام ونحات ،أما دراسته الجامعية فكانت في مجال الفلسفة. وهو شاعر ، فمن منا لا يعرف أغنية فيروز أعطني الناي وغني وهي من قصائد جبران خليل جبران.
وكما عادته جبران خليل جبران رائد الرمزية والرومانسية على حد سواء يطرح الكثير من القضايا الإنسانية التي تخاطب النفس البشرية بمعزل عن الانتماء. مع جبران خليل جبران تشعر أنك تسمو عاليا لما لخطابه الإنساني من وقع في أعماقنا .
وهو رائد من رواد الأدب المهجري حيث كانت هناك روابط أدبية أسست في المهجر وفي أمريكا بالتحديد، منها الرابطة الأندلسية والرابطة القلمية التي أسسها جبران خليل جبران .وفي حقيقة الأمر يصعب الحديث عن كاتب مثل جبران لعمق التجربة الكتابية والإبداع في كتاباته. وقد كان له مؤلفات بالعربية مثل الأجنحة المتكسرة , دمعة وابتسامة , الأرواح المتمردة والعواصف. أما من مؤلفاته باللغة الانجليزية فكان كتاب النبي الذائع الصيت والذي ترجم لأكثر من 20 لغة, وكتاب يسوع ابن الإنسان ومؤلفات أخرى.
أختار لكم من أعمال جبران الغزيرة والرائعة كتاب آلهة الأرض:
هذا الكتاب يضم ثلاثة أجزاء- على الرغم من أن عدد صفحات الكتاب لا تتجاوز المائة- الجزء الأول اسمه الآلهة والثاني المواكب والثالث السابق والكتاب من ترجمة الأرشمندريت انطونيوس بشير.
فالجزء الأول من الكتاب يدور حول حوار بين الآلهة , والجزء الثاني أتى شعريا في أغلبه ، إلا أن الجزء الثالث المسمى السابق و على الرغم من كونه يأتي على شكل قصص أو خواطر فإنه يغوص عميقا عميقا في عوالم النفس البشرية. وهذه الخواطر النفسية لنقل أو لأسميها كذلك -إن صح التعبير- تحكي عن أشياء كالمحبة , كالطمع، الكآبة، البحر وشخصيات ينطبق عليه مفهوم البور تريه وأقصد أنها شخوص نمطية كالبهلول والناسك والمجنون، إلا أنها شخوص تعيش معنا وتخرج عن أي سياق زمني أو مكاني وتستمد جمالها من كونها انعكاس لمساحات من الصراع في النفس البشرية ، وصدى لمسرح ذواتنا في خضم هذا العالم. جبران له نظرة فلسفية في الحياة وقد يكون ذلك عائدا لكونه درس الفلسفة في الجامعة إلا أننا نشعر أنه يقدم أكثر من مجرد فلسفة نظرية أو مدرسة أدبية . دائما عندما تقرأ جبران خليل جبران تصبح أحد شخصيات عالمه.
أختار لكم من مجموعة السابق هذه الومضات والوقفات.
الطمع
رأيت في جولاني في الأرض وحشا على جزيرة جرداء له رأس بشري ، وحوافر من حديد.
وكان يأكل من الأرض ويشرب من البحر بلا انقطاع . فوقفت أراقبه ردحا، ثم دونت منه وسألته قائلا" ألم تبلغ كفافك بعد ؟ أليس لجوعك من شبع أو لظماك من ارتواء؟"
فأجابني وقال " نعم ، نعم قد بلغت كفافي بل قد مللت الأكل والشرب ولكني أخاف أن لا يبقى إلى غد أرض لأكل منها وبحر لأرتوي من مائه".
طائر إيماني
من أعماقي هب طائر، وصعد محلقا في الفضاء، وكان كلما حلق في الجو ، أكثر فأكثر ، يزداد كبرا فكبرا. فبدا أولا كالخطاف، ثم صار كالقبرة،فكالنسر، إلى أن أصبح كسحابة الربيع اتساعا، فملأ السموات المرصعة بالنجوم.
من أعماق قلبي هب طائر ، وحلق في الفضاء ، وكان يزداد حجمه كلما طار.
ومع ذلك فإنه ظل ساكنا في أعماق قلبي.
فيا إيماني، يا معرفتي الجامحة القديرة.
كيف أبلغ سموك. فأرى وإياك ذات الإنسان الفضلى المرسومة في أديم السماء؟
كيف أحول هذا البحر في أعماق نفسي، إلى ضباب كثيف ، وأهيم وإياك في فضاء اللانهاية؟
أو هل يستطيع السجين في ظلمات الهيكل أن يرى قباب الهيكل المذهبة؟
أم هل للنواة أن تتمدد فتغلف الثمر كما كان يغلفها من قبل؟
أجل يا إيماني الحليم! أجل . فإني مقيد بالسلاسل الحديدية في غابات هذا السجن المحدود ، تفصلني عنك هذه الحواجز المصنوعة من اللحم والعظم، وليس لي أن أطير معك الآن إلى عالم اللامحدود.
بيد أنك من قلبي تنبثق محلقا في الفضاء الوسيع ، وأنت لا تزال قاطنا في أعماق قلبي الوجيع، وإني بذلك لراض مستسلم قنوع.
أرجو أن تكونوا استمتعتم.
إلى قراءات جديدة ...
مودتي للجميع
ناهد
تعليق