ياحُستي
احترت واحتار دليلي في العديد من كلمات اللغة العربية التي تحمل العديد والعديد من المعاني المختلفة .. واللغة العربية إن لم تكن تعلم تكاد تكون هي اللغة الوحيدة التي تتمتع بقدر هائل ورهيب من المرونة والقدرة على التحول والتغير .. خذ عندك كلمة ( إحتاس ) التي تعبر عن اللخمة واللخبطة التي يمر بها الشخص في موقف ما أو تمر بها دولة من دول القرون الوسطى إذا خرجت شائعة مغرضة بأن رئيس الدولة أو ملكها أو مالكها لا سمح الله قد مات ــ أو سمح ــ أو وقع صريع المرض أو سافر إلى إمبراطورية فرنسا للعلاج ، ولكي تعرف قيمة هذه الكلمة وقدرتها على التغير والتحور إجلس مع نفسك وقل ( إحتست ) بصيغة الماضي ثم أنظر كيف أن دولة ما ـ من دول القرن الإفريقي ـ تقوم بإخفاء كل الأخبار المتعلقة بصحة رئيسها أو بعدم صحته وكأننا في القرن الأول الميلادي ثم ضع حرف الراء بدلا من حرف السين فستجد أن الكلمة أصبحت ( إحترت ) وبعد أن تحتار أو تحتاس ستجد أن هناك من( يحتال ) عليك و ( يختال ) على شعبه الذي وضعه حاكما ثم فكر وقدر ثم أنظر كيف أن هذه الشائعات لها أهمية قصوى في معرفة اتجاه الرأي العام لشعوب القرون الوسطى إذا مات الرئيس وكيفية استقباله لسيناريو التوريث ثم قم بكتابة كلمة ( إحتست) بطريقة أخرى وذلك بوضع حرف الألف المقصورة التي نسميها الألف اللينة مكان حرف التاء الأخيرة وقتها ستعرف أن هناك قادم جديد في طريقه لكي يحتسي البلد ذلك أن الكلمة ستكون آنذاك ( إحتسى ) .. ثم قم بعملية تبديل أخرى وذلك بتغيير مواضع النقاط وزيادتها على كلمة ( إحتسى ) وذلك بأن تضع نقطة يتيمة فوق الخاء مع وضع ثلاث نقاط فوق حرف السين ستصبح الكلمة ( إختشى ) وطبعا لن تجد أحدا في حكوماتنا الرشيدة والنظيفة والمباركة يختشي لأن الذين اختشوا ماتوا ... وبتغيير آخر قم بحذف حرف الألف وحرف السين وقتها ستصبح الكلمة ( حتى ) وكلمة حتى من الكلمات التي أخذ فيها البعض دكتوراه فمنها أن تنظر إلى رجال الأمن وهم يضربون المتظاهرين ( حتى ) تطلع روحهم ثم يقبضون على الأبرياء من أجل حماية الحاكم في البلد الإفريقي وقتها قل لهم بملأ فيك ( حتى أنت يابروتس ) ومنها أيضا أن تنظر إلى الحاكم بأمره وتخاطبه قائلا ( لقد أكلت البلد حتى رأسها ) وبعملية اختصار للحروف من الممكن أن تتحول كلمة ( إحتسى ) إلى كلمة ( حس ) وحس هذه إما أنها فعل أمر حيث تأمر أنت فيه شخصا متبلد الإحساس بأن يحس على دمه ويرحل من بيتك الذي كتم فيه ( حسّك ) فلم يعد أحد من شعوب العالمين يسمع لنا ( حس ) لسنوات عديدة ، وإما أن كلمة ( حس ) عائدة على المشاعر حينذاك تكون هي مشاعر الشعب الدفينة تجاه حاكمه حتى أنه يسارع بترديد الشائعات المغرضة بخصوصه من باب الأمنيات ، فإذا عدنا لكلمة ( إحتسى ) وحذفنا الحرف الأخير منها وهو حرف الألف اللينة ووضعنا بدلا منه حرف الباء أصبحت الكلمة ( إحتسب ) وإحتسب هذه لها العديد من المعاني فمنها أن هناك من يحتسب من الحساب أي يحتسب حساباته في البنوك الخارجية ، كما أن هناك من يحتسب سنوات عمره في الحكم ، أما المعنى الثاني فيدل على أن هناك بعض الشعوب التي تحتسب ماحدث لها من حكامها عند ربها .. وبتعديل بسيط نعود إلى كلمة ( إحتاس ) ومنها نستخرج كلمة ( حوسة ) حيث يقول الرجل وهو يشرأب بعنقه للأمام بعد أن يرى تخبط الصحافة في مرض الحاكم ( ياحُستي ) ثم نعود لوضع حرف الباء بدلا من حرف التاء لكي تكون الكلمة ( حسبي ) حيث يقول الشعب وقتها ( حسبي الله ونعم الوكيل ) أو حسبي بمعنى كفى ..أما الأعجب من هذا وذاك هو أنك لو اقتربت من كلمة ( حسبي ) أو كلمة ( حُستي ) وحذفت التاء أو الباء ووضعت بدلا منهما حرف النون ستصبح الكلمة وقتها معبرة عن معجزة من معجزات اللغة العربية إذا ستكون ( حُسني )
تعليق