ما تيسر
وكمن فهم أبعاد المشهد ابتسمت له (شهلاء)..
رددت في سرها بخبث:
إياك أقصد واسمعي يا جارة..
جمعت ابتسامتها برأس لسانها ونسجتها كخيط رفيع وأحاطت به خصرها. سحبت خلفها هالات من الوقار المصطنع واتجهت صوبه.
تأملها وهي على بعد عدة دقات عن رماد قلبه الذي يطفو فوق لهيب لا يرتوي..
وعل بري بض، مساً طفيفاً تمس حوافره الأرض. وعل فضي مارد، وحبيب ملتاع مكسور بعصا العشق. وبينهما حين تنتحر الحروف إلا من نقاطها غير المطابقة لفعالية الفعل تدفع صدره بأناملها حتى يلتصق الصدر بالجدار الصغير المواجه للمدخل الرئيسي ليتعذر على المارة من التقاط حيثية من صحن الدار. هناك يتكئ (شهاب) بظهره المطارد من قبيلة الوسطاء، وطبول الأباء، وبراقع النساء، وأباريق الأجداد.
وفي ظل هذا الاتكاء تفرد أنثى الوعل جناجها كفراشة كفت عن إدمان الأضواء، وبرؤوس أنامل رشيقة ومدربة ومنبثقة من طيات الكتمان تضغط على أرنبة أنفه، يرحل إبهامها ببطء يتحسس معالم الوجه، ينحدر إلى أسفل، يمشط غابات السافنا المزروعة في صدره..
يرضخ (شهاب) للحظاتها الممزوجة بسحرية الشبق ومازوخية الألم.
تقترب أكثر..
يتماحك الجسد المتسربل بالسكون مع الآخر القلق والفارض حصاراً محكماً على وضعية العشق الهجين.
رجل وامرأة..
وجدار أصم يشهد الممارسات المنقوصة إلا ما ترتضيه أنثى الوعل لجسدها البض، فترفع من معدنها النفيس ما تيسر وتزجه، فتدنو غابات إفريقيا تتنسم الرذاذ ببخل وهي ترنو لانسيالات المطر.
امرأة على ذلك الجدار تتمطى..تتمحور..وتتمدد فوق تضاريس الجسد المسجي رأسياً. تقف، تدخل مقدمتها في كل منعطفاته الخفية، وبشعلة لا تنطفئ تؤجج نيران المنعرجات، فتنتفض بعشوائية خرقاء.
رجل على ذلك الجدار يعجز عن تحريك يداً أصابها الخدر وموبقات البطالة لتعلن عن لحيظات الاشتعال..
يتمفصل التيار لديها، يستعصي عليها استيعاب كل هذا السكون القاتل، واللااعتبار الفاجر من الآخر. غرزت في وجهه مسامير من اللغة الصدئة وكأنه فارس يجيد معارك التحرير:
- دع همجية الممارسة، وتمدد كالأخطبوط بعيداً عن مساحاتي..
لفظته، وهرولت تاركة وراءها جسداً لا يعرف معنى كمالية الارتعاش...
اعتاد (شهاب) على التسليم السلبي، وامتهان امضاءات القبوع لأوامرها، والابحار خلسة في بحيراتها ليغسل فيها خيبات تطلعاته.
تعليق