قصة قصيرة بعنوان // الموتى يحلمون

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شوقي الصليعي
    أديب وكاتب
    • 01-10-2010
    • 31

    قصة قصيرة بعنوان // الموتى يحلمون

    إعلان مختصر وغامض, خط بحروف عريضة’’ رحلة استثنائية ’’ . موضعه مدروس بعناية, محطة النقل, قرب المقبرة الكبيرة, والإشارة تدل إلى أن بقية المعلومات, في المقر . المكان يعج بالمواطنين ,عمال وموظفين , وبعض الأجانب . لم يسترع الاعلان اهتمام الخلائق. كما أنه ليس بالإمكان جرهم عنوة إلى هذه الرحلة ؟! طبيعة تجمعهم غير متجانسة, تغري بروعة قذفهم في جزيرة نائية, في آخر أصقاع المحيطات, لتتشكل نواة الحياة من جديد ! لكن النجاح المذهل والمفاجئ , في الثواني الأخيرة, لن يضطر القائمين على الرحلة إلى ارتكاب أي محظور !. مئات الراغبين يتقاطرون , صوب مكتب التسجيل. وها هي الحافلة تتهادى مثقلة, عبر الطرق الجبلية, والحقول الخلابة, لكن مظهرها يبدو في غاية الريبة ؟, فزع الصبية على حافة الطريق , مأتاه شغور الموقع أمام المقود, و ليست هنالك وجوه تطل من وراء زجاج النوافذ, على سحر الطبيعة . بعض أشجار النخيل الباسقة تغور في الأفق , مع الطرقات ’’المتعرجة, كعرائس يتتبعن الجادة..استحضرت قول الشاعر ’’جميع الجواد تؤدي الى منهل للمياه..اذا كنت في صحصحان الحماد.؟! انزاحت الستائر من تلقاء نفسها, فانبثق الضياء, ودبت الحركة الغامضة.

    إن الاعلان الذي مني بالخيبة التامة..., يلقى صداه بصورة غير متوقعة, لدى سكان المقابر ,هبوا في احتجاج صارخ , على تبلد الأحياء , الذي اتضح في إهمالهم غير المبرر لبلاغة كلمة’’ استثنائية’’ , الواردة في الإعلان . قدموا يحدوهم الحنين للرفع من قداسة الكلم, لن يرموا بهذه الدعوة الربيعية للضياع. تم فض مشكلة الزحام , بسلوكيات راقية , تنازل المئات عن أماكنهم لمن هم أولى, وأكثر جدارة. والموظف النزيه المسكين القائم على أعمال التسجيل, قد عرف قبل قضاء نحبه بالسكتة القلبية , بتفوقه في ميدان الضبط , كان قد تم جلبه لحل هكذا أزمات . إضافة لكونه شاعر مجيد...لم يتمكن لأسباب خارجة عن نطاقه, من التعلق بتلابيب الشهرة, شاعر ضيعت الظروف موهبته. لكن جليل ذكره , لا يجب أن ينسينا بالضرورة, سائقنا المحنك,,فلم تكن له بأية حال من الأحوال , أية يد في الحادث المروع الذي توفي خلاله, والذي تسبب فيه ذلك الضباب الكثيف الذي لف حياته من أولها إلى آخرها. كان من المؤمل أن يتفرغ اثر تقاعده , لموهبة الرسم التي لم يجد لها متنفسا. العترة طيبة, والرحلة تبدو للوهلة الأولى واعدة. بدت على جميع المبدعين, نساء ورجال, وفرسان, إمارات الارتياح التام , بل والانشراح. أيضا...سرت بينهم حرارة المودة المجنونة, مخترقة أجسادهم الهلامية, التي تبين أنها نوع من الكريستال النادر المضيء , لا شكل له على وجه التحديد .

    تنهد دستويفسكي , شاعرا بدفء العواطف المتدفقة,ودفعه ذلك الى استذكار قولته الشهيرة: عالم لا حب فيه , هو الجحيم بعينه, فأدركت ساعتها , عمق المرارة التي كان يعانيها ,أثناء مكابدته لروايتة الجبارة , الأخوة كارامازوف, وخيل الي, أنني كنت أستمتع بأنغام قيثارة سمردياكوف الحزينة. كانت روح خفية تدفعني إلى الاقتراب من كل روح منهم, وكأنهم جسد متكامل, متى ما ترقى العين فيه تسفل , قصدت التودد إليهم فغمرتني طمأنينة المقابر اثر وحشتي الدنيوية , أخلاق عالية , حتى لدى أولائك الذين لم يعرفوا بها في الحياة الدنيا.! نبل الرجولة , وعطر الأنوثة. أما في الحياة التي لا زلت أنتمي إليها , كان من الصعب علي وأنا المشغوف بالروايات والقصص , أن أميز بين الأدب النسائي , ومثيله الرجالي. حاولت, مفتونا بالفروق الطفيفة والمهمة , ربما كنت من البلاهة بحيث صدقت ما أكد عليه كوندرا في روايته كائن لا تحتمل خفته, عن مآسي بطله المضنية , أثناء استجلاء الفروق العاطفية في شخصية كل أنثى من بطلات روايتة ذائعة الصيت... صهيل مفاجئ متواصل يلف المكان, دفعني إلى الانفجار في قهقهة عالية , لا بد وأن أحد الشعراء الصعاليك قد هدد, أو رشا الرجل ’’النزيه ’’, المكلف بالتسجيل, لغرض تمكينه من شحن جواده الذي لا يفارقه !!!.
    إن هذه الأجساد الضوئية لا تمنح سرها لحاسة البصر, الا قليلا, فما بالك بمسألة التدقيق في الحصان وصاحبه , ربما كان دونكيشوت الأبله, أو تأبط شر, أو من هم على شاكلته من الشعراء المجانين .أما نظرية التنويه بقيمة الخبرة , وسنوات العمر,التي تفرضها ثقافتنا,كشرط لنيل أرفع الجوائز ألأدبية على وجه الأرض,فقد انهارت وأنا أصغي إلى أبي نواس هامسا في أذني بأنه صدح بقصيدته العصماء..حامل الهوى تعب , وعمره لم يتعدى العاشرة بكثير ,قلت له لقد تدنت مقاييسنا الدنيوية , لفرز المواهب كما ترى...أما رفقاء رحلتي فقد حكم التاريخ بينهم, وأمامي معايير روحية لتمييزهم, والنفاذ إلى أعماقهم, بادراك يتجاوز علم الأب بأبنائه , رفعة الأثر الأدبي, كانت مطلبي , فعمدت في خاطري, إلى المزاوجة بين العظماء الذين أفتتن بهم , حيث يقبع المعري, ممسكا بقصائده, وغوركي بكتابه’’ بين الناس’’ في جنة مخيلتي من سنوات طويلة..... وها هما الآن يتهامسان. ما تصورت أنه يمكن مخادعة الموتى, فينساقون إلى هكذا رحلات مجنونة , لا زاد فيها ولا متاع. لعلهم يرددون في أنفسهم ,من خدعنا في البيان خدعنا له..تسللت بينهم سعيدا ,كنت أول من طالع الإعلان.بل لعلي أنا الذي كتبته. الموتى يحظون في قلبي بمحبة لا توصف ,تقتات منها عواطفي, علمني المتنبي معاني القيم والعروبة, والخنساء علمتني الدموع السخية, وعلمني أبو تمام , أن السيوف أصدق إنباء من الكتب ’’ والجرائد’’...

    منذ ثلاثين عاما وأنا أنام في حضن الأموات. وحين أتيحت لي فرصة التعرف عليهم من قريب , خجلت من بعض مؤاخذاتي عليهم , إنها لا تليق الأن, فمآثرهم ,طغت على ما كنت أتمنى أن يستبطنوه , كالمتنبي وأبو تمام ,من مزيد الاهتمام بأشعار الغزل الرقيق..وأردت أن أقول لهم أن الغزل, ليس إلا الاقرار بان مخاطبة الزهور, شيء متختلف عن مخاطبة أشواك العوسج الحزينة. وحين تذكرت تزاحمهم, حول مكتب التسجيل , أحسست بالعطف,قلت في سري أذكروا موتاكم بخير.. وددت لو صعدوا جميعا, لكن الانتقاء تم بمعايير صارمة وعادلة , كتلك التي صنفت بها طبقات فحول الشعراء . إكتفينا بالعدد الذي يسعه قلب عاشق..؟. حال صعودهم, كانت حرارة العناق الجماعي مذهلة, فجرت القلوب, دون أن تظهر لها علامات مرئية, لا تحدها ضرورات الواقع , ولا ضيق المكان, إلا أنني رأيت فيما رأيت النواسي العربيد, يعانق عمر الخيام, الذي شاع أنه تاب وأصلح في أخريات أيامه, منفردين ,كما أرادهما جورج جورداق. مرت ثوان قليلة من التوتر الطبيعي للتعارف بين الشرق والغرب, ولم ألحظ خلال الرحلة حتى نهايتها ,غير الابتسامات...فأدركت أن القهقهة الدنيوية أمر وقح , وتصرف نزق , أو هكذا ألقي في روعي. إلا أنه من الصعب أن أتمكن من كبت ضحكاتي المجنونة, متى جاء أجلها. تراءت لي نفسي, من خلال همساتهم..كائنا غريبا ,قادما من سوق المرازيق, وليس من سوق عكاظ ؟! فلعنت المعلقات السبعة التي قدستها, وأوشكت أحفظها عن ظهر قلب , قد غابت عن لساني وحافظتي...
    خشيت لجهلي أن أفرد إفراد البعير المعبد ,فسارعت إلى التعبير عن عمق غربتي, التي لم أتمكن من شرحها في الحياة.أقسمت لهم مخلصا, أنني ميت وإن كانت تعوزني الحجة, لاثبات ذلك, وقلت لهم إنني أنا الشعلة الملتهبة وليس نيتشة كما يزعم!.وخفت أن يساء فهمي.

    أعلموني أنهم تخلصوا من آفة إساءة الظنون, حال تخلصهم من حقارة الأجساد , وأمروني بمواصلة الشرح: فأردفت مطمئنا..منذ ثلاثين عاما فتنت بالرسم وأهملته ,وتتيمت بالشعر, وبعنترة وخشيت أذكر إسمه, وكنت أنكره أمام المتحضرين, خشيت أن يعتقدوا في ميلي إلى الحروب والدماء ..فصدحت منشدا :رمت الفؤاد مليحة عذراء...وبين العقيق وبين برقة ثهمد. وخفت أن أستذكر صاحب هند فأقول: وغاب قمير..... فأتهم بالخلاعة والمجون....فوجدتني أكاد أصرخ : وأغض طرفي ما بدت لي جارتي........وصمت أستجلي ردود أفعالهم..كانوا سكارى يهيمون بالكلمات.......فقررت أن أقول كل ما أريد...بصرف النظر عن النوايا اللعينة ,والقيود . وأعلمتهم أني أحترق بجمال الغروب والزهور , وأنني أكتب القصص التي تهذي بأسرار الجمال....فأنساني ذلك الرغبة في المال والجاه..ومجمل الحقارات الانسانية.. وأخبرتهم أنني لا أزال طفلا, لا أعرف الأحقاد ,وإن قلبي زهرة لوز..وأنشدت قول الشاعر البدوي : عندي الوسيم من الغفران أسكبه ..وإنني أظمأ إلى ماء القصائد, أكثر مم أحتاج إلى ماء الجداول, فذرفوا الدموع لأجلي...صدقوني....والحقيقة أنني لم أكن صادقا , الى الدرجة التي أدعيها !!!..

    قتلوني....أمطروني بالقبلات والعناق وأمسكت عشرات الأكف يدي....تقاطروا كالأمطار فوق جسدي, وصبوا في وجداني, بطريقة لا تدركها العقول, ذوب أشعارهم, فاخترقتني المعاني لتغسل روحي, وتروي ظمئي إلى الجمال , لم يراعوا عجزي...أحسست بدموعهم التي كانت تتشربها عيوني وظننت أنني من كنت أجود بها....تمنيت الانعتاق من هذه الحافلة الضيقة...فالتوله بالجمال يختنق داخلها, قلت للسائق الذي لم يهب لعناقي..كيف استطعت الاشتغال في هذه العربة الكئيبة طول تلك السنين , عزوت ذلك إلى بقائه على شواطئ الرسم دون التمكن من خوض غمارها....لا يبدو عليه أنه يعى مقالتي..ترك الحافلة لقدرها... وهرع يعانق الحاضرين ...وما ذلك إلا بعد الفراغ من عناقه الطويل والمذهل لفان غوغ. كأنه يعاتبه على فراره المبكر من الفرشات و الألوان, إلى ظلام القبور.!...توقفت الحافلة من تلقائها في الطريق الصحراوي , فتشممتها الإبل واقتربت منا ...بروائحها المحببة. لأول مرة تلقى الأبيات متداخلة, قلت في سري لماذا لا يتداولون الإنشاد .لكني فتنت بهذه الأصوات الرائعة ,التي تحسن الإلقاء ولم يكن تداخلها نشازا....بل كانت سيمفونية رائعة, عزفت فيها كل ما جادت به القريحة الجاهلية من أوصفاف ساحرة. طالما فتنت بتلك الكتل الصخرية الشاردة...في الصحراء ,آمنت حينها..أن الإبل أشد جمالا من الخيل العتاق....قلت هذا لأرباب الحضارة , فسخروا مني....قالوا .. جلف من أجلاف الصحراء. انتشرنا على الرمال القريبة..تبدو الجبال في البعد بلونها البنفسجي الخافت...تتراقص السمش للغياب..نصبت الخيمة العملاقة....تزينت الأرض بالطنافس والفرش...وأوقدت النيران وأجيلت الأقداح..فارتفع صوت زرياب شجيا بالشكوى من الغربة..تأوه الجميع من غربة أصابتهم في سالف الدهر... .فشكوت غربتي التي لا تزال جراحاها نازفة....رق الجميع لحالي....كانت,, مي’’ السعيدة !! تجلس بمنئ عن,, جبران’’ المغترب..وقلت في سري أي الخيانات تلك التي تجري في دماء النساء..إنها المرة الأولى التي يلتقيان فيها....سنوات مجنونة من الحنين والرسائل التي . صدقتها....تقطر الخيانة فوقها الآن كالدم المسفوح....... كانا يتواصلان بابتسام كالتماع البروق.. قلت : راغب هو حتما , في إثبات مدى عذريتة ...تكفيه حجة خلواته الملائكية, بسلمى كرامة في الأجنحة المتكسرة .

    ...يقطع أبو فراس قساوة ظنوني, وكأنه يعاتبني وقد أنشد .....وبتنا يظن الناس في ظنونهم // وثوبي مما يرجم الناس طاهر....فاستحييت من خبثي.... أردت أن أقبل رأسه لجمال الأبيات, لكني قررت عدم الاقتراب منه, حتى لا يظن أنني أتملقه ...وأنشدت بصوت عال لعمر إبن أبي ربيعة , متجاهلا سمعته الملوثة ....اتقوا الله في قلوب العذارى فالعذارى قلوبهن هواء.أمسك فان كوخ لوحة عباد الشمس...فتراقصت ألوانها الطفولية مع اللهب, بدا فقيرا وواجما كساعة انتحاره , كنت مخطأ حين أعلمته بان لوحاته, والحقول التي رسمها ,تلقى اهتمامات مجنونة ,في عالمنا الحالي, وأخبرته أنني استانفت الرسم الذي نسيته منذ طفولتي, وأنني قطعت أشواطا لا يستهان بها, إلى درجة أن لوحتي الأكريليك, المسجد, وقع تثمينها بمبلغ يساوي جراية موظف محترم, قلت ذلك عن سلامة طوية, بدا ممتعضا, من أين لي أن أتخيل أنه من الممكن أن يقدم رجل مات من قبل . على الانتحار ثانية, في هذه الأجواء الرائقة . ثبت حبالا إلى الركيزة الخشبية, للخيمة العملاقة, صعد ببرودة دم المجرب ,على التكايا المبعثرة... وتدلى . لم تثر الكارثة أحدا غيري, فشلت في إنقاذه, في حين واصل الجميع أعراسهم العكاظية, كانوا متعطشين إلى تلاقح معارفهم , وأساليبهم الإبداعية, أكثر من أي شيء آخر, وقالوا إنهم لم يحققوا أمنية في الحياة التي عاشوها, أشد روعة من التقائهم هذا , تأكدت أن مشيما الذي اعتلى قمة المجد الإنساني الأدبي , قد انتحر على الطريقة اليابانية المشهورة, رغبة منه في التواصل العاجل مع هؤلاء العظماء. سرعان ما تناسيت بدوري أمر فان كوخ . لقد أجمعوا على الإنسان لا يساوي شيء , أمام إبداعاته, فالخلود دوما للأثر, وليس لكتل اللحم الآدمية, حينها بدا لي الفنان الهزيل ,معلقا كمذنب جميل فقد للتو بريقه الأخاذ...كنت أدرك مغزى ما يقولون وكنت دائم القول إنني لا اوجد خارج كلماتي , عنيت تلك التي تنسجم داخل عمل فني خالص, ورغم ذلك تحسست بدني وخشيت عليه التلف.

    أرسل الروائي كاواباتا , رسالة إعتذار عن الحضور ,حملتها الرقيقة فوميكو ....بطلة روايته سرب طيور بيضاء.... .فوميكو الطائر المغرد التي تتيمت بشخصيتها العذبة...بدت بين كآبة وسعادة... كعهدي بها. رغم سعادتي بوجودها, فقد أخطأ الأديب بغيابه , فأنا ما عشقت الصنعة ,إلا لكوني قد عشقت الصانع !!. بدا شكسبير خجولا... فهو لم يكتب إلا عن الملوك والبلاط.. والخيانات والدسائس..أمسك بودلير بكومة من الأوراق , كتبت بخط يده , وانتقى منها قصيدته الشهيرة أزهار الشر, وشرع في تمزيقها مما أثار دهشتي, فهي وحدها تعري حقيقة البشر الشيطانية, وتكشف أبطال شكسبير أنفسهم . لكني التقطت جذاذاتها خفية, عاقدا العزم على إعادة ترميمها ,فهي لا تزال تصلح لعالمي, وسوف أتغنى بكلماتها, كلما جدت الحاجة إلى ذلك !!. عزفت السيمفونيات, وانساب صوت الكمان الحزين.....ألقيت القصائد....ورويت الحكايات....قبيل الفجر كادت غربتي أن تنطفي, أو تزول. لكنني كنت أختزل العالم الحي في مخيلتي ,فلا أظفر بالسكينة التامة.......قالوا تطلب التخلص من أفكارك وظنونك ....صرخت بالتأكيد........قالوا إنك لا تزال على قيد الحياة.....كنت ارتعب لهذه التلميحات....قلت هل تتفق الحرارة التي انشدها مع برودة الموت؟, تمنيت لو أنني في حلم, أردت التحرر من عالمهم المليء بالأمنيات المستحيلة, فركت عيني ,ولطمت وجهي , لم أعلم أنني كنت أرشدهم الى الاقتداء بي , حين قلدوني, تلاشوا في ضباب الفجر ,كالشذي ,أو كطلع الزهور...المساكين ,كانوا يحلمون, انتبهوا, فزالت عنهم الأجساد البلورية الشفافة, بقيت فردا في هذا الخلاء, ولا زاد في الخيمة, لأقتات عليه ولا ماء.....والحافلة التي كانت ملاذي الأخير بدت مسحوقة من صراع الفحول..وقد اتخذها بعير أجرب , دواء لجلده الخشن.... فرددت في ضميري بيتا من الأطلال....ناضب الزاد وما من سفر دون زاد غير هذا السفر...وتراءت لي التفاهات الكبيرة ,التي لا بد من الكفاح في طريق العودة إليها ,سيرا على الأقدام. بيدي المرتعشة,جذاذات زهور الشر , كأنها طوق النجاة, أو لعلها طوق من نوع آخر... مشدوها , أنظر في كل اتجاه ,فلا أرى أحدا....وحده ’’فان كوخ’’ التعيس ,ظل معلقا كالسراج , إلى عمود الخيمة, يؤنس وحدتي وذهولي.
    التعديل الأخير تم بواسطة شوقي الصليعي; الساعة 01-11-2010, 18:41.
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميل القدير
    شوقي الصليعي
    حقيقة وقفت أمام معلقتك طويلا
    أحسست بهم جميعا وأنت تأتي على سيرتهم
    وأحسست بالخجل أمام عمق أفكارهم وسمو أخلاقهم
    امتزجت بداخلي الكثير من المشاعر المتضاربة حول ما أحسه
    بماذا نختلف عن هؤلاء العظام
    نص جميل ولا شك وبليغ أيضا
    ومضة النهاية جاءت رائعة
    ودي ومحبتي لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • شوقي الصليعي
      أديب وكاتب
      • 01-10-2010
      • 31

      #3
      الأخت العزيزة, عائدة محمد نادر, ألف شكر على المرور الكريم, سعدت حقا, بما تفضلت به من كلمات, غاية في الجمال والتشجيع, لقد شككت أن يكون هذا العمل غير قادر على أن ينال رضاك, لسبب واحد, أنه العمل الوحيد, الذي لم أركز فيه على لغتي المعتادة, بل أوكلت الأمر للحلم, والمضاربات بالخيال والالفاظ, والسخرية الدرامية, لن تصدقي إن قلت لك إنني بدأت الكتابة من شهور قليلة, وأن رصيدي 08 قصص قصيرة الى الساعة. والسلام. خالص مودتي .أخوك شوقي الصليعي.

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة شوقي الصليعي مشاهدة المشاركة
        الأخت العزيزة, عائدة محمد نادر, ألف شكر على المرور الكريم, سعدت حقا, بما تفضلت به من كلمات, غاية في الجمال والتشجيع, لقد شككت أن يكون هذا العمل غير قادر على أن ينال رضاك, لسبب واحد, أنه العمل الوحيد, الذي لم أركز فيه على لغتي المعتادة, بل أوكلت الأمر للحلم, والمضاربات بالخيال والالفاظ, والسخرية الدرامية, لن تصدقي إن قلت لك إنني بدأت الكتابة من شهور قليلة, وأن رصيدي 08 قصص قصيرة الى الساعة. والسلام. خالص مودتي .أخوك شوقي الصليعي.
        الزميل القدير
        شوقي الصليعي
        ليس العبرة بالكم في الكتابة سيدي الكريم
        إنما العبرة بما نكتبه وكيف
        الكم لا يهم ولا يؤثر بقدر النوعية ومدى عمق الطرح
        ثم ما نقرأ لكل هؤلاء العمالقة اللذين سبقونا هو الذي سيجعل منا موسوعة تنهل وتتعلم وهنا الفكرة
        أن نقرأ للغير
        وربما سأدعوك لقراءة بعض النصوص وإبداء الرأي حولها لأن رأيك ورؤيتك سيكون لها تأثير ولابد خاصة وإن كانت بعيدة عن المجاملة التي تقتل
        سعدت بالتعرف عليك عن كثب
        سأقول لك سرا
        أنا أحب الفنتازيا جدا
        ودي ومحبتي
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • شوقي الصليعي
          أديب وكاتب
          • 01-10-2010
          • 31

          #5
          الأخت العزيزة عائده محمد نادر, ألف شكر على الثقة الغالية, والكلمات الطيبة, من شهور قليلة, تلقيت شحنة من التشجيع من أدباء بالفايس بوك بعد عشرة سنة معهم, كتبت 3 قصص قصيرة, وكنت أطلب مجموعة كبيرة منهم الى التعليق, كانت ردودهم كالتي أتلقاها الان من المنتديات, ولكني انقطعت خجلا حتى لا يطلب مني أحد التعليق على انتاجه, ولن استطيع خيانة ذاتي بمدحه, صرت اضع القصة ولا ادعو اليها احدا...وبالطبع لا ينتبه اليها الا 2او 3 من الذين يواصلونني دوما. انتقلت الى المنتديات والكتاب فيها أشد قوة من الفايس بوك. عدد قليل فقط من شد انتباهي يعدون على الاصابع, والسبب الرئيسي ربما أني لا أقرأ للكثير منهم, نتيجة انهماكي في الكتابة والتنقيح بمعدل 10 ساعات باليوم, عمري 45 وأشعر انني انتبهت لموهبتي متأخر, وأردت السرعة لتعويض الوقت الفائت, 5 قصص الاخيرة أكتبها بمعدل قصة كل 10 ايام وهو تاريخ دخولي للمنتديات...أخشى من التعليق على غيري من الذين ارى لديهم الجمال ولي عليهم بعض الملاحظات اقولها لهم, الناس حساسون ولهم الحق, فهربت من التعليق الصادق الى الصمت....قرأت 3 قصص لك واعجبت جدا...بمواضيع انا لا استطيع الخوض فيها, ّلأن الناس لا يقيمون الجمال في القصة, يريدون التقييم الاخلاقي والذي ليس له علاقة بالادب ولذلك أفر منه..انت أشجع مني...قرأت بعض التعاليق على قصتك...تركوا الجمال فيها وانصبوا على الجانب الاخلاقي..احزنني ذلك منهم....لدي ما أقول حول قصصك ولكني لو رايتك مباشرة لما ترددت في التقييم,ولكني لا اعرف مدى أريحيتك....حتى أقول ما أريد....لن أنافق اذا قلت ان ما تكتبين شدني, وأحسست لو انك بالجوار لقلت الكثير....

          تعليق

          يعمل...
          X