عزفتُ شعري غمامـاً زادنـي غمّـا
وأترَعَ القلـبَ مـن أحلامـهِ همّـا
فما ارتويـتُ ولا كـادت تفارقنـي
رياحُ شعري التي أوهت بـيَ العظْمَـا
أراقبُ السيـلَ قـد جافـى سواقيَـهُ
وغوّرَ الماءُ واشتـاقَ الشـذا الشمّـا
وغـادرَ الشيـحُ والقنـدولُ ربوتَـهُ
وأصحرَ الفجرُ فـي بيدائهـا جَهْمَـا
صحراءُ كانت! هي الأشعـارُ مقفـرةٌ
لا ماءَ لا ظـلَّ لا صفصـافَ لا يمّـا
صحراءُ كانت! وتاهت فـي غَوايتهـا
فليسَ تورقُ ما لـم تُسمِـعِ الصُمّـا
صحراء كانت! فمـا بالـي أعاقرُهـا
مع الندامـى فيغـدو حلوُهـا سُمّـا
هي الحروف أتـت تتـرى وآهتهـا
تترى, وصمتُ المدى يوحي لها " برْما".
تهذي و"تبرُمُ" خلف الوقـتِ عابثـةً
في شرفة الصبح كي تبدو بـهِ وشمـا
كان البهاءُ بها يجلـو الصـدى ثمـلاً
فصـار طـولُ لياليهـا لنـا حُكمـا
وصارَ عنـوانُ روحـي فـي أزِقّتهـا
ناراً تشبُّ فتـزدادُ الـرؤى حُمّـى
فصوتيَ الحرُّ يبدي مـا اختفـى وبـهِ
تندى بلادي ومَن كانت لهـا حِلمـا
قد بعثرتْهُ الخماسيـنُ التـي غمـرتْ
براعمَ الطيفِ وانثـالَ الجـوى لؤمـا
لوّنتُ طيفَ حروفي كالأصيـل وهـل
جُنّ الأصيـلُ بهـا أو سلّهـا سهْمـا
وهل تراءت لـه مـن بعـدِ غربتـهِ
إلا خيـالاً تلاشـى حينـمـا لـمّـا
فما حروفي سـوى روحـي ورقّتهـا
ألوذُ فيها إذا جـاشَ الصـدى نَظمـا
هربتُ من شعريَ المجنـونِ فاعتلقـت
قلبي القصيدةُ والتـاعَ الجـوى لَوْمـا
ومـا أزالُ أسـيـراً لا تعـاودنـي
شمسي فتطلقُ من ليل الدجـى نَجْمـا
كتبتُ حتّـى تحامانـي البيـانُ ومـا
أدركتُ أنّ الرؤى في ذاتهـا كَلمَـى
مهرتُ لوني وروحي من دمـي ولَهـاً
وقمتُ أرعى سمائـي حائـراً أعمـى
وقفتُ وحدي وليلُ السهـدِ يألفنـي
ويستبـدُّ بروحـي فجرُهـا ظُلمـا
يحتـارُ صوتـي وتلهـو فيـهِ عابـرةً
خطوبُ حالٍ قسـا إذْ علّنـا سقْمـا
يُجالِـدُ الشعـرُ أحلامـي فيوقظُهـا
من المنامِ فمـا عـادت تعـي نومـا
فليتني ما عرفتُ الشعـرَ أو قسمـتْ
لهُ الحياةُ بـأنْ يغـدو لـيَ الخصْمـا
تعليق