سمعت أنينه وقت كنت ذاهبة إليه .. أسرعت ولهفتي تسبقني..
إلى جانبه ممرضه الخاص الذي فهم نظرتي فخرج وأغلق الباب خلفه!..
منذ أعوام مضت فقد جسده الحراك إثر حادث ألم به..
وحده الدمع الغارق بالكلمات، كان صلة الوصل بيني وبينه؛ نظرة حيه، والثانية تريد أن تسعى فلا تستطيع..
طلب أن أمكث برهة من الوقت، ثم قال: عزيزتي لقد مرت الأيام والسنون، أشعر أن البرد يلسع ليلك.. واللهب يأكل نهارك، لم تعد من زرقة أمامي ولا خلفي، هدير يطحن يصارع موج يصفع هواء سنين تَكَوَّرَ حد التكلس وجعها بعمق الجراح، والوقت، بات يدفع بي لهاوية لا ينظر إليها شفق إذ غابت ملامحه بأفق ممتد لأبعد من إنكسار
كأنما الحلم بات هناك على أهداب القناديل القديمة..
مجبور أن.... صرخت به!.. لا تكمل.... ولمست بأناملي شفتيه..
حبيبي دعك من تلك الأفكار التي ترمي بك، وبي في بحر بركاني الهذيان..
اسمعني.. سوف أزرع قبلة هنا.. لاااا لا.. هنا.. عيناك رائعة لا تنظر إلي هكذا مابك!.. أفتعل شيئاً من مرح!..
نظر إلى ثوبي الأحمر وصرخ كالمفزوع: توقفي..
آه.. نهرت نفسي، كأنني فعلت ما يذكره بعجزه..
اسمعيني: مسافر أنا ورحلتي على بساط الريح كما الطوفان..
لا جدوى من بقاء دفة القيادة في يد رجل رهين رحلة قهر لا يمتلك القدرة على تحرير عقدة هذا الثوب!..
ثم سرح قليلاً.. غارقا في ضياع.. عاد واسترجع شيئاً من تركيزه
وقال: لا استطيع سحب بساط الحزن من تحت أقدام الوقت..
أنت يا مدن البراءة وأنفاس الطفولة!..
تعلمين أنني غارق بك حد الحياة الناعسة بعمر نبضك..
لكني أشعر أنك بحاجة إلى هواء آخر.. ليس على أرضي!..
احتضنته بسرعة ولم أشعر إلا وأنفاسي تتعثر بجنون البكاء..
والضباب من قلب الشتاء يشهق بالمطر..
رفعت رأسي ألملم الآهات، أسرعت أسابق الكلمات بالاِختفاء
من نظرة عارية من ستائر الأمكنة..
استوقفني بقوله: أنهيت أوراق انفصالنا.. وقريباً أنت!..
لاااااااا أريد..
لا أريد مطراً.. ولا قمراً.. من كل ما في الشعر من نجوم أنت ما أريد..
نعم.. وحيدة، ولكن حتى الفجر حلمي على أنفاسك يرتمي!..
ليغمض الهمس على تنهيدة ليلك!..
أنا منغرسة بك، عالية المس من دفء الشمس، أقطف أوراقا ذهبية أزين بها شرفات تطل على نهر عشقي لك..
أقطفني لحظة واسكبني بعينيك دمعة، انساني في أصداف مدينة لا يسكن بريقها..
قاطعني: لقد قررت!!
تركته هاربة إلى ركن يعرفني.. تحت شجرة ترتعش غصونها لمسرة ألمي..
ولم تكن قد أشرقت الشمس بعد..
حفيفا جاء من خلفي.. كـ هسيس ورق ساقط.. مد يديه وطوقني.. هه... هذا أنت!..
يهمس: يا لك من بارعة، لقد خلت أن ما قلته هو الصدق المطلق..
إنتظر... لماذا تأخرت؟
لقد طلب مني أن اجلسه على كرسيه المتحرك لساعة من الوقت..
آها.. إذن، مالذي تقصده من هذه السخافات التي تهذي بها للتو؟..
سمعت ما قلت له!.. وأنت اسمعني، من الصعب أن أشرح لك..
ألم تكن الحقيقة؟
الحقيقة لاتسكن لحظات تسكنها الملائكة!..
في كل وقت من أمام النبض بالشهد مختوم البحر..
وعند منتصف الجنون يصرخ من وراء حب بالخطوات مختون الساحل..
قوليها لي، أريد أن أسمعها الآن..
ما يعبث بجنون العشق الآن.. ليس وهماً!..
قبلني.
ذهب.. بعد أن رست مراكب الآهات، فوق مياه بدائية الرغبة!..
جلست بعدها أنفث شيئاً من دخان وأنظر إلى السماء
ولمحته من وراء الزجاج، لم استطع تمييز ملامحه
يا إلهي.. كأن الفضاء انكسر، الرماد يتساقط في الزمن..
والثواني تختنق..
هل كان يبتسم أم... ؟

تعليق