حمام بغدادي لجواد الأسدي/دراسات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد زعل السلوم
    عضو الملتقى
    • 10-10-2009
    • 2967

    حمام بغدادي لجواد الأسدي/دراسات

    البخار والدخان يمتزجان فى عرض سوري عن محنة العراق


    قدم العرض السورى "حمام بغدادي" رؤية ساخرة تنضح بالمرارة للمشهد اليومى من الانفجارات وأعمال القتل الطائفية التى تشهدها العاصمة العراقية بغداد من خلال أحد حمامات المدينة وذلك فى إطار أنشطة الدورة الثامنة عشرة لمهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبي.

    ويتناول العرض الذى قدم على المسرح الصغير بدار الأوبرا وهو من إخراج وتأليف جواد الأسدى وبطولة فايز قزق ونضال سيجرى هموم ومشاكل الانسان العراقى البسيط بعد الاحتلال وقبله من خلال قصة الأخوين حميد ومجيد اللذين يعملان سائقى حافلات على طريق عمان-بغداد.

    ويبرز العرض من خلال الحوار والديكور والإضاءة مدى التناقض بين الأخوين فيما يتعلق بموقفهما من النظام العراقى ومن الاحتلال وبنظرتهما للحياة بوجه عام. فبينما يبدو مجيد الذى يلعب دوره الممثل فايز قزق منكبا على الحياة يعب من ملذاتها غير عابيء بانفجارات أو أعمال قتل يتقوقع أخوه حميد الذى يجسده الممثل نضال سيجرى على نفسه خوفا من الواقع ورفضا له فى الوقت ذاته.

    ولا يجد الأخوان سلوانا لهم سوى فى الحمام حيث يتسنى لهم إلى جانب الاستحمام التخلص من أعباء الحياة اليومية فى بغداد ما بعد الحرب.

    لكن الواقع يفرض نفسه عليهما مهما حاولا الهرب منه ففى لحظة من اللحظات يسمع دوى انفجار تعقبه سحابة هائلة من الدخان تمتزج بشكل عبثى مع بخار الحمام لترسم صورة قاتمة لمستقبلهما ومستقبل بلادهما.
    ولاقى العرض استحسانا من النقاد اذ أبدت الناقدة مارثا كوانييه احدى أعضاء لجنة المشاهدة والرئيسة الشرفية للمؤسسة العالمية للمسرح اعجابها بالمجهود الذى بذله المخرج جواد الاسدى فى تضفير جميع عناصر العرض من أداء واضاءة وديكور لتقديم صورة واقعية ومجردة فى الوقت ذاته لمحنة العراق.

    وقالت إن العرض مذهل. على مستوى الاضاءة والتمثيل والاخراج كان شيئا جديدا لم أشهده من قبل .

    أما الناقد عبد الكريم بن على فرغم اشادته بالعرض فانه عاب عليه الاطالة التى اصابت المتفرجين فى النصف الثانى تحديدا بالممل.

    وأشار الى أن عنصر التجريب فى عرض الاسدى تمثل فى تسليط الضوء على حياة المواطن العراقى البسيط بصورة غير مسبوقة. "لقد ترك لهاتين الشخصيتين حرية الكلام والحركة. عبرتا عما فى نفسيهما دون تكلف ودون اصطناع. ومن وجهة نظرى فان هذا الافراط أو المبالغة فى تصوير الواقعة قد يكون فى حد ذاته شكلا من أشكال التجريب" .

    ورغم تناول أزمة العراق فى العديد من الأعمال المسرحية من قبل فإن المخرج جواد الأسدى قال إن عرضه قدم رؤية جديدة لما يعانيه المواطن العراقى على أرضه.

    وقال" أزمة العراق مسكوت عنها. وأنا أردت تعرية الانظمة الفاسدة فى عراق ما قبل وما بعد الحرب. أن أكشف ظلم الطاغى والمحتل" .

    وعندما سئل عن دلالة الحمام أجاب الحمام مكان يتخلص فيه الانسان من القاذورات التى تعلق بجسده وبروحه. المياه لا تزيل عنه الشحوم والاوساخ فحسب بل أيضا الأوجاع والأحزان والأهم من ذلك أن المرء يجد فى الحمام متنفسا للتعبير عما يجيش فى صدره ورأسه.

    ليليان وجدي-رويترز-
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد زعل السلوم; الساعة 06-11-2010, 06:40.
  • محمد زعل السلوم
    عضو الملتقى
    • 10-10-2009
    • 2967

    #2
    حمام بغدادي» عن الأمل المفخّخ

    زياد عبد الله
    [imgr]http://www.ecriture-art.com/art/dalilaguerre.jpg[/imgr]
    يتحرّك جواد الأسدي في «حمام بغدادي» نصّاً وإخراجاً وسينوغرافيا في مساحة واقعية وبحركية تاريخية متقاربة بين ماض عراقي دامٍ قريب، وحاضر يعزز دمويته يومياً، متكئاً على حصر الشخصيتين الرئيسيتين مجيد (فايز قزق) وحميد (نضال السيجري) بينهما، ليكون أداء الممثلين السوريين مستثمراً إلى أبعد حد لإعلاء صوت الضحية. يبدأ العرض على وقع «قباقبهما» وسرد حياتهما باعتباره سرداً أوّلياً يمثّل اللبنة في بناء علاقتهما مع المشاهد. إنّهما في حمّام يمثّل مجازاً للعراق، وبؤرةً دراميةً يغسلان فيها أدران واقع مؤلم، وأوساخ ماض متحالف أيضاً مع القذارة المحيطة بهذا الحمّام: قذارة استقدمها الاحتلال الأميركي أو جعلها أكثر استفحالاً، وعلى وقع انفجارات هي كتقطيع للمسرحية أو لازمة رافقت أحداثها.
    الأخ الأكبر مجيد غارق بالكحول، وكل ما يغرّبه عن واقعه، وأخوه الأصغر حميد ينعته بالمتعامل مع «الأميركان». لكن لحميد أيضاً قصته الخاصة، إذ كان شاهداً على مجزرة جماعيّة في التسعينيات يروي تفاصيلها.
    تتوالى تنويعات السرد بين الشخصيتين. ولعل العلاقة بينهما والتباينات الواضحة منَحتهما خصوصيةً استثنائية، حتى يصلا إلى الصفقة التي يعقدها مجيد بنقل ثري عراقي من الحدود الأردنية إلى بغداد ليشارك في الانتخابات هناك، وتحوُّله إلى جثة في تابوت أو مرشّح في تابوت. ويمضي حميد ومجيد في ترجّي القوات الأميركيّة للسماح لهما بالعبور به. «أرجوك، أتوسّل فوهة بندقيتك.. أن تسمحي لنا أن نعبر بجثة مرشح عراقي». ولعل الدلالات في هذه التوسلات واضحة، ورمز هذا المرشح الذي لم يجد إلا التابوت متسعاً له يحمل من مقولة الأسدي الكثير، ما يمنح المسرحية قدرة تكثيفية متقنة. فالجثة نفسها تنفجر من جديد وتستحيل أشلاءً لدى قيام مجيد بنقلها وحيداً بعد تخلّي حميد عنه، وصولاً إلى النهاية حين يغتسلان في حوض الاستحمام ويتهالك بعضهما على بعض.
    «حمام بغدادي» درس مسرحي مؤلم، يكفي للهسيس المترافق مع الدخان أن يمنح الخوف فضاءً مسرحياً كاملاً. لرقصة فايز قزق جمالها الخاص، للسطل الذي يضع حميد رأسه فيه ويقرعه بيده باكياً بعدما يقول إنّه ما عاد يتذكر مَن هو «فهو شيعي أمام الحاجز الشيعي، سني أمام الحاجز السني، وكردي أمام الحاجز الكردي...». إنّه شكل من مسرحة الحياة في حمّام، له أن يكون أيضاً ملاذاً موقتاً، ما دام انفجار سيطال مجيد ولن يجد حميد ما يفعله إلا غسله بالماء.


    عدد الخميس ٢٢ كانون الثاني ٢٠٠٩ |

    تعليق

    يعمل...
    X