وماذا بعد يا أمي ؟
بقلم : عمر الصوص
أمي الحبيبة :
أمي , حبيبتي , نبضة القلب التي رحلت بالأمس إلى باريها , فارقت صدري
و تنبض الآن في مكان آخر, فأحس بها فهي أكثر نبضات القلب صوتا في داخلي .
و تنبض الآن في مكان آخر, فأحس بها فهي أكثر نبضات القلب صوتا في داخلي .
أمي .. حبيبتي , رحم الأرض يحضنك اليوم , افترشيه مطمئنة , لطالما احتضنتني في رحمك الطاهر شهورا, افترشته مطمئنا , يأتيني رزقي بلا كد ولا تعب, أثقلتك حملا فما ضقت , فلا ضاق عليك رحم الأرض يا وجعي , شاركتك ماءك وشرابك فكنت في أرض رحمك لا أعرف جوعا ولا ظمأ . تجوعي ولا أجوع وتظمئي ولا أظمأ .
هناك في رحم الأمومة يا أمي تخلقت نطفة فمضغة فعلقة , مددت إلي شريان الحياة عبر دمك الزكي , هناك يا أمي كبرت وصرت قادرا أن أتحرك وأرفص بقدمي جدار كوكب الحياة فتتألمين فرحا , وتتحسسين موضعي بيديك الطاهرتين , كنت أستعجل الخروج من كوكبك الصغير إلى عالم أصغر , حتى حين أردت الخروج , أرهقتك ألما ووجعا , فصبرت وما جزعت , خرجت بعد مخاض صعب , فإذا أنت منهكة, متعبة , تتصببين عرقا ,صوت صراخي يعلو ينسيك الألم والوجع وكل تعب المخاض , فتقلبين جنبك المنهك وعينيك ذابلتين تسألين من حولك , وقد فتحت ذراعيك , وصوتك متعب خافت أين هو أين هو ؟ تحملينني , تعصرينني يلتصق جسدي المبلول بعطر رحمك بأول وأطهر مكان على الأرض كان ذلك صدرك يا أمي ,كأني كنت أسمعك تقولين جئت يا ولدي لعلك جائع , لعلك ظمآن لعلك جعت وظمئت في رحلة العذاب التي أتعبتك فيها فألقمتني حليب البقاء شرابا وطعاما فما عرفت أطيب منه يوما .
خرجت من رحمك فما شعرت بغربة المكان فاحتضنني رحم حنانك الجديد , ما زلت تجوعين ولا أجوع , تظمئين ولا أظمأ , أحس بالدفء وأراك ترتجفين , أغفو ملء جفوني ولا تنامين , حتى لحظات نعاسك كنت أسرقها منك بصرخة جوع أو ألم تصحين فلا تتذمرين , أنا من كان يحرمك أن تستغرقي في النوم , أسرق تلك اللحظات التي كنت تحتاجينها , لا أعذرك فيها , فلا تطالعين الوقت ولا تضجرين.
آه يا أمي , كم نامت عيون وأنت بجانبي تسهرين , آه يا أمي كم مرة سرقت لحظات خلوتك مع نفسك , , مع أبي , مع أخي ,مع أختي ,مع جاراتك وصديقاتك , متأبطا عنقك وأنت تصنعين الشاي لأبي , وأنت تعدين الفطور لأخوتي , وأنت تكنسين افترش مكنستك فتضحكين . وأنت تمسحين الأرض أفترش ظهرك فتضحكين ,حتى حين كنت تطهريني من وسخي كنت أعبث يشعرك وأشده فتتألمين ويعلو ضحكي فتضحكين .
خرجت من رحمك فما شعرت بغربة المكان فاحتضنني رحم حنانك الجديد , ما زلت تجوعين ولا أجوع , تظمئين ولا أظمأ , أحس بالدفء وأراك ترتجفين , أغفو ملء جفوني ولا تنامين , حتى لحظات نعاسك كنت أسرقها منك بصرخة جوع أو ألم تصحين فلا تتذمرين , أنا من كان يحرمك أن تستغرقي في النوم , أسرق تلك اللحظات التي كنت تحتاجينها , لا أعذرك فيها , فلا تطالعين الوقت ولا تضجرين.
آه يا أمي , كم نامت عيون وأنت بجانبي تسهرين , آه يا أمي كم مرة سرقت لحظات خلوتك مع نفسك , , مع أبي , مع أخي ,مع أختي ,مع جاراتك وصديقاتك , متأبطا عنقك وأنت تصنعين الشاي لأبي , وأنت تعدين الفطور لأخوتي , وأنت تكنسين افترش مكنستك فتضحكين . وأنت تمسحين الأرض أفترش ظهرك فتضحكين ,حتى حين كنت تطهريني من وسخي كنت أعبث يشعرك وأشده فتتألمين ويعلو ضحكي فتضحكين .
وماذا بعد يا أمي ؟ صرت قادرا أن أريحك من بعض هموم الصغار فلا ترضين , تصرين على أن تطعميني بيديك , تحكين لي قصة قبل أن أنام , تجهزين لي ملابسي
توصلينني مدرستي , تظلين تنتظرين ساعات حتى أخرج وتعودي بي للبيت كل يوم حتى أتعلم كيف أمضي وأعود وحدي .
توصلينني مدرستي , تظلين تنتظرين ساعات حتى أخرج وتعودي بي للبيت كل يوم حتى أتعلم كيف أمضي وأعود وحدي .
وماذا بعد يا أمي؟ كبرت وصار لي شارب وصرت قادرا أن أريحك من كل شيء لأكتشف أنك لا تصغين إلي , لا ترضين , أشعر أنك ما زلت ترفضين فكرة أني كبرت وصرت قادرا أن أشق طريقي بعيدا عن رحمك الجديد ,
وماذا بعد يا أمي ؟ كبرت وصار لي زوجة وأولاد وصرت جدة وبدا عليك التعب وشق الزمان عبر وجنتيك وجبينك علاماته ولا زلت كما أنت , لا ترضين ولا تعترفين كنت تختطفين من أحضاني أولادي الصغار ’ تحتضنينهم ,( يا جدو .. يا جدو)
كم مرة ستربينني يا أمي ؟ كم مرة ستحملين همي ووجعي؟!
وماذا بعد يا أمي ؟ كبرت وصار لي زوجة وأولاد وصرت جدة وبدا عليك التعب وشق الزمان عبر وجنتيك وجبينك علاماته ولا زلت كما أنت , لا ترضين ولا تعترفين كنت تختطفين من أحضاني أولادي الصغار ’ تحتضنينهم ,( يا جدو .. يا جدو)
كم مرة ستربينني يا أمي ؟ كم مرة ستحملين همي ووجعي؟!
وماذا بعد يا أمي؟ ها أنت اليوم تغيبين , ترحلين , أتراني بكيت كما كنت تبكين ؟ أتراني تألمك كما كنت تتألمين؟ الآن افتقدك . فلا معنى لكل ضحكة بعد ضحكتك , لا معنى لكل ابتسامة بعد ابتسامتك , لا طعم لأي شيء تحمله يد غير يدك , الآن يعج البيت وأراه خاليا , الآن أعرف للغصة معنى مؤلم لا ينفع معه ماء وأنا افتقدك عند مائدة الطعام وقبل خروجي للعمل وعند قدومي للبيت .
الآن تتزاحم في مخيلتي صور كثيرة ستظل تلاحقني طويلا , الآن أحتاجك لحظات قليلة , لدي كلام كثير بخلت به عليك .الآن افتقدك , استجمع عند النوم كل نشاطي وفكري وأمعن كثيرا في صورتك لعلني ألتقيك في أحلامي , الآن أبكيك كلما لمحت امرأة تشبهك , يهفت قلبي ,أكاد أتبعها , أناديها , الآن أستذكر مع إخوتي ليال خلت , وحكايا مضت , الآن أحتاجك لحظات قليلة لدي كلام كثير.
وماذا بعد يا أمي؟كم أجدني محتاجا أن أقف عند قبرك مفتوح العينين وأنت تغطين في نوم عميق , هناك أجلس عشرين شتاءا . عشرين صيفا , لعلني أرد شيئا من دين سنين نوم حرمتكيه
وماذا بعد يا أمي؟
الآن تتزاحم في مخيلتي صور كثيرة ستظل تلاحقني طويلا , الآن أحتاجك لحظات قليلة , لدي كلام كثير بخلت به عليك .الآن افتقدك , استجمع عند النوم كل نشاطي وفكري وأمعن كثيرا في صورتك لعلني ألتقيك في أحلامي , الآن أبكيك كلما لمحت امرأة تشبهك , يهفت قلبي ,أكاد أتبعها , أناديها , الآن أستذكر مع إخوتي ليال خلت , وحكايا مضت , الآن أحتاجك لحظات قليلة لدي كلام كثير.
وماذا بعد يا أمي؟كم أجدني محتاجا أن أقف عند قبرك مفتوح العينين وأنت تغطين في نوم عميق , هناك أجلس عشرين شتاءا . عشرين صيفا , لعلني أرد شيئا من دين سنين نوم حرمتكيه
وماذا بعد يا أمي؟
اعذريني إن صرت افتقدك في أحلامي , إن جف دمعي , وألهتني الحياة عنك ,
وصرت جزء ا من الماضي , لا أحتمل فراقك , وأدرك أنك حيث أنت الآن من قبرك المضيء ينطلق صوتك شعاعا يخترق كل كياني ,
حبيبي يا ولدي :
اتركني أغفو , أنام , أستغرق في النوم , وامض في حياتك , لا تبك أرجوك ,لا تبك
أنا بخير اطمئن .وعندما نلتقي يا حبيبي من جديد ستجد ذات الذراعين مفتوحتين لأضمك من جديد .
وماذا بعد يا أمي ؟
وصرت جزء ا من الماضي , لا أحتمل فراقك , وأدرك أنك حيث أنت الآن من قبرك المضيء ينطلق صوتك شعاعا يخترق كل كياني ,
حبيبي يا ولدي :
اتركني أغفو , أنام , أستغرق في النوم , وامض في حياتك , لا تبك أرجوك ,لا تبك
أنا بخير اطمئن .وعندما نلتقي يا حبيبي من جديد ستجد ذات الذراعين مفتوحتين لأضمك من جديد .
وماذا بعد يا أمي ؟
تعليق