إنهَا قصةُ حُلْمي .. / آسيا رحاحليه /

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آسيا رحاحليه
    أديب وكاتب
    • 08-09-2009
    • 7182

    إنهَا قصةُ حُلْمي .. / آسيا رحاحليه /

    إنها قصةُ حُلْمِي..../آسيا رحاحليه /
    كلما حقّقنا حلماً انتعش الأمل في تحقيق حلمٍ آخر .
    آسيا .


    أحبتي في ملتقى الأدباء و المبدعين العرب..أحبّتي في ملتقى القصة ..
    هذه المرّة لم آتكم بقصة من نسج خيالي الخصب أو وحي ذاكرتي المشحونة ببصمات الزمن و صروف الأيام .
    حكايتي هذه المرّة من قلب الواقع , حقيقية , حيّة , نابضة , رائعة .
    إنها حكاية الحلم الذي يبدأ ضعيفا , صغيرا , محتشما .. ينطلق من فكرة مبهمة , من صورة باهتة , مشوشة , تنتشر عشوائيا في سماء الخيال ثم تبدأ بالتشكّل و التجمّع شيئا فشيئا مثل غيمة تحمل الغيث , حتى تصير حقيقة مجسّدة ماثلة أمام أعيننا , تلمسها الأيادي , و تدركها العقول .
    لكن , كم من الوقت يأخذه الحلم لكي يصير حقيقة ؟ كم يأخذ من عمرنا ؟ من حياتنا ؟ و ما الثمن الذي ندفعه من أجل تحقيقه ؟ و لماذا بعض الحلم لا يموت , حتى لو وأدناه و أهَلنا عليه الخيبة و الإحباط , نجده في غفلة منا , ينفض اليأس و يقف منتصبا , يحاصرنا .. يصرخ فينا : لا مفر..لا مفر ..لا مهرب لك مني إلا تحقيقي .
    كلما أغمضت عيني ..رأيت البداية ..بكل وضوح ..ولعي بالقراءة .. مدرستي ..أساتذتي.. أستاذ العربية بالذات ...ونصوص التعبير الإنشائي التي كنت أتفوق فيها, و كان أستاذي يحملها معه في محفظته ليقرأها على تلامذة الأقسام الأخرى , ثم أراني ليلا منتبذةً ركنا في الغرفة أكتب مذكّراتي اليومية .. أدوّنها كل ليلة في " الكراسة السوداء ".. أسميتها كذلك لأن غلافها أسود . كنت أسكب فيها أفكاري و أحلامي و مشاعري و جنوني و دموعي ..و كثير من ترّهات المراهقة و الصبا .
    و كان يحلو لي , في ذلك الزمن الجميل , أن أقوم بدور الكاتب العمومي .. كنت كاتبة مراسيل الغرام لزميلاتي في المتوسطة و الثانوية.. أكتب لهذه رسالة عتاب لحبيبها , و لتلك رسالة وداع..و لأخرى برقية شوق و حب مطرّزة بأبيات من الشعر الجميل ..
    قد يبدو الأمر مضحكا الآن , في هذا الزمن الجاف البارد الإلكتروني , و لكن يومها كان للرسائل المكتوبة بخط اليد شأن كبير و قيمة عظيمة , و أثر عميق أيضا .
    توالت الأيام ... تهت في زحمة الزمن.. و ضاع مني خط الحلم .
    سلكت دربا مغايرة تماما لأمنية حياتي..تخرّجت من الجامعة و دخلت معترك التدريس..في الثانوية..و تدريس ماذا ؟ اللغة الانجليزية ..أنا التي أعشق العربية و أتقنها بشهادة الجميع ! و انغمست في التدريس لمدة 23 سنة . تألقت في المهنة و نجحت و أعطيت من شبابي و قوتي و حياتي للآخرين . لم أبخل بشيء أبدا..
    و نسيت حلمي ..أو تناسيته ..كأن لم يدغدغ خيالي ذات طفولة .
    و كنت أحس بأني غريبة.. عني ..عن نفسي ..أني لست أنا ..حتى في اللحظات السعيدة الهانئة المستقرة في مسيرتي المهنية كنت أشعر بشيء غريب يقلقني , يحزنني . حلقةٌ مفقودة في السلسلة , لونٌ ينقص اللوحة ..نغمةٌ هاربة من السيمفونية .
    ثم دخلت عالم النت ..
    و وجدتني أعود إلى الكتابة بعد انقطاع دام أكثر من عشرين سنة ..عدت لأمارس عشقي الأول ..هوايتي الحقيقية ..متعتي و ألمي ..نشوتي و عذابي ...عدت لقدري الجميل ..فالكتابة قدر ..الكتابة حصار جميل لذيذ ..حياة ثانية , موازية لحياتنا..لكنها أجمل و أعمق ..و أكثر ثراءً .
    و حين صدرت مجموعتي القصصية "ليلة تكلّم فيها البحر "..و أمسكت الكتاب بين يدي..ابتسمت..تنفست عميقا و لأول مرّة أحسستُ بالهواء نقيا , منعشا يملأ رئتي ..و سمعتني أهمس ..الآن أعرف نفسي .الآن تصالحت مع ذاتي .
    مطلقا أحبتي ..ليس للأمر علاقة بالشهرة أو حب الظهور أو أي نفع ٍ مادي , دنيوي زائل . الأمر كله أن أمنية عذبة جميلة داعبت الخيال و راودت الفكر في فترة حساسة من عمرنا , قد قدّر لها أن ترى النور ..أخيرا .
    آسفة لو أطلت عليكم ..أردت أن أمرّر لكم بكل حب.. رسالة ..أن أقول لكم و كلي ثقة و إيمان و يقين.. :
    الأحلام الجميلة تتحقق..أيضا..
    فقط....
    اقبض علي حلمك بأسنانك و يديك .. بقوة ..احتضنه برئتيك..غذّه بدمك , أعطه من أنفاسك و نبضك و وريدك . عليك أن تؤمن بحلمك , و أن تدرك أنك حتى لو تخليت أنت عنه فإنه لن يتخلى عنك . يظل يطاردك , يقض مضجعك , يقلقك , ليفكّ عنك في الأخير أغلال سلبيتك و قنوطك ..فقط عليك أن تثق بموهبتك و قدراتك و أن لا تدع خيط الحلم ينزلق من بين أناملك .
    لا تقل ..ليس الآن .
    لا تقل ..فات الأوان .
    يفوت الأوان فعلا في حالة واحدة , حين تحتضن الأرض أجسادنا الهامدة ..
    حينها فقط يكون فات الأوان....حقا .
    أحبكم .

    يظن الناس بي خيرا و إنّي
    لشرّ الناس إن لم تعف عنّي
  • مختار عوض
    شاعر وقاص
    • 12-05-2010
    • 2175

    #2
    هذه قصتك؟
    أصدقك، وهي قصتي أنا الآخر بكل تفاصيلها ماعدا اثنتين:
    كانت فترة انقطاعي تزيد عن فترة اقطاعك بخمس سنين، وكان تخصصي هو الرياضيات، ولكن حرفة الأدب ظلت هاجسي، وانزوت بداخلي ربع قرن ثم وجدتها - مع النت أيضًا - تقفز إلى السطح فلا أستطيع لها دفعًا، وكيف أدفعها وأنا من كنت أنتظرها وأهيء لها وسائلها؟ نعم كنت أجمع الكتب طوال الوقت (رغم قلة قراءاتي بسبب لهاثي خلف لقمة العيش) وكنت أتحدَّث إلى من حولي قائلا: إنني عائد حتمًا لهوايتي ولمصيري الذي لا فكاك منه.. لعالم الأدب والكتابة..
    شكرًا لهذه الصورة القصصية..
    أؤكد على أنها كذلك حتى لا يظلمها ويظلمك من يمرَّ من هنا فيبحث عن حبكة وعقدة وحل..
    لك الألق والتقدير والود كما يليق بروحك.

    تعليق

    • فايزشناني
      عضو الملتقى
      • 29-09-2010
      • 4795

      #3
      صدقت يا أخت آسيا
      كان لكل منا حلمه الخاص
      هناك من ظفر به وهناك من ظفر بآخر
      ويبقى الحلم مستمراً.......
      حبك القديم يا سيدتي للغة العربية
      أعادك مرة أخرى إلى أحضانها
      بعد أن اكتسبت خبرة طويلة في الحياة
      فكتبت قصصاً ملفتة وجميلة
      والانسان بفطرته يعود إلى بيئته
      مهما تغرب وابتعد وتشظى
      فهو يلملم نفسه ويتجه إلى حلمه
      متسلحاً بعزيمة لا تلين واصرار لا يعرف المستحيل
      ولا أسمح لنفسي أن أسألك عن مشاعرك الآن
      لأنها ملكك
      ولأني متجه مثلك لأتذوق نفس الشعور

      أرجو من الله العلي القدير أن يحفظك
      ول عام وأنت بألف خير
      مع ودي وتقديري
      هيهات منا الهزيمة
      قررنا ألا نخاف
      تعيش وتسلم يا وطني​

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        آسيا رحاحلية
        رسالة رائعة
        أن الحلم لن يموت مادمنا أحياء
        ومادام يراود مخيلتنا
        المهم
        أن لا ننسى أحلامنا المشروعة بأن نكون مانريد لا ما يحب أن يراه فينا الآخرين
        رائعة رسالتك آسيا لأنها نبراسا للقوة
        وهل تبتعد كثيرا قصصنا
        صدفيني نتشابه كثيرا
        فلكل منا دوافعه التي جعلته يمسك بالقلم
        ودي ومحبتي لك
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • إيمان الدرع
          نائب ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3576

          #5
          نبضات صادقة ...وصلت من القلب إلى القلب ..
          استرسلتِ بها بعفويّة ...فتحرّكتْ بمصداقيّة شديدة ..
          كم نتقاسم الأقدار ياغاليتي آسية ..
          كأنك كتبتها على لساننا ...
          أجزم أنّ ما جمعنا هاهنا إلاّ الظّروف ذاتها ...الحنين ذاته ...الحلم نفسه ..
          جميل آسية ...أن نُبقي على الأحلام فلا ندعها تنسرب من بين أصابعنا ...دونما انتباه ..
          القلب يحتاج لنبضٍ ...وقدر الأديب أن يكون المداد...هو وقوده وترياقه ..وأمانيه ...
          أحببتُ انسيابيّتك آسية ...وأحببتُ هذا الإصرار في عينيك ...وأصابعك ..
          لك أحلى أمنياتي ....تحيّاتي ...

          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

          تعليق

          • مصطفى الصالح
            لمسة شفق
            • 08-12-2009
            • 6443

            #6
            [align=center]الاخت العزيزة آسيا

            كان حلمك حلمي مع فرق بسيط.. انا درست الهندسة ولهثت خلف لقمة العيش حتى فتحت ابواب النت فعدت اكتب بلهفة بعدما فقدت كل كتاباتي السابقة بسبب كثرة التنقل والترحال

            اعجبتني كثيرا واؤكد على صحتها العبارة التالية
            و لكن يومها كان للرسائل المكتوبة بخط اليد شأن كبير و قيمة عظيمة , و أثر عميق أيضا .
            نعم هو كذلك

            اشكرك وانا ايضا التحمت بقارئي

            تحيتي وتقديري
            [/align]
            [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

            ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
            لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

            رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

            حديث الشمس
            مصطفى الصالح[/align]

            تعليق

            • أ . بسام موسى
              ناقد
              • 20-06-2010
              • 69

              #7
              إنهَا قصةُ حُلْمي .. / آسيا رحاحليه /

              الأستاذة الرائعة / آسيا رحاحليه
              أكثر ما شدني إلى هذا النص المثير واقعيته وبساطته - على غير ضعف ولا انحدار - فأنتي تكتبين اليوم بطريقة مغايرة لكل ماسبق لأنكي تمثلين فيه الواقع الحقيقي الذي أثر في حياة آسيا ومثَّل منعطفا جوهريا انعكس على أدائها في الكتابة العربية وسيرها باتجاه القمة والنجومية تعانقين بؤرة العدسة حيثما تكون لتستلي من منافذ النور خيوطاً ذهبية وأورجوانية تعينكِ على تتبع مسارات الحياة لإيصال باقات زهورك اليانعة، وقطوف من بستان الحياة ، ورحيقٍ من عبير دُررك في نهاية كل عمل تقدمين عليه ولكن بإرادة حديدية لطالما عرفناها في فنك الجميل يا آسيا ... فقد عشنا حلمكي بكل أحاسيسنا ومداركنا .. عشناه بوعي واستحضار بل تأمل وتركيز ... أملٌ منذ البداية لاح في الأفق البعيد في رتوش أدبية بسيطة سطرت مذكرات الزميلات وقبل ربع قرن من الزمان ثم كاد يختفي مع مرور الأيام إلى أن استعر أوار الحنين والرغبة الجامحة في الانعتاق من ربقة اللغة الإنجليزية - التي أبدعتي فيها فاستحوذت على كل اهتمامك ردحا من الزمن - إلى ذاك النبع العذب الذي تتميز به لغة الناطقين بالضاد فعشقتيه بكل حواسك حيث تمخر سفينة الدرر بعد طول انتظار عباب البحر تحمل في راياتها لواء الأدب الرصين - فكنتي حارسةً للحقيقة .
              أنا من أشد المعجبين بكلماتك بل وبكل إبداعاتك التي حظت باهتمام الجميع ممن يقدرون قيمة الأدب الراقي سيما قصة الحلم الذي تحقق بعد وعد وطول انتظار - كم أحب مثل هذه النهايات التي تحقق فيها الأمل المنتظر مع تباشير الفجر الباسم لتطل إلينا بتلك التغذية الراجعة التي تمثل الخلاصة التي أفرزتها عصارة الأحداث التي عبرت عنها آسيا ومفادها أن الأمل معقود بناصية أصحاب الإرادات الفولاذية التي لاتؤمن بنظرية اليأس ولا تعرف للفشل طريقا وأن على الأديب ان يكون قائداً لا منقاداً متفكراً متصفحاً في مخاضات البحث في عصر لم يملك من الجميع فيه زمام الامور وان من يملك ادوات عمله المناسبة حتما سيكون متميزاً وحتما سيصل ولو بعد حين .
              ومن خلال قراءتي لمعظم أدبياتك التي أتحفتينا بها عبر ملتقانا الرائع وجدت لكل قصة مجرياتها المختلفة ومضمونها المتنوع، منها ما تحمل الانتساب للحلم، ومنها ما تحمل الانتساب للحرية، ومنها ما تحمل الانتساب للحكمة التي يملكها فيلسوف، وفي مجملها تتسم بالقنص في اختيار المادة ونوع السرد والعودة لأصل التجارب الحياتية التي أعطته فكر المجرب والحالم الذي لا يخاف من حلمه بل يحافظ عليه ويخطط له حيثما يشاء ويكون.
              وجدت رومانسية عذبة من الأدب الراقي الذي يتجنب الإسفاف والسقوط ويحمي الجيل من الإنحدار نحو الهاوية .
              المبدعة دوما / آسيا
              كم كنتي رائعة في الخروج عن النص للوقوف مع الحقيقة وجها لوجه ... ولتصنعي من حلمك مدخلا للإبداع والصبر وسلما بالإرادة يقودنا إلى حيث يتربع العظماء على عرش النجوم
              واقبلي تحياتي واعتزازي من الأعماق .... وكل عام وأنتي وأسرتك بألف خير ومحبة
              التعديل الأخير تم بواسطة أ . بسام موسى; الساعة 13-11-2010, 21:21.

              تعليق

              • الفرحان بوعزة
                أديب وكاتب
                • 01-10-2010
                • 409

                #8
                الأخت الفاضلة آسيا ..تحية طيبة ..
                استمتعت بالكلمة الرقيقة الرصينة ، والصادقة النابعة من إنسانة عظيمة شقت طريقها بعزم وثبات ، فجعلتها طيعة أمام أحلامها ..
                رسالة قوية في سردها وفنيتها وأدبيتها تخترق تاريخ الأدب الرفيع بكل فخر واعتزاز ، إبداع في إبداع يؤهل الأديبة الكبيرة آسيا رحاحلية ـــ بكل صدق ـــ أن تتبوأ مكانتها المتميزة في الأدب العربي والعالمي .. ..
                دمت مبدعة وقارئة متميزة ..
                مودتي الخالصة ... وعيد مبارك سعيد ..
                الفرحان بوعزة ..

                تعليق

                • وفاء الدوسري
                  عضو الملتقى
                  • 04-09-2008
                  • 6136

                  #9
                  الأستاذة/آسيا
                  المقدمة كان لها بصمة خاصة بك .. (هذه المرّة لم آتكم بقصة من نسج خيالي الخصب
                  أو وحي ذاكرتي المشحونة ببصمات الزمن و صروف الأيام .
                  حكايتي هذه المرّة من قلب الواقع , حقيقية , حيّة , نابضة , رائعة .)
                  تحية طيبة
                  وكل عام وأنت بخير
                  التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الدوسري; الساعة 15-11-2010, 00:11.

                  تعليق

                  • محمد محضار
                    أديب وكاتب
                    • 19-01-2010
                    • 1270

                    #10
                    الأخت آسيا سعد بقراءة قصتك مع الكتابة ، وحلمك الذي ظل كامنا ربع قرن في الأعماق..وها هو اليوميطفو على السطح بعد ولوجك عالم النت.. ولوج سمح لنا بتتبع خطوات أديبة كبيرة لا مراء في تميزها ، بل تألقها في مجال السرد ....نصوصها لها دائما أثر عميق في القارئ ، وتحكمها في أدواتها السردية يمنح المتلقي فرصامتجدد لا كتشاف الحقائق وا ستيعاب معاني الحياة...........مودتي
                    sigpicلك المجد أيها الفرح المشرق في ذاتي، لك السؤدد أيها الوهج المومض في جوانحي...

                    تعليق

                    • ربيع عقب الباب
                      مستشار أدبي
                      طائر النورس
                      • 29-07-2008
                      • 25792

                      #11
                      جميل هذا الموجز فى تجربة الحياة و الكتابة
                      كان بعيدا عن القص بمقدار أميال
                      و لكنه كان البوح حول التجربة
                      تمنيت أن تكون قصة و أن تصبري حتى تواتيك اللحظة المناسبة لكتابة عمل قصصي
                      حين تكلم جبرييال جارثيا ماركيز عن تجربته فى الحياة و الكتابة لنرى معا رغم أن الرواية
                      تحتمل المباشرة و البوح و كل صنوف الكتابة الأدبية حتى الشعر :

                      طلبت مني أمي أن أرافقها لبيع البيت‏,‏ كانت قد وصلت هذا الصباح من تلك القرية البعيدة التي تعيش فيها الأسرة‏,‏ ولم تكن تعرف أين يمكنها أن تعثر علي وبسؤالها بعض الأصدقاء والمعارف هنا وهناك أشاروا عليها بالبحث عني في المكتبة العامة أو في المقاهي القريبة من المكتبة‏,‏ تلك المقاهي التي أذهب إليها يوميا في الواحدة والسادسة مساء للتسلي بالحديث مع الأصدقاء من الكتاب ومن أخبرها عن مكاني حذرها‏:'‏ كوني حذرة في تعاملك معهم إنهم مجانين‏'.‏
                      وصلت أمي في الثانية عشرة تماما فتحت طريقها مباشرة بين أكوام الكتب المعروضة وهي تسير بمشيتها الخفيفة وقفت أمامي مباشرة ونظرت في عيني بابتسامتها الخبيثة المعروفة عنها منذ أيامها الطيبة وقبل أن استعيد توازني قالت لي‏:‏ أنا أمك
                      شيء ما تغير فيها لم يجعلني أتعرف عليها منذ الوهلة الأولي كانت في الخامسة والأربعين من عمرها ولم نكن قد التقينا منذ أربع سنوات لو حسبنا المواليد التي ألقت بأطفالها الأحد عشر إلي العالم إضافة إلي عشر سنوات من الانتظار ومثلها لتربية أولادها‏,‏ فإننا نجد أن الشيخوخة أصابتها قبل موعدها كانت عيناها الواسعتان تحملقان في من خلف عويناتها مزدوجة الزجاج وكانت ترتدي السواد الكامل الجاد حزنا علي موت أمها الذي وقع قبل قليل‏,‏ لكنها كانت لا تزال تحافظ علي ذلك الجمال الروماني الذي بقي كاملا في صورة زفافها وتحول الآن إلي نوع من الجمال الأرستقراطي‏.‏ قبل كل شيء وقبل أن تعانقني قالت لي بطريقتها الرسمية المعروفة عنها دائما‏:‏
                      جئت أطلب منك جميلا أن ترافقني لبيع البيت
                      لم تقل لي أي بيت ولا أين يوجد هذا البيت لأنه بالنسبة لنا لم يكن لنا سوي بيت واحد في هذا العالم‏:‏ بيت الأجداد القديم في‏'‏ اراكاتاكا‏'‏ الذي كان من حظي أن أولد فيه والذي خرجت منه بلا عودة قبل أن أكمل الثامنة من عمري في تلك اللحظة التي جاءت فيها أمي كنت تركت الدراسة في كلية الحقوق بعد ستة أشهر من بدء الدراسة وقررت التفرغ تماما للقراءة والكتابة وأحفظ عن ظهر قلب أشعار العصر الذهبي الأسباني‏.‏ قرأت جميع الكتب المؤلفة والمترجمة عن تعلم فن كتابة الرواية ونشرت أربع قصص في ملاحق الصحف أثارت تشجيع أصدقائي ولفتت انتباه بعض النقاد كنت علي وشك أن أكمل الثالثة والعشرين من عمري في الشهر التالي‏,‏ أصبحت هاربا من أداء الخدمة العسكرية أدخن ستين سيجارة في اليوم بلا توقف أوزع أوقات فراغي ما بين‏'‏ برانكيو‏'‏ و‏'‏كارتاخينا دي أندياس‏'‏ علي شاطئ الكاريبي في كولومبيا كنت أحاول أن أعيش بكل ما أستطيع من خلال القليل الذي دفعوه لي ثمنا لما كنت أكتبه من أخبار في الصحف والتي لم تكن تعني شيئا كنت أحاول أن أنام علي أفضل ما أستطيع في أي مكان يفاجئني فيه الليل أفعل ذلك ليس حبا في المكان بقدر ما هو قلة ذات اليد كنت أسبق‏'‏ المودة‏'‏ بعشرين عاما‏:‏ شارب كث متوحش وشعر منفوش وبنطلون كاوبوي وقمصان مشجرة بزهور كبيرة ملونة‏.‏ وصندل يشبه صنادل الحجاج الفقراء‏.‏ سمعت بعض الأصدقاء مرة يتحدثون عني في إحدي صالات السينما المعتمة دون أن يعرفوا أنني كنت بالقرب منهم قالت إحدي الصديقات لرفيقها‏:'‏ جابيتو المسكين حالته ميئوس منها‏'.‏ لذلك عندما طلبت مني أمي أن أرافقها لبيع البيت لم أمانع في ذلك‏.‏ أخبرتني أنها لا تملك مالا كافيا وحفاظا .................................


                      و أكتفي هنا بهذا الجزء الكبير إلى حد ما
                      لأدلل أن تجاربنا فى الحياة و الكتابة من الممكن اخضاعها للقص و بامتياز !!
                      راقني أن قرأت لك هذا البوح
                      شكرا لك

                      تحيتي و تقديري
                      sigpic

                      تعليق

                      • آسيا رحاحليه
                        أديب وكاتب
                        • 08-09-2009
                        • 7182

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة مختار عوض مشاهدة المشاركة
                        هذه قصتك؟
                        أصدقك، وهي قصتي أنا الآخر بكل تفاصيلها ماعدا اثنتين:
                        كانت فترة انقطاعي تزيد عن فترة اقطاعك بخمس سنين، وكان تخصصي هو الرياضيات، ولكن حرفة الأدب ظلت هاجسي، وانزوت بداخلي ربع قرن ثم وجدتها - مع النت أيضًا - تقفز إلى السطح فلا أستطيع لها دفعًا، وكيف أدفعها وأنا من كنت أنتظرها وأهيء لها وسائلها؟ نعم كنت أجمع الكتب طوال الوقت (رغم قلة قراءاتي بسبب لهاثي خلف لقمة العيش) وكنت أتحدَّث إلى من حولي قائلا: إنني عائد حتمًا لهوايتي ولمصيري الذي لا فكاك منه.. لعالم الأدب والكتابة..
                        شكرًا لهذه الصورة القصصية..
                        أؤكد على أنها كذلك حتى لا يظلمها ويظلمك من يمرَّ من هنا فيبحث عن حبكة وعقدة وحل..
                        لك الألق والتقدير والود كما يليق بروحك.
                        أخي الفاضل مختار عوض..
                        حين كتبت النص كنت واثقة أن هناك من عشاق الكلمة و كتاب القصة من سيجدون أنفسهم في ثنايا الحكاية طبعا بتفاصيل أكثر أو أقل شبها ..لكن الخطوط العريضة نفسها تقريبا ..عشق الكتابة ..الجري وراء لقمة العيش..الضياع ثم العودة التي أرجو أن تكون مثمرة و طويلة لك أخي و لكل إخوتي مبدعي القص .
                        سعدت بمرورك و كلماتك.
                        بارك الله بك و كل عام و أنت بخير.
                        يظن الناس بي خيرا و إنّي
                        لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                        تعليق

                        • آسيا رحاحليه
                          أديب وكاتب
                          • 08-09-2009
                          • 7182

                          #13
                          والانسان بفطرته يعود إلى بيئته
                          مهما تغرب وابتعد وتشظى

                          أخي الكريم فايز شناني..
                          ما أروع عبارتك هاته و ما أصدقها..
                          كانت أمي تقول " يميح الماء و يعود لمجراه " ( الدارجة الجزائرية )
                          و هذا تماما ما عبرت عنه أنت ..
                          ليست العبرة بالحلم نفسه و إنما بالإصرار و نبذ اليأس و التفاؤل.
                          شكرا لك على كرم المرور و القراءة..
                          أتمنى لك التوفيق و أن يحفظك الله أيضا.
                          كل عام و أنت بخير.
                          التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 14-11-2010, 18:05.
                          يظن الناس بي خيرا و إنّي
                          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                          تعليق

                          • آسيا رحاحليه
                            أديب وكاتب
                            • 08-09-2009
                            • 7182

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                            آسيا رحاحلية
                            رسالة رائعة
                            أن الحلم لن يموت مادمنا أحياء
                            ومادام يراود مخيلتنا
                            المهم
                            أن لا ننسى أحلامنا المشروعة بأن نكون مانريد لا ما يحب أن يراه فينا الآخرين
                            رائعة رسالتك آسيا لأنها نبراسا للقوة
                            وهل تبتعد كثيرا قصصنا
                            صدفيني نتشابه كثيرا
                            فلكل منا دوافعه التي جعلته يمسك بالقلم
                            ودي ومحبتي لك
                            نعم غاليتي عائدة..
                            أردت النص كذلك..رسالة ..دفعا لغيري و شهادة حية صادقة..و تأكيدا أن الحلم الجميل لا يموت..
                            ربما مر من هنا من يساوره الشك في تحقيق حلمه و من يتملكه اليأس و الإحباط..
                            فيأخذ العبرة من حكايتي..
                            هذا ما قصدته بالضبط عزيزتي..
                            كلما رأيت توقيعك في متصفحي عانقني الفرح..فشكرا لك.
                            كل عام و أنت بخير و قبلة لرويدة.
                            التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 15-11-2010, 03:45.
                            يظن الناس بي خيرا و إنّي
                            لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                            تعليق

                            • آسيا رحاحليه
                              أديب وكاتب
                              • 08-09-2009
                              • 7182

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة إيمان الدرع مشاهدة المشاركة
                              نبضات صادقة ...وصلت من القلب إلى القلب ..
                              استرسلتِ بها بعفويّة ...فتحرّكتْ بمصداقيّة شديدة ..
                              كم نتقاسم الأقدار ياغاليتي آسية ..
                              كأنك كتبتها على لساننا ...
                              أجزم أنّ ما جمعنا هاهنا إلاّ الظّروف ذاتها ...الحنين ذاته ...الحلم نفسه ..
                              جميل آسية ...أن نُبقي على الأحلام فلا ندعها تنسرب من بين أصابعنا ...دونما انتباه ..
                              القلب يحتاج لنبضٍ ...وقدر الأديب أن يكون المداد...هو وقوده وترياقه ..وأمانيه ...
                              أحببتُ انسيابيّتك آسية ...وأحببتُ هذا الإصرار في عينيك ...وأصابعك ..
                              لك أحلى أمنياتي ....تحيّاتي ...
                              و ما أجملها من أقدار عزيزتي إيمان..
                              لكلماتك دائما وقع ساحر في القلب و الروح..
                              كوني بخير و عيدك سعيد مبارك.
                              محبتي.
                              يظن الناس بي خيرا و إنّي
                              لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X