بســــــم الله الرحمن الرحيم
الســـبت : 20 11 / 2010 م
حضـــرات الســـادة الكرام
الســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
النقد العربي أو فن النقد برع فيه أســــلافنا القدماء ، فما رأيكم لو تعرفنا على هذا الفن الجميل فن النقد .
ولنطوف ســــوياً مع تلك الكلمات لأني وبصدق أُحب العرب وأعشــــقهم وإن كنت منهم فهذا لا يمنع من أن أُعبر عما يجيش في صدري .
فلقد عرف العرب النقد منذ أقدم عصورهم الأدبية , حيث نعثر في ثنايا أقوالهم على لمحات نقدية متناثرة نستطيع أن نعتبرها بذرة للفن الذي عُرف فيما بعد بـ(فن النقد)، ويُعدّ النابغة الذبياني أول روّاد النقد العربي , وكان النقد آنذاك شخصياً تأثرياً ومجرد إعجاب يترجَم إلى أحكام نقدية شخصية؛ لذلك نجد آراء الكُتّاب مختلفة متباينة حول أمْدح وأهْجى أو أغْزل بيتٍ قالته العرب .
وفي كتب الأدب كثير من هذه الأحكام النقدية السريعة كقولهم: البيت الفلاني أهجى ما قالته العرب والشاعر الفلاني أشعر العرب لقوله كذا، وهذه الأحكام السريعة العجلى تتمشى مع طبيعة الأعرابي الذي تطربه اللفظة المعبرة ويهزه التعبير المحبك المتين بما في مضمونه من معانٍ يستحسنها ومُثُلٍ يُقدّسها فيُصْدر أحكاماً جزئية يقفز فيها إلى تعميمات كلّية خاطئة ..
وأوّل كِتاب ظهر في النقد هو كتاب (طبقات فحول الشعراء) لابن سلام الجمحي؛ وقد نوّه بأهمية البيئة وتأثيرها في الشعر خاصة في كلام عن شعراء ثقيف؛ وهي الْتفاتة طيبة جديرة بالاهتمام والتقدير.
وتلاه بعد ذلك ابن قتيبة صاحب كتاب (الشعر والشعراء) حيث دعى إلى عدم التفريق بين قديم ومحدَث؛ خاصة بعد تلك الثورة التي أحدثها شعر بشار وأبي نواس ومسلم..
ثم جاء قدامة بن جعفر فوضع كتابيه المشهورين (نقد الشعر) و(نقد النثر) متأثراً بأرسطو في كتابيه (الشعر) و(الخطابة).
وظهر بعد ذلك كتاب (البديع) لابن معتز؛ حيث وضع فيه مصطلحات لأنواع البديع المختلفه.
ولعل أروع ما وضع بعد ذلك هو كتاب (الموازنة بين الطائيين) للآمدي؛ وهو أول كتاب في النقد المنهجي المقارن؛ عمد فيه صاحبه الى التحليل والمقارنة؛ فهو يزن كل قصيدتين ويقارن بينهما دون أن يفضل أحدهما على صاحبه كما كان يفعل أهل عصره، وقد جاء الآمدي بقواعد نقديه ما تزال معمولاً بها إلى اليوم ..
وتلاه بعد ذلك الجرجاني في كتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) فسار على نهج الآمدي في أغلب كتابه.
وقد تحول النقد بعد ذلك إلى العناية بالبلاغة والصناعة اللفظية..
ولعل خير ما يوضح قولنا هذا: كتاب (أسرار البلاغة) للجرجاني وكتاب (العمدة) لابن رشيق و(المثل السائر) لابن الأثير، وما كان بعد ذلك لا يتعدى الشروح والتعليقات واجترار ما سبق من الآراء.
......................
خالص تحيتي وتقديري لكل مَـنْ يقرأويصبر على القراءة ثم التعليق .
محبكم
حســـن عبدالحميد الدراوي
الســـبت : 20 11 / 2010 م
حضـــرات الســـادة الكرام
الســـلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد
النقد العربي أو فن النقد برع فيه أســــلافنا القدماء ، فما رأيكم لو تعرفنا على هذا الفن الجميل فن النقد .
ولنطوف ســــوياً مع تلك الكلمات لأني وبصدق أُحب العرب وأعشــــقهم وإن كنت منهم فهذا لا يمنع من أن أُعبر عما يجيش في صدري .
فلقد عرف العرب النقد منذ أقدم عصورهم الأدبية , حيث نعثر في ثنايا أقوالهم على لمحات نقدية متناثرة نستطيع أن نعتبرها بذرة للفن الذي عُرف فيما بعد بـ(فن النقد)، ويُعدّ النابغة الذبياني أول روّاد النقد العربي , وكان النقد آنذاك شخصياً تأثرياً ومجرد إعجاب يترجَم إلى أحكام نقدية شخصية؛ لذلك نجد آراء الكُتّاب مختلفة متباينة حول أمْدح وأهْجى أو أغْزل بيتٍ قالته العرب .
وفي كتب الأدب كثير من هذه الأحكام النقدية السريعة كقولهم: البيت الفلاني أهجى ما قالته العرب والشاعر الفلاني أشعر العرب لقوله كذا، وهذه الأحكام السريعة العجلى تتمشى مع طبيعة الأعرابي الذي تطربه اللفظة المعبرة ويهزه التعبير المحبك المتين بما في مضمونه من معانٍ يستحسنها ومُثُلٍ يُقدّسها فيُصْدر أحكاماً جزئية يقفز فيها إلى تعميمات كلّية خاطئة ..
وأوّل كِتاب ظهر في النقد هو كتاب (طبقات فحول الشعراء) لابن سلام الجمحي؛ وقد نوّه بأهمية البيئة وتأثيرها في الشعر خاصة في كلام عن شعراء ثقيف؛ وهي الْتفاتة طيبة جديرة بالاهتمام والتقدير.
وتلاه بعد ذلك ابن قتيبة صاحب كتاب (الشعر والشعراء) حيث دعى إلى عدم التفريق بين قديم ومحدَث؛ خاصة بعد تلك الثورة التي أحدثها شعر بشار وأبي نواس ومسلم..
ثم جاء قدامة بن جعفر فوضع كتابيه المشهورين (نقد الشعر) و(نقد النثر) متأثراً بأرسطو في كتابيه (الشعر) و(الخطابة).
وظهر بعد ذلك كتاب (البديع) لابن معتز؛ حيث وضع فيه مصطلحات لأنواع البديع المختلفه.
ولعل أروع ما وضع بعد ذلك هو كتاب (الموازنة بين الطائيين) للآمدي؛ وهو أول كتاب في النقد المنهجي المقارن؛ عمد فيه صاحبه الى التحليل والمقارنة؛ فهو يزن كل قصيدتين ويقارن بينهما دون أن يفضل أحدهما على صاحبه كما كان يفعل أهل عصره، وقد جاء الآمدي بقواعد نقديه ما تزال معمولاً بها إلى اليوم ..
وتلاه بعد ذلك الجرجاني في كتابه (الوساطة بين المتنبي وخصومه) فسار على نهج الآمدي في أغلب كتابه.
وقد تحول النقد بعد ذلك إلى العناية بالبلاغة والصناعة اللفظية..
ولعل خير ما يوضح قولنا هذا: كتاب (أسرار البلاغة) للجرجاني وكتاب (العمدة) لابن رشيق و(المثل السائر) لابن الأثير، وما كان بعد ذلك لا يتعدى الشروح والتعليقات واجترار ما سبق من الآراء.
......................
خالص تحيتي وتقديري لكل مَـنْ يقرأويصبر على القراءة ثم التعليق .
محبكم
حســـن عبدالحميد الدراوي
تعليق