يوم مولدي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد الله راتب نفاخ
    أديب
    • 23-07-2010
    • 1173

    يوم مولدي

    يوم مولدي :
    في هذا اليوم تنتصب أمامي معاني
    حياتي الغابرة ، كأنها مرآة ضئيلة
    أنظر فيها طويلاً فلا أرى سوى
    وجوه السنين الشاحبة كأوجه
    الأموات، و ملامح الآمال و
    الأحلام المتجعدة كملامح الشيوخ .

    جبران خليل جبران

    في يوم كهذا قبل أربعة و عشرين عاماً تماماً صرخت صرختي الأولى مستقبلاً الحياة .
    في يوم كهذا قبل خمسة و عشرين عاماً استقبلتني وجوه فرحة ضاحكة ، و كنت وحدي الباكي بينهم ، كأنني أعرفهم بحقيقتي و حقيقة ما أنا قادم لألقاه .
    و في يوم كهذا قبل خمسة و عشرين عاماً تلقتني وجوه كثيرة لم يبقمنها إلا القليل ، لكنَّ أكثر تلك الوجوه بشراً و انبساطاً يومها كانت هي الأولى غياباَ و مغادرة لعالمنا .
    خمسة و عشرون عاماً و أنا في هذا العالم ‘ خمسة و عشرون عاماً و أنا أعد من البشر ،و خمسة و عشرون عاماً و غيري يراني بعينه و أنا أرى الدنيا بعينيَّ فيقال فيًَّ ما أعلم و ما لا أعلم .
    و إذ أذكر ما انصرم من أيامي ، أجدني عاجزاً عن وصف حياتي العاجَّة بالمآسي و الأحزان و أنا فرد من أفراد هذه الإنسانية المعذبة ، هذه المآسي و الأحزان التي أثقلت كاهلي لكنها صقلت روحي ، و أحس اليوم و قد جاوزت الخامسة و العشرين و دخلت في السنة التي تليها أني لم أزدد عن الدنيا و فهم قانونها إلا بعداً ،ذلك إن كان لها قانون تسير وفقه ‘ و أشعر فوق هذا و ذاك أنني كلما ازددت بالحياة علماً لم أكن في الحقيقة إلا ازددت بها جهلاً .
    مرت السنون على قلبي فتكدست فيه الآلام و حشرت حشراً ، و مرت السنون على عقلي فأخذ يتغير و يتفتق عن فلسفات جديدة غير تلك التي اعتدت عليها بادي الرأي ، و مرت السنون على عينيَّ فضعفتا عن تمييز من حولهما و معرفة الصديق من العدو ، و بت أسأل كالخنساء التي غشي قلبها الحزن : قذى بعينيك أم بالعين عوار .
    فقدت في أربعة و عشرين عاماً أغلى أعز من طرقوا قلبي ، و طوفت في بلدان العالم و أنا على سريري لم أبرحه ، و عرفت عظماء العالم فصادقت بعضاً منهم و عاديت آخرين و أنا لم ألقهم ، و تتلمذت لأدباء و فلاسفة كبار بيني وبينهم عقود أو قرون ، و عاديت آخرين و وجدتني أرد عليهمو هم تحت أرماسهم غائبون ، عرفت كل هذا و شهدته ، لكنَّ قلبي الذي بين جوانحي بقي الشيء الوحيد الذي لم أفهمه و لم أدرِ كيف أفهمه ، و ظل غريباً عني و هو الذي يسيرني كعبد بين يدي سيده ، لكنني أدرك أن مثل هذا من الصعوبة بمكان ، لأن القلب يبقى أبدا ًسر الأسرار ، و لن ندركه إلا إن أدركنا سر الوجود الأعظم الأكبر من الوجود كله ، الذي يخبئ كثيراً منه في هذه الصنوبرة الحمراء المحشورة بين ضلوعنا .
    فرط من عقد العمر خمس وعشرون درة ،فهل بقي في العقد درر أخر ، ذلك وحده ما لا نعرفه و لا نملك أن نعرفه ، و لكنَّ في الإمكان أن نقول إن العمر و إن فرط أكثره فإن يوماً واحداً منه قد يعدله كله بعجره و بجره ، ألا فأقبلي أيتها السنة السادسة و العشرون ، عسى أن يكون المخبأ فيك غير ما خبئ في غيرك ، و سلام عليك أيتها السنوات الخمس و العشرون ، فإن خيرك على ما كان فيك قد غلب شرك بأخرة .
    و يا أيتها الحياة الخالدة على عرشها المؤتلق فوق الدهور و الأكوان ، صبرنا عليك كثيراًو سنبقى صابرين ، لأن ثمرة الحلاوة مخبوءة تحت أغشية المرارة التي تجللينها بها، و لسنا بواصلين إليها إلا بعد تخطي مغاور الآلام و جسور الندم ، فعلنا ننال ثمرة الخلاص قبل انتهاء العمر و لو بقليل قليل ، و أرجو ألا يكون ذلك مما تعدينه من المستحيل ، فنحن لم نأت إلى الدنيا عبثاً و قدرنا أن نكشف المخبوء تحت أجداث الألم و رمال العذاب ، فإذا كشفناه هان ما سبقه ، و كانت الراحة الكبرى التي ليست تنال إلا على جسر من التعب ، و نحن قد نلنا فيما مضى ما قد كفانا من التعب و أمثاله من النصب ، و ما بقي إلا الراحة الكبرى ، و ما بقي إلا أن نعطاها .
    التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله راتب نفاخ; الساعة 22-11-2010, 17:52.
    الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ

    [align=left]إمام الأدب العربي
    مصطفى صادق الرافعي[/align]
  • بلال عبد الناصر
    أديب وكاتب
    • 22-10-2008
    • 2076

    #2
    كُل عام و انتَ بخير

    عبد الله ...
    راقني ما سطرت اناملك ...

    كل الود

    تعليق

    • محمد زكريا
      أديب وكاتب
      • 15-12-2009
      • 2289

      #3
      هي حياتنا
      مجرد محطات تتلقنا ومواعيد تنشرنا
      عندما يصبح العمر بمرحلة زمنية تبدأ بالتقادم لنعد الباقيات
      نغدو كمن يريد أن يفهم فلسفة الزمن ويدرك كنه الحياة
      نجد البحث ولاندري ... هل سنكون يوماً كما أردنا
      أم أن الباقيات ستزيدنا عجبا واستغرابا
      \\
      كل عام وأنتِ بكل الخير أيها الصديق الخلوق
      ونجوم خمسة يستحقها نصك الفلسفي العميق
      وبكل جدارة
      \\
      دمتِ كما أنتْ ... لأنكَ أنتْ
      نحن الذين ارتمينا على حافة الخرائط ، كحجارة ملقاة في مكان ما ،لايأبه بها تلسكوب الأرض
      ولاأقمار الفضاء
      .


      https://www.facebook.com/mohamad.zakariya

      تعليق

      • عبد الله راتب نفاخ
        أديب
        • 23-07-2010
        • 1173

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة بلال عبد الناصر مشاهدة المشاركة
        كُل عام و انتَ بخير

        عبد الله ...
        راقني ما سطرت اناملك ...

        كل الود
        و أنت بألف ألف خير أيها الصديق الكريم ....
        لك كل التحايا
        الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ

        [align=left]إمام الأدب العربي
        مصطفى صادق الرافعي[/align]

        تعليق

        • سهير الشريم
          زهرة تشرين
          • 21-11-2009
          • 2142

          #5
          لن نضيف إلا بضعة سطور من حزن متراكم الأحلام في دفتر الأيام العابرة أمام محاجر النور شئنا أم ابينا ..
          حفاة الأقدام فوق شوك الدروب نازفي النبض في كل خطوة .. ولا توقف او إياب
          اسما آخر وتاريخا جديدا يضاف إلى موسوعة الحياة القدرية .. وريح العمر يلهو بنا وتتأرجح الليالي بين كر و فر
          أحداث مسرحية متتالية .. صمت مفجع .. حروف تكتب وحروف تضيع ..
          وتبقى ذكريات تلوح بصدى الماضي .. تنزفنا مزيدا من الآلآم ..
          وتلك هي الحياة .. وهذه هي مهازل العمر ..

          الصديق الرائع عبدالله نفاخ

          كل عام وأنت بألف خير .. ورغما عليك أن تكون سعيد .. عليك أن تضع قدمك حيث يجب أن تكون .. ويبقى حرفك ساميا ونبضك منتظما رغم كل شيء عليك أن تكون ..ما أردت وما أحببت يوما
          خمس وعشرون ربيعا مفروشة بالزهر القادم من غيم السماء المعطاء رغم عجف المطر ..

          وباقة ورد ومودة
          كنت هناا وزهر

          تعليق

          يعمل...
          X